الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل لُبْس الساعة في اليسار
من التشبه بالكفار
؟
السؤال: في نفس السؤال: هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يلبس الخاتم في الشمال؟
الشيخ: فيها كليهما.
مداخلة: أي نعم، فلا نأخذ هذا في الساعة.
الشيخ: نعم.
مداخلة: الساعة ما نلبسها على اليسار بناء على الحديث
…
الشيخ: لا تلبسها باليسار تتشبه بالكفار، والرسول عليه السلام نهى عن التشبه بالكفار، وفي ما هو أدق من ذلك كان يحب مخالفة الكفار، فالتشبه شيء، والمخالفة شيء، فالكفار الساعة أتت من عندهم لكن لا يستعملونها إلا باليد اليسرى، ولذلك جاعلين المربط من هنا، الآن المربط لنا صعب، لو عملوا حساب لنا كانوا سيعملون لنا الزر من هنا، لكنهم لا يقيمون لنا وزناً، لكن إن شاء الله:{وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]، الدنيا هكذا: يوم لك ويوم عليك، فنحن نجب أن نعيش ما عشنا في روحنا، في فكرنا، مع شريعتنا، مع ربنا عز وجل، وفي حدود استطاعتنا، ليس عندنا استطاعة مثلاً أن نخترع ساعة سلفية يكون مربطها من هنا، لكن أنا باستطاعتي أنقلها من هنا إلى هنا، هذه
من أين أتت من «إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» ربنا عز وجل بحكمته البالغة فرض على البشر أطوار هو جنين في بطن أمه، أطوار هو يمشي على أرضه، هكذا .. هكذا
…
من هذه الأطوار أن يبدأ الشيب، هذا الأستاذ خالد بدأ الشيب يبشر بالنور إن شاء الله، وهذا البياض مفروض على البشر كلهم مؤمنهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم.
أتى الشرع وضع تمييز، قال:«إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» .
إذاً: المخالفة غاية مقصودة من الشارع الحكيم، قصد المخالفة للكفار أمر مقصود، فنحن نخالف اليهود والنصارى فيما نص عليه الشارع مباشرة، ثم فيما يشير إليه الشارع الحكيم بقوله أنه كان يحب موافقة أهل الكتاب قبل أن يُنهى عن ذلك، كان يسدل شعره ثم فرق بَعْدُ الحديث هكذا في صحيح البخاري، كان يسدل شعره ثم فرق؛ لأن أهل الكتاب كانوا هكذا من قبل، الرسول عليه السلام نشأ كما تعلمون أمياً، والإسلام نزل عليه تدريجياً، ما نزل طفرة واحد بكل أحكامه التي لا تعد ولا تحصى، رأى أهل الكتاب حالتهم أحسن من الوثنيين المشركين، قومه الذي عاش ووجد بين ظهرانيهم، وجد اليهود والنصارى أهدى سبيلاً وأقوم قيلا من المشركين، كان أهل الكتاب يسدلون شعورهم، فهو فيما بعد فرق؛ حينما بدأت الأحكام تنزل عليه من رب الأنام فيها تارة تصريحاً وتارة تلميحاً لمخالفة أهل الكتاب، من ذلك الحديث السابق:«إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» .
إن اليهود والنصارى والبوذيين والمشركين والملاحدة كلهم يضعون الساعة في شمائلهم، نحن علينا أن نضعها في أيماننا؛ مخالفة، أنا لا أقول هذا من باب
التشبه، لكن أقول هذا من باب المخالفة، مع الأسف الشديد اليوم قليل جداً جداً من أهل العلم فضلاً عن من دونهم من طلبة العلم، فضلاً عن عامة الناس والرعاء من الناس لا يفكرون أبداً بشيء جاء به الإسلام ويحث فيه أتباعه، ألا وهو مخالفة الكفار، هذا كأنه ليس من أحكام الشريعة مع أن أحكام الشريعة صريحة في هذا الحكم، ومن أقواها:«إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» .
«إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم» ، اليهود لا يصلون في نعالهم، المسلمون اليوم لا يصلون في نعالهم، لو رأوا ممن يصلي في نعليه أقاموا عليه القيامة، هذا نجس، هذا كيف تصلي فيه .. إلى آخره.
ويعجبني الأثر التالي: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مجلس فحضرت الصلاة وأقيمت الصلاة وفيهم ابن مسعود وأبو موسى الأشعري، أبو مسعود من فضله وكماله وهذا خلق يجب علينا نحن أن نتخلق به إن صح التعبير، يعني أن نتمسك به، وهذا الخلق هو خلق التواضع، خلق أن نعرف حق الناس ومنازل الناس ومراتب الناس، فهؤلاء صحابيين جليلين، ابن مسعود وأبو موسى في المجلس، أقيمت الصلاة، من يتقدمهم؟
إذا سمعنا قول الرسول عليه السلام في حق ابن مسعود: «من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم معبد» هو ابن مسعود.
تعبير عربي جميل: «فليقرأه على قراءة ابن أم معبد» وبعض الأعاجم مثلنا لا سمح الله، يقول: ما هذا اللفة والدورة؟ ابن أم عبد، قول: ابن مسعود وانتهى، لكن هذه أجمل، لها طراوة ولها نغم خاصة.
«من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم
معبد». منقبة عظيمة جداً.
الطرف الثاني: أبو موسى الأشعري، مر به عليه السلام ليلة وهو يقرأ القرآن، فأصغى إليه، فقال:«لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود عليه السلام» لما أصبح الصباح وقص عليه الرسول القصة، قال: والله! يا رسول الله! لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيراً.
الشاهد أنه كل واحد له فضله، وكل واحد يسوغ له أن يصلي بالناس إماماً، لكن ابن مسعود كان له الفضل في هذا المجلس؛ لأنه كان هو السابق في التقديم، فقدم أبا موسى الأشعري، لما يعلم من فضله وسابقيته في الإسلام، وتزكية الرسول له عليه السلام بمثل هذا الحديث وغيره، تقدم وصلى، لكن ماذا فعل، كان منتعلاً فنزع نعليه ليصلي بالناس، قال: ما هذه اليهودية؟ -هنا الشاهد- أفي الوادي المقدس أنت؟ {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12]، هل أنت موسى في الواد المقدس وربنا أمرك أن تخلع نعليك؟
الشاهد: أمرنا بمخالفة أهل الكتاب فضلاً عن غيرهم، هذه المخالفة اليوم منسوخة من أذهان أهل العلم فضلاً عن غيرهم، فيجب أن نحييها أولاً: في سويداء قلوبنا، وثانياً: في منطلقنا في حياتنا وفي أعمالنا، وهذا من هذا الباب. نعم.
السؤال: بالنسبة إلى الحديث «قصروا الشوارب وأعفوا عن اللحى» كيف نخالفهم وهم اليوم نراهُم يربون لحاهم؟
الشيخ: سؤال خطأ، ما شاء الله اليوم أسئلة كثيرة لكنها كلها تريد تصحيح.
مداخلة: لكي تكون الفائدة متضاعفة.
الشيخ: أي نعم.
نحن نقول: نأتي بأحاديث: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون .. » أنت الآن تقول هم يربون لحاهم، هذا خطأ يا أخي.
الصحيح أن تقول يوجد فيهم من يربي لحيته، لكن لا تؤاخذني إذا قلت لك لو أنك قلت هكذا، سيأتيك سؤال من عندي: طيب والآخرين ماذا يفعلون؟ ستقول لي: يحلقون، سيأتيك سؤال ثالث: هل الذين يحلقون أكثر أم الذين يعفون؟ ستقول: الذي يحلقون أكثر، وإذ بتشوف حاله سقط السؤال ليس له قيمة.
فبيجي هذا العقل الباطني يعمل، بس لا يكون طبعاً مدعوم من السماء، وإنما مدعوم من الأرض، يوحي للسائل أنه يعمم السؤال، وإذا كان المجيب مغفلاً مثلنا يمشي السؤال عليه وهلَاّ له جواب، لكن لا ربنا بفضل سنة نبينا عليه السلام نادراً ما تفوتنا زغلة من هذا الزغل العلمي هذا، للأسئلة التي تأتي خطئاً.
فإذاً: السؤال أنهم يعفوا خطأ.
هم الآن يحلقون أو يعفون شو بنقول مو، والعبرة بالغالب؟ فهنا سقط السؤال. نعم.
وإذا تريد أن تدندن وما أظنك بمدندن أن هؤلاء القلة الذين يفعلون هكذا، بدنا نقيم لهم وزنا هذا الجواب معروف أيضاً، سأفرض لك الآن أن سؤالك صحيح، أنهم يعفوا لحاهم كلهم مثل حكايتك.
حسناً هل القوة في المسلمين أن يتشبهوا بالمشركين أم العكس المشركين يتشبهوا بالمسلمين؟
مداخلة: يتشبه الكفار بالمسلمين.
الشيخ: والآن تشبه الكفار بالمسلمين، في ظن السائل أنهم يعفوا عن لحاهم، فأين المشكلة في هذا، هم يتشبهون بنا، أحسن ما نتشبه نحن بهم.
فالحق والحق أقول وهذا معروف في علم الفلسفة .. فلسفة الأخلاق كما يقولون اليوم، إن الشعب أو الأمة القوية في شخصيتها تفرض سلوكها وأخلاقها وآدابها على الآخرين، والعكس بالعكس.
يوم كان للإسلام دولة، وكانت للمسلمين صولة، إلى عهد قريب كنت تجد الغربي يأتي بلاد الإسلام وهو متعبي مثل حكايتي، حاطط عباية، لا يأتي لابساً بنطلون وجاكت، لكن زالت دولة المسلمين وقوتهم؛ لأنهم رأوا الكفار أن هؤلاء المسلمين يتشبهون به، فلم يعد لهم هذه الشخصية حتى أن الكفار تشبهوا بالمسلمين.
الخلاصة: يا أخي إذا كان الكفار أخذوا بشيء من آداب المسلمين وأخلاقهم، فذلك يستدعي أن يزداد المسلمون تمسكاً بدينهم وأخلاقهم؛ لأنهم ازدادوا علماً؛ لأن ما جاءهم به نبيهم عليه السلام هو الحق، وهو الدين الحق، ومن الأدلة على ذلك أن هؤلاء الكفار تبينت لهم هذه الحقيقة كما قال تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} [فصلت: 53].
إذا: ليس هناك إشكال أن يوجد في الكفار من يعفو عن لحيته، مع أنه مع الأسف وإن شاء الله ربنا يكثر سوادهم ويصبحون أصحاب لحى، ولكن ليس على حساب المسلمين، «هم يعفوا ونحن نحلق» وإنما إن كان محافظين على آداب نبينا عليه السلام وأحكامه وهم بعد ذلك فليتشبهوا بنا، ولا نتشبه نحن بهم.
(الهدى والنور /249/ 47: 15: 00)
(الهدى والنور /249/ 53: 16: 00)