الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
الشيخ: في عقر دارهم وفي بلاد إسلامهم، كان أتيح لي منذ نحو عشر سنوات أن أسافر إلى بريطانيا، وطفنا بعض البلاد حوالي لندن، وكان الوقت رمضان فدعانا أحد الدعاة الإسلاميين هناك في بلدة نسيت والله ما أسمها فهمت فيما بعد أن هو من جماعة الشيخ: أبو الأعلى المودودي رحمه الله، دعانا نفطر عنده في رمضان فذهبنا إليه، واستقبلنا الرجل استقبالاً جيداً وآنسنا منه رشداً، ملتحي الرجل ولابس بدلة طبعاً أوروبية جاكت وبنطلون وواضع الجرافيت.
من الرشد الذي آنسته منه طمعني فيه أن أتكلم معه فيما يتعلق بالإسلام وزي المسلمين وعدم التشبه بالكافرين، وقلت له بصراحة: أنك أنت ما شاء الله متمسك بما يقولون السنة وهو أكثر من سنة فهو واجب، فإعفاء اللحية فرض وحلقها إثم؛ لأن فيه مخالفة لعديد من النصوص الصحيحة عن الرسول عليه السلام، فأنت ربنا عافاك من هذا وربيت هذه اللحية لكن في ظني أنك أنت على علم؛ لأن هو طالب علم شعرت، على علم بأن الرسول عليه السلام نهى المسلم أن يتشبه بالكفار، وبخاصة أنت تعيش في بلاد الكفر هنا، فمن ينظر إليك لا يكاد يعرفك أنك مسلم، وأكبر زي يمثل الكفر هو: الجرافيت؛ لأن كون إنسان يلبس جاكت، جاكت يعني: يدفع به حر البرد وشر الحر والبرد، أما هذه العقدة هنا الذي يضعها الإنسان فلا فائدة منها إلا إضاعة الوقت في تركيزها على الطريقة التي تناسب المكان، وتشبه بهؤلاء الكفار.
ومن طيبة قلب هذا الإنسان ونحن على مائدة الإفطار في رمضان رأساً حل تلك الربطة ورماها أرضاً فكان سريع التجاوب، لكن الذي يعني: أزعجني بعد أن أفرحني كثيراً بما فعل قال لي: الحقيقة نحن وضعنا هذه القعدة الجرافيت؛ لأن البريطانيين هنا ينظرون إلى الفلسطينيين نظرة إهانة واحتقار؛ لأنهم يجعلون قميصهم هكذا غير مزر وبدون جرافيت، قلت له: سامحك الله فأنت تشايع الكفار هؤلاء على احتقار إخوانك المسلمين بسبب عدم تزيهم بزي الكفار فهذا كما يقال: عذر أقبح من ذنب،
…
لهذا الإنسان الطيب لم يستطع إلا أن يتأثر بذاك الجو، فهذه تحتاج إلى علم متين وتربية صحيحة، فلا يستطيع المسلم أبداً في بلاد الكفر أن يحيا حياة إسلامية، والأمر واضح جداً أن البلاد التي عاشت أربعة عشر قرن في تطبيق الإسلام ..
(الهدى والنور / 137/ 44: 01: 01)