الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السفر بالمصحف إلى بلاد الكفار
مداخلة: دخلت الحمام، وكان في جيبي القرآن، هل علي في ذلك حرمة؟
الشيخ: لا حرمة ما دام أن القرآن في جيبك مكنون محفوظ، واضح؟
مداخلة: ألك دليل؟
الشيخ: هناك دليل على ما أقول؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: الجواب: الدليل ليس على من يتمسك بالأصول والقواعد العلمية الفقهية، وإنما الدليل على من يخالفها، لعلك تعلم مثلي أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن هذا الأصل لا يجوز الخروج عنه إلا بدليل شرعي ملزم، فيقال: القاعدة كذا ولكن استثني منها كذا، هذا الاستثناء لا وجود له البتة، وإنما هناك الآية المعروفة:{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب} [الحج: 32] فإذا كان القرآن المصحف الكريم كما قلت في الجيب غير ظاهر فليس فيه شيء من الإهانة، ولا فرق عندي بين مسلم لا يحفظ القرآن عن ظهر قلب وبين مسلم حافظ للقرآن فكلاهما سواء حينما يدخلان بيت الخلاء هذا الذي المصحف كلام الله في جيبه وذاك كلام الله في صدره فكلاهما سواء فلا حرج في ذلك أبداً، وإنما الحرج: إذا كان المصحف ظاهراً، ففي هذه الصورة فيه نوع من الإهانة للمصحف التي لا تليق بتعظيم شعائر الله عز وجل، عرفت دليلي؟
مداخلة: نعم، سمعت ممن نقل عنك ولا أدري، هل كلامه صحيحاً أم قد زادوا فيه وأخلوا وقالوا: بأنكم قلتم: إن الله سبحانه عز وجل أخبر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن الله
…
: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] وأن الرسول وصى بأن لا يؤخذ هذا القرآن لبلاد الكفر، أو وصى كيفية دخول بيت الخلاء، فمن باب أولى لو
…
التحريم، الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدم الدخول بالمصحف إلى الحمام، هل هذا نقل عنكم صحيح يا شيخ؟
الشيخ: أولاً: أريد أن أفهم بغض النظر أن هذا النقل بهذا التفصيل غير صحيح، لكن هذا التفصيل الذي نقل عني هل يخالف ما سمعت آنفاً مني؟
مداخلة: لا الكلام هو موافق لما قلت.
الشيخ: فإذاً دعك والتفصيل، لكن شيء من ذاك التفصيل أنا أقول به، فقد جاء في الصحيحين من حديث عبد الله ..
مداخلة:
…
يا شيخ معذرةً لم أستأذن منك.
الشيخ: ما هو؟
مداخلة: مكالمتنا مسجلة.
الشيخ: خير نور على نور إن شاء الله ولو لم تستأذن.
مداخلة: جزاكم الله خير.
الشيخ: وإياك، أقول: جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو» وفي رواية لمسلم: «لا تسافروا بالمصحف إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو» فهذا الحكم الشرعي هو مقرون في الحديث بعلة الحكم.
مداخلة: يا شيخ.
الشيخ: اسمع، ذلك يعني: أن النهي ليس مطلقاً .. النهي عن السفر بالقرآن أو بالمصحف إلى أرض العدو ليس نهياً مطلقاً أو عاماً وإنما هو مقيد بالخوف من أن يناله العدو، والمقصود بالنيل هنا: ليس هو اللمس فقط وإنما هو: الطعن والتمزيق والإهانة ونحو ذلك، فإذا أمنا هذه الخشية جاز لنا أن نسافر بالمصحف إلى أرض العدو، وإلا سددنا طريق الدعوة إلى الله عز وجل بترك نقل كلامه إلى الكفار، فإذا كان هذا الحديث ينهى عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو لهذه العلة فمعنى ذلك: أنه يجوز لنا أن نسافر بالمصحف إلى أرض العدو وقد يكون في جيوبنا كما أنت سألت عنه آنفاً، وقد يضطر أحدنا أن يدخل الحمام أو المرحاض، فإذا كان محفوظاً مكنوناً فلا بأس من ذلك إطلاقاً لما عرفت من أن الأصل في الأشياء الإباحة، وعرفت أنه لا نهي عن ذلك إطلاقاً، هل انتهيت من أسألتك؟
(الهدى والنور / 160/ 04: 31: 00)