الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توبة؟ فأجابه: من يحول بينك وبينها» توبة ولكنك هنا الشاهد بأرض سوء فاخرج منها إلى الأرض الفلانية الصالح أهلها فخرج من قريته وهذا يدل على حرصه على التوبة؛ لأنه حينما سمع الجواب من العالم الناصح ما قال كما يقول الناس اليوم: يا أخي أنا مضطر وضاقت بي الحياة في أرض الإسلام فأريد أن أذهب إلى بلاد الكفر، لا ما قال شيئاً من ذلك إطلاقاً وإنما رأساً خرج من القرية التي عاش فيها وتربى فيها وأفسد فيها إلى القرية الصالح أهلها، وهنا جاءه الموت فاختلفت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فيمن يتولى قبض روحه فأرسل الله عز وجل إليهم حكماً أن انظروا إلى أي القريتين كان أقرب فألحقوه بأهلها فقاسوا ما بينه وبين كل من القريتين فوجدوه أقرب إلى القرية الصالح أهلها بمقدار ما يميل الإنسان في أثناء مشيته؛ لأن الإنسان ما يمشي هكذا، فتولته ملائكة الرحمة.
إذاً هذا الرجل العالم الرجل الفقيه: «إنك بأرض سوء فاخرج منها» فما بال المسلمين اليوم يهاجرون اليوم من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر وهي كلها فسق وفجور، فساد في العقيدة، فساد في السلوك في الأخلاق في المعاملات في كل شيء كما وصفت: واسأل به خبيرا.
(الهدى والنور / 360/ 31: 22: 00)
باب منه
السؤال: ماذا على المؤمن الذي يعيش في أرض الكفار حتى يصون نفسه ودينه؟
الجواب: عليه أن ينجو بنفسه من بلاد الكفر التي يعيش فيها، وأن يخرج منها سراعاً إلى بلد من بلاد المسلمين.
مداخلة: هذا سهل بالقول ولكنه صعب بالتنفيذ.
الشيخ: ما أظن، لماذا؟
مداخلة: إلى أين يذهب؟
الشيخ: إلى بلاد الباكستان مثلاً وهي قريبة إلى بلادهم، أقرب بكثير من بلدهم من بريطانيا.
مداخلة: هذا بلدهم الأصلي.
الشيخ: نحن نعود للأصل.
مداخلة: هناك مليونان وليس من السهل خروجهم من مثل هذه البلاد.
الشيخ: الجواب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، ابدأ بنفسك ثم بمن تعول، إذا كان لا يستطيع أن ينجو بشعبه فلينجو بأصدقائه، إذا لم يستطع أن ينجو بأصدقائه فبإخوته .. وأخيراً نفسه.
مداخلة: إن بقي مع قومه وكان عمله أن يحاول هدايتهم وإحسان إسلامهم، هل يغنيه هذا عن تركهم للنجاة بنفسه؟
الشيخ: المسألة الآن تأخذ طوراً آخر وهو، هل هو مسؤول عن نفسه قبل كل شيء أم عن غيره، وهذا ما لفت النظر إليه آنفاً بالآية المذكورة، فهو إذا كان يريد أن يعيش مثلاً راهباً وهذا لا يجوز، لا بد أن يكون متزوجاً، ثم إذا كان متزوجاً فالأصل أن يكون له أولاد إلا أن يكون عقيماً وهذا خلاف الأصل .. إلى آخره، وأنا لا أدري الآن وضعه، هل هو عنده عائلة أم لا، فإذا كان الجواب هو بالإيجاب، فحينئذ يجب أن يفر بأهله، ولا يهلك أهله في سبيل إرشاده لغيره،
ولا بد أن تتذكر بأن المسلم الحريص على التمسك بدينه لا ينبغي أن يكون تفكيره موضعياً وزمنياً خاصاً، وإنما يجب أن ينظر إلى المستقبل البعيد جداً أو القريب، أريد من هذه الكلمة أن كل مسلم عنده شيء من الثقافة الإسلامية ومن الحرص على تحقيق المجتمع الإسلامي يجب أن يعيش في أرض يغلب على الظن أقل ما نقول بأن إقامة المجتمع الإسلامي والحكم الإسلامي والدولة الإسلامية في تلك الأرض أقرب تحقيقاً من بلاد أخرى هي بلاد الكفر والضلال والفسق والفجور.
وفي ظني أنه لا يختلف اثنان بأن من الصعب في هذه الآونة أن يتمكن طائفة من المسلمين الحريصين على ما ذكرنا آنفاً من تحقيق المجتمع الإسلامي والحكم الإسلامي ونحو ذلك في أرض إسلامية .. هو صعب بلا شك، فيحتاج الأمر إلى ما أنا أدندن دائماً حوله بما نسميه بالتصفية والتربية، فلا بد من تحقيق هاتين الركيزتين لتحقيق النصر الموعود به المسلمون، ولا شك أنه كما قلت الآن صعب، لكن علينا أن نمشي في هذا الدرب لكن أصعب من هذا الصعب أن نفكر بإقامة الدولة المسلمة في بلاد هي أصلها بلاد الكفر والضلال.
وثمرة هذا الكلام كله أن يحقق هو ومن يستطيع من الحريصين قول رب العالمين: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، أما الدعوة للإسلام في تلك البلاد فالأقربون أولى بالمعروف.
ثم هناك شيء آخر يتعلق بأنفسهم، هم هناك كلما ازدادوا إقامة كلما ازدادوا بعداً عن فهم الإسلام فهماً صحيحاً وعطفاً على كلمة كنا سمعناها في الأمس القريب منه لما ذكر شروط الإسلام ذكر منها تعلم الإسلام، وحدث بعض النقاش في هذا الموضوع، أن هذا واجب، ولكن ليس من لم يتعلم الإسلام
يكون كافراً، لكن بالنسبة لأي داعية للإسلام بلا شرط ينبغي لتكون دعوته صحيحة أن يكون ملماً باللغة العربية وآدابها، بحيث أنه يفهم الإسلام فهماً صحيحاً، ولا يفهمه من الكتب التي ترجمت القرآن وترجمت الحديث النبوي، فيقع في إشكالات تشبه إشكالات:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]، يعني بنطلون لكم.
ولكي أختصر الكلام اسألهم هل مر بهم قراءة أو سماعاً بعض الأحاديث التي تنهى المسلم عن استيطان بلاد الكفر، فإن كان عندهم فليس هناك حاجة لأن أذكرهم.
مداخلة: لا اذكر من القائل، ولكن هناك من يقول بأنه لا بأس للمسلم أن يقيم في بلاد الكفر إذا كان غرضه الدعوة ونشر الدين بين هؤلاء، فما رأيكم في هذا؟
الشيخ: أولاً لم آخذ جواب سؤالي عندهم علم بهذه الأخبار؟
مداخلة: نعم، جواب سؤالك أنه مطلع على الأحاديث.
الشيخ: ذاك القول الذي هو سمعه أياً كان مصدره كيف يوفق بينه وبين تلك الأحاديث؟
مداخلة: هو يسأل أنه هل هذا يوفق مع هذا، هل هذا صحيح.
الشيخ: لا أعتقد أن عالماً مسلماً يطلق القول كما سمعت آنفاً بجواز الإقامة في بلاد الكفر من أجل الدعوة، لكن هناك من يقول وأنا مع هذا الذي يقول إنه يجوز للمسلم بشروط معينة أن يذهب هناك للدعوة ويعود إلى عقر داره .. دار الإسلام، لا ليقيم بين الكفار؛ لأن تلك الأحاديث التي أشرت إليها هي معقولة المعنى وليست تعبدية فقط، ولعلك تترجم له هذه الجملة لأمضي فيما عندي
من بقية الكلام.
مداخلة: هو أجاب بالإيجاب.
الشيخ: إذا كان واضح أن بعض الأحكام تكون تعبديه لا يعقل معناها، فنسلم تسليماً، وبعضها يكون معقول المعنى، هذه الأحاديث ولنذكر مثالاً منها وأخصرها وأجمعها، ألا وهو قوله عليه السلام:«من جامع المشرك فهو مثله» أي: خالطه. سله عن هذا الحديث بالذات، هل هو من تلك الأحاديث؟ فما معقولية مثل هذه النصوص، هي بإيجاز نشير إليها بجملة معروفة عند علماء الأخلاق وهي أن الطبع سراق.
مداخلة: هل يجوز تفسير حديث الرسول بالمعنى؟
الشيخ: حديث الرسول يجوز، لكن نريد أن نضمن أنه وصل المعنى الصحيح.
مداخلة: هل يفهم من الحديث مجرد المخالطة أم مشاركة الأعياد و
…
الشيخ: لا، السَّكن هناك مقدمة لهذا الذي تسأل عنه، هذا ما أردت أنا أن أصل إليه.
مداخلة: ما وصل لهم بهذه الطريقة.
الشيخ: أنا أريد أن أكمل كلامي.
فإذا كان الطبع سراقاً كما ذكرنا، فالذي يخالط الناس لا بد أن يتأثر بعاداتهم وتقاليدهم، ولعله يعلم بأن من مقومات الشعوب أو الأمم هو المحافظة على تاريخها ولغتها، فالذي يسكن في بريطانيا مثلاً حتى لو كان عربياً أصيلاً مع الزمن سيتبرطن ويستعجم عكس الأعجمي الذي يسكن البلاد العربية
فيستعرب، ونحن عندنا أمثلة من واقع الحياة.
أظن هو يعلم مثلي أو أحسن مني أن كثيراً من المسلمين الذين يستوطنون تلك البلاد فمن أوائل دلالة التأثر وتحقيق الكلام السابق أن الطبع سراق، أنه لا يحافظ على زيه الإسلامي.
مداخلة: هو يجيب بأنه في مجموعتهم سواء في بريطانيا أو في أمريكا، جميع الإخوة والأخوات يصرون على لباس السنة.
الشيخ: أنا هذا ليس كلامي، تحول الموضوع لطائفة من المسلمين، أنا أقول هو يعلم أحسن مني أن أكثر من يذهبون إلى بلاد الكفر في سبيل الدعوة لا يحافظون على الزي الإسلامي، فأنا لم أقصده هو وجماعته، هم الآن مبرطنين الآن في بريطانيا، أنا كلامي أعم من ذلك، ألمانيا .. بريطانيا .. سويسرا .. أمريكا الشمالية والجنوبية .. إلى آخره.
مداخلة: هو ناقشني أنه في البلاد نفسها التي تعتبر إسلامية مثل الأردن مثل سوريا مثل كذا، معظم الناس تلبس الزي الأوروبي، قلت له هذا ليس بحثنا، بحثنا في الدعاة الذين يذهبون إلى أنحاء العالم وأغلبيتهم أنها تنتقل إلى الزي الأوروبي.
الشيخ: هذه يا أخي نسميها ولا مؤاخذة حيدة، أنا لا أتكلم عن المسلمين بعامة، أتكلم عن الدعاة، الدعاة الذين هنا ومتعربون في لباسهم إذا ذهبوا إلى هناك تفرنجوا، أنا أتكلم عن هؤلاء ولا أتكلم عن عامة المسلمين، نحن نرى مثلما هم يرون، لكن أتكلم عن الدعاة الذين يذهبون إلى أمريكا مثلاً، أو بلادهم بريطانيا أو غيرها، هنا يكونون لابسين لباس العربي، إذا خرجوا دعاة اتفرنجوا، مثلاً ترى هنا بلحية لم يصل خطر التفرنج إلى أنه يحلق لحيته مثلاً، لكن تجده
بلحية وبعمامة وربما عقال على حسب البلد الذي يعيش فيه وعباءة، لكن إذا خرج إلى تلك البلاد داعية أطاح ما على رأسه من عمامة ومن عقال ولبس الجاكيت وعقد الجرافيت وبلحيته، ومنظر من أسوأ المناظر وهو داعية، وكان في بلده ليس من النوع الذي أشار إليه، لا، هو كان هنا متأثر بالجو الذي يعيش فيه، فعندما ذهب هناك إلى الدعوة تأثر بالجو الذي جدت حياته فيه، فنحن كلامنا محصور جداً، وترجم له عندي مثال سأطرحه رهيب جداً.
الشيخ: وأنا قدر لي أن أذهب إلى بعض البلاد الأوروبية في سبيل الدعوة ومنها بريطانيا، وكان الوقت رمضان فقيل لي بأن هناك داعية مسلم من جماعة المودودي رحمه الله في بلدة تبعد عن لندن نحو مائة أو مائة وخمسين كيلو متر العهد بعيد، فركبنا السيارة لبعض المسلمين هناك الباكستانيين من أهل الحديث، وصلنا إلى البلدة فاستقبلنا صاحب الدار بكل ترحاب، وجلسنا على مائدة الإفطار، والحقيقة أنني آنست منه رشداً، لكن عجبت منه أنه جمع بين اللحية الواجب إعفاؤها والجرافيت الواجب عليه طرحها، فوجدت من واجبي أن أنصحه أو أن أذكره، فقلت له أنا والحمد لله مسرور بلقائك ويكفي أنه يجمعنا الإسلام وعلى الكتاب والسنة، لكن الحقيقة ما أعجبني منك أن تضم إلى واجب اللحية ضلالة الجرافيت، وذكرته ببعض الأحاديث التي نهى فيها الرسول عليه السلام عن التشبه بالكفار ومنها قوله عليه السلام في آخر الحديث المسند:«ومن تشبه بقوم فهو منهم» ، فسررت به بأنه بادر للاستجابة ورمى بالجرافيت أرضاً فوراً وهو يأكل، لكن الشاهد أنه في الوقت الذي دلتنا استجابته على طيب نفسه، فيما بعد أتبع الفرحة الترحة، وبدأ يعلل لماذا هو وضع الجرافيت، فهنا أفسد استجابته فقال هنا إخواننا الفلسطينيين مبغوضين من البريطانيين وعادتهم أنهم يجعلوا فتحة القميص مفتوح، ولا يضعوا جرافيت، فحتى لا يظن به أنه من
إخوانه المسلمين الفلسطينيين، فإذاً هذا الرجل تأثر بالوضع الذي عايش فيه إلى درجة أنه تعاطى عملاً هو قد لا يراه محرماً مثلاً، لكن في الوقت نفسه لا يراه مستحباً بل العكس هو المستحب تماماً، لكن حتى لا يظن الكفار الذي هو يعيش بين ظهرانيهم أنه من المسلمين المبغوضين عندهم، فهو يتشبه بهم، فهذا من أثر الإقليم والبيئة، وأريد الآن عطفاً على الأحاديث التي أشرنا إليها آنفاً وذكرنا واحداً منها أن أذكر بحديث يبين هذه الحقيقة أن الأرض الصالحة يتأثر ساكنها بصلاح أهلها والعكس بالعكس،
ذاك الحديث هو ما أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً
…
مداخلة: يعرفون الحديث ..
الشيخ: إذا كانوا يعرفون الحديث، فإذاً نشير إلى العبرة منه، لما سأل المتعبد الجاهل هل له توبة وقال له لا، كمل عدد المائة به، والرجل المخلص يريد أن يتوب حقيقة فما زال يسأل حتى دل على عالم، فلما سأله بأنه قتل مائة نفس بغير حق هل له من توبة، قال: كيف لا، ولكن بأرض سوء، اخرج من هذه الأرض إلى الأرض الفلانية الصالح أهلها. وهذا هنا الشاهد أن الرسول عليه السلام يأمر من كان يعيش في بلده لكن إذا كان الغالب على بلده الفساد أن يرحل إلى بلد آخر وليس أن يدع بلده الصالح ويهاجر إلى بلد كافر.
(الهدى والنور /435/ 26: 02: 00)
(الهدى والنور /435/ 47: 30: 00)