الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نصيحة إلى جماعة التبليغ
السؤال: يسأل السائل: ما هي مخالفات جماعة التبليغ، وما هو العلاج لها؟
الجواب: العلاج هو العلم، وهو كما ننصحهم دائماً وأبداً بدل أن يخرجوا هذا الخروج الذي لا أصل له في السنة وهم قد جعلوه سنة متبعة، فعليهم أن يجلسوا في المساجد ويتعلموا الحديث والفقه وتلاوة القرآن كما أنزل، فإن كثيراً ممن يتكلمون منهم وهذه في الواقع سنة سيئة سنوها في الناس، يجرئونهم على أن يتكلموا فلا يحسن أن يقرأ الآية فضلاً عن أن يحسن أن يقرأ الحديث النبوي، أو يفسر الآية والحديث تفسيراً، الأمر الذي يصدق عليهم ما جاء في علم مصطلح الحديث أن على طالب العلم أن يتعلم اللغة العربية، حتى إذا قرأ حديثاً نبوياً لا يخطئ فيه، ولا يكسر فيه، ويقرأه كما نطق به الرسول عليه السلام، وإلا دخل في عموم قوله عليه السلام:«من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» حتى الكتاب بين أيديهم وهو يقرأ من كتاب لا يحسن أن يقرأ ما في الكتاب، والكتاب مشكَّل أيضاً، مضبوط بالفتحة والكسرة والضمة، مع ذلك هؤلاء الذين نسمعهم في كثير من المساجد لا يحسنون تلاوة حديث الرسول عليه السلام، فضلاً عن أنهم لا يحسنون تفسيره، فضلاً عن أنهم لا يستطيعون بيان ما فيه من الأحكام، والفقه الذين يكونوا مستمعين الجالسين لديه بحاجة كبرى إلى هذا الفقه المستنبط من السنة.
لذلك فعلاج هؤلاء هو أن يعودوا إلى الحلقات العلمية التي أشرنا إليها آنفاً
في المساجد، وأن يختاروا عالماً بالقراءات عالماً بالتجويد، عالماً بالحديث، عالماً بالتفسير، فيتعلمون.
بعد ذلك إذا شعر أحدهم أنه صار في مكنته وفي قدرته أن يدعو الناس فواجب عليه أن يدعو الناس، أما هم يسمون أنفسهم بجماعة الدعوة، الدعوة دعوة إلى الإسلام، جماعة التبليغ، تبليغ الإسلام، لكن هذا الإسلام يجب أن يفهم من هذا المبلِّغ حتى يسهل التبليغ، وإلا ففاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك نحن ننصحهم، لأننا نجد في كثير منهم إخلاصاً، ونشاطاً في الدعوة، ولكن يصدق فيهم ما قيل قديماً:
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
ما هكذا يا جماعة تكون الدعوة إلى الإسلام، الدعوة إلى الإسلام تحتاج إلى علماء قديرين خاصة إذا خرجوا من هذه البلاد إلى بلاد الكفر والضلال في أوروبا وأمريكا، فهناك تأتيني رسالات وشبهات ما خطرت في بالي في البلاد الإسلامية، فمن أين يأتون بالجواب عليها.
فاقد الشيء لا يعطيه، أنا أعتقد أن هؤلاء جماعة التبليغ إذا كانوا يريدون أن يكونوا حقيقة مبلغين للإسلام لا يكفيهم أن يكونوا طلاب علم، بل يجب عليهم أن يكونوا علماء وأن يكونوا مجتهدين، مجتهدين يعني: يستنبطون الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، لماذا؟
لأنهم يذهبون إلى بلاد عاداتها وتقاليدها وأخلاقها ومشاكلها غير ما عندنا منها، فمن أين يأتون بالجواب، لا جواب عندهم، بل قد يتورط أحدهم فيظن أن عنده شيء من العلم فيفتي كما أفتى أولئك الصحابة ذلك الجريح فقتلوه، أفتوه بغير علم فضلوا وأضلوا كما قال عليه السلام في الحديث المتفق عليه: «إن الله لا
ينتزع العلم انتزاعاً من صدور العلماء، ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» هذه حقيقة أن كثيراً من الناس يفتون بغير علم، فيضلون ويضلون غيرهم.
لذلك الذين يريدون أن ينطلقوا للدعوة أقول أكرر ما قلته آنفاً: لا يكفي أن يكونوا طلاب علم، يجب أن يكونوا علماء يستنبطون الأحكام من الكتاب والسنة، وإلا فلا يستطيعون أن يبلغوا الإسلام، خاصة في تلك البلاد، وأنا أنهي هذه الأجوبة باعتبار الآن يبدأ الدرس، فأقول: أختم بكلمة لأن الحقيقة صارت الساعة التاسعة، والصوت بدأ يتغير معنا.
فيه مسألة لفت نظري إليها عالم من علماء الأندلس، وهو ابن رشد الأندلسي المالكي المذهب ضرب مثلاً للعالم المجتهد والعالم المقلد، مثل رائع جداً، وفيه عبرة لمن يعتبر، قال: مثل المجتهد ومثل المقلد كمثل بائع الخفاف وصانع الخفاف، بائع الخفاف -الأحذية- وصانع الأحذية، قال: يأتي الرجل إلى بائع الخفاف فيطلب منه قياساً معيناً
…
نحن نقول: قياس يعني: نادر جداً، رِجْل ضخمة عريضة وقصيرة، يفكر بائع الخفاف في النماذج عنده ما وجد هذا القياس الغريب، يقول له: مع السلامة ما عندي، يذهب إلى صانع الخفاف يقول له: أريد خف من هذا القياس، يقول له: حاضر، يعني: سيصنع، هذا مثل المجتهد وذاك مثل المقلد، فمن أين يأتي هؤلاء بالأجوبة على الأسئلة إذا ما طرحت عليهم خاصة في تلك البلاد، لذلك ننصحهم ونؤكد النصيحة لهم، ما دام عندهم إخلاص وغَيْرةٌ على الإسلام وتبليغه للناس أن يعكفوا على طلب العلم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، بعد ذلك عسى الله عز وجل أن يمكنهم من هذا العلم، ويفتح لهم مجال الدعوة إلى الله بحق، وإلا ففاقد الشيء لا يعطيه.
(الهدى والنور /22/ 3.: .. : .. )