الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة عن جماعة التبليغ
السؤال الأول: ما هو رأي شيخنا حفظه الله تعالى في كتاب حياة الصحابة؟ وماذا تنصح قُرَّاء هذا الكتاب والمعتنين به والمشتغلين بتداوله؟
الشيخ: لا إله إلا الله، هذا السؤال يلتقي مع سهرة قريبة جداً قضيناها في قرية مادبا، لا بد أنكم تعرفونها، واستمرت السهرة إلى بعد منتصف الليل، وكان فيها من كل الجماعات أو الأحزاب، فمن حزب التحرير ومن حزب وإن كانوا هم لا يريدون أن يقولوا حزب، فلنقل ما يحبون ومن جماعة الإخوان المسلمين، ومن جماعة التبليغ، كل هؤلاء كانوا حاضرين في الجلسة، واضطررنا إلى التحدث عن هذه الجماعات، وعن بعض هذه الأحزاب، «وقلنا فيها كلمة الحق لا نداهن فيها أحداً إن شاء الله» ، أن هذه الأحزاب أولاً: تخالف مبدأً إسلامياً مُصَرَّحاً به تصريحاً ما بعده تصريح في كتاب الله، ووضح ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلام في أكثر من حديث واحد، وحسبنا الآن أن نُذَكِّر بقوله تعالى:{وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31 - 32]، ومضينا في هذا الموضوع، وقلنا إن هذه الجماعات الموجودة الآن بعض أفرادها، إنهم ينطلقون في تكتلهم وفي تحزبهم، ليس على علم مطلقاً، على أننا لا نحبذ العلم المطلق، وإنما نحض على العلم المقيد بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى منهج السلف الصالح، كما جاء في كثير من الآيات والأحاديث، ولا أريد أن نعيد الجلسة التي كانت هناك، فلا بد أن
أخانا أبا أحمد عنده شريط في ذلك، ولكن قدمت يومئذً مثالاً من واقع حياة هذه الجماعة، جماعة التبليغ، وكان بجانبي أحدهم من الذين يدل سمتهم وهيأتهم على التمسك بالسنة، فهو تقدم بعد صلاة المغرب بالكلمة التقليدية التي تسمعونها دائماً وأبداً من المقدم لمن سيلقي الدرس بعد الصلاة، يقول: إنما فلاحنا ونجاحنا باتباع سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أو ما يشبه هذا الكلام.
فأنا قلت: ما الذي جعل هؤلاء الإخوان الطيبين التبليغيين يحرصون على هذه الكلمة، وهي من إنشاء أحدهم، ويعرضون عن السنة، وهنا الشاهد، السنة قلت لهم: فتحنا لكم هذه الجلسة بخطبة الحاجة:
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يزيد عليها في كثير من الأحيان: «أما بعد فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» .
لماذا أعرض جماعة التبليغ عن افتتاح جلساتهم العلمية بمثل هذه السنة المحمدية؟ ذلك لأنهم لا يدرسون السنة، هم جماعة طيبون يرغبون في التقرب إلى الله، ولذلك يخرجون ذلك الخروج المعهود منهم غير المعهود من سلفنا الصالح، يخرجون في ظنهم أنهم يحسنون صنعا، فقلت للشيخ الذي كان بجنبي: لماذا لا تحيون هذه السنة الحسنة؟ ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، دون أن ينقص من أجورهم شيء.
أنا لا أخص جماعة التبليغ بمخالفتهم هذه للسنة، بل هي مخالفة عامة، كل
الأحزاب وكل الجماعات تخالف هذه السنة لماذا؟ سبق الجواب، لأنهم لا يدندنون حول دراسة السنة أولاً؛ لأن هذه الدراسة تعلم الناس وتوقظهم من سباتهم ومن نومهم العميق، ولذلك فكيف يحيون السنة وهم يجهلونها.
من فضائل هذه الخطبة كما شرحت هناك، وأوجز هنا ما استطعت إلى ذلك سبيلا، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقدم هذه الخطبة التي تعرف عند العلماء جميعاً بخطبة الحاجة، كان يقدمها بين يدي كل كلمة، كل نسميها محاضرة أو درس أو موعظة أو ما شابه ذلك، كان يذكر فيها:«خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ما هو السر في إعراض كل الجماعات الإسلامية كلها عن هذه الخطبة، أنا أقول: الأمر يعود إلى شيئين: الشيء الأول: أنه يصدق عليهم قوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187] ، لكن لا أستطيع أن أقول أنه ما طرق سمع أحدهم مطلقاً، ولا قرأ هذا الحديث في كتاب ما، وهو في صحيح مسلم أصح كتاب بعد كتاب الله، وصحيح البخاري موجود هذا الحديث فيه، لا أتصور أن أحد مطلقاً من هؤلاء لا علم عنده بهذا الحديث.
إذاً: ما الذي يصرفهم أو يصدفهم عن التمسك بهذه السنة؟ أقول: لأنها تخالف منهجهم، كيف؟
هذا الحديث يؤسس قاعدة لا يتبناها إلا الذين ينتسبون إلى السلف الصالح من أمثالنا، والقاعدة هي:«كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» ، فلا تجد الإخوان المسلمين ولا حزب التحرير ولا جماعة تبليغ، وإن كان هناك جماعات أخرى في بلاد أخرى، لا تجد منهم أحد يدندن حول هذه القاعدة:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ، ولو أنهم اعتادوا إحياء هذه السنة؛ لاستيقظ
جماهيرهم من سباتهم، ولقالوا لهم: كيف أنتم توافقوا على هذه الخطبة: «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» ، ونحن نسمعكم دائماً تقولون: لا، هناك بدعة حسنة، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يركز في أذهان أصحابة هذه القاعدة العظيمة الجليلة، وأمرها كما يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، رداً على بعض الناس الذين يقولون أن هذا العموم غير مقصود «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» يزعم بعض المتأخرين أن هذا العموم المصرح به في هذا الحديث هو من العام المخصوص، ثم يأتون ببعض أشياء من الروايات منها ما يصح ومنها ما لا يصح، يزعمون أن هذه الروايات مخصصه لهذه العموم، ومعنى كلامهم أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«كل بدعة ضلالة» لا، أي: ليس كل بدعة ضلالة، يقول ابن تيمية وهنا الشاهد، وأنا أقرب ذلك بمثل، لا يمكن أن يكون هذا النص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من العام المخصوص، وهو يكرره دائماً وأبداً على مسامع أصحابة في كل مناسبة يريد أن يتكلم فيها بين أصحابة يقول:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» يستحيل أن يكون هذا من العام المخصوص، لأن المفروض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي خوطب بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، ربك يعصمك من الناس الذين قد
يقصدون القضاء عليك فيحولون لو وصلوا إلى هدفهم
…
يحولون بينك وبين تبليغ الرسالة وتوضيحها وبيانها {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس} [المائدة: 67]، ولا بد لي من التذكير؛ لأنها تبليغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المذكور في هذه الآية:{بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} يكون على وجهين تبليغ اللفظ وتبليغ المعنى.
تبليغ الرسول عليه السلام الذي أمر به في هذه الآية على وجهين: تبليغ اللفظ
وتبليغ المعنى، تبليغ اللفظ يعني: اللفظ القرآني كما أنزله الله على قلب محمد عليه السلام فهو مأمور بتلبيغه. هذا هو الأمر الأول.
الأمر الثاني: الذي أمر بتبليغه معنى هذه الألفاظ هذه الآية الكريمة، وهذا هو المقصود من قوله تبارك وتعالى في الآية الأخرى:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، هذه الآية غير الآية السابقة، الآية السابقة تعني: تبليغ اللفظ وتبليغ المعنى، أما هذه الآية الأخرى فإنما تعني تبليغ المعني بدليل:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} أي: القرآن. لماذا؟ لتبينه للناس وبيانه عليه السلام، وهذا لا يحتاج إلى تفصيل ثلاثة أقسام بقوله وبفعله وبتقريره.
فإذاً: ابن تيمية رحمه الله يقول: استمرار الرسول عليه الصلاة السلام في تكرار هذه القاعدة: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» على مسامع أصحابة يستحيل أن يكون من العام المخصوص؛ لأنه المفروض عليه ولو مرة واحدة أن يبين بحكم ما ذكرنا من الآيات، أن يبين أن هذا النص العام ليس على عمومه وشموله ولم يفعل ذلك إطلاقاً، بل هو عليه الصلاة والسلام من تمام تبليغه لما أمره الله به، كان يؤكد هذه القاعدة العامة فيقول:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» إلى آخر ما هنالك من أحاديث أخرى، ولسنا أيضاً في صددها.
أما مثال: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» مثاله: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» لا يمكن أن نقول: ليس كل مسكر خمر وليس كل خمر حراما، هذا ما يقوله مسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يكرر هذه الكلية على مسامع أصحابه تحذيرا لهم من أن يشربوا مسكراً، أي مسكر كان، سواء سمي خمراً أو سمي نبيذاً أو سمي ويسكاً أو شمبانيا أو .. إلى آخره، كل هذه الأسماء تدل على اسم
واحد وهو الخمر في اللغة العربية، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول كما سمعتم:«كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» كيف يمكن أن نقول: لا ليس كل مسكر خمر، بالتالي كيف يمكن أن نقول لا ليس كل بدعة ضلالة، وهو يقول في كلاً منهما:«كل مسكر خمر، كل بدعة ضلالة» هذا هو المثال تأكيداً لما سمعتم آنفاً مما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن هذه الكلية التي كان النبي يذكرها دائماً في خطبة الحاجة لا يمكن أن تكون مخصصة.
أنا الآن آتيكم بمثال عكسي أي لكلية خصصها الرسول حتى تعرفوا كلام الرسول كلام الحقيقة: (جمع فأوعى) سمعتم: «كل مسكر خمر كل بدعة ضلالة» اسمعوا الآن التقييم كيف يكون قال: «كلكم يدخل الجنة إلا من أبى» دخل استثناء هنا، كان يمكن أن يقول: كل بدعة ضلالة إلا ما كان موافقاً للعبادة أو للحسنة أو ما شابه ذلك لما تسمعونه من المؤولين إن لم نقل من المعطلين، فقال عليه الصلاة والسلام:«كلكم يدخل الجنة إلا من أبى» هل يجوز لرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: كلكم يدخل الجنة، وهو في نفسه استثناء لا يمكن هذا، فإذاً: كيف يتصور هؤلاء الذين يقولون: «كل بدعة ضلالة» هذا ليس على عمومه معنى ذلك أنهم ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء ما كان في باله إطلاقاً، ولو كان ذلك في باله لكان من الواجب عليه ديانةً أن يسارع ولو مرة واحدة إلى التصريح بالاستثناء كما قال في هذه الكلية الأخيرة:«كلكم يدخل الجنة إلا من أبى قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ ! » معقول واحد يأبى دخول الجنة، معقول ومش معقول. واسمعوا تمام الحديث فهو كما يقال في لغة العصر الحاضر يضع النقاط على الحروف.
« .. قالوا: ومن يأبى يا رسول الله قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني دخل النار» .
فإذاً: كل كلية تأتي في أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضلاً عن الآيات القرآنية ولم يأت ما يخصصها فيجب إبقاؤها على إطلاقها، وبخاصة إذا كانت مثل كلية:«كل بدعة ضلالة» التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكررها على مسامع أصحابه بكل مناسبة.
نعود: لماذا لا يحافظ جمهور الدعاة الإسلاميون اليوم على هذه الخطبة المباركة التي سماها العلماء بخطبة الحاجة؟ أي: من أراد أن تُقْضَى حاجته العلمية فليقدم بين يدي العلم خطبة الحاجة النبوية، لماذا يعرضون عنها؛ لأنها تخالف منهجهم ليس من منهجهم ما نهجه الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الخطبة، خطبة الحاجة، وهى ذم عموم البدعة وذلك في الدين وفي العبادة، ولذلك قلنا في تلك الجلسة هناك كما ذكرنا لكم آنفاً في مادبا، لا يكفي أن تتحمس كل جماعة كل حزب كل طائفة تتحمس لجماعتها وتنطلق بدون علم وبدون وعي، فننصح هؤلاء الذين يخرجون وأولئك الذين لا يخرجون ولكنهم يتكتلون وأولئك الذين يشغلون دهرهم بالسياسة، وكثير منهم لا يعرفون أن يحجوا وأن يصلوا وأن يصوموا على السنة، نأمرهم جميعاً بأمر الله ورسوله أن يتعلموا قال تعالى {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] كلا لا يستوون، فعلى هذا نقول: بالنسبة لهذا السؤال كتاب الصحابة هو دليل لما نقول، نحن الذي ألف هذا الكتاب ليس فردا من أفراد جماعة التبليغ بل هو رأس إن لم يكن من رؤوسهم فهو رأس الرؤوس ألف هذا الكتاب، والجماعة ينطلقون على هداه، ولكن هذا الكتاب جمع ما هب ودب أي: لم يخصص هذا الكتاب لأن يذكر فيه ما صح أولا: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليس ككلام غيره من الناس، ولو كانوا أولياء وصالحين.
ثانياً: ذكر روايات كثيرة عن الصحابة رضي الله عنهم، فيها أيضا من باب أولى
التي في الأحاديث التي نسبها إلى الرسول هي أشياء لا تصح نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، عند أهل العلم بطريق معرفة الحديث ومعرفة الأسانيد وتراجم رجال الأسانيد ونحو ذلك، من باب أولى أن يذكر في هذا الكتاب روايات وروايات كثيرة جداً عن الصحابة من أقوالهم من أفعالهم من منهجهم من سلوكهم وكثير منها لا يصح، ويعجبني بهذه المناسبة قول لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهذا من نفيس كلامه ودقيق منهجه العلمي حيث قال ما معناه: إن على كل باحث أن يتثبت فيما يرويه عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يتثبت فيما يرويه عن الله ورسوله هذه الكلمات جماهير العلماء قديماً وليس حديثاً فقط، قديماً وحديثاً قد أخلوا بها فما تعود لكتاب إلا ما ندر جداً جداً مثل كتاب "نيل الأوطار" للشوكاني، هذا من الكتب التي نحن نحض طلاب العلم على الاعتناء بدراسته وبالاستفادة منه، مع ذلك تجد يحشد فيه أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم بمناسبة الكلام مع الآية أو الحديث، لكنه لا يسلك هذا السبيل وهو سبيل التثبت مما ينسب إلى الصحابة، كما يجب التثبت مما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قل من يفعل هذا، ومن هنا يصيب المجتمع الإسلامي شيء من الانحراف، وهذه نقطة في الحقيقة مهمة جداً نحن قلنا دائماً وأبداً إن منهجنا كتاب الله وسنة رسول الله وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح، لا يكفي اليوم أن ندعو الناس إلى الكتاب والسنة فقط؛ لأنك لن تجد في كل هذه الجماعات المختلفة حديثاً وقديماً لن تجد جماعة منهم ولو كانوا من المرجئة أو كانوا من المعتزلة، يقولون نحن لسنا على الكتاب والسنة، كلهم يقولون هكذا.
إذاً: ما هو الفارق بين هذه الجماعات التي كلها تقول وهي صادقة فيما تقول، ما نستطيع أن نتهمها صادقة فيما تقول، نحن على الكتاب والسنة، لكنها غير صادقة في تطبيقهما كما كان سلفنا الصالح رضي الله تعالى عنه.
من هنا نقول لا بد من معرفة ما كان عليه السلف لنستعين به على فهم الكتاب
والسنة، فإذا جاءتنا رواية عن بعض الصحابة وهي غير صحيحة، وأخذنا بها على أساس أنها بيان للكتاب والسنة، انحرفنا كما لو أخذنا حديثاً ضعيفاً أو موضوعاً، لهذا ابن تيمية يقول يجب التثبت في ما نرويه عن الصحابة، كما نتثبت فيما نرويه عن الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، هذا الكتاب كتاب الصحابة خالف هذا النهج العلمي وهو جمع ما هب ودب، وأنا أضرب لكم مثلاً مجملاً هو ينقل مثلاً حديثاً عن كتاب مجمع الزوائد يقول رواه أحمد والطبراني، وقال في مجمع الزوائد رجاله ثقات، الذين يتداولون هذا الكتاب حينما يقرؤون قال في مجمع الزوائد رجاله ثقات ما الذي يفهمون منه كما يقولون عندنا في بعض الأعراب في سوريا (خوش) حديث، ما دام رجاله ثقات أصحاب حديث ثابت.
لا عند أهل العلم أي حديث يقول فيه أحد المحدثين رجاله ثقات، فليس يعني ذلك هذا المحدث أنه حديث صحيح، بل أي حديث يقول فيه مؤلف الكتاب رجاله رجال صحيح فلا يعني أنه صحيح، وهذا أشد إيهاماً لصحة الحديث من قوله الأول، إذا قالوا رجاله ثقات قد يتوهم بعض الناس أنه صحيح، لكن بالإيهام بالتعبير الثاني رجاله رجال الصحيح أكثر، مع ذلك لا هذا وهذا في علم الحديث يعني صحيح، اسم حديث إذا كان ينبغي على مؤلف هذا الكتاب أن يختاره، ما نقول أن يصحح كل هذه الروايات ويدقق القول فيها؛ لأنه الحقيقة أنا أعتقد أنه لو أراد رجل عالم متثبت يريد أن يصحح وأن يضعف أن يؤلف كتاب مثل كتاب الصحابة؛ لأخذ منه سنين عديدة؛ لأن الحديث الواحد التحقيق فيه قد يأخذ منه ساعات، بل قد يأخذ منه يوم وأيام، وهذا نحن نعرفه بالتجربة فإذا لو أردنا أن نؤلف مثل هذا الكتاب على هذه الطريقة كان يأخذ منه عمره أو بعض عمره على الأقل، لكن كنا نرجو منه أن يختار ما صح عنده بأقرب طريق، بدون ما يجيء يخصص الكلام في كل حديث من هذه الأحاديث.
إذاً: هذا هو الجواب عن كتاب الصحابة أنه لا ينبغي الاعتماد عليه إلا بشيء من التحفظ، كأكثر الكتب وأنا أضع الآن بين أيديكم قاعدة؛ لكي لا تحرموا الاستفادة من مثل هذا الكتاب، فقولوا كل ما رأيتم حديث معزو أولاً: لأحد الصحيحين في هذا الكتاب أو في غيره يقول رواه البخاري رواه مسلم، رواه البخاري رواه مسلم، فعضوا عليها بالنواجذ هذا أولاً.
ثانياً: إذا رأيتموه نقل عن أحد المحدثين أنه قال هذا الحديث إسناده صحيح أو قال إسناده حسن أيضاً تمسكوا به وما سوى ذلك، فعرجوا عنه ولا تعرجوا عليه.
مداخلة: بارك الله فيك.
مداخلة يعني القاعدة في الكتاب نفسه وإلا قاعدة في عموم الكتب؟
(الهدى والنور /524/ 40: 13: 00)