الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماعة التبليغ، ومدة الخروج
مداخلة: هنا سؤال يقول السائل: ما رأيكم في جماعة التبليغ كدعوة، وهل مدة الخروج واردة في السنة؟
الشيخ: هذا السؤال سؤال الساعة، وأنا لي جواب مختصر وكلمة الحق يجب أن تقال: الذي أعتقده أن دعوة التبليغ هي صوفية عصرية، لا تقوم على كتاب الله ولا على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والأمر كما يقال: المكتوب مُبَيَّن من عنوانه، هذا الخروج الذي يخرجونه ويحددونه بثلاثة أيام أو بأربعين يوم، ويحاولون الاستدلال على ذلك ببعض النصوص التي لا صلة لها بالموضوع إطلاقًا، هذا الخروج يكفينا نحن معشر المنتمين إلى السلف الصالح، وهذا الانتماء حق لا يجوز لمسلم إلا ينتسب إليه، الانتماء إلى السلف الصالح، يجب أن تعرفوا هذه الحقيقة، ليس كالانتماء إلى شخص يقال إنه صاحب مذهب كذا، أو إلى شيخ يقال إنه صاحب الطريقة الفلانية، أو إلى رجل يقال إنه صاحب الجمعية الفلانية، الانتماء إلى السلف انتماء إلى العصمة، والانتماء إلى غيرهم انتماء إلى غير معصوم.
هؤلاء الجماعة يكفي أن نفهم نحن المنتمين إلى السلف الصالح أنهم جاؤوا بتنظيم في الخروج للتبليغ زعموا لم يكن من فعل السلف بل ولا من فعل الخلف؛ لأن هذا حدث في هذا العصر ولم يكن معروفًا في تلك القرون الطويلة المديدة، بدءاً من السلف إلى من بعدهم من الخلف إلى منتصف هذا القرن
تقريبًا.
ثم إن من عجبي أنهم يخرجون للتبليغ وهم يعترفون أنهم ليسوا أهلًا للتبليغ، التبليغ إنما يقوم به أهل العلم كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل حينما كان يرسل الرسل من أصحابه من أفاضل أصحابه من علمائهم وفقهائهم ليعلموا الناس الدين والإسلام، فأرسل عليًا وحده .. أرسل أبا موسى وحده .. أرسل معاذًا وحده، ما أرسل معه ما شاء الله من أفراد الصحابة وهم صحابة، لكنهم ليس عندهم من العلم ما عند هؤلاء الأفراد، فماذا نقول عمن ليس يقرن بالذكر مع أقل الصحابة علمًا، حيث لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجعلهم، هؤلاء الصحابة الذين لا علم عندهم رديفًا ودعمًا لأمثال أولئك العلماء من الصحابة الذين ذكرناهم، بينما هؤلاء يخرجون بالعشرات وربما بالمئات وعليهم شخص ربما لا يكون عالمًا، بل ربما لا يكون طالب علم، إنما عنده بعض المعلومات التقطها من هنا وهناك أما الآخرون فهم من عامة الناس، ومن الحكم القديمة: فاقد الشيء لا يعطيه، فما الذي يبلغ هؤلاء إلى الناس وهم تسموا بجماعة التبليغ؟
نحن ننصحهم في سوريا وفي عمان أن يجلسوا وأن يقيموا في بلادهم، وأن يتعلموا ويتفقهوا في الدين، وخاصة أن يدرسوا عقيدة التوحيد التي لا يصح إيمان المؤمن مهما كان صالحًا .. مهما كان صائمًا قائمًا إلا بعد تصحيح العقيدة، ننصحهم بأن يجلسوا .. يقيموا في بلادهم وأن يتحلقوا في مساجدهم، وأن يتعلموا العلم النافع من أهل العلم هناك بديل أن يخرجوا هكذا، وربما يذهبون إلى بلاد الكفر والضلال حيث هناك المغريات الكثيرة التي لا يخفى علينا جميعًا مبلغ تأثيرها، خاصة على الذين يسافرون لأول مرة بمثل هذه المناسبة فيرون هناك الفتن وليس عندهم السلاح العلمي ليقيموا الحجة على من يلقونه من
الناس، سواءً كانوا من سكان البلاد الذين لهم لغتهم وهؤلاء لا يعرفون شيئًا من لغتهم.
ومن شرط التبليغ أن يكون المبلغ عالمًا بلسان القوم كما أشار إلى ذلك ربنا عز وجل في القرآن الكريم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4] فكيف يستطيع هؤلاء أن يبلغوا العلم وهم يعترفون بأنهم لا علم عندهم، وكيف يستطيعون أن يبلغوا العلم وهم لا لسان لديهم ليفقهوا أولئك القوم.
هذه كلمة تقال جوابًا لهذا السؤال.
مداخلة: دائمًا نسمع عندهم يقولون، يعني: يحتجون على الخروج، يقولون: انظروا إلى الصحابة، هم من أهل مكة والمدينة وقبورهم في بخارى وفي سمرقند، هؤلاء خرجوا للتبليغ، فما رد فضيلتكم على ذلك؟
الشيخ: ليتنا نخرج كما خرج أولئك القوم! خرجوا مجاهدين .. غزاة، ما خرجوا هذا الخروج الذي لا يقترن مع الأسف لا منهم ولا من غيرهم من المسلمين؛ لأن الأوضاع كما تعلمون لا تساعد المسلمين مع الأسف أن يقوموا بواجب الجهاد في سبيل الله، حيث صار هذا الجهاد فرض عين على كل المسلمين، فليت خروج هؤلاء يكون لنخرج معهم لنجاهد في سبيل الله كما جاهد أولئك الأصحاب الأولون ومن بعدهم حيث خرجوا مجاهدين في سبيل الله إلى أقاصي بلاد الدنيا، فهذا يقال على تعبير الفقهاء: قياس مع الفارق، أولئك خرجوا غزاة مجاهدين في سبيل الله، هؤلاء لا يخرجون، ونحن معهم مع الأسف لا نبرئ أنفسنا، كلنا لا نخرج للجهاد في سبيل الله، وهذا واجب عيني، فقد غزينا في عقر دارنا كما تعلمون، لكن من الحق أن نعرف الخطأ وأن نقر به؛
لأن إقرارنا به يحملنا إلى أن نعالجه بما يمكننا من الوسائل، أما إذا جحدنا الحق وقلبنا الحقيقة فسنظل بعيدين عن الحق بُعْدَ السماء عن الأرض.
فهم إذا أرادوا أن يخرجوا كما خرج الأولون فمن الذي ينكر عليهم، بحثنا أن يخرج ناس يعترفون أنه لا علم عندهم، لماذا؟ لتبليغ الإسلام، فاقد الشيء لا يعطيه، فإذًا: شتان ما بين القياس والمقيس عليه، نعم.
بارك الله فيك، لا تأخذ من كلامي جملة تدندن حولها، هم أولًا جماعة تبليغ يبلغون ماذا؟ التوراة .. الإنجيل .. الإسلام، يبلغون الإسلام، هم يعترفون بأنهم ليسوا فقهاء في الإسلام، فإذًا فاقد الشيء لا يعطيه، نحن لا ننكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتناصح والتفاهم، هذا لا ينكره مسلم، لكن نحن ننكر هذا التنظيم الُمعَنْوَن بعنوان التبليغ، تبليغ ماذا؟ تبليغ الإسلام، ونحن ما أردنا أن نخوض في التفاصيل، هم لا يدخلون في التفقه في الكتاب والسنة؛ لأنهم يقولون: هذا يُفَرِّق، ونحن نرى أن الدعوة إلى الكتاب والسنة هو الواجب.
ولعلي لا أقدم إليكم أمرًا مجهولًا وإن كنت أعتقد أنه مجهول لدى كثير من الناس: إن من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي غفل عنها كثير من المسلمين بسبب توجيهات قد تكون منا وقد تكون من غيرنا، أي: قد تكون منا نحن معشر المسلمين، وقد تكون موحى بها إلينا من غيرنا، من أسمائه عليه السلام: المفرق، تعرفون هذا! ما معنى المُفَرِّق؟ واضح جدًا، يفرق بين الحق والباطل .. يفرق بين المؤمن والمشرك .. بين الموحد والكافر، وهكذا، فإذًا حينما نحن نريد أن ندعو إلى الإسلام يجب أن نقول: قال الله قال رسول الله، ولا نقول: لا، نحن ما نبحث عن مسائل خلافية، لا يوجد هناك مسألة متفق عليها إلا ما قل وندر، حتى في التوحيد يوجد خلاف.
إن بعض أفراد جماعة التبليغ أَلَّف رسالةً كنت قرأتها في دمشق منذ نحو أكثر من عشر سنين، فما جاء
…
كلمة: لا إله إلا الله، فسرها بقوله: لا معبود إلا الله، كيف لا معبود إلا الله، والمعبودات في الواقع كثيرة وكثيرة جدًا؟ ! لكن أهل العلم يقولون في تفسير هذه الكلمة الطيبة: لا معبود بحق إلا الله، وإلا فقد عبدت اللات والعزى والآن عُبَّاد البقر يفعلون بالمسلمين ما يفعلون وهم يعيشون معهم وبجانبهم مع ذلك يفسر هذه الكلمة الطيبة تفسيرًا يعود إلى الشرك وليس إلى التوحيد الخالص حيث يقول: لا معبود إلا الله، هذا من كان يعرف عقيدة وحدة الوجود، الذي يؤمن بها كبار غلاة الصوفية وعلى رأسهم المسمى بغير اسمه: محيي الدين بن عربي المدفون عندنا في سوريا، الذي يعرف عقيدة هذا الإنسان الذي يقول: كل ما تراه بعينك فهو الله، والذي يقول: لما عبد المجوس النار ما عبدوا إلا الواحد القهار، إذًا: كل شيء يُعْبَد في الكون فهو إله.
هذا التفسير الخاطئ القاصر يعود إلى تأييد وحدة الوجود التي يقول بها غلاة الصوفية، والتي أجمع علماء المسلمين من أهل الحديث والماتريدية والأشاعرة والمعتزلة على أن القول بوحدة الوجود هو أكفر من قول اليهود والنصارى، لا سيما وابن عربي هذا يقول في كتابه: فصوص الحكم: إنما كفرت اليهود والنصارى لأنهم حصروا الله، فاليهود حصروا الله في عزير، والنصارى حصروا الله في الأب بزعمهم والابن هو روح القدس، قال هو: أما نحن فقد وحدنا الله في كل شيء، كل ما تراه بعينك فهو الله، جاء هذا التفسير القاصر لعدم اهتمامهم بالعلم النافع فقال في تفسير كلمة التوحيد التي هي الفصل بين المؤمن والكافر ففسرها بجملة تساوي وحدة الوجود: لا معبود إلا الله.
الحق أن معنى هذه الكلمة الطيبة: لا معبود بحق في الوجود إلا الله، ففيه
إثبات الألوهية لله وحده، ونفس المعبودات الأخرى الباطلة.
هذه اضطررت إلى التحدث عنها لألفت نظر السائل أن القضية ليست قضية دعوة ليس مفهوم معالمها، ولا واضح مراميها ومغازيها، إنما نحن نخرج للدعوة، ما هي الدعوة؟ لو سألتهم عن التوحيد وأقسامه: توحيد الربوبية .. توحيد الألوهية .. توحيد الأسماء والصفات، لو سألتهم ما قدموا إليك جوابًا، ولئن كان بعضهم يعرف ذلك بسبب مخالطته لبعض جماعة التوحيد والدعاة إلى السلف الصالح عرف ذلك ولكنه لا ينشره بينهم لأن هذا يفرق، فرسول الله من أسمائه المفرق يفرق بين الحق والباطل، فنحن يجب ألا نستحي من الحق، ألا نقول: نحن لا نبين الحق؛ لأن هذا يفرق، يفرق بين من ومن؟ ! إذا كنا نحن مسلمين مجتمعين على اتباع الكتاب والسنة، ورأيت إنسانًا أخطأ وبينت له خطأه، أو رآني أنا أخطأت فبين لي خطئي، أين التفريق؟ هذا من معاني قوله تعالى:{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3].
(أسئلة وفتاوى الإمارات - 6/ 00: 24: 26)