المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الرزق بالوسيلة المحرمة مع أن النبي صلى الله عليه وآله - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٧

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جماعة التبليغ

- ‌حول جماعة التبليغ

- ‌حول جماعة التبليغ

- ‌جماعة التبليغ صوفية عصرية

- ‌كلمة عن جماعة التبليغ

- ‌أصل من أصول جماعة التبليغ

- ‌حول بعض ممارسات جماعة التبليغ

- ‌حل جماعة التبليغأم تصحيح مسارها

- ‌رأي الشيخ في جماعة التبليغ

- ‌هل جماعة التبليغ من الفرق

- ‌حول جماعة التبليغ

- ‌جماعة التبليغ

- ‌جماعة التبليغ

- ‌لماذا لا يوجد عند السلفيين حسن تعاملكما هو عند جماعة التبليغ

- ‌التفريق بين المدرس والداعيفي هيئة إلقاء الدرس

- ‌هل يشترط العلم في المُبَلِّغ

- ‌الردود على الإخوان المسلمين والتبليغ

- ‌حكم الخروجمع جماعة التبليغ

- ‌حكم الخروج مع جماعة التبليغ

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌الخروج مع جماعة التبليغ كمهر للزواج

- ‌الخروج في سبيل الله للنساء

- ‌الخروج في سبيل الله

- ‌الخروج مع جماعة التبليغ

- ‌جماعة التبليغ، ومدة الخروج

- ‌نقاش حول جماعة التبليغ

- ‌نقاش مع الأستاذ عقلحول جماعة التبليغ

- ‌نصائح لجماعة التبليغ

- ‌نصيحة إلى جماعة التبليغ

- ‌نصيحة لجماعة التبليغوبيان المؤاخذات عليهم

- ‌كتاب الولاء والبراء

- ‌حكم التشبه بالكفار

- ‌أهمية التشبه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌بيان حكم التشبه بالكفار

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌التَشَبُّه بالكفار بالتَفَرُّق عند الطعام

- ‌تشبه النساء بالكافرات

- ‌حكم لبس البنطلون

- ‌هل ارتداء البنطالمن التشبه بالكفار

- ‌هل لُبْس الساعة في اليسارمن التشبه بالكفار

- ‌لبس المريول هل هو تشبه بالكفار

- ‌لبس العروس

- ‌ضوابط التشبه بالكفار

- ‌ضوابط التشبه بالكفار

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌إشكال حول ضابط التشبه

- ‌حكم السفر إلى بلاد الكفر

- ‌حكم السفر إلى بلاد الكفار

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌‌‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌السفر بالمصحف إلى بلاد الكفار

- ‌السفر للسياحة

- ‌السفر إلى بلاد الكفر للتعليم

- ‌حكم الإقامة في بلاد الكفار

- ‌الإقامة في بلاد الكفار لعذر

- ‌الإقامة في بلاد الكفر

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌التعاملات التجارية مع الكفار

- ‌هل الكافر مخاطب بفروع الشريعة؟وهل يجوز بيع ما فيه محرم له

- ‌التجارة مع الكفار

- ‌باب منه

- ‌التجارة مع اليهود والعمل عندهم

- ‌التجارة مع غير المسلم

الفصل: الرزق بالوسيلة المحرمة مع أن النبي صلى الله عليه وآله

الرزق بالوسيلة المحرمة مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ذكر في بعض خطبه أنه قال: «يا أيها الناس! لا تستبطئوا الرزق فإن أحداً لا يموت حتى يستكمل رزقه وأجله فأجملوا في الطلب فإن ما عند الله لا ينال بالحرام» والله عز وجل يقول في الآية المعروفة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3] فأنا أذكر كل مسلم حريص على دينه بعامة وعلى رزقه الحلال بخاصة ألا يتخذ الوسائل المحرمة شرعاً للوصول إلى الرزق فإن الرزق لا ينال بالحرام.

وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.

(رحلة النور 17 a/00: 16: 25)

‌باب منه

السائل: [

]صلى الله عليه وآله وسلم فيما معناه من تشبه بقوم فهو منهم، فما هو ضابط التشبه بالكفار؟ خصوصًا الآن نجد بعض الملبوسات قد اجتمع فيها الكافر والمسلم، مثل البنطلون في الأعمال، ومثل ايضًا هل يشمل التشبه الحذاء أو الجزمة التي نستوردها من الخارج بعض الملبوسات الصوفية في البرد الجاكيت هل يشمل هذا؟

الشيخ: الجواب كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الجليل «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» أن التشبه درجات أدناها كراهه تنزيهية وأعلاها التحريم بل التحريم إذا اقترن بالاستحلال أدى بصاحبه إلى الكفر وعين الضلال، كلما كانت ظاهرة التشبه قويه في الإنسان كلما ارتفعت مرتبة المخالفة والعصيان، وأنا أضرب بعض الأمثلة لتوضيح هذه

ص: 321

المسألة بدقتها، لباس الجاكيت مثلاً هذا كما قال السائل يشترك في لباسه المسلم وغير المسلم، فلايظهر في هذا اللباس نوعًا ما من التشبه بالكافر، فهو يمكن أن يقال بأنه لباس أمميٌ كل الأمم تلبسه فليس شعار لأمة دون آخرى، وإذ الأمر كذلك ففي هذا المثال نقول لامانع من لباس الجاكيت ونحوه لإنتفاء العلة وهي التشبه بالكفار، وعلى ذلك حمل العلماء حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الذي فيه - ماخلاصته الحديث - أنهم كانوا في سفر فنزلوا منزلاً، ولما أصبح بهم الصباح خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقضاء حاجته ومعه المغيرة بن شعبة، فلما أراد أن يتوضأ عليه الصلاة والسلام وصب المغيرة الماء عليه، جاء ليكشف عن ذراعيه فلم يستطع لأنه كان لابس جُبة رومية - هكذا الحديث- كان لابس جُبة رومية ضيقة الكمين، فلمالم يستطع التشمير، خلع الجُبّة وألقاها على كتفيه وغسل ذراعيه، وقال العلماء إن كون هذه الجبه الرومية لم يكن مانع من لباسها لأنها كانت لباس العرب والعجم دون تفريق بينهم، أما إذا كان اللباس لايزال شعارًا لأمة الكفر فهنا يأتي البحث التفصيلي السابق حكمه يختلف باختلاف ظاهرة التشبه، وأنا أضرب الآن بمثلين متباينين في بيان اسم التشبه، هذا الرجل الذي لبس الجاكيت على القميص مثلاً أو على السروال ونحو ذلك، ولاأعني بالسروال البنطلون مما هو من لباس المسلمين قديمًا ولايصف العورة ولايحجمها، فهذا كما قلنا آنفًا ليس فيه ظاهرة التشبه، لكن إذا لبس الجاكيت على البنطلون لاشك أن

ظاهرة التشبه الآن ظهرت حيث لم تكن ظاهرة من قبل، لم تكن ظاهرةً بلبس الجاكيت، لكن لما لبس البنطلون ظهرت هذه الظاهرة، وبخاصة أن البنطلون يمكن أن يقال إنه ليس من لباس المسلمين لأنه يُحجّم العورة، ولباس المسلم يجب أن يكون فضفاضًا واسعًا لايحجم العورة وبخاصة إذا قام بين يدي الله يصلي، ونحن نشاهد مع الأسف اليوم في هذا المسجد أو في

ص: 322

غيره يركع ويسجد المتبنطل -إذا صح هذا التعبير- فنرى فخذيه قد تجسدتا ويرى ذلك من خلفه من المصلين، بل احيانًا مع الأسف الشديد يتجسد لرائي من خلف هذا المصلي مابين الفخذين من العورة الكبرى، كيف يصح أن يكون هذا لباس المسلمين بل هو لباس الكافرين الذين لايحرمون ماحرم الله ورسوله، فمن لبس البنطلون لاشك أنه تشبه بالكفار لكن الآن المثال في الثاني والأخير، هذا المتبنطل بالبنطلون إذا به يزيد التشبه تشبهًا، فيلبس على رأسه القبعة أو البُرنيطة، هذا واضع على رأسه الغطاء الكفري، لم يبق هناك تشبه أكثر من هذا التشبه فهذا لاشك بأنه حرامٌ، وماقبله من لباس البنطلون حرامٌ دون ذلك وهناك درجات آخرى ينبغي أن نُجمل الكلام عليها بحديث واحد ليس له علاقة بالتشبه، لأن أنواع التشبه كثيرة وكثيرة جدًا، أجملت القول عنها آنفًا كلما كانت ظاهرة التشبه كلما اقترب ذلك من التحريم وكلما نزلت هذه الظاهرة إلى أن تضمحل و [ .. ]

هذه الظاهرة ويدخل ذلك في دائرة المباح، ولكن هنا شيء يجب أن نذكره بهذه المناسبة طالما أعرض عن ذكرها كثيرٌ من المرشدين أو الواعظين وهي: قصد مخالفة الكافرين هذا شيء آخر غير التشبه، التشبه أن يقصد الإنسان أن يتشبه بالكافر أو لايقصد ولكن مظهره يدل على ذلك، أما مخالفة الكافرين فيختلف عن هذا جذريًا، فإنه يتقصد بعمله بلباسه أن يخالف الكفار، انظروا إلى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:«إن اليهود والنصارى لايصبغون شعورهم فخالفوهم» «إن اليهود والنصارى لايصبغون شعورهم - أي شيبهم - فخالفوهم» فأنتم ترون في هذا الحديث أن الشيب الذي هو أمر مفروض من الله على خلقه سنة الله في خلقه: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 62]، لايتبادر إلى ذهن أحدٍ بأنه إذا رأى شيبة مسلمٍ وشيبة كافر لايخطر في باله أن يقول هذا متشبه بهذا، لأن الشيب ليس في ملكه

ص: 323

ولا في قدرته ولو كان هذا في قدرته لما شاب إنسان على وجه الأرض، لكنها كما قلنا سنة الله في خلقه، فكيف عالج النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه الظاهرة؟ قال:«فخالفوهم» بماذا؟ بالصبغ، بالحناء والكتم ونحو ذلك من الأصباغ:«إن اليهود والنصارى لايصبغون شعورهم فخالفوهم» إذن هنا شيء هو مخالفة المسلم للكافر، فهذا أمر مستحب في الجملة وقد يكون واجبًا بخصوص مكان ما كما قال الإمام أحمد في هذه الجزئية خاصةً بأن المسلم يجب عليه أن يصبغ شعره سواء شعر رأسه أو لحيته لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر بذلك أمرًا خاصًا، كذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر:«حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى» قد يفعل كثيرٌ من النصارى مايفعل المسلمون يعفون عن لحاهم وقد يقصون شاربهم، فيقول بعض المائعين في هذا العصر [إي] الآن صار الكفار مثلنا نحن

نعفي عن لحائنا وهم أيضاً يفعلون ذلك، فنقول الأصل أن نتبع شرعنا وأن يتشبه غيرنا بنا وليس العكس أن نتبع شرع غيرنا ونتشبه بهم، فحينما يتشبه المسلم بالكافر فذلك ضعف منه ودليل على عدم إعتزازه بدينه وأحكام شريعة ربه، أما إذا تشبه الكفار بالمسلمين وذلك بلاشك قوة للإسلام وعزة للمسلمين، فقول الرسول في هذا الحديث الثاني وخالفوا اليهود والنصارى دليلٌ كما يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله أن المخالفة أمر مقصود من الشارع الحكيم، ونجد هذا في شيء آخر ليس من باب الوجوب وإنما هو من باب الاستحباب ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» فقد أمر عليه الصلاة والسلام المسلمين أن لايتنطعوا في دينهم، وأن لا يتكلفوا الصلاة حفاةً، وإنما يصلون كما يتيسر لهم، إن دخلوا المسجد حفاةً صلوا حفاةً ولم يتكلفوا التنعل، وإن صلوا في المصلى في الصحراء في العراء فلا يتكلفون خلع النعلين وإنما كما يتيسر لهم، بعض الناس حتى هذا الزمان

ص: 324

يتكلفون خلع النعال حتى في الصحراء، ولامبرر ولامسوغ لمثل هذا التكلف، بل علينا أن نتقصد الصلاة في النعال مخالفة منا لليهود.

ولكن بهذه المناسبة أقول وليس في هذه المساجد المفروشة اليوم كما يفعل ذلك بعض المتكلفيين وإنما كما قلنا إذا صلى في داره وكان لابس نعليه صلى بهما، إذا خرج إلى البرية الصحراء صلى بهما وهكذا، ويقصد بذلك مخالفة اليهود، فيكون له أجر الصلاة في النعلين أكثر من الصلاة حافيًا، وهنا لابد لي من التذكير بخطأ يقع فيه بعض من نصب نفسه للإفتاء وليس هو أهل الإفتاء بدليل المذهب نفسه الذي كان ينتمي إليه وهو المذهب الحنفي الذي يقول «إن المفتي يجب أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة» ومن كان متفقه في كتب مذهب ما فذلك ليس فقيهًا إنما هو حاكي يحكي ماقاله غيره ولايدري أصواب ماقاله أم خطأٌ، يذكر هذا الذي نشير إليه في طريق إيهامه للجمهور بأن إعفاء اللحية ليس فرضًا واجبًا على كل ذكرٍ أنبت الله له لحية، يوهم الناس بأن قوله عليه الصلاة والسلام:«حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى» الأمر هاهنا ليس للوجوب، يزعم بأن الدليل على ذلك قوله عليه السلام في الحديث الآخير:«صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» قال: فكما أن الأمر في الحديث الأخير: «صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» ليس للوجوب فكذلك الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام: «حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى» أيضًا هذا الأمر ليس للوجوب، هذه المقابلة بين الحدثين يدل على أن هذا الكلام ليس من الفقه في شيء وذلك لأن الأصل في كل أمرٍ أنه للوجوب وهذا مما يقوله كل دارس لعلم الأصول إلا لقرينه، فوجد المشار إليه قرينةً في الحديث الأخير:«صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» حيث قال: لا أحدٌ يقول بوجوب الصلاة في النعال إذن فالنقل بأن حديث «حفوا الشارب وأعفوا اللحى» ايضًا لايفيد

ص: 325

الوجوب لقوله عليه السلام هنا: «وخالفوا اليهود والنصارى» كقوله هناك خالفوا اليهود فإنهم لايصلون في نعالهم، وجوابٌ على ذلك إذا كان مسلّمًا أن الأمر للوجوب فذلك لايقتضي أن يكون كذلك

في كل نص فيه أمر كالحديث الثاني: «صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» نحن نعلم أن هذا الأمر ليس للوجوب فعلاً، من أين؟ من حياته عليه الصلاة والسلام ومن صلاته حيث جاء في مسند الإمام أحمد وغيره من رواية عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي متنعلاً وكان يصلي حافيًا، فإذن عدم التزام النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة في نعليه كان هذا قرينه واضحه جدًا أن الأمر في قوله:«وخالفوا اليهود» في الصلاة في النعلين ليس للوجوب، وشتان بين هذه القرينة والقرينة الأخرى الموجودة فيما يتعلق بإعفاء اللحية حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه حلق لحيته احيانًا وعفى عنها احيانًا حتى يكون المقابلة صحيحة بين الأمرين، هنا قال:«حفوا الشارب وأعفوا اللحى» ولم ينقل عنه أبدًا أنه أطال شاربه كما يفعل الدروز في البلاد العربية والشيوعيون في السفيات، ولاأنه حلق لحيته أحيانًا فبقي الأمر على الوجوب وأكد ذلك هذا الأصل وهو وخالفوا اليهود والنصارى، أما في الحديث الثاني فقد قامت القرينة الفعلية منه عليه السلام بصلاته أحيانًا حافيًا أن هذا الأمر ليس للوجوب ثم يضاف إلى ماذكرناه بالنسبة لإعفاء اللحية قرائن خارجية عن هذا الحديث تؤكد أن إعفاء اللحية ليس أمرًا مخير فيه الإنسان كالصلاة في النعلين أو حافيَ، من ذلك أشياء كثيرة وكثيرة جدًا أوجزها لأن الوقت قد انتهى، يخالف الذي يحلق لحيته أنه يتشبه بالنساء وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، ثم يخالف قول الله تبارك وتعالى حينما حكى عن إبليس قوله:{وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]، ففي حلق اللحية تغير لخلق الله وفي ذلك إطاعة

ص: 326

لشيطان وعصيان لرحمن، كيف وقد لعن الرسول - صلى

الله عليه وآله وسلم - النساء الآتي يتعاطين نوع من الزينة فيه تغير لخلق الله وعلل ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله: «المغيرات لخلق الله للحسن» قال عليه السلام: «لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات والمستوشمات والفالجات المغيرات لخلق الله للحُسْن» فياللعجب كيف يقول مسلم عاقل يدري مايخرج من فمه، المرأة إذا حلقت حاجبها أو طرفاً من حاجبها تكون ملعونة بسبب تغييرها لخلق ربها ثم لايكون ملعونًا الرجل الذي يحلق لحيته برمتها ثم يرميها أرضا، وهذا يكون قد ارتكب مخالفة من باب الكراهة التنزيهية وليس أنه ارتكب إثمًا كبيرًا، والأحاديث كما ترون كلها تجتمع على أن الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام:«حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى» والحمدلله رب العالمين.

(فتاوى جدة- أهل الحديث والأثر (32) /01: 58: 26)

ص: 327