الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الحرية مش مقننة بالشيء اللي بيناسب الأخلاق ويناسق الأديان
…
هذه فيها الخير وفيها الشر، يعني: لو أنك أنت بدل ما تصافحها قبلتها ماذا ستقول لك؟ شكراً، بالطبع
…
هذا مش
…
الجو مستقيم.
(الهدى والنور /138/ 29: 00: 00)
باب منه
مداخلة: شيخنا جزاك الله خير، عرض في أثناء حديثك قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين» . حقيقة سفر الكثير من الشباب للدراسة في الخارج هذا واقع معلوم، وفي هذه الآونة خاصة فتح باب الهجرة إلى ديار الكفر، فنرجو من فضيلتك نصيحة عامة بالنسبة للسفر للخارج للدراسة، وبالنسبة لهذه الهجرة، جزاك الله خيراً.
الشيخ: أنا الذي أعرفه أن باب الهجرة مفتوح إلى بلاد الكفر من سنين طويلة ولذلك يسمون الذين يعودون من تلك البلاد بأنهم عادوا من بلاد المهجر ما شاء الله، فقبل أن أدخل في الإجابة عن السؤال أريد أن ألفت النظر أن أول الخطأ من هؤلاء الناس أنهم يسمون سفرهم من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر هجرة، والعكس هو المفروض تماماً لو كان الناس يعلمون، أي يوجد في بلاد الكفر ناس أسلموا، وهذا من فضل الله عليهم، ولكن هذا الإسلام لا يكون عادة وهو أمر طبيعي، لا يكون على معرفة بأحكام الإسلام والسبب في ذلك يعود إلى الذين يسمون أنفسهم بالدعاة، والذين يسافرون إلى تلك البلاد باسم الدعوة إلى الإسلام، بل وهناك هيئات إسلامية كبيرة ومشكورة تسفر كثيراً من طلبة العلم
المتخرجين من بعض الجامعات يسفرونهم على حساب هذه الهيئة في سبيل الدعوة إلى الإسلام، لا بأس من ذلك، لكن الحقيقة أن هؤلاء لا يقومون بواجبهم كما ينبغي، بحيث أنهم لا يفقهون أولئك المسلمين الذين كانوا كفاراً ثم هداهم رب العالمين فصاروا من المسلمين، لا يفقهونهم بأحكام دينهم، ولا يبين لهم أنه إسلامهم لا يتم ولا يكمل إلا بأن يهاجروا من دار الكفر إلى دار الإسلام، هؤلاء الدعاة لا يقومون بهذا الواجب، كيف وهم لا يبينون هذا الحكم للمسلمين أنفسهم الذين تعارفوا بينهم، الهجرة كما جاء في السؤال آنفاً، من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر، وسموا هذه البلاد بالمهجر، وسموا الذين سافروا إليها بالمهاجرين، يشبهون أنفسهم بالمهاجرين الأولين الذين هجروا مكة وهجروا غيرها من البلاد في سبيل المحافظة على إسلامهم وعلى دينهم، مع أن كثيراً من تلك البلاد وعلى رأسها، وفي مقدمتها مكة تركوها في سبيل المحافظة على دينهم وعلى عقيدتهم، ولعل الجميع يذكر معي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما اضطره الكفار وإيذاؤهم إياه ولمن معه من المسلمين إلى أن يهاجر من مكة إلى المدينة خاطب مكة قال: «أما
إنك لمن أحب بلاد الله إلى الله ومن أحب بلاد الله إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت».
فهؤلاء هاجروا من بيت الله الحرام إلى المدينة في سبيل التعرف على الإسلام الصحيح بصحبتهم للنبي الكريم من جهة، وفي سبيل التمكن من القيام بشعائر دينهم كما يساعدهم ذلك الجو الجديد، أما نحن اليوم فندع بلاد الإسلام ونهاجر إلى بلاد الكفر، وأنا ذاكر بطبيعة الحال أن بلاد الإسلام اليوم ليست كما كانت من قبل، ولكنها على كل حال هي ليست بلاد كفر، بل هي بلاد إسلام، فلا يجوز للمسلمين أن يسافروا وبطبيعة الحال أحفظ لساني من أن أقول أن يهاجروا، فأقول: لا يجوز لهم أن يسافروا من بلاد الإسلام ويستوطنوا بلاد الكفر والشرك
والطغيان؛ لأنه قد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي عليه الصلاة والسلام بعضها صريح في النهي عن مساكنة المشركين كما ذكرنا آنفاً من بعض الأحاديث، ومن ذلك قوله عليه السلام:«من جامع المشرك فهو مثله» المجامعة هنا: هي المخالطة وهي الصحبة، فليس هنا المجامعة من قبيل مجامعة الرجل لزوجته، وإنما هذا من باب مخالطة المسلم لغيره، فلا يجوز إسلامياً أن يخالط المسلم المشركين، ولا يجوز أن يعيش في بلادهم، ولا يجوز له أن يعيش في محلاتهم، في حاراتهم كما يقولون عندنا في بعض البلاد، عندنا في سوريا تعلمون جميعاً أنها كانت بلاد الرومان، يحكمهم الروم، يحكمهم هرقل، ثم ربنا عز وجل فتح تلك البلاد على يد خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح، ورفعت في تلك البلاد راية الإسلام، وخضع الكفر لأحكام الإسلام، فعاشوا في بلاد الشام وهم يعطون الجزية عند يد وهم صاغرون، ولذلك كان من نظام الإسلام أن المسلمين لما استوطنوا تلك البلاد انمازوا وانحازوا وانفصلوا في مساكنهم وفي بيوتهم وفي دكاكينهم عن مساكن النصارى وبيوتهم، وكان ولا يزال إلى اليوم يوجد عندنا في بعض البلاد كدمشق وغيرها حارة تسمى بحارة اليهود، حارة تسمى بحارة النصارى، أي:
هاتان المنطقتان مختصتان بسكن اليهود والنصارى، لماذا؟
لأن الإسلام يريد من المسلم أن يظل متحفظاً على شخصيته الإسلامية، فإذا ما خالط المشركين وساكنهم وعاشرهم سَرَق من حيث يشعر أو لا يشعر شيئاً من عاداتهم وتقاليدهم، وبخاصة أن عاداتهم وتقاليدهم هي مما تشتهيه الأنفس عادة، فتميل النفوس الأمَّارة بالسوء إلى تقليد الكفار في مثل هذه القضايا، وبذلك يبدأ المسلم وينحرف عن الإسلام رويداً رويداً، وربما يصبح يوماً ما كما جاء في بعض الآثار لا يعرف من الإسلام إلا اسمه.
المهم أنه ينبغي الإنصاف بالموعظة لعل الله عز وجل ينفع بها، فيقول علماء النفس إن الطبع سراق، طبع الإنسان سراق، يعني يأخذ من عادات الناس وتقاليدهم بصورة لا شعورية، وقد أشار الرسول عليه الصلاة والسلام إلى هذه الحقيقة في بعض الأحاديث الصحيحة والجميلة في آن واحد، من ذلك قوله عليه السلام:«مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك، إما أن يحذيك -أي: مجاناً= وإما أن تشتري منه، وإما أن تشم منه رائحة طيبة» فمثل الجليس الصالح أنه كسبان غير خسران في كل حال من الأحوال، إما أن يأخذ -وهذا أكبر كسب- مجاناً، يحذيك، وإما أن تشتري منه بالدرهم والدينار، وعلى الأقل تشم رائحة طيبة.
«ومثل الجليس السوء كمثل الحداد، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تشم منه رائحة كريهة» .
فمجالسة المسلم للمشرك خاصة في عقر داره، تتغلب عليه عادات الكفار، وتجذبه من عادات المسلمين رويداً رويداً، لذلك قطع الرسول عليه السلام دابر التأثر بالكفار حينما سد باب السفر وباب المساكنة مع المشركين في بلادهم، فقال:«المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما» أنت إذا أوقدت هنا ناراً وكان هناك رجل بعيد عنك يوقد ناراً مثلك، لبعده عنك لا ترى ناره ولا يرى نارك، فهذه إشارة جميلة مأخوذة من عادات العرب، المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما، يعني: اسكن بعيداً بعيداً جداً عن دار المشرك بحيث لا ترى ناره ولا يرى نارك، المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما.
«أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين» . ونحن نعرف تأثر المسلمين الذين يعيشون بضع سنين، مش العمر كله، بضع سنين يعيشونها في بلاد الكفر،
يرجعون إلينا وقد تَغَيَّرت أحوالهم، وتغيرت أخلاقهم وعاداتهم، أما الذين يقيمون في بلاد الكفر، فيصبح الولد اسمه جورج بن أحمد، اسمه طنيوس بن محمد، لماذا؟
لأنه خرج عن كونه مسلماً؛ لأنه تَعَلَّم في مدارس النصارى، وسجل في سجل النصارى، فخسر الوالد ابنه وبناته خسراناً كبيراً ومبيناً.
لهذا لا يجوز للمسلمين أبداً أن يسافروا بقصد الإقامة في بلاد الكفر، أما الخروج في سبيل طلب العلم النافع، سواء كان علماً نظرياً أو كان علماً مهنياً، فهذا يجوز بشرطين اثنين، وطالما سئلت عن مثل هذا، وجوابي لا يختلف، بل هو يطرد.
الشرطان: أحدهما: أن يكون محصناً. أي: أن يكون له زوجة تحصنه عن أن ينحرف يميناً ويساراً.
الشرط الثاني: أن يكون محصناً في تربيته وأخلاقه ولو كان متزوجاً، فإذا توفر فيه هذان الشرطان، وذهب مع زوجته، وأقام هناك سنة وسنتين ولا يخالط الجمهور هناك، إلا بمقدار ما يحصل العلم الذي من أجله ذهب، وهو في الأصل محصناً بهذا التحصين بشقيه جاز، وإلا يكون قد خسر أكثر مما ربح، وذلك هو الخسران المبين.
(الهدى والنور/247/ 01: 00: 00)