الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخروج في سبيل الله للنساء
مداخلة: يسأل خروج المرأة للدعوة كما يفعله بعض رجال التبليغ حيث يخرجون مصطحبين نساءهم معهم، هل هذا جائز أم غير جائز؟
الشيخ: ما عليش الحقيقة بدعة أخرى ما كنا نسمعها من قبل.
كنت أقول منذ سنين: حينما بدأ بعض الناس تسمية بعض الفتيات المتخرجات من بعض الكليات الشرعية يسمونهم أو يسمونهن: داعيات، قلنا: سبحان الله! متى كان في الإسلام داعيات؟ ! لقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها من الفقه والعلم، بحيث أنها فاقت في ذلك كثيراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا لأجل ذلك يعرفون لها قدرها وسابقيتها في هذا المجال؛ لأنها كانت أولاً زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم البكر، ثم كانت أحب النساء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشهادته هو، ومع ذلك ما كانت تسافر للدعوة، ولا كانت تخرج هذا الخروج.
أنا ضربت مثلاً آنفاً مكتفياً بالإشارة، والإشارة تغني اللبيب عن صريح العبارة: بأن الخروج جماعات هكذا ليس فيهم إلا عالم واحد أو شبه عالم والآخرون لا علم عندهم، فننصحهم كنا ولا نزال أن كما افتتحنا المجلس هذا وغيره بمثل قوله عليه السلام السابق ذكره:«وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم» ، ننصحهم دائماً وأبداً بديل هذا الخروج الذي ليس لهم سلف منذ أربعة عشر قرناً، لا أقول ليس لهم سلف في السلف الذين يمثلهم القرون الثلاثة فقط، في كل هذه العصور الإسلامية لم يسبق أن عالماً
يخرج ومعه عشرة .. عشرين .. ثلاثين .. أو أكثر لأجل تبليغ الدعوة، تبليغ الدعوة بحاجة إلى العلماء، وليس إلى من ليسوا بعلماء، فكنت أنصح هؤلاء بأن يلزموا بيتاً من بيوت الله عز وجل يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ حتى يكون فيهم عالم فقيه، إذا ما وقف يخطب في الناس لا يلحن بتلاوة آية من آيات الله، ولا يخطئ في تلاوة حديث من أحاديث رسول الله، وهذا مع الأسف نسمعه كثيراً وكثيراً جداً، كنا ننصحهم بأن يجلسوا في بيوت الله ويتعلمون، وإلى الآن نحن نفاجأ كنا كما يقول المثل العامي: كنا تحت المطر كنا تحت
…
، كنا نشكو من خروج من ليسوا من أهل العلم من الرجال، وإذا الآن نفاجأ أن المسألة أو العدوى سرت حتى إلى النساء، ألا يعلم هؤلاء أن الله عز وجل أولاً أنزل آية في القرآن صريحة، فقال تعالى مخاطباً نساء الأمة في أشخاص نساء نبي الأمة:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33]، معنى:(وقرن) استقررن، أي: اسكن، أي: لا تخرجن من بيوتكن، وإذا خرجتن لحاجة لا بد لكن منها:(فلا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
ألا يعلم هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الأفضل للمرأة ألا تخرج لتصلي مع جماعة المسلمين، حيث قال رسول رب العالمين:«وبيوتهن خير لهن» ، بل قالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها:(لو علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أحدث النساء من بعده لمنعهن المساجد)، عليه الصلاة والسلام جاء بالإسلام الوسط:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]، لا إفراط فيه ولا تفريط، لا غلو فيه ولا تضييع، وإنما كما قال:{وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]، ما حرم على النساء أن يشاركن المسلمين بالصلاة في المساجد، لكن قال:«وبيوتهن خير لهن» ، ما حرم ذلك عليه الصلاة والسلام؛ لأن المرأة قد تحتاج أحياناً أن تصلي في المسجد لتسمع موعظة أو تتعلم علماً، وبخاصة في زمن قل فيه المعلمون والمتعلمون معاً؛
ولذلك مع الأسف تجدون المساجد اليوم خاوية على عروشها، فلا دروس تلقى فيها، أنا أدركت كثيراً من حلقات العلم في بعض المساجد هناك في دمشق لكن ما خرجت من دمشق إلى هذا البلد إلا ولم يبق هناك من يذكر الله عز وجل في مسجد من المساجد إلا هذا الشيء الروتيني كما يقولون اليوم: خطبة جمعة .. خطبة عيد الأصغر أو الأكبر وبس، أما حلقات تقام وهذا ما شاهده في قديم الزمان فلم يبق لذلك ذكر مطلقاً.
الشاهد: أن هذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أنزل الله عليه وخاطب نساءه بقوله: «وقرن في بيوتكن» ، فغير نساء الرسول عليه السلام أحوج إلى مثل هذا الخطاب الإلهي، كذلك حض النساء على أن يلتزمن في أدائهن لفرائضهن الخمس بيوتهن، وقال:«وبيوتهن خير لهن» ، فكيف هؤلاء، يقول أحدهم حينما يقوم منبهاً المصلين بعد سلام الإمام من الفريضة بعبارة خالفوا فيها أيضاً السنة سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يفتتح فيها أو بها كل خطبه وكل مواعظه، وقد سمعتموها آنفاً:«أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. » إلى آخر، أما هم فأنا والله مع سماعي لها كثيراً ما حضرتها؛ لأني في غنى عنها بخطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لكن في ذهني بعض الألفاظ منها وأنتم تذكرونها أحسن مني، وهي التي يقولون: نجاحنا وفلاحنا إلا باتباع سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، بس، أولاً: هذه الكلمة تخالف سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما قلت لكم آنفاً في بعض الأمثلة السابقة، إن كانوا لا يعلمونها فهذا مر، وإن كانوا يعلمونها ثم يعرضون فهذا أمر، فهل لم يطرق سمع هؤلاء الذين يذكرون دائماً: أن فلاح هذه الأمة ونجاحها وفلاحها باتباع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف يخالفون سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عشرات المنطلقات التي ينطلقونها، منها هذه الكلمة بين يدي الدرس: نجاحنا وفلاحنا باتباع سنة نبينا، رسولنا كان لا يقول هذا الكلام، كان يقول: «أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد
- صلى الله عليه وآله وسلم»، إن كانوا لا يعلمون فهذا شر، وإن كانوا يعلمون فهو أشر، وأنا أقول: إنهم يعلمون، لماذا؟
لأنني أعلم من دمشق ومن عَمَّان أن كثيراً من هؤلاء طيبي القلوب أقولها بكل صراحة، لكنهم ليسوا صالحي العلم، ما عندهم علم، أعلم أنهم يقرؤون كتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله، في رياض الصالحين هذا الحديث الذي كان الرسول عليه السلام يفتتح خطبه، فإذن هم يعلمون هذه الخطبة، ولماذا لا يتبعون النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها بديل هذه الخطبة الملفقة بتلك الكلمات التي يقولونها ثم يخالفون عملها، أنا أخشى ما أخشى أنهم لا يفعلون ذلك لأنهم ليسوا مع أهل السنة في قول نبي السنة:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ، بل إن دعوتهم قائمة على عدم إثارة: هذه سنة وهذه بدعة.
الآن نفاجأ بأنه بدأت النساء أيضاً يخرجن مع الرجال، سبحان ربي!
…
الناس هم أصحاب الرسول عليه السلام، هم أصحاب الأئمة الأعلام، بدءاً من أبي حنيفة وتربيعاً بإمام السنة أحمد بن حنبل، هل كان نساء هؤلاء الأئمة يخرجن مع أزواجهم من العلماء والأئمة في سبيل الدعوة؟
لا ثم لا ثم لا، فكيف يفعل هؤلاء؟ !
إذاً: هذا يؤكد أن هؤلاء يخالفون قولهم بأفعالهم، الفلاح باتباع سنة الرسول لكن
…
ولو أنها لم تتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهلا طبقوها واتبعوا سنة الرسول عليه السلام؟
تلك ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين، ونسأل الله عز وجل أن يُعَلِّمنا سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يجعلنا من الذين يعلمون ويعلمون ويعملون بما يعلمون، تفضل.
(الهدى والنور /686/ 12: 43: 00)