الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
السؤال: استفاد المسلمون من نصيحتكم إلى جماعة التبليغ كثيراً والحمد لله، غير أنه يبدو أن أصول هذه الجماعة وسلوكها لا يستطيع أحد أن يغيره، فما قولكم في خروج بعض طلبة العلم من السلفيين مع جماعة التبليغ على غير قصد الخروج، وإنما لتصحيح الأفكار، وتعليم التوحيد، وبث السنن بينهم، وخاصة أنهم قد لمسوا استجابة منهم لمن خرج معهم؟
الشيخ: الذي نعرفه عن هؤلاء الجماعة من مشاركة بعض إخواننا السلفيين لهم في بعض أسفارهم ورحلاتهم أنهم لا يقبلون دعوتهم إلى الكتاب والسنة، شأنهم في ذلك شأن كل الأحزاب الأخرى التي أشرت إليها آنفاً.
ويقولون وبئس ما يقولون: إن دعوتكم تفرق الناس! .
ونحن نقول: صدقتم، إن دعوتنا دعوة حق، فهي تفرق بين الحق والباطل، وهي تفرق فعلاً بين المحق والمبطل، ولذلك فلا غرابة أن يكون من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي لا يعرفها هؤلاء الدعاة الإسلاميين، زعموا أنهم دعاة إسلاميون، يجهلون حتى هذه الساعة أن من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: المفرق.
إن هؤلاء الناس إذا سمعوا كلمة مفرق، ومن أسماء الرسول؛ طاشت أذهانهم، وعلت أصواتهم، ذلك؛ لأنهم لا يفهمون الإسلام، ما جاء في الأنبياء والرسل، ولا أنزلت عليهم الكتب؛ إلا لهذا التفريق بين الحق وبين الباطل، وليكون المسلمون مع الحق ضد الباطل، فهم مفرقون ولا شك، شاؤوا الآخرون
أم أبوا، ولذلك فأمر طبيعي جداً أن الدعوات الأخرى التي في الساحة اليوم، والتي لم تقم على هذا المنهج الصحيح، أمر طبيعي جداً أن لا يتقبلوا دعوة فرد مما في جمهورهم؛ لأن ذلك سيصرفهم عن منهجهم وعن دعوتهم؛ لأنها قائمة على خلاف منهج الدعوة: الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، هذا الذي نعرفه عنهم أو كنا نعرفه عنهم، وعسى أن يكونوا قد تطوروا بعض الشيء كما جاء في سؤالك، وتبين لهم أنهم في الحقيقة حينما يخرجون كما يقولون في سبيل الله، فهم يخرجون حيارى كاليهود والنصارى، لا يعرفون شيئاً من دينهم إلا نزراً قليلاً، فإذا كان هؤلاء شعروا بجهلهم بإسلامهم بدينهم، وشعروا بالإضافة إلى ذلك إلى أن هناك طائفة من المسلمين وهم الذين يسمون في بعض البلاد بالسلفيين وفي بلاد أخرى بأنصار السنة، وفي بلاد أخرى بأهل الحديث، وكلها تلتقي على هذا المنهج الصحيح، شعروا أنهم بحاجة إلى علمهم، يمكن أن يكون هذا، فتراجعوا عن موقفهم السلبي السابق، وخضعوا لمشاركة بعض الأفراد السلفيين لهم في رحلتهم، وأسفارهم كما قلنا، وسمحوا لهم بأن يدعوا هؤلاء الجماعات الحيارى إلى الكتاب والسنة، حينئذ أنا أقول: يجب على أفراد من إخواننا السلفيين أن يخرجوا معهم ولكن بشرط أن يرفعوا الراية، أن دعوتهم دعوة إسلامية سلفية وليست إسلامية سلفية صوفية تبليغية كما قيل ببعض هذا الكلام قديماً، وقد يضم إليه حديثاً.
لا، وإنما هي سلفية محضة، فإذا سمح هؤلاء أو أولئك التبليغيون أو الإخوان المسلمون، أو حزب التحرير أو غيرهم، قد يوجد هناك أحزاب أخرى لبعض الأفراد السلفيين، بأن يدعوا أولئك الناس إلى دعوتهم بكل وضوح، وبدون قيود وشروط، فحينذاك أنا أرى أنه من الواجب على بعض الدعاة السلفيين أن يخالطوهم، ولكن عليهم قبل كل شيء أن ينبهوهم: نحن ما خرجنا معكم ثلاثة أيام؛ لأنه هكذا السنة أن نخرج ثلاثة أيام
أو أربعين يوماً أو أي تقييد أو نظام هم وضعوه لا أصل له في الكتاب والسنة، وإن كان دعاتهم يحاولون تسويغ مثل هذه القيود التي ما أنزل الله بها من سلطان، وقريباً كنا مجتمعين مع بعض أفراد من هؤلاء الجماعة الذين نظن فيهم العقل والفهم والإخلاص، فهو كان متأثراً بطبيعة الحال بدعايات، بل نقول بعبارة أوضح، بتوجيهات رؤوسهم لهؤلاء الأفراد، فهم يلقنونهم الحجج، إذا قلنا لهم مثلاً: من أين لكم هذا الخروج جماعات كالزنابير، تخرجون هكذا بالعشرات وهم جهلة لا يعرفون من الإسلام شيئاً؟ أجابوك فوراً، لقنوا تلقين: الرسول عليه السلام بزمانه خرج سبعون في وقعة بئر معونة، سبعين من الصحابة وقتلوا في سبيل الله.
فنذكرهم: يا جماعة! اتقوا الله، هؤلاء السبعون كانوا من خيرة أصحاب الرسول عليه السلام، ولذلك يقال فيهم من القراء، والرسول كما نعلم جميعاً يقول:«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» فهؤلاء ما كانوا من الجهلة كما أنتم تفعلون، فالدليل غير مدلول، والدعوة أخص من الدليل، الدليل لا يشملكم أبداً، ولذلك فاستروا أنفسكم، واستروا جهلكم، ولا تستدلوا بما هو عليكم وليس لكم.
وقال لي هذا الشخص، ولأول مرة أسمع هذا الدليل من مثل هؤلاء الناس، قال: أليس هناك رجل قتل كما جاء في الحديث الصحيح، قتل تسعة وتسعين نفساً، وخرج إلى بلد آخر.
قلت: سبحان الله! هذا الرجل خرج تائباً إلى الله مهاجراً في سبيل الله، معرضاً عن البلد الذي تربى فيه تربية سوء؛ لأن ذلك العالم والحديث تعرفونه، فنحن نقدم إليكم خلاصته.
لأن ذلك العالم حقاً والناصح صدقاً، قال له: إنك بأرض سوء، فاخرج منها إلى الأرض الصالح أهلها.
فكيف أنت تستدل بهذا الحديث؟ هذا خرج إلى الأرض الصالحة أهلها.
فقال: خرج ولكي لا يعود.
يريد أن يمهد أنه خرج ليتنظف من المعاصي في تلك البلدة ثم يعود إلى بلدته.
قلت: وأنتم تفعلون هكذا، أنتم على العكس من ذلك، تخرجون إلى بلاد الفسق والفجور، إلى بلاد أوروبا وأمريكا ونحو ذلك، فخالفتم الحديث، هو خرج ليتطهر، أنتم تخرجون لتتلوثوا.
ثم كيف تعودون إلى البلد ما دام خرجتم منه كما خرج ذاك، لا، أنتم تعكسونه تماماً.
وهكذا جرى النقاش طويلاً حول أدلتهم التي يلقنونها، فإذا سمحوا لبعض إخواننا السلفيين بأن يخالطوهم وأن يناصحوهم وأن يناقشوهم على ضوء الكتاب والسنة، فلا شك أن هذا كسب جليل للدعوة السلفية، أي: تهيأت لهم أرض واستعدت هذه الأرض لتتقبل هذا الغيث المرسل إليهم من الله تبارك وتعالى، وهي الدعوة السلفية، لا أرى مانعاً بهذا القيد. نعم.
(الهدى والنور / 280/ 02: 40: 00)