الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
مداخلة: السفر إلى بلاد الكفر والعمل فيها؟
الشيخ: ما يجوز؛ {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97].
الذين يذهبون إلى بلاد الكفر يعودون وقد حملوا معهم عاداتهم وتقاليدهم، هذا إذا بقي لهم شيء من دينهم.
مداخلة:
…
في هذه البلاد يعني أو في هذه الولايات سواء كان في بلاد الكفر أو مثلاً بلاد إسلامية، أو بلاد أهلها مسلمون، فأحياناً مثلاً يعملون هناك مركز إسلامي في فلة كبيرة أو كذا، ويكون فيها صلاة الجمعة وكذلك باقي الصلوات، وهي مثلاً فلة مستأجرة أو كذا، فهل هذا يجوز إقامة الجمعة في فلة مستأجرة أو شيء .. ؟
الشيخ: طبعاً يجوز؛ لأن الشروط التي جاء ذكرها في كثير من كتب الفقه قديماً وحديثاً هي أحسن أحوالها أنها قيلت باجتهادات بعض الأئمة، والاجتهاد معرض للصواب وللخطأ، ومن أجل مثل هذه الأحكام التي صدرت من أصحابها اجتهاداً وليس اعتماداً على نص، قال علماء الفقه: الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان.
أما الأحكام التي ينص عليها في الكتاب أو في السنة، فهذه لا يجوز أن تتغير أو أن تتبدل مهما تغيرت الأزمان والأماكن، ونحن لا نجد في كتاب الله، بل ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي هي بيان للقرآن الكريم كما هو معلوم، لا نجد شرطاً لصحة صلاة الجمعة إلا الجماعة، وكلنا يقرأ ويسمع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] .. إلى آخر الآية.
فهذه الدار أو هذه الفلة كما قلت استأجرت أو اشتريت؛ لأني رأيت أنا فعلاً في بريطانيا، كثير من الدور استأجرت لصلاة الجمعة والجماعة، بل رأيت في بعضها كنيسة ضخمة اشتراها المسلمون وحَوَّلوها مسجداً، فما دام أن هذه الدار أو هذه الفلة يُؤَذَّن لها لصلاة الجمعة أو الجماعة، فعلى كل مسلم أن يستجيب لنادي الله تبارك وتعالى، وأن يحضر صلاة الجمعة، وهنا ينكشف لي أهمية الفقه القائم على الكتاب والسنة، ومزيته على الفقه التقليدي المذهبي الجامد، فقد رأيت في بريطانيا جاليات إسلامية مختلفة، باكستانيين وهنود وعرب، وأتراك، كلهم ذهبوا إلى تلك البلاد مع الأسف لكسب القوت، لكن مع ذلك فهم حريصون على أن يتمسكوا بدينهم، فاشتروا الدور وحولوها إلى مصليات وإلى مساجد، في المسجد الحنفي أو في المسجد الذي يصلي فيه الأحناف لا تصح الصلاة فيه إلا بإذن الحاكم المسلم، وين الحاكم المسلم في بريطانيا؟ لا يوجد حاكم مسلم.
لكن هؤلاء المسلمون شعروا بضرورة اجتماعهم على الصلاة وفي بلاد الكفر يحكمها الكفار، قلنا: سبحان الله هذه آية من آيات الله أن يشعروا المسلمون بأن الفقه المذهبي هذا لا يمدهم ولا يساعدهم على أن يتمسكوا بدينهم؛ لأنه صدر لظروف زمنية وموضعية، فكنا نرى هؤلاء الأحناف يصلون صلاة الجمعة في هذه البيوت التي استأجروها من الكفار، فنحمد الله أنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة ما يمنع من إقامة صلاة الجمعة فضلاً عن صلاة الجماعة بشيء من هذه البيوت المستأجرة، أو التي اشتريت من أصحابها من الكفار.
الهدى والنور (403/ 14 - 01 - 01).