الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماعة التبليغ
مداخلة: بالنسبة
…
يدعون من بعض الشباب
…
هل الدعوة واجبة عليهم؟
الشيخ: يدعون، تعني: دعوة للإسلام؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: عرفت، طيب! هؤلاء الذين يدعون للإسلام، يعرفون الإسلام؟
مداخلة: لا.
الشيخ: إذًا: إلى ماذا يدعون؟ !
مداخلة: يتعلمون
…
الشيخ: يتعلمون في عقر دورهم وبلادهم؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فجماعة التبليغ هذه قلتها أنا قديمًا ولا أزال أقولها حديثًا وبعيدًا وبعيدًا جدًا إلا إذا تغيروا كما نرجو: جماعة التبليغ أو دعوة جماعة التبليغ هي صوفية عصرية، والصوفية دائمًا قائمة على الجهل بالإسلام، ولذلك أضروا بالمسلمين أكثر مما نفعوا، وأنا حين أقول: أكثر مما نفعوا، تفهمون جيدًا أنهم ينفعون، وكثير من أهل العلم والفضل يأخذون هذا الجانب، ويغضون ولا أستطيع أن أقول: يتغاضون على الجانب الأول، أنهم يضرون أكثر مما ينفعون، وربنا عز وجل لما حرم الخمر ذكر بأن فيها منافع للناس، ولكن شرها وإثمها أكبر من نفعها، فإذًا: لا يسوغ لأحد أن يعمل دعاية لجماعة التبليغ بما يظهر لهم من أثر صالح في بعض
النواحي وبعض الأشخاص، بل علينا أن ننظر عاقبة هذه الدعوة التي تنطلق مقرونة بالجهل بالإسلام، فالصوفية منذ القديم حتى هذا الزمن لها منافع ولكن شأنها في ذلك شأن الخمر المحرمة لها منافع لكن لها سيئات ولها آثام كثيرة.
نحن في دمشق كنا نرى حشدًا عظيمًا حول بعض كبار شيوخ الصوفية، وكنا نسمع ونعتقد أن ما نسمع ثابت وصحيح، أن كثيرًا من الفساق والفجار تابوا وأنابوا إلى الله من فسقهم وفجورهم بسبب هذا الواعظ الصوفي، فلا يمكن أن ننكر أن لهؤلاء الصوفية تأثيرًا في تقويم اعوجاج بعض الناس ولو بعض التقويم، ولكن ما عاقبة ذلك؟ عاقبة ذلك أنهم يصلحون من جهة ويفسدون من جهة أخرى، ماذا تتصورون من شخص فعلًا أناس تابوا وأنابوا بواسطة وعظهم ودرسهم إلى آخره، ولكن امتلأت أفكارهم بالانحرافات الخطيرة عن العقيدة الإسلامية الصحيحة.
مما وقع لي قديمًا يمكن من ثلاثين أو أربعين سنة: صلينا صلاة القيام في رمضان في مسجد مهمل من الصلاة؛ لأن المساجد الأخرى يصلون فيها صلاة القيام بعشرين ركعة في عشرين دقيقة! فكنا نصلي صلاة قيام في نحو ساعة من الزمان في حدود السنة التي نطيقها، ثم أذهب إلى دكاني حيث كنت يومئذٍ أصلح الساعات، فيكون اجتماعنا في ابتداء الدعوة في هذه الدكان، فجاءني أحد إخواننا فذكر لي بأنه حضر درس الشيخ فلان ولا بأس من تسميته؛ لأنكم تسمعون باسمه وهو: أحمد كفتارو والذي هو مفتي الجمهورية السورية الآن، وهو من قبل ورث خلافة المشيخة .. مشيخة الطريقة النقشبندية من شيخه محمد أمين، فكان هو خليفته من بعده، وكان يعطي الطريق لكل من يأتيه.
كان يدرس، فقال لي صاحبي: بأنه سمع الليلة درس الشيخ كفتارو يقول
يقص فيما قص عليه من القصص، وهو قصاص ماهر يأخذ بالألباب، يشبه إلى حد كبير مع اختلاف آخر بينه وبين الشيخ المصري كشك .. كشك واعظ خطير فعلًا يأخذ بالألباب، لكن مع الأسف علمه ممزوج بخرافات وأحاديث ضعيفة وموضوعة ونحو ذلك، هذا كذلك يعني: علمه منحرف عن السنة تمامًا، وهو صوفي وشيخ طريقة ويكفي، لكن له أساليب يسيطر فيها على قلوب الحاضرين ويفيد في ذلك أحيانًا كما ذكرت، ذكر في الدرس .. صاحبي لا يزال يحدثني: ذكر في الدرس القصة التالية:
زعم بأن شيخًا من الشيوخ قال يومًا لمريد له: اذهب وأتني برأس أبيك، وذهب وفصل رأس أبيه من بدنه وجاء إلى شيخه فرحًا مسرورًا، لم؟ لأنه أطاع شيخه ولو بقتل أبيه؛ لأن الشيخ يرى ما لا يرى المريد، فتبسم الشيخ ضاحكًا في وجهه قائلًا له: أتظن أنك فعلًا قتلت والدك؟ قال له: إذًا؟ ! قال له: لا يا مسكين! أبوك مسافر وهذا صاحب أمك، أنا آمرك بأن تقتل أباك؟ ! هذا غير معقول، لكن هذا صاحب أمك.
قص هذه القصة على ما فيها من ضلال وانحراف ليبني عليها ما يأتي: يجب على المريد إذا أمره الشيخ بأمر مخالف للشرع أن ينفذ هذا الأمر؛ لأن الشيخ يرى ما لا يرى المريد ويعلم ما لا يعلم، ألا ترون كيف قال للمريد: اقتل أباك، وإذا به يظهر كل الطاعة للشيخ، لكن لم يقتل أباه، إنما قتل صاحب أمه، قص لي هذه القصة صاحبنا ونحن جالسون في الدكان بعد صلاة القيام، ربنا يرسل قريبًا له اسمه: أبو يوسف، وهو ابن خالته، مر أمام الدكان فقام صاحبي فناداه: يا أبو يوسف! انتبه فرجع القهقرى، وقف أمام الدكان فتذكر الوصايا التي كان يوصى بها أن هذا رجل وهابي .. هذا رجل خامسي .. مذهب خامس، لا يجوز معاشرته
ولا الدخول عنده وإلى آخره، فوقف بائسًا حتى أثر عليه قريبه وخضع لرغبته ودخل، ثم أخذ صاحبي يناقشه قائلًا له: كيف رأيت الدرس الليلة يا أبو يوسف؟ يعني: درس الشيخ، قال له: ما شاء الله! تجليات، هذا تعبير عند
…
تجليات!
بعض إخواننا الظرفاء كان حينما يسمع مثل هذه الكلمة يقرن معها صفة أخرى يقول: تجليات بقلة! بقلة عندنا نصراني في باب شرقي شرقي دمشق هي حارة ومحلة النصارى، فهو بائع خمور وكاتب على لافتة بخط كبير: تجليات بقلة، يعني: الخمر، فيقولون بعض إخواننا حينما يسمعون: ما شاء الله تجليات، نعم تجليات بقلة!
قال له: طيب! ما رأيك فيما سمعت قصة الشيخ وأمره للمريد أن يقتل أباه؟ أخذا يتناقشان، صاحبنا لا يصح أن يقال إنه طالب علم، إنما هو مستمع، لا يستطيع أن يجول وأن يقول في هذا البحث، فكنت أنا وراء الطاولة التي أعمل فيها في التصليح، فقمت إليه يعني: وجدت أنه لا بد من أن أتدخل في الموضوع، حاولت خلاصة بما عندي من علم أن أبين له بأن هذا أولًا قصة باطلة ومُزَوَّرة تزويرًا فاضحًا، وثانيًا: هذه مخالفة صريحة للشريعة.
مثلًا قلت له: يا أبو يوسف الله يرضى عليك! كيف يدخل في عقلك أنه أمر بقتل هذا الرجل في الظاهر هو أبوه، لكن في الباطن الذي يعلمه الشيخ من هو؟ صاحب أمه، فهو إذًا زانٍ والزاني يستحق القتل، كيف يدخل في عقلك هذا التبرير وهذا التعليل من الشيخ، أولًا: إذا أمر هذا المريد بقتل هذا الرجل لأنه زانٍ فلماذا ترك أمه وهي زانية أيضًا، وهي محصنة، وهي تستحق القتل قولًا واحدًا، أما الرجل فيمكن أن يكون غير محصن فلا يستحق القتل، فهب أنه محصن لماذا أمر بقتل هذا وترك الأم الزانية، كيف يدخل في عقلك أن يكون هذا الكلام
صحيح؟ ثم هل للشيخ أن ينفذ الحدود الشرعية التي لا يجوز أن يقوم بها إلا وُلَاة الأَمر الحُكَّام؟
وأخذت أنصحه بهذه الأشياء وهو كالحجر الأصم لا يستجيب، أخيرًا قلت في نفسي: لا بد من أن أضرب، يقولون عندنا: على الوتر الحساس! قلت له: الآن يا أبو يوسف لو أن الشيخ أمرك بأن تقتل أباك، هل تستجيب له تقتله؟ هنا الشاهد، قال: أنا ما وصلت بعد إلى هذا المقام! ولى مدبرًا لا يعقب، ماذا تفهمون من هذا الإنسان؟ هو يصلي ويصوم وإلى آخره، وتوجيهات الشيخ المباركة يعني: هو مستفيد منها، لكن هذا ينتظر أن يصل إلى مقام إذا قال الشيخ له: اذبح أباك، يقول: حاضر ويستجيب.
إذًا: هؤلاء يصلحون من جهة ويفسدون أكثر من جهة أخرى.
فجماعة التبليغ ما يقرنوا دعوتهم بالعلم الصحيح المستند بالكتاب والسنة فضررهم أكثر من نفعهم، ولا يجوز تأييدهم على ما هم عليه، لهذا أنا أنصحهم دائمًا وأبدًا أن يجلسوا في المساجد، ويتعلمون أولًا تلاوة القرآن الكريم، لا يحسنون تلاوة القرآن، ثانيًا: أن يتدبروا القرآن وأن يفهموه، ثالثًا: أن يتفقهوا في السنة، هم شأنهم في هذا شأن جماعة الإخوان المسلمين، هذا حنفي وهذا شافعي وهذا مالكي وهذا حنبلي، وربما يكون فيهم الشيعي والرافضي، وإنما المقصود التكتيل والتجميع وكل من .. يقولوا عندنا في الشام: كل من على دينه الله يعينه! أما التحكيم إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].
(فتاوى جدة-أهل الحديث والأثر (8) /01: 13: 59)