المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نقاش مع الأستاذ عقلحول جماعة التبليغ - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٧

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جماعة التبليغ

- ‌حول جماعة التبليغ

- ‌حول جماعة التبليغ

- ‌جماعة التبليغ صوفية عصرية

- ‌كلمة عن جماعة التبليغ

- ‌أصل من أصول جماعة التبليغ

- ‌حول بعض ممارسات جماعة التبليغ

- ‌حل جماعة التبليغأم تصحيح مسارها

- ‌رأي الشيخ في جماعة التبليغ

- ‌هل جماعة التبليغ من الفرق

- ‌حول جماعة التبليغ

- ‌جماعة التبليغ

- ‌جماعة التبليغ

- ‌لماذا لا يوجد عند السلفيين حسن تعاملكما هو عند جماعة التبليغ

- ‌التفريق بين المدرس والداعيفي هيئة إلقاء الدرس

- ‌هل يشترط العلم في المُبَلِّغ

- ‌الردود على الإخوان المسلمين والتبليغ

- ‌حكم الخروجمع جماعة التبليغ

- ‌حكم الخروج مع جماعة التبليغ

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌الخروج مع جماعة التبليغ كمهر للزواج

- ‌الخروج في سبيل الله للنساء

- ‌الخروج في سبيل الله

- ‌الخروج مع جماعة التبليغ

- ‌جماعة التبليغ، ومدة الخروج

- ‌نقاش حول جماعة التبليغ

- ‌نقاش مع الأستاذ عقلحول جماعة التبليغ

- ‌نصائح لجماعة التبليغ

- ‌نصيحة إلى جماعة التبليغ

- ‌نصيحة لجماعة التبليغوبيان المؤاخذات عليهم

- ‌كتاب الولاء والبراء

- ‌حكم التشبه بالكفار

- ‌أهمية التشبه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌بيان حكم التشبه بالكفار

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌التَشَبُّه بالكفار بالتَفَرُّق عند الطعام

- ‌تشبه النساء بالكافرات

- ‌حكم لبس البنطلون

- ‌هل ارتداء البنطالمن التشبه بالكفار

- ‌هل لُبْس الساعة في اليسارمن التشبه بالكفار

- ‌لبس المريول هل هو تشبه بالكفار

- ‌لبس العروس

- ‌ضوابط التشبه بالكفار

- ‌ضوابط التشبه بالكفار

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌إشكال حول ضابط التشبه

- ‌حكم السفر إلى بلاد الكفر

- ‌حكم السفر إلى بلاد الكفار

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌‌‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌السفر بالمصحف إلى بلاد الكفار

- ‌السفر للسياحة

- ‌السفر إلى بلاد الكفر للتعليم

- ‌حكم الإقامة في بلاد الكفار

- ‌الإقامة في بلاد الكفار لعذر

- ‌الإقامة في بلاد الكفر

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌التعاملات التجارية مع الكفار

- ‌هل الكافر مخاطب بفروع الشريعة؟وهل يجوز بيع ما فيه محرم له

- ‌التجارة مع الكفار

- ‌باب منه

- ‌التجارة مع اليهود والعمل عندهم

- ‌التجارة مع غير المسلم

الفصل: ‌نقاش مع الأستاذ عقلحول جماعة التبليغ

‌نقاش مع الأستاذ عقل

حول جماعة التبليغ

مداخلة: شيخي اليوم حدث معي شيء لعلنا إن شاء الله نستفيد من الأخ الفاضل، أحد إخواننا من رجال التبليغ، رجل فاضل وزبون من زبائني، وكثير يأتي عندي إلى المحل ويشتري من عندي بعض البضائع، لكن اليوم وجدته في حاله عجيبة يا شيخنا، دخل بخشونة وسلم علي، فيقول لي: أنا أريد أن أسافر، وأخرج في سبيل الله، قلت له: جيد إلى أين؟ قال: إلى الباكستان وإلى الفلبين وإن شاء الله سأذهب إلى اليابان. قلت له: أليس من شروط الخروج السنة أن يكون الذي يخرج عنده علم، قال: ليس شرط هذا، أنا أريد أن أدعو وكذا .. دعوة و

، فقلت له: أنا الذي أعرفه من السنة أن الذي يخرج وليس هناك مانع للأيام وللأشهر وللساعات، عليه أن يخرج ويدعو ويكون عنده علم، طبعاً أنا استغربت، يقول: أنتم خليكم جالسين في محلاتكم وأنتم كذا، يقصد أنه سأخرج وأريد أن أروح، قلت له: يا رجال، الآن البلد عندنا هنا بحاجة أصلاً إلى دعوة، وأنا أنصحك تبقى هنا عند أولادك وعند زوجتك، وليس هناك داع إلى أن تخرج، لأنه ليس عندك العلم، وليس العلم الكافي، العلم بشكل عام ليس عندك، قال: يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «بلغوا عني ولو آية» ، قلت: صحيح، هذا الحديث لا نقول عنه شيء، أي نعم، ولكن لست أنت المكلف فيها إلا بشيء معين، كأن تعرف جواب سؤال، ممكن أن تجاوب هؤلاء الناس على هذا الشيء، على استطاعتك، ما وجدته يا شيخنا إلا ونرفز الرجل وكأنك فعلت معه

ص: 142

بعصبية حتى كنت أكلمه، وعندي نساء في المحل، حتى استغربت من عصبيته مع أني أعرف أنه هادئ، ويقول: أنا في كثيرين على يدي تابوا، وأنا كذا، وأنا كنت أعمل كذا، وأنا كنت أساوي كذا، قلت له: طبعاً شيء جيد، شيء طيب، ولكن ادع في هذا البلد.

نريد يا شيخنا المعرفة بخصوص الدعوة لهؤلاء الذي ليس عندهم علم على الإطلاق، كيف يتركوا أولادهم ونساءهم، وهذا الرجل الذي كان موجود عندي، كان يأخذ عندي بعض البضائع بالدين؛ لأنه حالته غير ميسورة، فكيف سيخرج هذا، وكم ستكلفه هذه السفريات، ووقت يا شيخ والله! أنها دخلت عندي امرأة مرة كانت تظن بأني أعرف زوجها، فشكت أنه تركها بدون مصروف وخرج وله أشهر خارج بدون مصروف عندنا الآن، الدين لا يقول هكذا يا شيخ، الدين لا يعمل هكذا يا شيخ، فقلت له: الدين لا يقول هذا، ولا يعمل هكذا، وعليك أن تصبري يا أخت، فجزاك الله خير يا شيخنا نصيحة.

الشيخ: على كل حال هذه المسألة تتكرر كثيراً، ونحن جلستنا اليوم مع الأخ عقل هنا خاصة، بخاصة أنك أنت أول كلامك موجه له، فما أدري إذا كان هو يريد أن يتكلم بشيء أو نحن نريد أن نسمع ماذا عنده من أسئلة أو نجاوبه عليها.

مداخلة:

يوم القيامة.

مداخلة: طبعاً شيخي لما سمعت الأخ قال أنا كنت خارج ورجعت فذكرني بحادثة اليوم، وهذه حادثة اليوم سبحان الله.

الشيخ: أي نعم، يصير تسلسل الأفكار.

مداخلة [عقل]: طيب معليش يا شيخي أنا السؤال موجه لك، لكن أريد أن أتطفل بالإجابة قليلاً جزئياً على ..

ص: 143

الشيخ: تفضل يا أخي.

(الهدى والنور /275/ 35: 00: 00)

مداخلة: أولاً: الخروج في سبيل الله من خلال تجربتي أنا، هو يكون بحسب حال الإنسان، إن كان هذا الإنسان عالماً فهو يخرج يعلم، وإن كان غير عالم فيخرج يتعلم، والتعلم في الخروج في سبيل الله ليس تعلم علم المسائل وعلم الحديث والفقه، ولكن تعلم علم الفضائل حتى ينشرح القلب والصدر، فيكون عند الإنسان الرغبة والإقبال على طاعة الله عز وجل، والمحافظة على أوامر الله، والمحافظة على سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويكون الخروج في سبيل الله حتى تأتي الصفات الإيمانية التي لا يمكن أن تأتي للإنسان من خلال القراءة، حتى تأتي هذه الصفات للإنسان، يعني: مثلاً صفات الصبر، فالخروج في سبيل الله يخرج فيه العالم والجاهل، العالم يعلم، والجاهل والأمي وطالب العلم يتعلم، والعلم يكون علم الفضائل حتى ينشرح القلب والصدر لتطبيق ما يسمع؛ لأنه ليس المهم أن يجمع الإنسان معلومات ولا يطبقها فتكون حجة عليه يوم القيامة، وحتى يأتي فيه عظمة السنة وتقديرها وتعظيمها، أنا رأيت واحد في باكستان كان يتوضأ، هو رجل عمره حوالي سبعين ثمانين سنة، وقالوا هذا من رعاة الأغنام، ولكن لما كان يتوضأ كان يبحث في أجيابه، وبشكل مذهول كانت إقامة الصلاة قريبة، فكان يبحث كأنه فاقد شيء، فقالوا له: على ماذا تبحث، هل ضاعت فلوس هل ضاعت أوراق أو شيء. قال: لا، المسواك، أين المسواك. يبحث عن مسواك، قالوا: يا شيخ بسيطة المسواك، صل الصلاة مقبولة بدون مسواك، قال: صحيح، ولكن فضيلة السواك، كيف أصلي بدون سواك.

فكان مهتم جداً أن يطبق السنة، وذكر بعض الأحاديث عن فضل السواك خاصة مع الوضوء ومع

ص: 144

الصلاة، فهذا ما نجده في كثير من العلماء الذين يأخذون الكتب ومعهم الشهادات والدكتوراة، تجد واحد قد تمر أسابيع وشهور ما حمل السواك فيه، كذلك الاهتمام بصلاة الجماعة، الاهتمام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تجد الكثير من العلماء يجلس في مجالس كلها منكرات ولا يحرك ساكناً، لا بأسلوب حسن ولا بغير حسن.

فعظمة الدين وأهمية الدين تأتي في القلب من خلال الخروج في سبيل الله، تطبيق السنة في البيت على أهل البيت، على شخص في العمل .. في السوق، في التعامل مع الأقارب، مع الأصدقاء.

وكذلك الصفات الإيمانية مثل الصبر والحلم والمسامحة والعفو، ابتدار الدعوة للإصلاح بين الناس، كثير من الناس أعرفهم كان متكبر جداً يكون مخطئ والحق عليه، ويأتي صاحب الحق يستسمحه حتى يصلح بينه وبينه، فلكن يرفض، ويتعنت ويتكبر ويوصلها لأعلى المستويات، لكن لما خرج في سبيل الله أصبح هين لين عنده الصفات الإيمانية، يعفو ولو كان الحق له، ويسامح بحقه، ورأيت واحد كان محتاج جداً من الناحية المادية وله عند واحد عشر دنانير كان أقرضها إياه منذ عشر سنوات، وذلك لما أخذها كان وعده بعد أيام أو في نهاية الشهر يردها، فهذا الرجل كان محتاج وتذكر أن له عشر دنانير عند ذلك الرجل، فقال أريد أن أذهب أن أخذ فلوسي، فتذكر حديث النبي عليه السلام، قال:«تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الحق الذي لكم» فصلى ركعتين، وطلب من الله أن يلهم ذلك الرجل أن يأتي له بالمال بهذا الدين، في نفس اليوم وبعد فترة قصيرة ما شاف إلا رجل داخل عليه وسلم عليه وقال له: يا أخي والله أنا تذكرتك أنك في يوم من الأيام أعطيتني عشر دنانير، وأنا كنت ناسيها فنسيت

ص: 145

أن أردها لك، فالحمد لله الآن تذكرت فتفضل العشر دنانير، بينما يمكن لو صارت مع أي إنسان ما تعلم هذا الحديث ولم يحاول أن يطبقه يذهب يرفع عليه قضية ويعمل عليه دعوى ويعمل مشاكل.

وهكذا كثير وجدنا ناس كان عندهم المنكرات والأشياء المحرمة في البيوت، فلما خرجوا في سبيل الله على الرغم من قلة العلم لكن لما رجعوا إلى البيت بدؤوا بحركة التغيير بحكمة وبرفق وبهدوء، أزالوا المنكرات وأصلحوا ما في البيت، والزوجة صلحت والأولاد صلحوا، صار البيت يقال عنه إسلامي، تشم فيه رائحة الإسلام، بينما كثير من الناس مع احترامي للعلم وأهل العلم، طلاب مثلاً تخرجوا من كلية الشريعة، أبداً كأنه بيت يهودي أو نصراني، الصور والتماثيل ومن جميع الأشياء، حتى أعرف بعض الناس تخرج من كلية الشريعة زملاء لي وهم لا يصلون، أعرف واحد تخرج من كلية الشريعة في الفترة التي كنت أنا أدرس فيها المساحة، وما كان يصلي، وواحد عُيِّن قاضياً ومعه ماجستير في الشريعة وهو لا يصلي.

الشيخ: .. منه كثير.

مداخلة: نعم، وتجد كثير من طلاب العلم كذلك في كليات الشريعة يتعامل بالربا ويتعامل بالمحرمات، ويستمع الأغاني والموسيقى.

فالخروج في سبيل الله لجميع مستويات الأمة، الجاهل الذي لا يفقه في الدين شيء، وطالب العلم المتوسط والعالم، فكل واحد يأخذ على قدر حاله، إما أن يكون عالم فيعلم ويفيد، والحمد لله خرجنا مع علماء في سبيل الله استفدنا منهم كثير، منهم الدكتور نعمان أبو الليل، أستاذ التفسير كان في الجامعة الإسلامية والآن في الباكستان، وخرجنا مع ناس قدماء في الدعوة، ما هم علماء ولكن

ص: 146

مارسوا الدعوة منذ أمد طويل، فكان عندهم صفات إيمانية عجيبة، يعني تحس فيهم الإخلاص والنور والبركة.

الشيخ: هل تظن أن هذه الحسنات التي ذكرتها لا توجد إلا في الجماعة الذين يخرجون كما يقولون في سبيل الله؟

مداخلة: لا، هي موجودة في كثير من الناس.

الشيخ: إذا كان هذا الشيء موجود في غير جماعة التبليغ مثلاً، فكيف حصلوا ذلك بطريق الخروج.

مداخلة: نعم، بطريق الخروج هم حصلوا هذه الصفات ....

الشيخ: يمكن لم تفهم علي، كان سؤالي بارك الله فيك: ألا يوجد جماعة آخرون متخلقون بالأخلاق التي ذكرتها وربما بغيرها وبأحسن منها، وليسوا من جماعة التبليغ، وإلا هل الخصال الحسنة محصورة في جماعة التبليغ؟

مداخلة: لا موجودة في كلهم.

الشيخ: هذا كان سؤالي الأول.

السؤال الثاني: هل هؤلاء الذين هم ليسوا من جماعة التبليغ حَصَّلوا هذه الخصال الحسنة بالطريقة نفسها التي يُحَصِّلها جماعة التبليغ أم بطريقة أخرى، فإن قلت هي بطريقة جماعة التبليغ ما أظنك تقول هذا؛ لأنك تعلم أنهم ليسوا من جماعة التبليغ ولا هم على منهج جماعة التبليغ.

أظن ستقول هذا أو لديك رأي آخر؛ لأني سأقول: حصلوا ما حصلوا بطريقة أخرى غير طريقة الخروج هذا.

مداخلة: أريد أن أقول مع احترامي ولو قطعت حديثك: إن الأعمال التي

ص: 147

يمارسها الإنسان وهو خارج في الدعوة قد يمارسها وهو غير خارج في الدعوة.

الشيخ: حسن، هذا الذي نريده، ولا يحتاج الأمر إلى شرح؛ لأن أنا وضعت طريقتين، طريقة الخروج كما تقولون في سبيل الله لتحصيل هذه الصفات، وطريقة غير الخروج، فكل من الطريقين يحصلوا فيه خصال بدليل الواقع.

مداخلة: الوجود نعم.

الشيخ: كويس.

إذاً: أنا أريد أن ألفت نظرك وأنت إن شاء الله اسم على مسمى (عقل) ستفهم ما أقول.

إذاً: إذا كان هناك طريقة أخرى تمكن بها من تمكن من تحصيل تلك الصفات التي تسمونها بالصفات الإيمانية، فإذاً: لا ينبغي أن نوهم الناس ولو بغير قصد أن الطريق لتكميل هذه الصفات الإيمانية هو الخروج المسمى بالخروج في سبيل الله؛ لأنه حينئذ نفهم الناس أنه كما قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].

مداخلة: حاشا الله ما نقول هذا.

الشيخ: أنا أعرف هذا، لذلك قلت لك: وإلا سنضطر نقول هكذا وأنت تقول هكذا.

إذاً: لماذا نحن حاطين دأبنا بدأب الدعوة إلى الخروج في سبيل الله على ما ذكرنا وذكرت أيضاً أن الناس يخرجوا ليس عندهم علم، لكنهم يتعلمون. هذه واحدة يا أستاذ عقل.

مداخلة: أجيب عليها.

ص: 148

الشيخ: لا ليس عندك جواب عليها؛ لأني أقول ما أنت موافق عليه، كيف تجيب عليه.

مداخلة: توضيح.

الشيخ: لا، لا يحتاج الأمر، إما أنك موافق أو مخالف. إذا موافق أنا أمشي في سبيلي؛ لأنه سبيلك، وإن كنت مخالف، فأقول لك: تفضل بين.

مداخلة: لا موافق.

الشيخ: هذا هو، فاسمح لي إذاً.

سيرد علينا إشكالات كثيرة جداً على هذا العمل أولاً، وعلى هذه التسمية ثانياً وهو الخروج في سبيل الله.

أعتقد أنه إن خفي على بعض الناس ما سأقوله، فلا أقول في ظني بل في اعتقادي أنه سوف لا يخفى عليك، وهو أن خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن الأمر كما قيل من أهل العلم:

وكل خير في اتباع من سلف

وكل شر في ابتداع من خلف

إذا كان هذا كما قلت بالنسبة إليك، أنه إن كان هناك من يخالف ما أقول فأنت لست منهم، بل أنت معنا فيما نقول، أنه خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن كل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف.

الآن نحن نسمي هذا الخروج بالخروج في سبيل الله، سبيل الله كان موجوداً في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية أو مفقوداً؟

مداخلة: موجوداً.

ص: 149

الشيخ: لا تستطيع أنت أن تقول أنكر، وغيرك قد يقول، أما أنت بصورة خاصة المسمى بعقل، ما تستطيع إلا أنه كان موجوداً، فهل تعلم وجود هذا الخروج في ذلك الزمن الذي كان فيه الخروج في سبيل الله معهوداً ومعمولاً به، فهل أنت تعتقد أنه هذا الخروج الذي يقوم به الآن جماعة التبليغ كان موجوداً في ذلك الزمان، أي زمان وجود الخروج في سبيل الله، ما أظنك تستطيع أن تقول نعم.

مداخلة: أنا أستطيع أن أقول نعم.

الشيخ: تفضل، الآن هنا مشينا في خط متفقين تماماً، أما الآن بدأ ..

مداخلة: الافتراق.

الشيخ:

لكن سنلتقي إن شاء الله. تفضل نشوف ما دليلك على أن هذا الخروج كان موجوداً في ذلك الزمان الذي كان فيه متحققاً الخروج في سبيل الله، أنا أرى القضية متناقضة، يعني موجود وغير موجود، هذا في تصورنا نحن، أنت ستقربنا لهذا الشيء الذي نتصوره متناقض، وأثبت لنا أين كان هذا الخروج ومتى بدأ ومتى وقف؟

مداخلة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

طبعاً علم الحديث أنت أستاذنا فيه، قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفس، نهاية القصة أنه عندما جاء إلى الرجل العالم وقال له: أريد أن أتوب، قال له: نعم، لك توبة.

الشيخ: هل يجوز أن أقاطع كلامك؟

مداخلة: تفضل.

الشيخ: أنت الظاهر ما أدركت سؤالي.

ص: 150

مداخلة: أدركت لكن هذا كمقدمة.

الشيخ: لا، بس بتكون مخطئ، خاصة وأنك تقول في الحديث كذا، الحديث الذي تريد أن تذكره ليس له علاقة بخروجكم، له علاقة بخروج شخص معين يعيش في جو فاسد، فيؤمر من العالم وليس من الراهب الجاهل، يؤمر بأن ينتقل إلى بلدة أخرى صالح أهلها. وفعلاً يستجيب ويأتيه الموت في الطريق وتتولاه ملائكة الرحمة. ما علاقة هذا بالذي نسأل عنه؟

مداخلة: العلاقة وثيقة، أننا نعيش في بيئة فاسدة، ونحتاج إلى بيئة صالحة حتى نصلح فيها.

الشيخ: يا شيخ، أنتم ترجعون إلى البيئة الفاسدة بارك الله فيكم.

مداخلة: نرجع إلى البيئة الفاسدة حتى نصلحها أو حتى نعيش فيها ونحن محفوظين من هذا الفساد الموجود.

الشيخ: لا ولا مؤاخذة، هذه مغالطة مكشوفة تماماً.

مداخلة: كيف؟

الشيخ: لأنكم إذا رجعت إلى البيئة لتصلحوها، فلماذا تخرجون منها، فابقوا فيها وأصلحوها؛ لأن ذلك الحديث يقول:«إنك بأرض سوء فاخرج منها» . طيب أنتم تخرجوا وترجعوا، فما الذي جاب هذا الحديث لهذا الحديث، ليس له علاقة يا أستاذ أبداً، فبارك الله فيك أنا أرجو أن تستعمل الذي سميت به.

مداخلة: إن شاء الله أستعمله.

الشيخ: اسمح لي، لا تتأثر بالتلقينات التي تلقنها من الجماعة، من الحزب؛ لأن هذه مشكلة الأحزاب القائمة اليوم على وجه الأرض.

ص: 151

مداخلة: الحمد لله لست حزبي ولا

الشيخ: أنا قلت لك الجماعة أولاً أو الحزب.

مداخلة: نعم.

الشيخ: فأنت خذ من الاثنين ما يناسبك، لا تأخذ الاسم الذي يناسبك إنك ترد علي، لا خذ سميها جماعة، سميها حزب، سميها ما شئت، فأنا لوقلت لك حزبك، أنت ستقول لي الحمد الله الجماعة ليست حزب.

المهم هذا التلقين الذي تلقنه الأحزاب لأفرادها نحن نلمسه لمس اليد في جماعة التبليغ، رجل كهذا الذي ضرب به مثلاً لا يعرف يمكن يصلي مثل الناس آخذ حجة طالما سمعتها من العالم والمتعلم والجاهل كلهم سواء من جماعة التبليغ، يقول لك الرسول قال:«بلغوا عني ولو آية» من أين تعلمها؟

نحن انبح صوتنا نتحدث بأحاديث الرسول عليه السلام، نادر ما واحد يأتي يحفظ حديث؛ لأنه لا نلقنهم لازم تحفظ هذا الحديث، ولكن نروي لهم أحاديث بالعشرات والمئات، لكن هنا في توجيه مخصص أنه احفظوا، يقولون كذا .. والجواب كذا .. وإلى آخره، «بلغوا عني ولو آية» .

هذا الحديث صحيح، لكن هذا ملقن الرجل، ولذلك لما يأتي ويتكلم معه رجل عالم، هو يذكر له الشيء الذي سمعه، لكن لا يعرف أن هذه له علاقة بهذا الكلام الذي يسمعه أو لا.

فأنا أرجوك وأنا ثقتي بك كبيرة وكبيرة جداً أنك تستعمل عقلك، القصة هذه لها علاقة بإنسان شرير قتل تسعة وتسعين نفساً ثم الله أراد له الهداية، فأراد أن يتوب لكن لا يعرف طريقة التوبة ما هي، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على

ص: 152

راهب، يعني على جاهل متعبد، فذهب إليه وقال له: أنا قتلت تسعة وتسعين نفساً، هل لي من توبة؟ قتلت تسعة وتسعين توبة وتريد أن تتوب، ليس لك توبة. كمل العدد للمائة.

لكن الرجل يريد أن يتوب فعلاً كما قرأت، فيسأل، فيدل على عالم يذهب عنده، ويقول له: أنا قتلت مائة شخص بغير حق، هل لي من توبة، قال له: كيف لا، ولكنك بأرض سوء فاخرج منها، واذهب إلى القرية الفلانية الصالح أهلها، فخرج الرجل.

شو جاب يا أستاذ عقل هذا لهذا؟ وجابهتك بكل صراحة، قلت لك: لو أنكم تركتم هذه البلاد وهاجرتهم إلى بلاد خير من هذا، أقول لك: أصبت في استشهادك في الحديث، لكن أنتم تخرجوا من هنا تغيبوا أربعين يوم أو أقل أو أكثر، وترجعوا لنفس البلدة الفاسد أهلها، كيف تستدلون بهذا الحديث على هذا الفعل؟

مداخلة: الآن هو عندما قال له: اذهب إلى القرية الصالحة، قصده أن يعيش فيها حتى يموت إلى الأبد، أو قصده حتى يطمئن إيمانه وتصلح أحواله و ..

الشيخ: كل هذا

من تمام التعليم ولا مؤاخذة.

مداخلة: منطقياً.

الشيخ: جاوبني منطقياً جاوبني، شو القصد من هذا؟ أنه لا يموت هناك. أليس كذلك. هذا خطأ، قصده أنه يذهب إلى تلك البلد حتى ينصلح حاله وما ينوي الرجوع إلى الأرض الفاسدة التي هرب منها.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما تعلم كان يحرم على الذين هاجروا من مكة إلى المدينة أن

ص: 153

يمكثوا في مكة أكثر من ثلاثة أيام، وهم هاجروا من مكة إلى المدينة، ومكة أفضل من المدينة، والصلاة فيها كما تعلمون جميعاً بمائة ألف صلاة، لكن حتى لا ينافي هجرتهم، خرجوا من مكة مهاجرين في سبيل الله إلى المدينة، فيحنوا إلى وطنهم، إلى بلدهم، لا، لكم بس بقاء ثلاثة أيام، وترجعوا إلى بلدكم التي هاجرتم منها.

فالحقيقة هذا الحديث أنا أذكره بمناسبة كثيرة والأخ عنده مئات الأشرطة من المحاضرات والكلمات التي أتكلم فيها، من جملتها هذا الحديث بالذات أنا أضعه في موضوع:«ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» هذا القلب يكون صلاحه بصلاح الجوارح، وصلاح الجوارح يكون بمخالطة الأخيار ومنابذة الأشرار، والرسول عليه السلام -ولا أريد أن أطيل عليك- ذكر أحاديث كثيرة جداً جداً يؤكد فيها على صحبة الأخيار فيقول:«من جامع المشرك فهو مثله» أي: خالطه.

ويقول: «أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين» .

ويقول: «المؤمن والمشرك لا تتراءى نارهما» .

وأذكر هنا كلاماً طويلاً لتأكيد ضرر صحبة الأشرار، وحسبك تذكيراً قوله عليه السلام:«مثل الجليس الصالح» و «مثل الجليس السوء» «مثل الجليس الصالح كبائع المسك إما أن يحذيك وإما أن تشتري منه وإما أن تشم منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كمثل حداد إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشم منه رائحة كريهة» .

فهذا الرجل العالم نصح الرجل أنه يترك هذه الأرض السيئ أهلها، ويهاجر إلى الأرض الصالح أهلها، ليس لكي يتبضع من هناك صلاح ويرجع، لا، لكي

ص: 154

يحصن حاله في هذا المكان الصالح، ويتربى ويعيش ما شاء الله له أن يعيش.

فمن أين نأخذ أنه ذهب إلى هناك حتى يتزود؟

وانظر يا أستاذ عقل، أنا الحقيقة آسف جداً أنه عقلك يشرد مع هذه الأوهام.

أنت الآن تقول: هل يا ترى ذهب لكي يموت هناك أو لكي يعود.

أنا أرى الحديث ليس له علاقة إطلاقاً من أي زاوية درسنا الحديث منها.

أخيراً كأنك بتقول: أنه ذهب حتى ينصلح هناك وبعد ذلك يعود للأرض الفاسدة لكي يصلح فيها.

طيب: هؤلاء الجماعة الذين يذهبوا إلى فرنسا أم العهر والفسق والفجور ويأتون إلى هنا، ذهبوا مثلما ذهب ذلك الرجل إلى الأرض الصالح أهلها، لكي يتحصنوا بالأخلاق الصالحة هناك ويرجعوا إلى هنا يصلحوا يا أستاذ؟

فالحقيقة ليس له علاقة بأي وجه من الوجوه أبداً بهذا الخروج المقنن المنظم، وما أريد أن نذهب بعيداً، أنا لا أزال أنتظر الجواب الواضح؛ لأنه أنت أجبت بحديث عن شخص، أنا كان سؤالي: أنه هل تعلم في الوقت الذي تعتقد كما نعتقد أن الخروج في سبيل الله كان موجوداً من قبل، هذا الخروج، لا تأت لي بشخص، أعطني حديث.

مداخلة: أنا ما انتهيت من الإجابة، أنا أتيت بهذا قلت كمقدمة.

الشيخ: جميل جداً هذه مقدمة، لكن مقدمة كما ترى ليس لها أصل أبداً بهذا الخروج الجماعي المقنن المنظم، إنما هو خروج من أرض فاسدة إلى أرض صالحة، ونحن ليس بيننا خلاف في هذا إطلاقاً. صح أو لا؟

مداخلة: صح.

ص: 155

الشيخ: إذاً شو علاقة (حصل هنا انقطاع صوتي).

مداخلة: أنا جبت هذا على مستوى الفرد.

الشيخ: ليس هذا سؤالي بارك الله فيك، وأنت تعلم أنني لست بحاجة أنك تأتي وتذكر لي هذا الحديث كما قلت؛ لأننا نعرف:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97]. لكي يخرج الإنسان من وطنه الذي ولد فيه إذا ساء أهله إلى بلد آخر أهله صالحون. هذه هو دلالة الحديث، ونحن ليس هذا خلافنا.

بحثنا الآن هو هذا الخروج الجماعي، هل تعلمه كان موجوداً في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية والمتفقون نحن وإياك أنها خير القرون، قلت أنت: نعم، وأنا أظن هذا بعيد تحقيقه، لكن:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76]. فتفضل كيف كان وأين كان هذا الخروج؟

مداخلة: الجماعة الذين بعثهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المعروفين بالقراء

الشيخ: أيضاً أضطر أن أقاطعك يا أخي؛ لأن هذه أيضاً من جملة التلقينات، ناقشنا فيها مشايخكم وطلابكم إلى آخره.

هؤلاء الذين خرجوا بارك الله فيك نخبة من أصحاب الرسول اسمهم القراء إلى اليوم، لم يخرجوا جهلة عليهم رئيس واحد، وليس هناك داعي إلى أن نقول هذا الرئيس الواحد يحتاج رئيس أعلى منه؛ لأنه ليس فيهم علماء، لكن نفترض أنه أعلم علماء الدنيا، لكن الذين معه جهلة، أما هناك الرسول أرسل سبعين قارئاً والقارئ تعرف أنت في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليس هو القارئ في زماننا. صحيح أو لا؟

ص: 156

مداخلة: صحيح.

الشيخ: إذاً: هؤلاء دعاة بمعنى الكلمة يدعون الناس إلى ما هداهم الله إليه بواسطة نبينا عليه الصلاة والسلام، فهم قراء وهم علماء وهم يحفظون القرآن .. وإلى آخره، أيضاً هذا الخروج نحن ليس بحثنا فيه.

أنا أقول لك: لو خرج عالمان من هذه الدار واحد سار شرقاً وواحد سار غرباً، هل يقول أحد أن هذا الخروج لا يجوز؟ لا أحد يقول هذا أبداً.

مداخلة: لا أحد يقول.

الشيخ: بارك الله فيك، فأرجو أن تتأمل في السؤال ما هو: هذا الخروج الذين تسموه في سبيل الله، متى بدأ ومتى وقف؟

مداخلة: بدأ ببداية بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

الشيخ: أيضاً نسيت ما ذَكَّرتك الآن.

يا أخي نحن لا نتكلم عن خروج الفرد، أنا ضربت لك مثل الآن بعالمين، عالمين إذا واحد شَرَّق وواحد غَرَّب للدعوة في سبيل الله، هل هو هذا الخروج الذي نتكلم عنه، لا، هذا خروج علماء.

سأقول لك الآن: أنا سأضرب لك مثل في نفسي، أنا بقيت ثلاثين سنة في سوريا، أخرج بوحدي بانفرادي، هذا لا ينكره أحد، وهذا هو دعوة الرسول عليه السلام، فأنت تقول بدأ بالرسول عليه السلام.

لا يا أستاذ البحث

مداخلة: صبرك علي أنت لا تحب

ص: 157

الشيخ: أنا صابر معك تماماً، بس لا أريد أضيع وقتك، وبالتالي تضيع وقتي.

مداخلة: أنا أريد أن أعرض عليك الحجج الذي عندي، حتى إذا كانت خطأ تبينها لي فيما بعد.

الشيخ: لا بس أنا أريد شيء ما أتمناه من غيرك، اعطني بالك، الحقيقة أنا ظني فيك غير ظني في الناس الآخرين، يعني قبل ما تلقي علي حججك فكر فيها وافهم ماذا أريد. أريد حجة تجيز لهذه الجماعة هذا الخروج الشامل الجامع، الذي فيهم مثلما قلت لك عالم إذا ما قلنا عويلم، إذا ما قلنا

إلى آخره، أما الذين معه لا يعرفون شيئاً، هذا النوع من الخروج أين دليله؟ أتيت بحديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، ثنيت بسبعين قارئاً، يا أخي قراء هؤلاء علماء، ثلثت أخيراً قلت محمد عليه السلام وحده، سبحان الله.

أنا أريد دليل أنت مقتنع فيه، أما إذا كنت تقول والله أنا بعرض عليك ما عندي من الحجج الذي سمعتها، ما رأيك فيها، هذا بحث آخر، لكن أنا رأيتك متحمس تماماً في الجواب لأخونا هذا الذي ما ندري أريد بنا خيراً أم شر عندما أثار هذا الموضوع، ونحن ليس لأجل هذا التقينا واجتمعنا، وكما قلت في أول الكلام جواب له، نحن هذا الوقت مخصص لك وللأخ الذي كنت معه.

مداخلة: بارك الله فيك، جزاك الله خير، نحن نستفيد

الشيخ: أما هو يقولوا عندنا في الشام يدخل إسفين، فهذا لم يكن على البال يشهد الله.

مداخلة: لا إن شاء الله يكون خير كلامه.

الشيخ: على كل حال بارك الله فيك.

ص: 158

مداخلة: ربما يكون عندي معلومات أظنها صح وهي خطأ فوضحتها.

الشيخ: هذا ممكن بارك الله فيك، لكن وقتها طريقة البحث ممكن يختلف.

هناك فرق بين إنسان مثلاً أتناقش أنا وغيرك في مسألة، ويقول لي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا وكذا، وهو عمل لي مقدمة إنه أنت نعرف مختص بالحديث وكذا وكذا .. إلى آخره.

طيب أنت تقول لي: قال رسول الله، لا تسألني هذا الحديث صحيح أو ليس صحيح، لا تجعلني أنا أقول لك هذا حديث موضوع يا أخي الذي تحتج فيه. هل فهمت علي؟

مداخلة: فاهم.

الشيخ: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21].

مداخلة: جزاك الله خير.

أنا أريد أن أسأل سؤال: الآن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما كان يخرج إلى الكفار في أسواقهم وفي محلاتهم ويدعوهم كان معه مثل أبو بكر وأسامة بن زيد أو زيد بن حارثة.

الشيخ: ممكن يكون معه واحد اثنين طبعاً.

مداخلة: واحد اثنين أو أكثر.

الشيخ: ممكن يكون ليس هناك مانع.

مداخلة: فالعالم فيهم هو الرسول عليه السلام.

الشيخ: عليه الصلاة والسلام. نعم.

ص: 159

مداخلة: والذين معه هم بالتأكيد أقل علماً منه إن لم نقل يعني قد يكونوا جهلة في بادئ أمر الدعوة، ما كان عندهم رصيد من العلم ولا كان عندهم

الشيخ: عندما تصل إلى هذه النقطة يختلف الجواب.

هل هذا الخروج كان في أول الدعوة أو فيما بعد؟

مداخلة: هذا في أول الدعوة، يعني لما الرسول عليه السلام كان يخرج مع أبو بكر وكان أبو بكر يعرف القبائل ويكون مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم كدليل يدله على الناس ويعرفه عليهم، في بادئ أمر الدعوة.

الشيخ: هنا تبين أن خروجه كان ليدل الرسول على شيء هو بحاجة له، وهنا خرجت القضية عما نحن بصدده.

مداخلة: هذا الخروج ألم يكن له أثر في نفس أبو بكر رضي الله عنه؟

الشيخ: وهل أنا أنكر هذا بارك الله فيك؟

مداخلة: لا تنكر هذا.

الشيخ: فلماذا تسأل هذا السؤال؟

مداخلة: أنا أريد أن أخلص إلى نتيجة.

الشيخ: تفضل.

مداخلة: أنه إذا خرجت جماعة فيهم إنسان متعلم أو عالم أو طالب علم، ومعه ناس أميين جهلة عصاة ولكن يريدوا أن يستفيدوا علم وصفات وإيمان، هل نقول إن هذا الشيء لا يجوز أم ماذا نقول فيه؟

الشيخ: إذا أنت تقف عند حدود السؤال وما تعالج الواقع له جواب.

ص: 160

أما إذا كان قصدك بالسؤال معالجة الواقع فله جواب آخر. فما الذي تريده؟

مداخلة: كلامك مش واضح، ماذا تعني بأعالج الواقع؟

الشيخ: الواقع البحث فيه، هذا الخروج الواقع اليوم الذي خرج من الهند أو من السند، لا أدري من أين، وعم البلاد الإسلامية ما شاء الله منها، هو هذا الذي تسأل عنه أنت أو عبارة عن خروج مصغر؟

مداخلة: لا هذا الذي أقصده.

الشيخ: ماذا الذي تقصده؟ هذا الخروج؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: هذا هو الذي أسألك عنه ....

مداخلة: نعم.

الشيخ: أقول لك: لا، الخروج المصغر دائماً موجود في كل عصر في كل قطر في كل مصر.

مداخلة: هذا صحيح.

الشيخ: ولذلك هناك فرق بين السؤال الذي تسأله أنت ويكون الجواب أنا أقول لك: نعم هذا موجود، وهذا مشروع، تؤكد لي أنت وتقول: هذا صحيح.

لكن هذا الصحيح لا يصحح هذا الخروج الذي نحن الآن ندندن حوله.

مداخلة: لماذا؟

الشيخ: لأنه أنا وأنت متفقين أن هذا الخروج الأول الذي اتفقنا على صحته موجود، كما قلت أنا آنفاً، موجود في كل عصر وفي كل قطر ومصر، لكن هذا

ص: 161

الخروج لا أصل له إطلاقاً في كل القرون الإسلامية التي مضت.

مداخلة: ألا نقول أن ذلك الخروج الذي أقريناه هو أصل لهذا الخروج؟

الشيخ: لا.

مداخلة: ولم.

الشيخ: أبداً، هذا الذي يقول، سألفت نظرك لشيء.

هذا مثل الذي يستحسنوا كل بدعة تخرج اليوم وقبل اليوم ويذكروا لك أدلة عامة، هذه الأدلة العامة لا تشمل هذه الحادثة الخاصة، ودعنا نأخذ مثال هو من أبسط الأمثلة.

يقول قائلهم: لماذا تنكروا الصلاة على الرسول بعد الأذان، ألا يشمل هذا الصلاة بعد الأذان قوله تعالى مثلاً:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]؟ ألا يشمله قوله عليه السلام: «من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا» ؟

الجواب: لا يا أخي؛ لأنه هذا الأذان مشروع وألحق به شيء لم يكن من قبل في كل هذه القرون التي مضت المشهود لها بالخيرية، فالآن استدلالك ببعض النصوص العامة على هذه الحادثة هذا استدلال خطأ. لماذا أنا بدأت كلامي بارك الله فيك معك قلت لك: أننا متفقين أن خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومتفقين على قولهم:

وكل خير في اتباع من سلف

وكل شر في ابتداع من خلف

فهذا الخروج الموجود الآن يقيناً ما يستطيع إنسان عنده ذرة من عقل أو علم أن يقول إنه كان في ما مضى من القرون لا نقول القرون الثلاثة بس، كل هذه

ص: 162

القرون، هذه حدثت في هذا الزمان ولا شك.

مداخلة: أين وصلنا.

الشيخ: وصلنا بارك الله فيك أن الاستدلال بالقضايا الخاصة على قضايا عامة هذا خطأ، والمعيار لا تنسى المعيار: وكل خير في اتباع من سلف.

ولعلك تذكر لما قلت لك الخروج في سبيل الله يقيناً كان من قبل، لكن السؤال: هذا الخروج في سبيل الله كان من قبل؟

مداخلة: بهذا الشكل المتعارف عليه بالتقنين والتنظيم الذي ذكرت، لا ما كان.

الشيخ: هذا هو، هذا هو الذي يريح.

مداخلة: لكن نحن نقيس على الأصل.

الشيخ: نعم؟

مداخلة: القياس على الأصل.

أنا أريد أن أسألك سؤال مثلاً: هل كان مثلاً الصحابة رضي الله عنهم ابن عباس كونه مؤلف وعالم في التفسير، هل كان يجلس مثل جلستك هذه في هذه المكتبة وأمامه طاوله وعنده الرفوف وعنده الأجهزة الكهربائية والإلكترونية؟

الشيخ: لا والله.

مداخلة: ما كان، فهل نقول هذا العمل

الشيخ: لماذا أنت الآن صار لك ساعة تتعب حالك، لكي ما تقول هذا الخروج ما كان، لماذا؟ لماذا لا تكن مثلي أقول لك: لا والله ما كان ابن عباس

ص: 163

هكذا. لماذا أنت لا تقول هذا الخروج لا والله ما كان، لماذا؟

تحاول تجيب حديث واحد واثنين وثلاثة .. إلى آخره، لكي مثلما يقولوا عندنا في الشام ولا مؤاخذة: من شان نغطي السماوات بالأباوات. لماذا؟ لأجل هذا أنا أقول لك: يا عقل، خليك عقل.

أقول لك: أنت لا تتلقن ناقش أدلة، خروج الرجل هرباً من بلاد الفسق والفجور إلى البلد الصالح أهلها، نقيس عليه خروج المسلمين من بلدهم الصالح على عجره وبجره إلى بلاد الفسق والفجور، إلى أمريكا، إلى بريطانيا، هذا يقاس على هذا؟ سبحان الله!

ابن حزم الظاهري من كبار علماء الأندلس، ويسمى بالظاهري؛ لأنه يعتمد على النصوص في الظاهر بطريقة فيها جمود متناهي جداً، ولسنا الآن في هذا الصدد، من جموده ينكر القياس خلافاً لجماهير العلماء.

والقياس في الحقيقة هو الدليل الرابع لعلك تذكر معي القرآن والسنة والإجماع والقياس، فآخر الأدلة الأربعة هو القياس، لدقته، ليس كل واحد يستطيع أن يقيس، خذ بالك، ليس كل واحد يستطيع أن يقيس، ولا مؤاخذة أقول لك؛ لأني أنا أولاً عشت كل هذا الزمان صريحاً وبخاصة مع إخواني الذي أشعر فيهم بإخلاص، وأنت منهم إن شاء الله.

مداخلة: بارك الله فيك.

الشيخ: أنا أقول لك: أنت لا يطلع بيدك أن تقيس، الذي يريد أن يقيس.

مداخلة: مو أنا اللي بقيس.

الشيخ: اسمح لي، أنت الآن طلع منك أنه نقيس هذه على هذه وإلى آخره،

ص: 164

لكن هذا ليس طالع منك، طالع من غيرك.

مداخلة: طبعاً من غيري وأنا نقلت

الشيخ: لذلك أنا أقول لك فكر.

الشاهد القياس لدقته جمهور علماء السنة جعلوه في المرتبة الرابعة، ابن حزم أنكره بالكلية، لكن أنا تعجبني منه عبارة، لما يناقش القائسين الذين يقيسوا، الحقيقة يناقش قياسات بالتعبير السوري أيضاً، القياسات لا بتنزل ميزان ولا بَأبَّان، القياسات بعيدة عن الصواب كل البعد، مثلاً الآن أنا عشت في المذهب الحنفي، المذهب الحنفي يقول لك: إذا تكلم المصلي في صلاته ساهياً بطلت صلاته. ما الدليل؟ قال: قياساً على المتعمد.

الله أكبر هذا قياس النقيض على نقيضه، يُقَاس الساهي على المتعمد، ابن حزم

عندما يناقش أقوال كهذه، وقياسات كهذه، ماذا يقول، كليشة عنده، يعني: يكررها دائماً، يقول: أولاً القياس كله باطل.

لكن أنا شاهدي في تمام كلامه، ولو كان هذا حق لكان هذا منه عين الباطل.

فهمت كلامه؟

مداخلة:

الشيخ: الشاهد، القياس يا أخي ليس بسهل أبداً، شيء يجر لشيء، علماء نجد علماء محترمين، وهم أحسن الموجودين اليوم على وجه الأرض الإسلامية، طبعاً، لأنه ليس هناك غيرها، ولكن مع ذلك لهم أشياء نحن لا نوافق عليها، السبب عدم دقة النظر، فأنت تعرف مثلاً أنهم يضعون أيديهم بعد الرفع من الركوع.

ص: 165

مداخلة: نعم.

الشيخ: ما حجتهم، طبعاً لهم حجة، لا يقولون شيء عن عبث، لكن نحن نريد أن ندرس هذه الحجة، نتأمل فيها، هل هي صواب أو خطأ.

يقولون: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى، قام في الصلاة هذا قيام. كلام صحيح.

أنا أقول: هذا دليل لا ينهض مع أنه أنا أقول معهم أن هذا حديث صحيح، كان إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى، صحيح، لكن هذا القيام الثاني ما الدليل أنه داخل في هذا النص الذي أول ما ينصب ينصب على القيام الأول، واضح كلامي إلى هنا.

مداخلة: هذاك كلام عام وما

الشيخ: أحسنت، والشاهد أنه لا يكفي الواحد منهم يقول: يا أخي هذا كلام نص عام يشمل القيام الأول ويشمل القيام الثاني؛ لأننا نقول أنه جاءت نصوص كثيرة في أن الرسول كان يضع اليمنى على اليسرى في القيام الأول، فهل عندكم نص واحد أن الرسول كان يضع في القيام الثاني، لا وجود لهذا النص.

إذاً: هذا الدليل العام لا يصلح الاستدلال به في خصوص هذا العمل الخاص. واضح.

أقرب الموضوع بشيء ما وقع بعد، لكن أخشى أن يقع، إذا دخلوا جماعة في وقت الظهر مثلاً، وواحد يريد أن يصلي شرقاً من المسجد، والثاني غرباً .. إلى آخره، وواحد ينادي ويدعو يا إخواننا تعالوا نصلي جماعة، قال عليه السلام:«يد الله على الجماعة» . هذا حديث. فدعونا نصلي السنة القبلية جماعة. وربما يتبع

ص: 166

هذا الحديث بحديث ثاني: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بخمس وعشرين أو بسبع وعشرين درجة» وربما يلحقه بحديث ثالث: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الثلاثة أزكى من صلاة الاثنين .. » وهكذا.

أحاديث صحيحة، لكن استدلال غير صحيح، يا ترى بماذا نقدر نرد نحن يا أستاذ على هؤلاء الذين استدلوا علينا بهذه الظاهرة في التجميع لصلاة السنة ليس عندنا حديث أن الرسول قال: لا تصلوا السنة القبلية جماعة، ليس عندنا حديث هكذا، لكن ماذا عندنا؟

مداخلة: فعل النبي والصحابة.

الشيخ: أيوة، بارك الله فيك، فهل فعل الصحابة هذا؟

الجواب: لا، فهل يا ترى: فهموا هذه الأحاديث فهماً صحيحاً؟

الجواب: بلى.

ترى فهمهم كان كفهمك أنت؟

الجواب: لا؛ لأنه لو كان الجواب بلى أيضاً، هل تركوا تطبيق ما فهموا وأتيت أنت تستدرك، حيث شاركتهم فيما فهموا لكن خالفتهم في التطبيق؛ لأنهم ما طبقوا.

الجواب: لا.

هذا المثال بارك الله فيك يوضح لك أنه أي تكتل، أي تجمع لم يسبق له سلف في العهود الطاهرة النيرة، هذا نحن سنجد له سند مثلما هذا الرجل وجد له ثلاث سندات، ثلاثة أحاديث، لكن الاستدلال بهذه الأحاديث خطأ؛ لأنه السلف لم يفعلوا هذا، لأنه قياس صورة على قياس صورة هذا أمر صعب جداً أولاً،

ص: 167

وبخاصة إذا تعارض، وهنا بيت القصيد، مع حياة المجتمعات الإسلامية الأولى فضلاً عن المجتمعات الدنيا؛ لأن هناك أشياء مثلاً تغيرت وتبدلت بعد القرون الثلاثة، لكن هناك أشياء والحمد لله لا نزال محتفظين فيها، لا فرق بين سلف وبين خلف، مثلاً نحافظ على الصلوات في المساجد، هذا توارثه المسلم خلف عن سلف، لكن هناك أشياء يفعلها الخلف ما يفعلها السلف، لذلك فأنا أريد أن تنتبه لهذه الملاحظة: الاستدلال بالنصوص التي لم يجر عليها عمل السلف، فهذا خطأ يفتح أمامنا بدعاً كثيرة جداً نتفق على إنكارها فيقيم الحجة علينا أصحابها بنفس الأدلة التي نحن نريد أن نبرر واقعنا الحالي.

هذا فيما يتعلق بالخروج في سبيل الله، هذا الخروج المعروف اليوم.

لكن يا أستاذ ألا ترى معي أننا نعود للأمر المتفق عليه، أنه أنت ذكرت ونحن لا ننكر هذا، أن كثير من الناس صلحت أحوالهم بهذا الخروج، فأنا لفت نظرك إلى أن هناك ناس من أهل العلم وغيرهم أيضاً صلحت أحوالهم بغير هذا الخروج، فألا ترى معي أنه بدل من أن يخرج الفرد من هؤلاء الذين هم من عامة الناس وبالتعبير السوري بدل ما يشنططوا.

(الهدى والنور /275/ 32: 05: 00)

الشيخ: يعني يبتعدوا عن بلدهم وأهلهم، وو

إلى آخره، أليس الأولى بهم أن يجلسوا في بلدهم كجماعة يتكتلوا حلقات في المساجد يدرسون فيها القرآن، يدرسون فيها السنة، يدرسون فيها الفقه، أليس هذا أولى من هذا الخروج؟

مداخلة: هذا كلام طيب.

الشيخ: بارك الله، لذلك نحن ننصح هؤلاء وأنا أعرف جيداً بأنه كثير من الذين

ص: 168

يخرجون، يخرجون لوجه الله، لا يريدون جزاءً ولا شكوراً، ولكن:

أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هكذا يا سعد تورد الإبل

فهؤلاء المخلصين نحن كلامنا معهم، وإلا كل جماعة فيهم مغرضين، هؤلاء المخلصين ليتنادوا، ليجدوا شخصاً يدرسهم القرآن مثلاً والتجويد في مسجد من المساجد، في بيت من بيوت الله كما قال عليه السلام:«ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» .

أليس هذا أولى من هذه الشنططة ومن هذا التفرق إلى البلاد، ولا شك أنه إذا نصحتك آنفاً أنه إذا كنت ابتليت بعمل وفي الغرفة التي تعمل فيها بعض النساء، قلنا أنه هون بقى وأنا لا أعرف مضطر أو غير مضطر، لكن أنا أنصحك أن لا تعيش في جو كهذا، فما بالك الذي يعيش من هنا مثل الفلاح الذي لا يعرف ما هي المدينة التي فيها كل ما يشتهيه وما لا يشتهيه، و

بهذه الطائرة ذهبوا إلى بلاد الفسق والفجور، ورأوا أشكالاً وألوانا.

أين المناعة، أين التحصن الذي تحصنوه، لا تربوياً أخلاقياً، ولا علماً وفكراً وتوجيهاً، فما أدري أيضاً من هذه الناحية ما هي المسألة

مداخلة: رفقاً علي شوي، أنت ما شاء الله عندك بحر زاخر وأنا عندي كاس صغير بأخذ شوي شوي.

الشيخ: فيك البركة.

مداخلة: بارك الله فيك.

الشيخ: أرنا البركة التي عندك.

ص: 169

مداخلة: الله يبارك فيك.

الكلام الذي تفضلت فيه ممتاز، وأنا الحقيقة استفدت أشياء كثيرة من هذه الجلسة.

الشيخ: جزاك الله خير.

مداخلة: وجزى الله خير أخونا الذي طرح هذا الموضوع، وكما قلت الجلسة كانت لوجهي وهذا الكلام أيضاً لي.

الشيخ: جزاك الله خير، فأنا والحمد لله ما خاب ولا يخيب ظني فيك، فأنت اسم على مسمى.

مداخلة: بارك الله فيك.

الشيخ: نعم.

مداخلة: الكلام الذي تفضلت فيه بالنسبة أن الأفضل أن يجلسوا في المسجد ويتعلموا القرآن، هذا الحقيقة حاصل، يعني نحن في الخروج في سبيل الله نتعلم من بين الأشياء التي نتعلمها أو نركز عليها، طلب العلم مع الذكر، هذا من بين الصفات الست التي نتعلمها، أول واحدة: اليقين على لا إله إلا الله الإيمان، الثانية: الخشوع والخضوع، والثالثة: طلب العلم مع الذكر.

فيوصونا أنه احترام العلماء وتعظيم مجالس العلم، وضروري أن الإنسان يجلس إلى عالم دراسة منتظمة عنده، بحيث أنه يستفيد علم في جميع مجالات الدين، وخاصة ما يهمه، والحمد لله يعني، يا ريت لو كان لك أنت شخصياً حلقة علم نحافظ عليها باستمرار، فكان هذه أمنيتي من زمان من أول ما عرفتك هنا، لكن لظروفك الخاصة والأحوال التي تعيش، فهذا غير ممكن.

ص: 170

الشيخ: هذه الظروف الخاصة، ماذا تعني، تعرفها جيداً ظروفي الخاصة؟

مداخلة: والله ....

الشيخ: لأنه أخشى أنك ما تعرفها.

مداخلة: أعرف أنك ممنوع من إقامة حلقات علم في البيت عندك أو في المسجد.

الشيخ: حسن، لأنه أنا سمعت بعض الناس، لماذا الشيخ لا يخرج؟ وهم يقولوا هكذا معذورين، لأنهم لا يعرفون الحقيقة.

مداخلة: والله أنا أدافع عنك كثيراً، يسألونني هذا السؤال، لماذا؟ أقول لهم الشيخ يا أخي ممنوع من قبل الدولة، وهذا عذره.

الشيخ: المقصود أنه يجب الإنسان المسلم يعيش في الحقائق وليس في الأوهام.

مداخلة: بالضبط يعني.

الشيخ: خاصة فيما يتعلق بالإخوان المسلمين، فكثير من الناس يسألوا هذا السؤال، وينكروا في أنفسهم أو بألسنتهم بعضهم، فأنا خشيت أنه يكون تسرب إليك شيء من الفكرة أنه الشيخ لماذا لا يخرج، وأنت غير موجود عندك الجواب، عندك الجواب العام الذي ذكرته آنفاً، لذلك أنا ركزت أن أعرف ما هو، فأنت عارف بالضبط ما هو.

مداخلة: لا أنا أدافع عنك في هذا المجال يعني.

الشيخ: جزاك الله خير، والله أنا يا أستاذ عقل أنا لا أتكلم لكي تدافع عني، بل الصواب أنك تدافع عن نفسك؛ لأنه أنا أخوك المسلم.

ص: 171

مداخلة: بارك الله فيك.

الشيخ: لكن كثير من الناس يظنوا أنه إذا طعن الناس في بغير حق، أنا بضجر وبنرفز وبزهق من الحياة، أنا والله بتذكر في بعض ما كنت قرأت عن الحسن البصري رحمه الله التابعي الجليل أنه بلغه كلمة عن بعض حاقديه وحاسديه، وأنه يستغيبهم.

مداخلة: عفواً كلمة لغوية على الهامش استفسار عن كلمة، هل يجوز أن أقول: حاقديه؟ حاسديه صحيح أما حاقديه؟

الشيخ: سؤالك يعني من الناحية الشرعية أو العربية؟

مداخلة: لا، اللغوية.

الشيخ:

ليش لا.

مداخلة: نقول الحاقدين عليه.

الشيخ: نحن نضيف الضمير إلى الحقد ونسقط النون، وتصير حاقديه مثل ظالميه أو الظالمون له.

مداخلة: نعم صحيح.

الشيخ: الشاهد، فنادى الغلام تبعه أنه خذ هذا الطبق فيه من كل فاكهة زوجاً وقدمه إلى فلان قل له: هذا يقول لك فلان، جزاء الحسنات التي ترسلها إلي تباعاً.

فأنا الحقيقة لا أضجر لنفسي من هذه الناحية؛ لأني أنا كسبان، لو ظلمني إنسان وهذا موجود مادياً، ليس كثير أهم أنه أحصل هذا الحق منه، لكن إذا طلع بيدي لا أقصر. ضع في بالك، لكن إذا احتاج الأمر إلى جهد كبير، أقول: الله

ص: 172

حسيبه، ويوم القيامة الله سيكفر لي من تكفير سيئاتي على حساب حسناته، فأنا سأكون الربحان يعني.

فأنا ليس قصدي أن الجماعة لا يتكلمون علي، لكن قصدي أنهم لا يقعوا في الخطأ، لا يقعوا في الغيبة. فأنا بفضل الله عز وجل لما كنت في دمشق بالرغم من شدة المخابرات عليَّ، واستدعيت مراراً وتكراراً إلى المخابرات وسجنت مرتين شهوراً .. وإلى آخره، ويرسل ورائي الشرطة وغيرها أنه ممنوع تخرج من دمشق في سبيل النشاط الذي تعمله، وهذه كل الحركات من الشيوخ وليس من الحكام الذي دائماً نحتج عليهم بأنهم يحكمون بغير ما أنزله الله، مع ذلك فأنا كنت دائماً أتمثل بالحكمة التي تروى عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، قال: لو كانت بيني وبين الشعب شعرة ما أتركها تنقطع، قيل له: كيف؟ قال: كلما أرخوا هم أشد أنا، وكلما يشدوا هم أرخي أنا، فلا أجعلها تنقطع.

أنا كنت أمشي مع هذه السياسة مع الجماعة هناك، ممنوع تخرج من البيت

مفهوم، جمعة جمعتين، شهر شهرين .. إلى آخره، حتى تصير القضية نسياً منسياً، يالا أتسأنف نشاطي من جديد، ويعود المشايخ ويقدموا استدعاءات، وبالمناسبة على سبيل أولاً العبرة، وثانياً على سبيل النكتة.

أنا لباسي كما تراني ممكن نقول لباس عام الناس أو شعبي، مرة المفتي العام هناك مات إلى رحمة الله، أُرْسِلت إليه استدعاء يقول عنها بالشام مضبَطة، من مفتي إدلب، إدلب تقع شمال سوريا غربها، ما بين حلب واللاذقية، فأنا نقلت الدعوة من دمشق إلى حمص، حمى، حلب، واستقررت بهذه المناطق، وبعد ذلك حولت غرباً إلى إدلب واللاذقية، إدلب بدأنا نتردد عليها وصار والحمد لله تجاوب جيد طيب، تحرك المفتي ضدنا وأرسل مضبطة، أن هذا الرجل يأتي

ص: 173

ويعمل فتن عندنا ويقول كذا ويفعل كذا .. إلى آخره، نرجو منعه، جاءتني ورقة من الشرطة بضرورة مقابلة وزير الداخلية، ذهبنا، يستجوبني وزير الداخلية أنك في عليك أقوال أنك تذهب تلك البلاد، وتعمل مشاكل وفتن، والشعب انقسم قسمين، وفعلاً انقسم قسمين، ناس ينصروا السنة وناس ينصروا البدعة، وهكذا سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

يقول الوزير: لذلك نحن مضطرين مع الأسف أن نبلغك أنك ممنوع تخرج من بلدك دمشق إلى تلك البلاد، لأنه أتانا مضبطة وهذا مفتى الجمهورية كلها، بعث طلب وهذا الشاهد الطلب نفي محمد ناصر الألباني إلى الجزيرة، الجزيرة عندنا يعني منطقة جرداء قاحلة ما بين العراق وتركيا أولاً.

مداخلة: الله أكبر.

الشيخ: أي نعم، أولاً

والثاني وهنا الشاهد والعبرة، ونزع الكسوة العلمية ثانياً، شو مخمن هذا المفتي المسكين الذي ما يعرف زمانه؟

مداخلة: انه جبة وعمامة.

الشيخ: نعم وين الجبة والعمامة.

الشاهد يعني لولا حزب البعث ومشايخ السوء كانت سوريا انقلبت كلها كتاب وسنة، لكن لكل أجل كتاب.

فأنا الحمد لله كنت نشيط هناك في الدعوة تماماً، أتينا إلى هنا بدأنانفس نشاط، إلى كان آخر اجتماع في بيت الشيخ أحمد عطية على السطح فيه

هل دخلت بيت أحمد ورأيت السطح؟

ص: 174

مداخلة: نعم.

الشيخ: واسع جداً، حض السطح الرواد، بعد كم يوم أتينا طلبتنا المخابرات .. إلى آخره، وبعد ذلك نفي على طول الخط بدون مهل أن الإنسان يغير ملابسه على الأقل، نُقِلْنا إلى سوريا، وبعد ذلك سافرت إلى بعض البلاد الأخرى هي الإمارات العربية وبقيت هناك ستة أشهر، فيما بعد سمح لنا بالرجوع إلى هنا، وأثثت بيت وأنفقت كل شيء ادخرته لهذا البناء هذا بشرط بس ما في اجتماعات، لكن تبارك الله أحسن الخالقين، لو أنا أردت أن أخطط لهذا لا يطلع بيدي.

مداخلة: أجت من باب الكريم.

الشيخ: أنا الآن جمعت كل همتي وكل نشاطي ما بقي من هذا النشاط في سبيل التأليف ونشر العلم بدون مواجهة ومقابلة، بواسطة الآثار والكتب مثلما أنت حضرتك تلك الساعة قلتها آنفاً كلمة طيبة، جزاك الله خيراً، فكتبي الآن في بريطانيا في ألمانيا في أمريكا، في أندونيسيا، في العالم كله، وقريباً جاءني مكتوب من أمريكا، مترجمين كتابي آداب الزفاف إلى اللغة الإنجليزية، ومترجمين في تركيا كتابي حجاب المرأة المسلمة، وصفة الصلاة يترجم في الهند أو الباكستان لا أدري، تحذير الساجد مترجم إلى آخره ..

مداخلة: هل يأخذون منك إذن مسبق بالترجمة؟

الشيخ: لا، الذي يصير بعد أن يجعلونا تحت أمر واقع وكثر خيرهم هؤلاء الذين يراجعونا بعد ذلك، أما بعض الناس إطلاقاً لا يسألوا.

مداخلة: يترجموا ويظل ..

ص: 175

الشيخ:

يعني ..

مداخلة: ما موقفك منهم؟

الشيخ: أنا كنت سأقول لك ما هو موقفي، موقفي كنت ذكرته لمن كان يقوم على طباعة كتبي وهو المكتب الإسلامي في دمشق سابقاً، ثم في لبنان لاحقاً.

مداخلة:

الشيخ: نعم، قبل ما أستوطن هنا في هذا البلد، كنت أتردد من دمشق إلى بيروت، في مائة كيلو متر يعني، وعندي سيارة هناك لا بأس فيها كان، حدثني ذات يوم لما ذهبت إليه، أن هذا المفتي الكبير حسن الشربتلي، هل تسمع فيه في جدة.

مداخلة: نعم، سعودي. نعم.

مداخلة: .. الصابوني.

الشيخ: نعم تمام، هذا الرجل طبع كتابي صفة الصلاة، طبع منه أربعين ألف نسخة، وكتب عليها يوزع مجاناً، صاحبنا صاحب المكتب يريد أن يقيم دعوة عليه؛ لأنه طبع بدون إذن، لا من المؤلف ولا من الناشر.

وهو يعرف أن القوة الأساسية من المؤلف، إذا قدم اعتراض يعني، وبعدين في المنزلة الثانية الناشر، قلت له: والله يا أستاذ، ما دام وضع يوزع مجاناً أنا ليس لي كلام، بل أنا أشكر كل واحد لا يتاجر بكتبي تجارة مادية وإنما يرجو أجر الآخرة، فأنا شريك معه فيها، وأشكره على ذلك.

أما يتاجر مادياً على أكتافي أنا وأكتاف الناشر، فهذا هو الظلم بعينه ولا نرضاه، لكن ما لنا حيلة، ما نستطيع نحط دأبنا بدأب السارقين وما أكثرهم في

ص: 176

هذا الزمان، أظن أعطيتك جواب سؤالك أو بقي شيء؟

مداخلة: أحسنت بارك الله فيك.

الشيخ: جزاك الله خير.

الشاهد إن هذا المنع من الدعوة فرض علي الجلوس هنا لكي أتابع أنا مشاريعي العلمية. نعم.

مداخلة: يا أستاذنا نريد استفسار لو سمحت.

الشيخ: خير. تفضل.

مداخلة: الله يبارك فيك.

(الهدى والنور / 276/ 34: 00: 00)

ص: 177