المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يجمع كل وَاحِدَة أَقْوَامًا من المتألهين والملوك والحكماء ذَوي الرَّأْي - حجة الله البالغة - جـ ١

[ولي الله الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الإبداع والخلق وَالتَّدْبِير)

- ‌(بَاب ذكر عَالم الْمِثَال)

- ‌(بَاب ذكر الْمَلأ الْأَعْلَى)

- ‌(بَاب ذكر سنة الله الَّتِي أُشير إِلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلا} )

- ‌(بَاب حَقِيقَة الرّوح)

- ‌(بَاب سر التَّكْلِيف)

- ‌(بَاب انْشِقَاق التَّكْلِيف من التَّقْدِير)

- ‌(بَاب اقْتِضَاء التَّكْلِيف المجازاة)

- ‌(بَاب اخْتِلَاف النَّاس فِي جبلتهم المستوجب لاخْتِلَاف أَخْلَاقهم وأعمالهم ومراتب كمالهم)

- ‌(بَاب فِي أَسبَاب الخواطر الباعثة على الْأَعْمَال)

- ‌(بَاب لصوق الْأَعْمَال بِالنَّفسِ وأحصائها عَلَيْهَا)

- ‌(بَاب ارتباط الْأَعْمَال بالهيئات النفسانية)

- ‌(بَاب أَسبَاب المجازاة)

- ‌(المبحث الثَّانِي)

- ‌(مَبْحَث كَيْفيَّة المجازاة فِي الْحَيَاة وَبعد الْمَمَات)

- ‌(بَاب الْجَزَاء على الْأَعْمَال فِي الدُّنْيَا)

- ‌(بَاب ذكر حَقِيقَة الْمَوْت)

- ‌(بَاب اخْتِلَاف أَحْوَال النَّاس فِي البرزخ)

- ‌(بَاب ذكر شَيْء من أسرار الوقائع الحشرية)

- ‌(المبحث الثَّالِث)

- ‌(مَبْحَث الارتفاقات)

- ‌(بَاب كَيْفيَّة استنباط الارتفاقات)

- ‌(بَاب الارتفاق الأول)

- ‌(بَاب فن أداب المعاش)

- ‌(بَاب تَدْبِير الْمنزل)

- ‌(بَاب فن الْمُعَامَلَات)

- ‌(بَاب سياسة الْمَدِينَة)

- ‌(بَاب سيرة الْمُلُوك)

- ‌(بَاب سياسة الأعوان)

- ‌(بَاب الارتفاق الرَّابِع)

- ‌(بَاب اتِّفَاق النَّاس على أصُول الارتفاقات)

- ‌(بَاب الرسوم السائرة فِي النَّاس)

- ‌(المبحث الرَّابِع)

- ‌(مَبْحَث السَّعَادَة)

- ‌(بَاب حَقِيقَة السَّعَادَة)

- ‌(بَاب اخْتِلَاف النَّاس فِي السَّعَادَة)

- ‌(بَاب توزع النَّاس فِي كَيْفيَّة تَحْصِيل هَذِه السَّعَادَة)

- ‌(بَاب الْأُصُول الَّتِي يرجع إِلَيْهَا تَحْصِيل الطَّرِيقَة الثَّانِيَة)

- ‌(بَاب طَرِيق اكْتِسَاب هَذِه الْخِصَال وتكميل ناقصها ورد فائتها)

- ‌(بَاب الْحجب الْمَانِعَة عَن ظُهُور الْفطْرَة)

- ‌(بَاب طَرِيق رفع هَذِه الْحجب)

- ‌(المبحث الْخَامِس)

- ‌(مَبْحَث الْبر وَالْإِثْم)

- ‌(مُقَدّمَة فِي بَيَان حَقِيقَة الْبر وَالْإِثْم)

- ‌(بَاب التَّوْحِيد)

- ‌(بَاب فِي حَقِيقَة الشّرك)

- ‌(بَاب أَقسَام الشّرك)

- ‌(بَاب الْإِيمَان بِصِفَات الله تَعَالَى)

- ‌(بَاب الْإِيمَان بِالْقدرِ)

- ‌(بَاب الْإِيمَان بِأَن الْعِبَادَة حق الله تَعَالَى على عباده لِأَنَّهُ منعم عَلَيْهِم مجَاز لَهُم بالارادة)

- ‌(بَاب تَعْظِيم شَعَائِر الله تَعَالَى)

- ‌(بَاب أسرار الْوضُوء وَالْغسْل)

- ‌(بَاب أسرار الصَّلَاة)

- ‌(بَاب أسرار الزَّكَاة)

- ‌(بَاب أسرار الصَّوْم)

- ‌(بَاب أسرار الْحَج)

- ‌(بَاب أسرار انواع من الْبر)

- ‌(بَاب طَبَقَات الاثم)

- ‌(بَاب مفاسد الآثام)

- ‌(بَاب فِي الْمعاصِي الَّتِي هِيَ فِيمَا بَينه وَبَين نَفسه)

- ‌(بَاب الآثام الَّتِي هِيَ فِيمَا بَينه وَبَين النَّاس)

- ‌(المبحث السَّادِس)

- ‌(مَبْحَث السياسات الملية)

- ‌(بَاب الْحَاجة إِلَى هداة السبل ومقيمى الْملَل)

- ‌(بَاب حَقِيقَة النُّبُوَّة وخواصها)

- ‌(بَاب بَيَان أَن أصل الدّين وَاحِد والشرائع والمناهج مُخْتَلفَة)

- ‌(بَاب أَسبَاب نزُول الشَّرَائِع الْخَاصَّة بعصر دون عصر وَقوم دون قوم)

- ‌(بَاب أَسبَاب الْمُؤَاخَذَة على المناهج)

- ‌(بَاب أسرار الحكم وَالْعلَّة)

- ‌(بَاب الْمصَالح الْمُقْتَضِيَة لتعيين الْفَرَائِض والأركان والآداب وَنَحْو ذَلِك)

- ‌(بَاب أسرار الْأَوْقَات)

- ‌(بَاب أسرار الْأَعْدَاد والمقادير)

- ‌(بَاب أسرار الْقَضَاء والرخصة)

- ‌(بَاب إِقَامَة الارتفاقات واصلاح الرسوم)

- ‌(بَاب الْأَحْكَام الَّتِي يجر بَعْضهَا لبَعض)

- ‌(بَاب ضبط الْمُبْهم وتميز الْمُشكل والتخريج من الْكُلية وَنَحْو ذَلِك)

- ‌(بَاب التَّيْسِير)

- ‌(بَاب أسرار التَّرْغِيب والترهيب)

- ‌(بَاب طَبَقَات الْأمة بِاعْتِبَار الْخُرُوج إِلَى الْكَمَال الْمَطْلُوب أَو ضِدّه)

- ‌(بَاب الْحَاجة إِلَى دين ينْسَخ الْأَدْيَان)

- ‌(بَاب احكام الدّين من التحريف)

- ‌(بَاب أَسبَاب اخْتِلَاف دين نَبينَا صلى الله عليه وسلم وَدين الْيَهُود والنصرانية)

- ‌(بَاب أَسبَاب النّسخ)

- ‌(بَاب بَيَان مَا كَانَ عَلَيْهِ حَال أهل الْجَاهِلِيَّة فاصلحه النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌(المبحث السَّابِع مَبْحَث استنباط الشَّرَائِع من حَدِيث النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب بَيَان أَقسَام عُلُوم النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب الْفرق بَين الْمصَالح والشرائع)

- ‌(بَاب كَيْفيَّة تلقي الْأمة الشَّرْع من النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب طَبَقَات كتب الحَدِيث)

- ‌(بَاب كَيْفيَّة فهم المُرَاد من الْكَلَام)

- ‌(بَاب كَيْفيَّة فهم الْمعَانِي الشَّرْعِيَّة من الْكتاب وَالسّنة)

- ‌(بَاب الْقَضَاء فِي الْأَحَادِيث الْمُخْتَلفَة)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(بَاب أَسبَاب اخْتِلَاف الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فِي الْفُرُوع)

- ‌(بَاب أَسبَاب اخْتِلَاف مَذَاهِب الْفُقَهَاء)

- ‌(بَاب الْفرق بَين أهل الحَدِيث وَأَصْحَاب الرَّأْي)

- ‌(بَاب حِكَايَة حَال النَّاس قبل الْمِائَة الرَّابِعَة وَبعدهَا)

- ‌(فصل)

- ‌(الْقسم الثَّانِي

- ‌(فِي بَيَان أسرار مَا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَفْصِيلًا)

- ‌(من أَبْوَاب الْإِيمَان)

- ‌(من أَبْوَاب الِاعْتِصَام بِالْكتاب وَالسّنة)

- ‌(من أَبْوَاب الطَّهَارَة)

- ‌(فصل فِي الْوضُوء)

- ‌(صفة الْوضُوء)

- ‌(مُوجبَات الْوضُوء)

- ‌(الْمسْح على الْخُفَّيْنِ)

- ‌(صفة الْغسْل)

- ‌(مُوجبَات الْغسْل)

- ‌(مَا يُبَاح للْجنب والمحدث وَمَا لَا يُبَاح لَهما)

- ‌(التَّيَمُّم)

- ‌(آدَاب الْخَلَاء)

- ‌(خِصَال الْفطْرَة ومأ يتَّصل بهَا)

- ‌(أَحْكَام الْمِيَاه)

- ‌(تَطْهِير النَّجَاسَات)

- ‌(من أَبْوَاب الصَّلَاة)

- ‌(فضل الصَّلَاة)

- ‌(أَوْقَات الصَّلَاة)

- ‌(الْأَذَان)

- ‌(الْمَسَاجِد)

- ‌(ثِيَاب الْمُصَلِّي)

- ‌(الْقبْلَة)

الفصل: يجمع كل وَاحِدَة أَقْوَامًا من المتألهين والملوك والحكماء ذَوي الرَّأْي

يجمع كل وَاحِدَة أَقْوَامًا من المتألهين والملوك والحكماء ذَوي الرَّأْي الثاقب من عربهم وعجمهم ويهودهم ومجوسهم وهنودهم ونشرح كَيْفيَّة توليدها فِي انقياد البهيمية للقوة الملكية، وَبَعض فوائدها حَسْبَمَا جربنَا على أَنْفُسنَا غير مرّة، وَأدّى إِلَيْهِ الْعقل السَّلِيم، وَالله أعلم.

(بَاب التَّوْحِيد)

أصل أصُول الْبر، وعمدة أَنْوَاعه هُوَ التَّوْحِيد، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يتَوَقَّف عَلَيْهِ الإخبات لرب الْعَالمين، الَّذِي هُوَ أعظم الْأَخْلَاق الكاسبة للسعادة وَهُوَ أصل التَّدْبِير العلمي الَّذِي هُوَ أفيد التدبيرين، وَبِه يحصل للْإنْسَان التَّوَجُّه التَّام تِلْقَاء الْغَيْب، ويستعد نَفسه للحوق بِهِ بِالْوَجْهِ الْمُقَدّس، وَقد نبه النَّبِي صلى الله عليه وسلم على عظم أمره، وَكَونه من أَنْوَاع الْبر بِمَنْزِلَة الْقلب إِذا صلح صلح الْجَمِيع، وَإِذا فسد فسد الْجَمِيع، حَيْثُ أطلق القَوْل فِيمَن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْء شَيْئا أَنه دخل الْجنَّة، أَو حرمه الله على النَّار، أَو لَا يحجب من الْجنَّة وَنَحْو ذَلِك من الْعبارَات، وَحكى عَن ربه تبارك وتعالى " من لَقِيَنِي بقراب الأَرْض خَطِيئَة لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا لَقيته بِمِثْلِهَا مغْفرَة ".

وَاعْلَم أَن التَّوْحِيد أَربع مَرَاتِب.

إِحْدَاهَا: حصر وجوب الْوُجُود فِيهِ تَعَالَى، فَلَا يكون غَيره وَاجِبا.

وَالثَّانيَِة: حصر خلق الْعَرْش وَالسَّمَوَات وَالْأَرْض وَسَائِر الْجَوَاهِر فِيهِ تَعَالَى، وَهَاتَانِ المرتبتان لم تبحث الْكتب الإلهية عَنْهُمَا، وَلم يُخَالف فيهمَا مشركو الْعَرَب، وَلَا الْيَهُود، وَلَا النَّصَارَى، بل الْقُرْآن الْعَظِيم ناص على أَنَّهُمَا من الْمُقدمَات الْمسلمَة عِنْدهم.

وَالثَّالِثَة: حصر تَدْبِير السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِيهِ تَعَالَى.

وَالرَّابِعَة: أَنه لَا يسْتَحق غَيره الْعِبَادَة، وهما متشابكتان متلازمتان لربط طبيعي بَينهمَا.

وَقد اخْتلف فيهمَا طوائف من النَّاس معظمهم ثَلَاثَة فرق:

النجامون ذَهَبُوا إِلَى أَن النُّجُوم تسْتَحقّ الْعِبَادَة، وَأَن عبادتها تَنْفَع فِي

الدُّنْيَا، وَرفع الْحَاجَات إِلَيْهَا حق، قَالُوا: قد تحققنا أَن لَهَا أثرا عَظِيما فِي الْحَوَادِث اليومية وسعادة

ص: 115

الْمَرْء وشقاوته وَصِحَّته وسقمه، وَأَن لَهَا نفوساً مُجَرّدَة عَاقِلَة تبعثها على الْحَرَكَة، وَلَا تغفل عَن عبادها، فبنوا هيا كل على أسمائها وعبدوها

وَالْمُشْرِكُونَ وافقوا الْمُسلمين فِي تَدْبِير الْأُمُور الْعِظَام، وَفِيمَا أبرم وَجزم، وَلم يتْرك لغيره خيرة، وَلم يوافقوهم فِي سَائِر الْأُمُور، ذَهَبُوا إِلَى أَن الصَّالِحين من قبلهم عبدُوا الله وتقربوا إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُمْ الله الألوهية، فاستحقوا الْعِبَادَة من سَائِر خلق الله، كَمَا أَن ملك الْمُلُوك يَخْدمه عَبده، فَيحسن خدمته، فيعطيه خلعة الْملك، ويفوض إِلَيْهِ تَدْبِير بلد من بِلَاده، فَيسْتَحق السّمع وَالطَّاعَة من أهل ذَلِك الْبَلَد، وَقَالُوا: لَا تقبل عبَادَة الله إِلَّا مَضْمُومَة بعبادتهم بل الْحق فِي غَايَة التعالي، فَلَا تفِيد عِبَادَته تقربا مِنْهُ، بل لَا بُد من عبَادَة هَؤُلَاءِ ليقربوا إِلَى الله زلفى، وَقَالُوا هَؤُلَاءِ يسمعُونَ، ويبصرون، ويشفعون لعبادهم، ويدبرون أُمُورهم، وينصرونهم، فنحتوا على أسمائهم أحجارا، وجعلوها قبْلَة عِنْد توجههم إِلَى هَؤُلَاءِ، فخلف من بعدهمْ خلف، فَلم يفطنوا للْفرق بَين الْأَصْنَام وَبَين من هِيَ على صورته، فظنوها معبودات بِأَعْيَانِهَا، وَلذَلِك رد الله تَعَالَى عَلَيْهِم تَارَة بالتنبيه على أَن الحكم وَالْملك لَهُ خَاصَّة، وَتارَة بِبَيَان أَنَّهَا جمادات.

{ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا أم لَهُم أيد يبطشون بهَا أم لَهُم أعين يبصرون بهَا أم لَهُم آذان يسمعُونَ بهَا} .

وَالنَّصَارَى ذَهَبُوا إِلَى أَن للمسيح عليه السلام قربا من الله، علوا على الْخلق، فَلَا يَنْبَغِي أَن يُسمى عبدا، فيسوى بِغَيْرِهِ، لِأَن هَذَا سوء أدب مَعَه واهمال لقُرْبه من الله، ثمَّ مَال بَعضهم عِنْد التَّعْبِير عَن تِلْكَ الخصوصية إِلَى تَسْمِيَته ابْن الله نظرا إِلَى أَن الْأَب يرحم الابْن، ويربيه على عَيْنَيْهِ، وَهُوَ

فَوق العبيد؛ فَهَذَا الِاسْم أولى بِهِ وَبَعْضهمْ إِلَى تَسْمِيَته بِاللَّه نظرا إِلَى أَن الْوَاجِب حل فِيهِ، وَصَارَ دَاخله، وَلِهَذَا يصدر مِنْهُ آثَار لم تعهد من الْبشر، مثل إحْيَاء الْأَمْوَات، وَخلق الطين، فَكَلَامه كَلَام الله، وعبادته هِيَ عبَادَة الله، فخلف بعدهمْ خلف لم يفطنوا لوجه التَّسْمِيَة، وكادوا يجْعَلُونَ النُّبُوَّة حَقِيقِيَّة، أَو يَزْعمُونَ أَنه الْوَاجِب من جَمِيع الْوُجُوه، وَلذَلِك رد الله تَعَالَى عَلَيْهِم تَارَة. بِأَنَّهُ لَا صَاحِبَة لَهُ وَتارَة بِأَنَّهُ بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض.

{إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} .

وَهَذِه الفرف الثَّلَاث لَهُم دعاوى عريضة وخرافات كَثِيرَة لَا تخفى على المتتبع، وَعَن هَاتين المرتبتين بحث الْقُرْآن الْعَظِيم، ورد على الْكَافرين شبهتهم ردا مشبعا.

ص: 116