الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاالله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُسْلمونَ} ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} .
أما بعد: فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
«فإن الخطابة إحدى وسائل الدعوة إلى الله جل وعلا، وهي من أهم وسائل التربية والتوجيه والتأثير، لذا فقد كانت جزءًا من مهمة الأنبياء عليهم السلام في دعوة أقوامهم إلى توحيد الله عز وجل وطاعته، وتحذيرهم من غضبه وبطشه، وأليم عقابه، ليقلعوا عما هم عليه من ضلال وفساد عقدي، وخلقي، واجتماعي.
وما زالت الخطابة ـ أيضًا ـ وسيلة ناجحة من الوسائل التي يلجأ إليها المصلحون، والعلماء، والدعاة، والقادة في كل العصور لتحريك العقول، وبعث الثقة في النفوس للدفاع عن فكرة معينة، أو النهوض بمهمة معينة.
وإن خطبة الجمعة تتميز بمزايا، وتختص بخصائص لا تتوفر في أي نوع من أنواع الخطب الأخرى، حيث إنها تمثل شعيرة من شعائر الإسلام، وتتم في جو مهيب خاشع تتهيأ فيه النفوس للتلقي والاستماع، ويشعر المسلم فيه أنه في صلاة وطاعة لله عز وجل، كما أنها تتميز بوجوب الإنصات إلى الخطيب، وعدم التشاغل عنه، مما يفردها عن سائر الخطب، والمحاضرات، والندوات التي لا ينطبق عليها الحكم الشرعي نفسه.
وتتميز خطبة الجمعة أيضًا بالاستمرارية والتكرار في كل أسبوع، ففي العام الواحد يستمع المصلي لاثنتين وخمسين خطبة، وهذا يمثل مساقًا دراسيًا متكاملًا، فإذا أحسِن إعداده كانت آثاره جليلة، وثمراته عظيمة.
وتتميز خطبة الجمعة إلى جانب ذلك بتنوع الحاضرين إليها، وباختلاف مستوياتهم وطبقاتهم العلمية، والاجتماعية، فإن الخطيب في خطبة الجمعة يخاطب جميع فئات المجتمع، وهذا التنوع يعني تذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ طرائق الإصلاح الاجتماعية، فإن العامل وصاحب العمل، والطالب والمعلم، والموظف والرئيس كلهم يخاطَبون في آنٍ واحد، ويوضعون أمام مسؤولياتهم، فلا تخاطَب فئة منهم في غياب الفئة الأخرى، ولا تحمل المسئولية على فئة منهم دون الأخرى». (1)
وهذا الكتاب (دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ) محاولة لإعداد موضوعات متكاملة يستفيد منها الخطيب وغيره في إعداد خطبة الجمعة وغيرها من المواعظ. وقد جمعتها من كتب أهل العلم، ومن مواقع الخطب على الشبكة العنكبوتية مع تعديلها بالحذف أو الإضافة بما يناسب منهج الكتاب.
وتشتمل هذه الموضوعات على أدلة من الكتاب والسنة الصحيحة مع ما تيسر من الآثار والقصص والأشعار، مع الحرص على تجنب الأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ حيث إن في الصحيح ما يُغني عن الضعيف.
(1)((باختصار من (خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة)، إعداد: عبد الغني أحمد جبر مزهر.
الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية.
والاعتماد في الحكم على الأحاديث في الغالب على كتب الشيخ الألباني رحمه الله، وفي النادر على كتب الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، أو الكتب التي أشرف على تحقيقها الشيخ مصطفى العدوي، حفظه الله.
أما طريقة عرض الخطبة فمتروكة للخطيب بما يناسب قدراته ومنهجه في العرض وبما يناسب جمهور مستمعيه.
وقد يلاحظ الخطيب أن في بعض الخطب طولًا فاحشًا، ولكن هذا لا يعني أنه يقولها كلها في خطبة واحدة ـ فإن من السنة عدم إطالة الخطبة ـ بل الغرض من ذلك توفير المزيد من العناصر التي تتيح له فرصة الانتقاء منها إذا لزم الأمر.
واللهَ نسأل أن ينفع المسلمين بهذه الورقات وأن يرزقنا الإخلاص في السر والعلن، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه ـ سيدنا محمد ـ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
شحاتة محمد صقر
saqrmhm@gawab.com