الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 - أسباب السعادة وصفات السعداء
إن من يريد أن ينال السعادة، وهو لم يأخذ بأسبابها يصدق عليه قول الشاعر:
ترجُو النجاةَ ولم تسلُكْ مسالكَها
…
إنّ السفينةَ لا تجري على اليَبَسِ
فلنقف معا على أسباب السعادة وصفات السعداء لعل الله عز وجل أن يوفقنا للأخذ بها إنه جواد كريم:
1 -
الإيمان بالله، والعمل الصالح:
يقول الله تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (النحل: من الآية97) أي فلنحيينه حياة سعيدة.
وكلنا يريد الحياة الطيبة، فعلينا بالعمل الصالح مع الإيمان:{مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (المائدة: من الآية69).
وفي حديث أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (رواه مسلم).
وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يجد راحته ولذته في الصلاة والطاعة، كان يقول:«أقِمِ الصَّلَاةَ يَا بِلَالُ، أرِحْنَا بِالصَّلَاة» (رواه أحمد وأبو داود).
بينما نجد كثيرًا من الناس يقول: أرحنا من الصلاة، نحن في غم، في هم، نحن مشغولون عن الصلاة - هكذا يقولون - والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول:«وجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» (رواه أحمد والنسائي).
ولنعرّج على مثال حي واقعي، لنرى كيف يفعل الإيمان بأصحابه، كيف يجعلهم يشعرون بالسعادة في كل الأحوال!! الإمام ابن تيمية رحمه الله عُذب وسُجن وطُرد، ومع هذا نجده يقول، وهو في قلعة دمشق، في آخر مرحلة من مراحل إيذائه وجهاده،
2 -
الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره: فكله من الله سبحانه وتعالى فاعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك.
وهذه الصفة من أهم صفات السعداء، إذ لا يمكن أن تحصل السعادة إلا لمن يؤمن بالله، ومن الإيمان بالله الإيمان بقضائه وقدره، والرضا بقسمه، لأن الإنسان في هذه الحياة لا بد أن ينتابه شيء من الهموم والمصائب، فإن لم يؤمن بالقضاء والقدر، هلك. ولنضرب مثلا للإيمان بالقضاء والقدر، وأثره في سعادة الإنسان:
وفي الحكاية الصحيحة الثابتة ـ كما يقول الشيخ أبو إسحق الحويني ـ: أن عروة بن الزبير بن العوام ـ وهو أحد التابعين الكبار ـ رحمه الله ورضي عن أبيه ـ رحل إلى الوليد عبد الملك بن مروان، وكان في رجله مرض ودبت إلى رِجْله الآكلة (السرطان)، فلما وصل إلى عبد الملك بن مروان استشرى المرض في رجله، فقال الطبيب له: لا حل إلا أن نقطعها لك، قال: وكيف ذلك؟ قالوا: تشرب خمرًا حتى نستطيع أن نقطعها لك فلا تتألم. فقال: ما كنت لأستعين على دفع بلاء الله بمعصية الله، ولكن دعوني حتى إذا دخلت في الصلاة فاقطعوها.
فلما دخل في الصلاة قطعوها فما أحس بها، وبعد أيام من قطع رِجْله، سقط ولده من على سطح الدار فمات، ـ وكان عنده سبعة أولاد ـ فبلغ ذلك عروة فقال:«اللهم لك الحمد، أخذت واحدًا وأبقيت ستة، وأخذت عضوًا وأبقيت ثلاثة، اللهم لئن ابتليت فلقد عافيت، ولئن أخذت فلقد أبقيت» .
قال الشيخ أبو إسحق الحويني: «لولا أن أسانيد هذه القصة صحيحة لما كاد المرء يصدقها!» .
هذا هو الإيمان الصادق بالقضاء والقدر، ولكن أين أمثال هؤلاء التقاة الخاضعين لله، المسَلّمين لمشيئته، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت:35).
3 -
الإكثار من ذكر الله عز وجل وقراءة القرآن:
قال عز وجل: {أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28).
إن من داوم على ذكر الله يعش سعيدا مطمئن القلب. أما من أعرض عن ذكر الله، فهو من التعساء البؤساء. {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف:36). {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه:124).
{فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (الزمر: من الآية22).
5 -
انشراح الصدر وسلامته من الأدغال:
في القرآن الكريم آيات عديدة في مقام الانشراح، فقد حكى الله عز وجل عن موسى عليه السلام؛ قوله {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} (طه: من الآية25).
وقال تعالى ممتنا على رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (الشرح:1). وقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} (الأنعام:125).ويقول عز وجل: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} (الزمر:22).
فانشراح الصدر وطلبه من علامات السعادة وصفات السعداء.
5 -
الإحسان إلى الناس: وهذا أمر مجرب، ومشاهد، فإننا نجد الذي يحسن إلى الناس من أسعد الناس، ومن أكثرهم قبولا في الأرض.
6 -
النظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا وإلى من هو فوقك في أمور الآخرة:
كما ورد في التوجيه النبوي الكريم حين قال صلى الله عليه وآله وسلم: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ؛ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ» (رواه مسلم).
هذا في أمور الدنيا، لأنك إذا تذكرت من هو دونك، علمت فضل الله عليك فإنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ:«إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ» (رواه مسلم).
أما في أمور الآخرة فانظر إلى من هو أعلى منك، لتدرك تقصيرك وتفريطك، لا تنظر إلى من هلك كيف هلك، ولكن انظر إلى من نجا كيف نجا.
7 -
قصر الأمل وعدم التعلق بالدنيا، والاستعداد ليوم الرحيل:
فالحياة قصيرة. فلا تقصرها بالهم والأكدار. وهاك يا أخي هذه المحاورة القيمة التي دارت بين نفر، من المتخلين عن الدنيا، المتأهبين ليوم الرحيل.
جلس نفر من الصالحين يتذاكرون، ويتساءلون حول قصر الأمل.
فقيل لأحدهم: ما بلغ منك قصر الأمل؟ فقال: بلغ مني قصر الأمل أنني إذا رفعت اللقمة إلى فمي، لا أدري أأتمكن مِن أكلِها أم لا!!
ووجه السؤال نفسه إلى آخر، فأجاب بقريب من ذلك.
ولما سئل ثالثهم عن مبلغ قصر الأمل في نفسه. قال: بلغ مني قصر الأمل أني إذا خرج مني النفس، لا أدري أيرجع أم لا!!
إن الحياة ـ يا أخي ـ قصيرة، فلا تزِدْها قصرًا ومحقًا بالهموم والأكدار.
8 -
اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الآخرة لا في الدنيا:
قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (هود:108).
ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «الدُنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ» (رواه مسلم).
وهنا قصة عجيبة للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله:خرج يوما بأبهته ـ وكان رئيس القضاة بمصر ـ فإذا برجل يهودي، في حالة رَثّة، فقال اليهودي: قف.
فوقف ابن حجر. فقال له: كيف تفسر قول رسولكم: «الدُنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ» ، وها أنت تراني في حالة رثة وأنا كافر، وأنت في نعيم وأبهة مع أنك مؤمن؟!».
فقال اليهودي: أكذلك؟
قال: نعم.
فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
9 -
مصاحبة الأخيار والرفقة الصالحة:
ولا يستطيع أحد أن ينكر أثر القرين على قرينه، فهو مشهود، ومجرب، وواضح من خلال الواقع، ومن خلال التاريخ.
ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً» (متفق عليه).
10 -
أن تعلم أن أذى الناس خير لك ووبال عليهم:
قال إبراهيم التيمي: «إن الرجل ليظلمني، فأرحمه» .
ويروى أن الإمام ابن تيمية رحمه الله أساء إليه عدد من العلماء وعدد من الناس، وسجن في الإسكندرية، فلما خرج، قيل له: أتريد أن تنتقم ممن أساء إليك؟ فقال: «قد أحللت كل من ظلمني، وعفوت عنه» تحية طيبة وبعد
أحَلَّهم جميعًا؛ لأنه يعلم أن ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة.
ويحكي الفضيل بن عياض: أنه كان في الحرم، فجاء خراساني يبكي، فقال له: لماذا تبكي؟ قال: فقدت دنانير، فعلمت أنها سرقت مني، فبكيت.
قال: أتبكي من أجل الدنانير؟ قال: لا، لكني بكيت، لعلمي أني سأقف بين يدي الله أنا وهذا السارق، فرحمت السارق، فبكيت.
وبلغ أحد السلف أن رجلًا اغتابه، فبحث عن هدية جميلة ومناسبة، ثم ذهب إلى الذي اغتابه، وقدم إليه الهدية، فسأله عن سبب الهدية.
فقال: إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أتَى إليْكُمْ مَعْرُوفًا فَكافِئُوه» (1) وإنك أهديت لي حسناتك، وليس عندي مكافأة لك إلا من الدنيا. سبحان الله!!
11 -
الكلمة الطيبة، ودفع السيئة بالحسنة:
قال الله تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت:34).فتأمل يا أخي هذا الإرشاد الإلهي العظيم. وقال تعالى واصفًا عباده المؤمنين: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (الفرقان: 72).
12 -
الالتجاء إلى الله عز وجل وكثرة الدعاء:
وقد كان ذلك من هدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ» (رواه مسلم).
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» . (حسن رواه أبو داود)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَخْدِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَضَلْعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» (صحيح رواه أبو داود). (ضَلْعِ الدَّيْنِ) أَيْ ثِقَله وَشِدَّته وَذَلِكَ حِين لَا يَجِدُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْن وَفَاءَهُ لَا سِيَّمَا مَعَ الْمُطَالَبَة. (وَغَلَبَة الرِّجَال): أَيْ قَهْرهمْ وَشِدَّة تَسَلُّطهمْ عَلَيْهِ. وَالْمُرَاد بِالرِّجَالِ الظَّلَمَة أَوْ الدَّائِنُونَ.
• وختامًا:
أدعوك أيها المسلم لتلحق بركب السعداء، سعادة حقيقية غير وهمية. لتفوز بالحياة الطيبة الهانئة بعيدا عن الأكدار والمنغصات وذلك بتحقيق معنى الإيمان بالله
(1)((قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أتَى إليْكُم معروفًا فكافئُوه، فإن لم تجِدُوا فادْعُوا لَهُ». (صحيح رواه الطبراني).
والعمل الصالح في نفسك. فإن الله عز وجل يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97).
قُل للذي يبْغِي السعادةَ
…
هل علِمتَ مَنِ السعيدْ؟
إنّ السعادةَ أنْ تعيش
…
لفكرةِ الحقِّ التليدْ
لعقيدةٍ كبرَى تحلّ قضيةَ الكونِ العتيدْ
وتجيبُ عما يسألُ الحيرانَ
…
في وعيٍ رشيدْ
مِن أينَ جئتُ؟ وأين أذهبُ؟
…
لِم خلقتُ؟ وهل أعودْ؟
فتشيعُ في النفسِ اليقينَ وتطردُ الشكَّ العنيدْ
وتعلم الفكرَ السوِيَّ
…
وتصنعُ الخُلُقَ الحميدْ
هذِي العقيدةُ للسعيدِ
…
هي الأساسُ هي العمودْ
مَن عاشَ يحملُها ويهتفُ
…
باسمِها فهو السعيدْ
المالُ والجاهُ الحلالُ يراهُ أدْنَى ما يُريدْ
فإذا استفادَ المالَ
…
فهو لخيرِ أمتِه رصيدْ
والجاهُ عدتُه لنفعِ الناسِ
…
مِن بِيضٍ وسُودْ
فيعيش مِن معروفِه
…
في مِثْل سلطانِ الرشيدْ
مَلِكًا تحيط به القلوبُ
…
ولا تحيطُ به الجنودْ
ويعيش مِن أخلاقِه
…
في عالمِ الخيرِ المديدْ
حُلْوَ الشمائلِ في حياءِ
…
الزهرِ، في طُهْرِ الوليدْ
يحيا بقلبٍ مِن حريرٍ
…
لا بقلبٍ مِن حديدْ
يحنُو على العانِي كما
…
يحنُو النسيمُ على الورودْ
ويذوبُ للشاكي كما قد
…
ذابَ في الشمسِ الجليدْ
هو في الرخاءِ وفي
…
الشدائدِ للجميعِ أخٌ ودودْ
لا الفقرُ يُذْهلُه ولا
…
الإثراءُ يُنسيهِ العهودْ