الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
25 - المستقبل لهذا الدين ولكن ما السبيل إليه
؟
ومن البشائر وعد الله للمؤمنين بالتمكين في الأرض {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور55)، وقد وعد الله في هذه الآية وهو الذي لا يخلف الميعاد وعد المؤمنين باستخلافهم في الأرض، وأن يمكن لهم دينهم، وأيّ أمل للمسلمين فوق وعد الله عز وجل، وأيّ رجاء بعد ذلك للمؤمن الصادق.
ومن البشائر في كتاب الله الإشارة إلى ضعف كيد الكافرين وضلال سعيهم، إن مما يجلب اليأس لكثير من المسلمين ما يراه من اجتماع الكفار على اختلاف طوائفهم ومشاربهم على الكيد للإسلام وأهله، وما يقومون به من جهود لحرب المسلمين في عقيدتهم وإفساد دينهم، في حين أن المسلمين غافلون عما يكاد لهم ويراد بدينهم.
• ما يبذله الأعداء من مال وجهد إلى تباب:
وحين يرى المرء ثمرات هذا الكيد تتتابع حينئذٍ يظن أن أيّ محاولة لإعادة مجد المسلمين ستواجه بالحرب الشرسة وتقتل في مهدها، فيا من تفكر في هذا الأمر استمع لهذه الآيات: قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} (الأنفال:36) فكم من المليارات أنفقت ولا زالت تنفق بسخاء رهيب للصد عن سبيل الله لتنحية دين الله عز وجل، ولكن بموعود الله عز وجل:{فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} .
فكم من المليارات أنفقت وبذلت لتنصير المسلمين، وكم من المليارات أنفقت لتدمير كيان الأسرة المسلمة، وكم من المليارات أنفقت لتقويض صرح الأخلاق بإشاعة الرذيلة عن طريق القنوات الفضائية وعن طريق الأفلام الداعرة والمسلسلات
الفاجرة والصور الخليعة الماجنة والقصص الهابطة، والآن عن طريق شبكات الإنترنت، يعرض كل هذا وأكثر، ويدخل لا أقول كل بيت، بل كل غرفة بيسر وسهولة ودون رقيب، ولكن ما هي النتيجة؟
النتيجة بإذن الله عز وجل وموعوده:: {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} ، وتأمل في قول الله تعالى:{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} (الطارق: 15 - 17) وقوله عز وجل: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} (الأنفال: 18) فمهما كاد هؤلاء لدين الله ومهما بذلوا لمحاربته، فالله لهم بالمرصاد، وهم أعداء الله قبل أن يكونوا أعداء المسلمين.
• وإليك هذه الدلائل:
* ها هو الأستاذ بكلية اللاهوت بأسيوط: القسيس الذي أسلم على يديه 13 قسيسًا: كان القس إبراهيم خليل فيلبس راعيًا لإحدى الكنائس وأستاذًا للعقائد واللاهوت بكلية اللاهوت بمدينة أسيوط أشهر إسلامه وغيَّرَ اسمه من إبراهيم خليل فيلبس إلى إبراهيم خليل أحمد، وقام إبراهيم خليل بعد إسلامه بإلقاء عدد من المحاضرات في علم «الأديان المقارن» بالمساجد في مدن الإسكندرية والمحلة الكبرى وأسيوط والمنيا وسوهاج وأسوان وفي بعض كليات الجامعات المصرية، فاعتنق كثير من الشباب النصراني الإسلام عندما استبانت له الحقيقة.
* وفي عام 1975م طُلِب منه تقديم محاضرة بكلية أسيوط، فتكلم عن المسيح عليه السلام وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من خلال الأناجيل والتوراة، وكان للمحاضرة صدى واسع انتهى بإعلان 17 من الشبان أبناء الجامعة إسلامهم.
* التقي ـ مع الدكتور جميل غازي رحمه الله ـ بـ 13 قسيسًا عام 1401هـ بالسودان في مناظرة مفتوحة انتهت باعتناقهم الإسلام جميعًا وهؤلاء كانوا سبب خير وهداية لغرب السودان حيث دخل الألوف من الوثنيين وغيرهم دين الله على أيديهم.
* وها هي (ميري واتسون) معلمة اللاهوت سابقًا بإحدى جامعات الفلبين،
والمنصِّرة والقسيسة، تحولت بفضل الله إلى داعية إسلامية، كان اسمها قبل الإسلام «ميري» ، وهي أمريكية المولد في ولاية أوهايو، والآن بعد الإسلام اسمها خديجة.
وأسلم كثيرون غيرهم
…
منهم:
1 -
سفير ألمانيا السابق في المغرب الذي أصبح اسمه بعد إسلامه «مراد هوفمان» من مؤلفاته (يوميات مسلم ألماني)، و (الإسلام عام ألفين) و (الطريق إلى مكة) وكتاب (الإسلام كبديل) الذي أحدث ضجة كبيرة في ألمانية.
2 -
المغني البريطاني المشهور «كات ستيفنس» الذي أصبح اسمه بعد إسلامه «يوسف إسلام» وأصبح له نشاط ملحوظ في الدعوة إلى الإسلام.
3 -
«دا?يد بنيامين الكلداني» ، كان قسيسًا للروم من طائفة الكلدان، وبعد إسلامه تسمى بـ «عبد الأحد داود» .
4 -
القس المصري «فوزي صبحي سمعان» الذي أصبح بعد إسلامه معلمًا للدين الإسلامي. ولقد أسلم والده وأسلمت شقيقته وتزوجت من شاب نصراني (مسيحي) هداه الله للإسلام فاعتنقه وصار داعية له، وهو يعمل حاليًا إمامًا لأحد المساجد بمدينة الدوحة بدولة قطر.
5 -
القسيس الأمريكي «كِنِث چنكِنز» الذي أصبح اسمه بعد إسلامه «عبد الله الفاروق» .
6 -
قالت صحيفة «الصنداي تايمز» البريطانية أن 14 ألف بريطاني أبيض، بعضهم من صفوة المجتمع ومن الطبقات المثقفة والعليا قد أعلنوا إسلامهم، وبعضهم من كبار ملاك الأرض أو من المشاهير أو من الأثرياء، ومنهم «يحيى بِرت» مدير إذاعة BBC الأسبق الذي كان اسمه قبل إسلامه «جوناثان برت» .
7 -
نشرت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية تقريرًا سريًا للمخابرات الفرنسية يفصح عن القلق الشديد من انتشار الإسلام في فرنسا حيث يعلن حوالي ثلاثين إلى خمسين ألف فرنسي إسلامهم سنويًا.
8 -
أسلم خلال السنوات الأربع التالية لأحداث 11 سبتمبر حوالي نصف مليون شخص في أوربا وأمريكا.
* في وثيقة التنصير الكنسي صرخ بابا الفاتيكان بذعر لكل المنصرين على وجه الأرض قائلًا: «هيا تحركوا بسرعة لوقف الزحف الإسلامي الهائل في أنحاء أوربا» .
سبحان الله!! إنه دين الله، تأمل أخي الحبيب جهود بسيطة لكنها مباركة تفعل فعلها في نفوس الكافرين، ترعبهم وتزعجهم، إنه دين الله، ووالله الذي لا إله إلا هو لو بذل الآن للإسلام مثل ما يبذله أعداء الإسلام لأديانهم لم يبق على وجه الأرض إلا الإسلام.
• أحاديث البشارة النبوية بانتصار الإسلام:
وتأتي البشائر النبوية الكريمة لتؤكد هذه الحقيقة: فعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ سدد خطاكمقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ» . (صحيح رواه الإمام أحمد).
ومن البشائر النبوية أحاديث الطائفة المنصورة، ومنها قَولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم:«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» (رواه مسلم).
وفي رواية: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» (رواه مسلم)
وإن المسلم عندما يطرق سمعه هذا الوصف ليتمنى من أعماق قلبه أن يكون من هذه الطائفة وأن يضرب معها بسهم في نصرة دين الله وإعلاء كلمته، فتتحول هذه الأمنية وقودًا تشعل في نفسه الحماسة والسعي الدؤوب للدعوة لدين الله على منهج الطائفة الناجية أهل السنة والجماعة.
وقد جاءت أحاديث تبشر بانتصار الإسلام في حالات خاصة، فمن ذلك مثلًا قتال اليهود؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ:«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» (رواه البخاري) وفي رواية للبخاري أيضًا: «تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» (رواه البخاري ومسلم).
وفي رواية لمسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» (رواه مسلم)(الْغَرْقَد نَوْع مِنْ شَجَر الشَّوْك مَعْرُوف بِبِلَادِ بَيْت الْمَقْدِس، وَهُنَاكَ يَكُون قَتْل الدَّجَّال وَالْيَهُود).
وعن أَبي قَبِيلٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه وَسُئِلَ:
«أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟» .
فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ، قَالَ: فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا» ، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ» (صحيح رواه الإمام أحمد). (رُومِيَّةُ: روما عاصمة إيطاليا الآن).
قال الشيخ الألباني رحمه الله:وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف، وذلك بعد ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالفتح، وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولا بد، ولتعلمن نبأه بعد حين.
وقد جاءت البشائر النبوية أيضًا بأن للمسلمين صولة وجولة وملاحم عظيمة مع الروم تكون فيها الغلبة للمسلمين والنصر لعباده المؤمنين، فعَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ:«هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا: «يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، جَاءَتْ السَّاعَةُ» .
قَالَ: فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: «إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ فَقَالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ.
قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِي؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمْ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ.
ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ.
فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَيَجْعَلُ اللهُ الدَّيْرَةَ عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً إِمَّا قَالَ لَا يُرَى مِثْلُهَا ـ وَإِمَّا قَالَ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا ـ حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا، فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ كَانُوا مِائَةً فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ.
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمْ الصَّرِيخُ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ـ أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ» (رواه مسلم).
(لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا: يَا عَبْد اللهُ بْن مَسْعُود) أَيْ شَأْنه وَدَأْبه ذَلِكَ.
(فَيَشْتَرِط الْمُسْلِمُونَ شُرْطَة لِلْمَوْتِ) الشُّرْطَة بِضَمِّ الشِّين طَائِفَة مِنْ الْجَيْش تُقَدَّم لِلْقِتَالِ. (فَيَفِيء هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ) أَيْ يَرْجِع.
(نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّة أَهْل الْإِسْلَام) هُوَ بِفَتْحِ النُّون وَالْهَاء أَيْ نَهَضَ وَتَقَدَّمَ.
(فَيَجْعَل اللهُ الدَّيْرَة عَلَيْهِمْ) بِفَتْحِ الدَّال وَالْيَاء أَيْ الْهَزِيمَة، وَرَوَاهُ بَعْض رُوَاة مُسْلِم (الدَّائِرَة) بِالْأَلِفِ وَبَعْدهَا هَمْزَة، وَهُوَ بِمَعْنَى الدَّيْرَة.
(جَنَبَاتهمْ) أَيْ نَوَاحِيهمْ. (فَمَا يَخْلُفهُمْ) أَيْ يُجَاوِزهُمْ.
• واقع الإنسانية وإفلاس المدنيات المختلفة يبشر بالنصر القادم:
وهناك بشائر أخرى تعرف من طبيعة هذا الدين وفطرة الله وسنته في خلقه، ومن ذلك أن الدين الإسلامي هو الذي يتوافق مع الفطرة ويحقق للناس مصالحهم في الدنيا والآخرة، فالرسالات السماوية قد نسخت وحُرِّفَ فيها وبُدِّّل، والأنظمة البشرية يكفي في تصور قصورها وفشلها أنها من صنع البشر، فمن طبيعة هذا المنهج الإسلامي نستمد نحن يقيننا الذي لا يتزعزع أن المستقبل لهذا الدين، وأن له دورًا في هذه الأرض هو منزّل لأدائه، أراده أعداؤه أم لم يريدوه.
ومن البشائر: أن العالم اليوم يشكو من إفلاس الأنظمة البشرية ويتجرع مرارة وويلات هذه النظم التي دمرت الإنسانية وقضت على كل جوانب الخير لديها، ومن أقرب الشواهد على ذلك انهيار الأنظمة الشيوعية واحدةً تلو الأخرى، وحقٌ على الله ما ارتفع شيء إلا وضعه، والدمار قادم بإذن الله لمن على شاكلتهم من الكفر والضلال ومحاربة الإسلام وأهله، قال الله عز وجل:{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (الرعد: 31) والعالم اليوم يتطلع إلى المنقذ الذي يخلصه من ذلك، ولا منقذ إلا الإسلام.
• الصحوة الإسلامية العارمة تبشر باقتراب النصر:
أيها المسلمون، ومن البشائر بأن المستقبل لهذا الدين: هذا الذي يلوح في الأفق ويشرق كالفجر ويتحرك كالنسيم، بعد كل هذه المؤامرات والضربات المتلاحقة، كان هذا الحدث الكبير الذي هز كيان العالم كله متمثلًا في هذه الصحوة الإسلامية المباركة التي نسأل الله أن يبارك فيها.
تلك الصحوة الكريمة التي يغذيها كل يوم بل كل ساعة شباب في ريعان الشباب وفتيات في عمر الزهور، ينسابون من كل حدب وصوب، يمشون على الشوك
، ويقبضون على الجمر في كثير من البلدان تمسكًا بدين الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، إنه الأمل إنه هذا الجيل الذي تفتحت عينه على نور الإسلام وانشرحت بصيرته لتقبل الحق ولم يخدع بصره بريق الحضارة الغربية الزائف الخاطف للأبصار.
صُبْحٌ تنفسَ بالضياءِ وأشرقَا وهذه الصحوةُ الكبرَى تَهُزُّ البيرقَا
وشبيبةُ الإسلامِ هذا فيلقٌ
…
في ساحةِ الأمجادِ يتبعُ فيلقَا
وقوافلُ الإيمان تتخذُ المَدَى ضربًا وتصنعُ للمحيطِ الزورقَا
وما أمرُ هذهِ الصحوةِ الكبرَى سوَى وعدٌ مِن اللهِ الجليلِ تحقَّقَا
هى نخلةٌ طاب الثّرَى فنمَى لها جِذْعٌ طويلٌ في الترابِ وأعذَقَا
هى في رياضِ قلوبِنا زيتونةٌ في جِذعِها غُصنُ الكرامةِ أوْرَقَا
فجرٌ تدفّقَ من سيحبِسُ نورَه؟! أرِنِى يَدًا سدَّتْ علينا المشرِقَا
(البيرق: راية أو علم، أعذَقَ: خَرَجَ ثمرهُ).
وبعد ذلك كله نقول دون شك أو تردد إن المستقبل لهذا الدين، وإن العزة ستكون لأولياء الله، أوليس الله عز وجل قد قال:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (الروم:47)، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا} (النساء:122)، وهو الذي لا يخلف الميعاد.
• ولكن متى يقترب النصر؟
ولكن السؤال هو متى يكون هذا؟ اليوم أم غدًا أم بعد سنوات؟
الجواب: في ذلك اليوم سيعود الناس إلى الدين سيعودون إلى الإسلام، وتلك قوة أكبر من إرادة البشر لأنها مبنية على السنّة التي أودعها الله في الفطرة وتركها تعمل في النفوس، وحين يجيء ذلك اليوم فماذا يعني في حساب العقائد عمر جيل من البشر أو أجيال، ليس المهم متى يحدث ذلك، إنما المهم أنه سيحدث بمشيئة الله وعد صادق
وخبر يقين، وحين يجيء ذلك اليوم وهو آتٍ إن شاء الله، فماذا تساوي كل التضحيات والآلام التي تحملتها أجيال من المسلمين، إنها تضحيات مضمونة في السماء والأرض.
ولكن هل يتنزل النصر كما ينزل المطر، ويمكّن للمسلمين وهم قاعدون خاملون لم يبذلوا أي جهد ولم يسلكوا أي سبيل للنصر، لنقرأ الإجابة في قوله عز وجل:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} (يوسف 110).
إنها سنة الله في هذا الكون التي لا تتبدل ولا تتغير، لقد شاء الله وقضى أن يقوم هذا الدين على أشلاء وجماجم أوليائه وأحبابه وعلى أن توقد مصابيح الهداية بدم الشهداء الأبرار الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة قال الله تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} (البقرة 214){أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (آل عمران 142).
عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ رضي الله عنه قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ؛ قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللهَ لَنَا؟
ما أحسن الكلمة وما أروع العبارة، لقد كان لها وقع كبير في قلوب المستضعفين في كل زمان ومكان «وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» استدراك عجيب منه صلى الله عليه وآله وسلم ليخبر الصالحين والمصلحين أن الصبر هو الوسيلة العظمى والزاد النافع لهم في طريقهم الطويل الصعب
الشاق الوعر، ذاك الطريق ـ الاستقامة على شرع الله والدعوة إليه ـ المليء بالعقبات، وذكّرهم صلى الله عليه وآله وسلم بمن سبقهم من المستضعفين ليكون لهم زادًا في طريقهم الطويل، ويسليهم حتى يعلموا أن هناك من صبر أكثر منهم وبشرهم ووعدهم حتى لا ييأسوا من العاقبة والعاقبة للمتقين.
وسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير شاهد على ذلك، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لقي ما لقي من الأذى والبلاء، وهو خليل الله وسيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه، إن من رحمة الله أن جعل طريق النصر محفوفًا بالأشواك والمصائب، وهذا من كمال حكمته وعلمه، وهو الذي لا يُسأل عما يفعل، وقد أشار الله في كتابه إلى شيء من هذه الحكم، فمنها تمييز الصادقين من غيرهم، واتخاذ الشهداء والأجر والمثوبة من عند الله، والهداية والتوفيق لأنصار دينه، وأن ذلك سبب لهم في دخول الجنة، إلى غير ذلك من الحكم العظيمة.
يا فتَى الإسلامِ هلّا قلتَ لي أيُّ ذنبٍ بالمخازِي ضَيَّعَكْ
أيُّها السادِرُ في لذّاتِهِ هل ترَى عَيْشَ المعاصِي أعجَبَكْ
أمَّتي قد علّقَتْ فيك المُنَى فاسْتَفِقْ وانهَضْ وغادِرْ مضْجَعَكْ
عُدْ إلى الرحمنِ في طُهرٍ تجِدْ مركبَ النصرِ إلى العَليَا معكْ
وترى الأبطالَ آسَادَ الشّرَا تشتهِي يومَ الفِدَى أنْ تَتْبَعَكْ
نسألُ اللهَ صلاحًا عادلًا إنما الغافلُ في البلوَى هلكْ
قد كفانا ما مضَى مِن بُؤْسِنا ربَّنا اكشِفْ ما بِنَا فالأمرُ لكْ
أيها المسلمون: إن المستقبل بل كل المستقبل للإسلام، فلتكن كُلّكَ للإسلام دينُك لحمَك، دينُك عرضَك، دينُك دمَك.
قد نهضْنا للمعالِي ومضَى عنّا الجمُودْ
ورَسَمْناها خُطىً للعزِّ والنصرِ تقُودْ
فتقدَّمْ يا أخَا الإسلامِ قَدْ سارَ الجنودْ
ومَضَوْا للمجدِ إنَّ المجدَ بالعزمِ يعودْ