الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد وقع قوم من جهلة العباد والمتنسكة في هذه الخطيئة حيث زعموا أنهم يكذبون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا عليه، ويكذبون للإصلاح لا للإفساد، ويكذبون حسبة للخير كما فعل نوح بن أبي مريم، وهو الذي وضع الأحاديث في فضائل القرآن سورةً سورةً.
وفي الصحيح غُنْيَة عن الضعيف، ولا يخفى ما في نشر الأحاديث الضعيفة من آثار سيئة على الأمة في عقيدتها وفي سلوكها، فكم من حديث ضعيف أو واه، تناقله الناس محتجين به اعتمادا على إيراد الخطيب له، وكم من عادة تشبث بها الناس كان مستندها حديثًا ضعيفًا.
إن الخطيب إذا لم يكن من أهل العلم فعليه أن يرجع إلى كتب الحديث التي تقتصر على الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري، وصحيح مسلم، أو الرجوع إلى الكتب المعتمدة التي تكون الأحاديث فيها مخرجة تخريجًا علميًا مبينًا فيها درجة الحديث من الصحة والضعف.
ولا يجوز العمل بالحديث الضعيف عند الأئمة المحققين كابن معين والبخاري ومسلم وابن العربي وابن حزم وابن رجب وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وغيرهم كثير وكثير.
•
أثر الأحاديث الضعيفة في الابتداع في الدين:
قال الشيخ الألباني رحمه الله: «إن تساهل العلماء برواية الأحاديث الضعيفة ساكتين عنها قد كان من أكبر الأسباب القوية التي حملت الناس على الابتداع في الدين، فإن كثيرًا من العبادات، التي عليها الناس اليوم، إنما أصلها اعتمادهم على الأحاديث الواهية، بل والموضوعة، كمثل التوسعة يوم عاشوراء، وإحياء ليلة النصف من شعبان، وصوم نهارها وغيرها وهي كثيرة جدًا» (1).
ذكر الإمام الشاطبي رحمه الله أن من طرق المبتدعة في الاستدلال: اعتمادهم على الأحاديث الواهية الضعيفة، والمكذوب فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال:
(1) صحيح الترغيب والترهيب للشيخ الألباني، ص23.
«والأحاديث الضعيفة الإسناد لا يغلب على الظن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالها، فلا يمكن أن يُسنَد إليها حكم، فما ظنك بالأحاديث المعروفة الكذب؟
…
وهذا على فرض ألا يعارض الحديثَ أصلٌ من أصول الشريعة، وأما إذا كان له معارض فأحرى ألا يُؤخَذ به». (1)
* قال الشيخ الألباني: «لا يجوز ذكر الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه، وإلا دخل تحت الوعيد في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أنَهُ كَذِبٌ فَهُوَ أحَدُ الكَاذِبَيْنِ» رواه مسلم.
واعلم أن من يفعل ذلك فهو أحد رجلين: إما أن يعرف ضعف تلك الأحاديث ولا يُنبّه على ضعفها فهو غاشّ للمسلمين وداخل حتمًا في الوعيد المذكور، وإما أن لا يعرف نسبتها فهو آثم أيضًا لإقدامه على نسبتها إليه صلى الله عليه وآله وسلم دون علم وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:«كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بِكُلّ مَا سَمِعَ» (رواه مسلم).
وقد صرح النووي بأن من لا يعرف ضعف الحديث لا يحل له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن لم يكن عارفًا». (2)
* قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: «من نقل حديثًا صحيحًا بغير إسناده وجب أن يذكره بصيغة الجزم فيقول مثلًا: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» وأما إذا نقل حديثًا ضعيفًا أو حديثًا لا يعلم حاله، أصحيح أم ضعيف، فإنه يجب أن يذكره بصيغة التمريض كأن يقول:«رُوِى عنه كذا» أو «بلغنا كذا» .
وإذا تيقن ضعفه وجب عليه أن يبين أن الحديث ضعيف؛ لئلا يغتر به القارئ أو السامع، ولا يجوز للناقل أن يذكره بصيغة الجزم، لأنه يوهم غيره أن الحديث صحيح، خصوصًا إذا كان الناقل من علماء الحديث الذين يثق الناس بنقلهم». (3)
•
(1) الاعتصام 1/ 217 - 218.
(2)
تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخ الألباني، ص33 - 34.
(3)
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث: ص90.