المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - التحذير من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم - دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ - جـ ١

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مكانة يوم الجمعة في الإسلام:

- ‌مكانة خطبة الجمعة وأهميتها:

- ‌صفة خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌اشتمال الخطبة على الآيات القرآنية

- ‌اشتمال الخطبة على الأحاديث النبوية

- ‌ أثر الأحاديث الضعيفة في الابتداع في الدين:

- ‌ لا يجوز استحباب شيء لمجرد حديث ضعيف في الفضائل:

- ‌ معنى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال:

- ‌ لا يجوز التقدير والتحديد بأحاديث الفضائل الضعيفة:

- ‌ شروط العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال عند القائلين به:

- ‌ هل هناك إجماع من العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال

- ‌اشتمال الخطبة على ضرب الأمثال

- ‌الاستشهاد بالشعر في الخطبة

- ‌الاستشهاد بالقصة في الخطبة

- ‌الاستشهاد بواقع الآخرين

- ‌فقه الخطيب

- ‌ ماذا تقرأ في صلاة الجمعة

- ‌ قطع الخطبة للتنبيه والإرشاد:

- ‌ ما الحكم فيمن دخل المسجد لصلاة الجمعة والمؤذن يؤذن الأذان الثاني

- ‌ رفع اليدين للدعاء في الخطبة:

- ‌ هل يصلي بالناس الجمعة غير الخطيب

- ‌ إذا قرأ الخطيب آية تشتمل على سجدة وهو يخطب فهل يسجد سجود التلاوة

- ‌كيف تختار موضوع الخطبة

- ‌ضوابط وقواعدلموضوعات خطبة الجمعة

- ‌وصايا للخطيب

- ‌الخطيب وجمهوره

- ‌وصايا أثناء الخطبة

- ‌همسات في أذن خطيب الجمعة

- ‌عيوب الخطبة

- ‌ عيوب في أصل الخطبة

- ‌تنبيه:

- ‌ عيوب في الخطيب

- ‌ عيوب نسبية

- ‌أدعية

- ‌موضوعات عامة

- ‌1 - الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌2 - التحذير من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌3 - كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعناها

- ‌4 - اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم دليل محبة الله عز وجل

- ‌5 - التواضع وذم الكبر

- ‌6 - فضائل الصحابة رضي الله عنهم

- ‌7 - فضائل الصحابة رضي الله عنهم في السنة المطهرة

- ‌8 - اتق الله حيثما كنت

- ‌9 - أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمحُهَا

- ‌10 - خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ

- ‌11 - احفَظِ الله يَحْفَظْكَ

- ‌12 - إذا سَأَلْتَ فاسْألِ اللهوإذا اسْتََعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ

- ‌13 - شروط الدعاء وموانع الإجابة

- ‌14 - رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفُ

- ‌15 - القناعة

- ‌16 - فوائد القناعة والسبيل إليها

- ‌17 - الإصلاح بين الناس

- ‌18 - الإصلاح بتن الناس وآداب المصلح

- ‌19 - الأمانة

- ‌20 - السعادة الوهمية

- ‌21 - أسباب السعادة وصفات السعداء

- ‌22 - نحن والمزاح

- ‌23 - إنَّ الله كَتَبَ الإحسّانَ على كُلِّ شيءٍ

- ‌24 - المستقبل لهذا الدين رغم مرارة الواقع

- ‌25 - المستقبل لهذا الدين ولكن ما السبيل إليه

- ‌26 - لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ

- ‌27 - وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌28 - موتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌29 - إذا لَم تَستَحْيِ، فاصْنَعْ ما شِئْتَ

- ‌30 - عَظيمٌٍ ولَكِنّه يَسيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ الله عليه

- ‌31 - قُلْ: آمَنْتُ باللهِ، ثمَّ استقِمْ

- ‌32 - كُلُّ النَّاسِ يَغْدُوفَبائعٌ نَفْسَهُ، فمُعْتِقُها أو مُوبِقها

- ‌33 - كثرة النعم وكثرة طرق الشكر

- ‌34 - أكل الميراث بالباطل

- ‌35 - إنَّ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَاّ طيِّبًا

- ‌36 - لا تَحَاسَدُوا

- ‌37 - كُونُوا عِبادَ اللهِ إِخْوانًا

- ‌38 - لا تَظالموا

- ‌39 - إنَّما هي أعمالُكُم أُحصيها لكم

- ‌40 - لا تَغْضَبْ

- ‌خطب مناسبات

- ‌41 - الزكاة

- ‌42 - الامتحانات، كل منا ممتحن

- ‌43 - عاشوراء وشهر الله المحرّم

- ‌45 - استقبال رمضانيا باغي الشر…أقصر

- ‌46 - رمضان شهر الجهاد

- ‌47 - خطبة عيد الفطر

- ‌48 - الحج: عبر وعظات

- ‌49 - قصة الذبح…دروس وعبر

- ‌50 - خطبة عيد الأضحى

الفصل: ‌2 - التحذير من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

‌2 - التحذير من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

-

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صعد المنبر فقال: «آمِين، آمِين، آمِين» .

قيل: يا رسول الله، إنك صَعَدتَ المنبر فقلتَ: آمين، آمين، آمين؟

فقال: «إنَّ جبريل عليه السلام أتاني فقال: مَنْ أدْرَكَ شَهْرَ رمَضَانَ فَلَمْ يُغفَر له فدخلَ النارَ فأَبْعَدهُ الله، قُلْ: آمِين، فقلتُ: آمِين.

ومَن أَدْرَكَ أبَويْه أو أحدَهُما فلم يبرّهُما فمات، فدخلَ النارَ فأَبْعَدهُ الله، قُلْ: آمِين، فقلتُ: آمِين.

ومن ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فلم يُصَلّ عليكَ فماتَ، فدخلَ النارَ فأَبْعَدهُ الله، قُلْ: آمِين، فقلتُ: آمِين». (حسن صحيح رواه ابن حبان).

وتأمل: جبريل عليه السلام يدعو ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم يقول: آمين؛ فاحذر أخي المسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ» (حسن صحيح رواه الترمذي).

وعن حسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من ذُكِرْتُ عنده فخَطِىءَ الصلاةَ عليَّ، خَطِىءَ طريقَ الجنّة» (صحيح رواه الطبراني).

وعن حسين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «البخيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلّ عَلَيَّ» (صحيح رواه النسائي وابن حبان).

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: «خرجت ذات يوم فأَتَيتْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ألَا أخْبِرُكُمْ بِأَبْخَلِ النَّاسِ؟» قالوا: «بلى يا رسول الله» .قال: «مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلّ عَلَيَّ فَذّلِكَ أبخَلُ النَّاسِ» (صحيح رواه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة).

صَلّى عليكَ إلهُ العرشِ خالقُنا

في الليلِ والصبحِ والأبكارِ والأُصُلِ

واخصُصْ أبا بكرٍ ثم الحِقْ به عمرًا

كذلك عثمانَ ذي النورَيْنِ ثم علِي

ص: 111

والآلِ والصحبِ والأتباعِ أجمعِهِم

أولي النُّهى والفخَارِ السادة ِالنُجُلِ

والسابقينَ إلى الإسلامِ قاطِبَةً

والتابعينَ بإحسانٍ وكلّ ولِى

(الأصيل):الوقت حين تصفر الشمس لمغربها. (الناجل):كريم النسل.

• الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

قد جاءت الأحاديث مستفيضة توضح فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتبين مكانة المكثر من الصلاة عليه، فمن ثمرات الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

1 -

امتثال أمر الله عز وجل وموافقته سبحانه وتعالى في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم:

وإن اختلفت الصلاتان: فصلاتنا عليه دعاء وسؤال، وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف.

وأيضًا موافقة الملائكة فيها؛ قال الله عز وجل: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب:56).

2 -

حصول عشر صلوات من الله عز وجل ومن الملائكة على المصلي بالصلاة مرة واحدة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» (رواه مسلم).

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبُشْرَى فِي وَجْهِهِ فَقُلْنَا: إِنَّا لَنَرَى الْبُشْرَى فِي وَجْهِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ أَتَانِي الْمَلَكُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ: أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا» . (صحيح رواه النسائي وغيره).

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ نَخْلًا فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى خِفْتُ أَوْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ اللهُ قَدْ تَوَفَّاهُ أَوْ قَبَضَهُ، فَجِئْتُ أَنْظُرُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:«مَا لَكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟» فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ؛ قَالَ لِي أَلَا أُبَشِّرُكَ؟ إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ لَكَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ؛ فسَجَدْتُ للهِ شُكْرًا» . (حسن رواه أحمد والحاكم).

ص: 112

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَليَّ يَوْمَ الْجُمُعَة؛ فَإِنَّهُ أتَانِي جِبْرِيلُ آنِفًا عَنْ رَبِّهِ عز وجل فَقَالَ: «مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيْكَ مَرَّةً وَاحِدَةً إلّا صَلَّيْتُ أنَا وَمَلَائِكَتِي عَلَيْهِ عَشْرًا» (حسن رواه الطبراني).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيَّ إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا صَلَّى عَلَيَّ؛ فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ» . (حسن رواه ابن ماجه).

3 -

مَن صلّى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات:

عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ؟».

قَالَ: «أَجَلْ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي عز وجل فَقَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً كَتَبَ اللهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا» . (صحيح رواه أحمد والنسائي).

4 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لعرض اسم المصلي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكفى بالمرء نُبلًا أن يُذكر اسمه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ للهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» (صحيح رواه النسائي وابن حبان).

وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» . (صحيح رواه الطبراني).

5 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة والسلام على المصلي والمُسَلّم عليه:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عليه السلام» (حسن رواه أحمد وأبو داود).

ص: 113

6 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لزيادة محبته صلى الله عليه وآله وسلم والقرب منه:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِي كُلّ يَوْمِ جُمُعَةٍ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ أمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلّ يَوْمِ جُمُعَةٍ؛ فَمَنْ كَانَ أكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً» (حسن رواه البيهقي).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً» . (حسن رواه الترمذي).

(أَوْلَى النَّاسِ بِي) أَيْ أَقْرَبُهُمْ بِي أَوْ أَحَقّهُمْ بِشَفَاعَتِي.

(أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً) لِأَنَّ كَثْرَةَ الصَّلَاةِ مُنْبِئَةٌ عَنْ التَّعْظِيمِ الْمُقْتَضِي لِلْمُتَابَعَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ الْمَحَبَّةِ الْكَامِلَةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهَا مَحَبَّةُ الله تَعَالَى؛ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (آل عمران:31).

7 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لغفران الذنوب وسبب لكفاية العبد ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة:

فعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ، اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ» .

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟

فَقَالَ: «مَا شِئْتَ» .

قُلْتُ: الرُّبُعَ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» .

قُلْتُ: النِّصْفَ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» .

قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» .

ص: 114

قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟

قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» . (حسن صحيح رواه والترمذي)

قول أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه: «أكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟» معناه: إني مَعْنَاهُ أُكْثِرُ الدُّعَاءَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ دُعَائِي صَلَاةً عَلَيْك.

(قُلْتُ أَجْعَلُ لَك صَلَاتِي كُلَّهَا) أَيْ أَصْرِفُ بِصَلَاتِي عَلَيْك جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي كُنْت أَدْعُو فِيهِ لِنَفْسِي.

(قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّك) الْهَمُّ مَا يَقْصِدُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَعْنِي إِذَا صَرَفْت جَمِيعَ أَزْمَانِ دُعَائِك فِي الصَّلَاةِ عَلَيَّ أُعْطِيتَ مَرَامَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (جلاء الأفهام): «وسُئِل شيخنا أبو العباس (ابن تيمية)، عن تفسير هذا الحديث فقال: كان لأبَيِّ ابْنِ كَعْبٍ دعاءٌ يدعو به لنفسه، فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم:هل يجعل له منه ربعه صلاةً عليه صلى الله عليه وآله وسلم؟

فقال: إن زِدتَ فهو خير لك. فقال له: النصف؟ فقال: إن زدت فهو خير، إلى أن قَالَ:«إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» ؛ لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاةً صلى الله عليه بها عشرًا، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه، هذا معنى كلامه رضي الله عنه».اهـ.

وفي رواية للإمام أحمد (إسنادها جيد) عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتِي كُلَّهَا عَلَيْكَ؟

قَالَ: «إِذَنْ يَكْفِيَكَ اللهُ تبارك وتعالى مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ» .

8 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لنَيْل شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ أوْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَقَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (رواه الجهضمي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصححه الألباني).

9 -

يُرجَى إجابة الدعاء إذا قدَّم الداعي الصلاةَ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمامه: قال صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم» . (حسنه الألباني في صحيح الجامع).

قال المناوي: (كلُّ دعاءٌ محجوبٌ) أي محجوب عن القبول (حتى يُصَلَّي) أي حتى يُصَلِّي الداعي (على النبي صلى الله عليه وآله وسلم) يعني أنه لا يرفع إلى الله حتى يستصحب الرافع معه الصلاة عليه؛ إذ هي الوسيلة إلى الإجابة».

10 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لطِيبِ المجلس، وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة. وتنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله ويحمد ويثنى عليه فيه، ويصلى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

11 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره صلى الله عليه وآله وسلم، ويخرج بها العبد عن الجفاء.

12 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترمي صاحبها على طريق الجنة، وتخطئ بتاركها عن طريقها.

13 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لإبقاء الله سبحانه الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض: لأن المصَلِّي طالبٌ من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل، فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.

14 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره، وأسباب مصالحه: لأن المصلي داعٍ ربه أن يبارك علي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله، وهذا الدعاء مستجاب، والجزاء من جنسه.

15 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لنَيْل رحمة الله عز وجل للمصلي؛ لأن الرحمة ـ كما قال ابن القيم رحمه الله ـ إما بمعنى الصلاة كما قاله طائفة، وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح، فلا بد للمصلي عليه من رحمة تناله.

16 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لدوام محبته للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وزيادتها وتضاعفها: وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به، لأن العبد كلما أكثر من ذكر

ص: 115

المحبوب، واستحضاره في قلبه، واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه، تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه.

وإذا أعرض عن ذكره وإحضار محاسنه بقلبه، نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقَرَّ لعين المحب من رؤية محبوبه، ولا أقر لقلبه من ذكره وذكر محاسنه، وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه، والحس شاهد بذلك.

17 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لمحبته للعبد: فإنها إذا كانت سببًا لزيادة محبة المصَلِّى عليه له، فكذلك هي سبب لمحبته هو صلى الله عليه وآله وسلم للمصَلِّي عليه.

18 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لهداية العبد وحياة قلبه: فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره، استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضةٌ لشيء من أوامره، ولا شكٌ في شيءٍ مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوبًا مسطورًا في قلبه، لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصيرةً وقوةً ومعرفةً، ازدادَتْ صلاتُه عليه صلى الله عليه وآله وسلم.

19 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أداء لأقل القليل من حقه صلى الله عليه وآله وسلم.

20 -

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم متضمنة لذكر الله عز وجل وشكره، ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله: فالمصَلِّي عليه صلى الله عليه وآله وسلم قد تضمنتْ صلاتُه عليه ذكر الله وذكر رسوله، وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله، كما عرفنا ربنا وأسماءه وصفاته، وهدانا إلى طريق مرضاته، وعرفنا ما لنا بعد الوصول إليه، والقدوم عليه.

فهي متضمنة لكل الإيمان، بل هي متضمنة للإقرار بوجود الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وإرادته وصفاته وكلامه، وإرسال رسوله، وتصديقه في أخباره كلها، وكمال محبته، ولا ريب أن هذه هي أصول الإيمان، فالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم متضمنة لعلم العبد ذلك، وتصديقه به، ومحبته له فكانت من أفضل الأعمال.

ص: 117