المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السابع 279/ 7/ 53 - عن عبد الله بن عمر - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٧

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌الحديث السابع 279/ 7/ 53 - عن عبد الله بن عمر

‌الحديث السابع

279/ 7/ 53 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة: [(1)] أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كرماً: أن يبيعه بزبيب كيلاً، أو كان زرعاً: أن يبيعه بكيل طعام. نهى عن ذلك كله"(2).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: "المزابنة" مأخوذة من الزبن وهو الدفع، ومنه الزبانية، لأن الغبن فيها يكثر غالباً لبنائها على التخمين فيزيد المغبون رفعه والغابن إمضائه فيتدافعان.

الثاني: ذكر في الحديث أمثلة لها وحاصلها يرجع إلى بيع معلوم بمجهول من جنسه، ووجه النهي فيها أنه بيع مال الربا بجنسه

(1) في ن هـ (والمزابنة).

(2)

البخاري أطرافه (2171)، ومسلم (1542)، والنسائي (7/ 266)، والموطأ (2/ 624)، والمسند للشافعي (2/ 153)، والبيهقي في السنن (5/ 307)، والأم (3/ 62)، والرسالة (906)، وعبد الرزاق (14489)، والبيهقي في معرفة السنن (8/ 93).

ص: 97

من غير تحقق المساواة في المعيار الشرعي -وهو الكيل- فنهى عنه لما يقع فيه من الغبن والجهالة.

الثالث: قوله "ثمر حائطه" هو بالثاء المثلثة.

وقوله: "بتمر كيلاً" هو بالمثناة فوق لأنه اليابس، والأول الرطب، وإن كان حكم الرطب في الأرض والتمر على رؤوس النخل بعكسه، ولو باع الرطب على رؤوس النخل والبسر على الأرض فهو كبيعه بالرطب، ولو باعه بالطلع ففيه ثلاثة أوجه في الماوردي.

ثالثها: يجوز بطلع الذكر دون طلع الإِناث.

والحائط: البستان.

[الرابع](1): في الحديث دلالة على تحريم بيع الرطب بالتمر في غير العرايا على ما سيأتي في الباب (2) بعده.

واتفقوا: على أنه ربا.

وأجمعوا: على تحريم بيع العنب بزبيب إلَاّ في العرايا.

وأجمعوا أيضاً: على تحريم بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية وهي المحاقلة مأخوذة من الحقل وهو الحرث ومواضع الزرع وسواء عند جمهورهم كان الرطب والعنب على الشجر أو مقطوعاً.

وقال أبو حنيفة: إن كان مقطوعاً جاز بيعه بمثله من اليابس لكنه داخل تحت نهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع الرطب بالتمر.

(1) في ن هـ (رابعها).

(2)

ص 140.

ص: 98

الخامس: صح النهي (1) عن تسمية العنب كرماً فإن الكرم الرجل المسلم، قيل: سمى كرماً من الكرم -بفتح الراء- لأن الخمرة المتخذة منه تحمل عليه (2)، فكره أن يسمى به وجعل المؤمن أحق ما يستحق من الكرم، ويقال: لرجل كرْم -بإسكان الراء وفتحها- أي كريم، وقال الزمخشري: أراد أن يقرر ما في قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (3) بطريقة أنيقة ومسلك لطيف (4)، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرماً، ولكن الإِشارة إلى أن المسلم التقي جدير بأن لا يشارك فيما [سماه](5) الله [(6)] به.

وقوله: "إنما الكرم الرجل المسلم" أي المستحق للاسم المشتق من الكرم: الرجل المسلم، وهذا [الذي](7) قاله حسن

(1) لحديث علقمة بن وائل عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تقولوا: الكَرْمُ، ولكن قولوا: الحيلة أو العنب". البخاري في الأدب المفرد (795)، ومسلم (2248)، والدارمي (2/ 118).

حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا: العنب الكرم، إنما: الكرم الرجل المسلم". البخاري (6182، 6183)، ومسلم (2247)، والبغوي (3385)، وأبو داود (4974) في الأدب، باب: في الكرم وحفظ المنطق، وأحمد (2/ 316، 272).

(2)

أي تحث على الكرم ومكارم الأخلاق. انظر: فتح الباري (10/ 567).

(3)

سورة الحجرات: آية 13.

(4)

الفائق للزمخشري (3/ 257)، وفيه بقية كلام بعده لم يذكره المؤلف.

(5)

في الأصل (سواه)، وما أثبت من ن هـ والفائق.

(6)

في ن هـ زيادة (تعالى)، وهي غير موجودة في الفائق.

(7)

زيادة من ن هـ.

ص: 99

[لكنه](1) يمتنع أن يراد المعنيان؛ النهي بدلالة النص والمعنى الآخر بإشارته، إذا تقرر ذلك. فقوله هنا "وإن كان كرماً" إن كان من كلامه صلى الله عليه وسلم فتحتاج إلى الجمع بين قوله ونهيه، فتأمله ولا تخفى على الفطن (2).

(1) في الأصل (لكيلا)، وما أثبت من هـ.

(2)

قال ابن حجر في الفتح (4/ 386) بعد كلام سبق: وقد ورد النهي عنه كما سيأتي الكلام عليه في الأدب (10/ 564، 566)، ويجمع بينهما بحمل النهي على التنزيه ويكون ذكره هنا لبيان الجواز، وهذا كله بناء على أن تفسير المزابنة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى تقدير كونه موقوفاً. فلا حجة على الجواز فيحمل النهي على حقيقته. اهـ، محل المقصود منه.

ص: 100