المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الرابع 276/ 4/ 53 - وعنه أن رسول الله صلى - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٧

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌الحديث الرابع 276/ 4/ 53 - وعنه أن رسول الله صلى

‌الحديث الرابع

276/ 4/ 53 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، [نهي] (1) البائع والمشتري"(2).

الكلام عليه من وجوه:

الأول: معنى: "يبدو" يظهر، وهو بفتح الواو غير مهموز، ويقال: بدا إذا ظهر -من غير همز- وبدأ في الشيء إذا شرع فيه -بالهمزة-، قال النووي (3): ومما ينبغي أن تتنبه له أنه يقع في كثير من كتب المحدثين وغيرهم: "حتى يبدوا" -بالألف في الخط- وهو خطأ، والصواب: حذفها في مثل هذا للناصب. وإنما اختلفوا في إثباتها إذا لم يكن ناصب، مثل: زيد يبدوا، والاختيار

(1) في ن هـ ساقطة.

(2)

البخاري (2194)، ومسلم (1534)، والنسائي (7/ 262)، وأبو داود في البيوع (3367) باب: بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، وابن ماجه (2214)، والدارمي (2/ 251، 252)، والبغوي (2077)، والموطأ (2/ 618)، والبيهقي (5/ 99، 299)، وأحمد (2/ 62)، وعبد الرزاق (14315).

(3)

شرح مسلم (10/ 178).

ص: 79

حذفها أيضاً ، ويقع مثله:"حتى يزهو" وصوابه: حذف الألف كما ذكرنا. واعترض الفاكهي، فقال: تخصيصه "يبدوا" أو "تزهوا"[بمفردهما](1) عجيب، فإن ذلك يقع كثيراً في غيرهما في كتب المحدثين وغيرهم نحو يغزو، ويلهو، وأشباههما.

قلت: لا عجيب مما ذكره فتأمله، قَالَ: وقَولُه: "والصواب حذفها للنَّاصِب" أعْجب (2) من الذي قبله، إذ ليس في العربية ألف يحذفها الناصب، وإنما يحذف الناصب النون من الأمثلة الخمسة لا غير، قال: ثم إن قوله: "والصواب حذفها للناصب" ليشعر بأنها كانت موجودة قبل دخول الناصب، وليس الأمر كذلك قطعاً.

وقوله: "إن إثباتها في ذلك خطأ" ليس متفقاً عليه، بل اختيار الكسائي لحاق هذه الألف في حال النصب فرقاً بين الاتصال والانفصال، قال ابن عصفور: فيكتب عنده أن يغزوا زيد عمر -بالألف بعد الواو- ولن يغزوك -بغير ألف- لانفصال الفعل من الظاهر في المسألة الأولى، واتصاله بالضمير في الثانية، كما كتبوا: ضربوا زيداً -بالألف بعد الواو- ولم يثبتوا الألف في ضربوك، فكان اللائق به أن يقول لا يجوز إثباتها عند الجمهور ونحو ذلك.

وقوله: "وإنما اختلفوا في إثباتها إذا لم يكن ناصب" ليس كذلك كما تقدم آنفاً من كلام الكسائي ومن قال بقوله، قال:"فكان عدم هذا التنبيه خيراً من وجوده هذا كلامه ولا يخلوا من تحامل".

(1) في الأصل (لمفردها)، وما أثبت من ن هـ.

(2)

في ن هـ زيادة (أغرب).

ص: 80

الثاني: قوله: "حتى يبدو صلاحها" فسيأتي تفسيره في الحديث الخامس (1): "حتى يحمر" وفي رواية، "قيل: وما تزهوا؟ قال: تحمار أو تصفار" وضبط بعض أصحابنا: بدو الصلاح: بظهور مبادىء النضج والحلاوة فيما لا يتلون، وفي غيره بأن يأخذ في الحمرة والسواد، وهو حد بدخوله كما بينته في كتب الفروع فإنه محله.

الثالث: قوله: "نهى البائع والمشتري" هو تأكيد للمنع وإيذاناً بأن المنع وإن كان احتياطاً لحق الإِنسان فليس له تركه مع ارتكاب النهي فيقول: أسقطت حقي من الاحتياط ليس فإن الاحتياط هنا لمصلحة مشتري الثمار، وهي قبل بدو الصلاح معرضة للآفات والعاهات فإذا حصل عليها شيء منها أجحف به ولهذا ورد في الحديث الآتي:"أرأيت إذا منع الله الثمرة بِمَ يستحل أحدكم [مال] (2) أخيه؟ "، فلذلك وقع المنع منه للبائع والمشتري لأجل منع الشرع وكأنه لقطع النزاع والتخاصم.

وعبارة النووي في شرحه (3): "أما البائع فلأنه يريد أكل المال بالباطل، وأما المشتري فلأنه يوافقه على حرام، ولأنه يضيع ماله وقد نهينا عن إضاعة المال".

الرابع: أكثر الأمة على أن النهي المذكور للتحريم وحمله أبو حنيفة على التنزيه، وبناه على أصله في رد أخبار الآحاد

(1) ص 85، 86.

(2)

في ن هـ (ملك).

(3)

شرح مسلم (10/ 183).

ص: 81

بالقياس. وأخرج الفقهاء من عمومه بيعاً بشرط [القطع](1) اعتباراً للمعنى الذي لأجله نهى عن بيعها قبل بدو الصلاح، فإنها قبله معرضة للآفات والعاهات، فإذا بدأ صلاحها أَمنت العاهة فيها غالباً وقل غررها وكثر الانتفاع بها لأكل الناس إياها رطباً فلا يقصدون بشرائها الغرر، فإذا اشتريت على القطع لم يكن بذلك بأس لزوال الغرر بالقطع، وهذا إجماع إلَاّ ما شذ مما روي عن ابن أبي ليلى والثوري على ما حكاه القرطبي (2) عنهما.

قال أصحابنا: ولو شرط [القطع](3) أو [ثم](4) لم يقطع فالبيع صحيح ويلزمه البائع بالقطع فإن تراضيا على إبقائه جاز وإن باعها بشرط التبقية فالبيع باطل بالإِجماع، لأنه ربما تلفت قبل إدراكها كما أسلفناه فيكون البائع قد أكل مال أخيه بالباطل.

واختلف العلماء في بيعها مطلقاً من غير شرط قطع ولا إبقاء.

فذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء: إلى المنع منه استدلالاً بعموم هذا الحديث وإطلاقه [فإنه](5) إذا خرج [من](6) العموم بيعها بشرط القطع دخل باقي الصور التي من جملتها الإِطلاق.

(1) في ن هـ ساقطة.

(2)

المفهم (2710).

(3)

في ن هـ ساقطة.

(4)

زيادة من ن هـ.

(5)

في الأصل (فإذا)، وما أثبت من ن هـ.

(6)

في ن هـ (عن).

ص: 82

وقال ابن القاسم: إن جذها مكانه فالبيع جائز.

وقال ابن القصار: البيع فاسد حتى يشترط الجذاذ، وبه قال القاضي عبد الوهاب والأبْهري، قال اللخمي: وقول ابن القاسم أحسن عند عدم العادة لأن محل البياعات على التقابض في الثمن والمثمن.

قال ابن الجلاب: فإن شرط قطعها فبقّاها مشتريها ضمن مكيلتا [](1) إن كانت معلومة أو قيمتها إن كانت مجهولة.

قال [الفاكهي](2): وإنما قال ذلك لأنهما ينهيان أن يكونا دخل على التبقية، ومالك ينظر إلى فعلهما لا إلى قولهما، -وعندهم حكاية قولين: الجواز، وعدمه فيما إذا اشترطا وقف البيع حتى ينظر هل تسلم الثمرة فيمضي البيع أو لا؟ (3).

[الرابع](4): مفهوم الحديث أنه إذا بدأ صلاحها صح بيعها وهو كذلك فيجوز بيعها مطلقاً، وبشرط القطع وبشرط الإِبقاء ثم إذا بيعت بشرط الإِبقاء ومطلقاً لزم البائع تبقيتها إلى أوان الجذاذ لأن ذلك هو العادة فيها، وبه قال مالك والشافعي.

وقال أبو حنيفة: يجب شرط القطع، وشذ ابن حبيب فقال: هي على الجد حتى يشترط البقاء.

(1) في ن هـ زيادة (واو).

(2)

في ن هـ (الرافعي).

(3)

في الأصل زيادة (فلا).

(4)

في ن هـ (الخامس).

ص: 83

فرع: ذهب مالك والكوفيون وأكثر العلماء إلى جواز بيع السنبل المشتد.

وفصلت الشافعية فقالوا: إن كان السنبل شعيراً أو ذرة أو ما في معناهما مما يرى حباته [جاز بيعه.

وإن كان حنطة ونحوها: مما يستتر] (1) حباته بالقشور التي تزال في الدارس فقولان: أصحهما، وهو الجديد: لا يصح.

وأما قبل الاشتداد: فلا يصح بيع الزرع إلَاّ بشرط القطع، وإذا باعه قبل اشتداده مع الأرض بلا شرط جاز تبعاً للأرض وكذا التمر قبل الصلاح إذا بيع مع الشجر بلا شرط تبعاً.

[وكذا](2) حكم البقول في الأرض: لا يجوز بيعها في الأرض، إلَاّ بشرط القطع.

وكذا لا يصح بيع البطيخ ونحوه: قبل بدو صلاحه.

(1) في ن هـ ساقطة.

(2)

في ن هـ (هكذا).

ص: 84