المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 275/ 3/ 53 - عن عبد الله بن عمر - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٧

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 275/ 3/ 53 - عن عبد الله بن عمر

‌الحديث الثالث

275/ 3/ 53 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن بيع حبل الحبلة" وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، وكان الرجل يبتاع الجزور إلى أن ننتج الناقة ثم تنتج [الذي](1) في بطنها (2).

(1) في ن هـ (التي). سيأتي في الوجه الثاني أنها رواية.

(2)

البخاري أطرافه (2143)، ومسلم (1514)، والنسائي (7/ 293)، وابن ماجه (2197)، ومالك (2/ 653)، وأبو داود في البيوع (3380) باب: بيع الغرر، وابن الجارود (591)، والبغوي (2107)، والبيهقي (5/ 340، 341).

تنبيه: قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (4/ 357) على قوله: "وكان بيعاً بتبايعه أهل الجاهلية". قال الإِسماعيلي: وهو مدرج، يعني أن التفسير من كلام نافع، وكذا ذكره الخطيب في "المدرج" وأخرجه البخاري (2256) في السلم: باب السلم إلى أن تنتج الناقة، وفيه: فسره نافع: إلى أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل التي نتجت فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك".

وقال قبله: لا يلزم من كون نافع فسره لجويرية أن لا يكون ذلك التفسير مما حمله عن مولاه ابن عمر. فقد أخرج البخاري في مناقب الأنصار =

ص: 74

قيل: إنه كان يبيع الشارف -وهي الكبيرة المسنة- بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته.

الكلام عليه من وجوه:

الأول: حبل الحَبَلَة: -بفتح الباء فيهما- وروى بعضهم حبْل بإسكانها وهو غلط.

والحبلة: هنا جمع حابل، كظالم وظَلَمة، قال الأخفش: يقال حبلت المرأة فهي حابل والجمع نسوة حبلة، وقال [ابن] (1) الأنباري (2): الهاء في الحبلة للمبالغة ووافقه بعضهم.

واتفق أهل اللغة: على أن الحبل مختص بالآدميات، ويقال: في غيرهن الحمل، يقال: حملت المرأة ولداً وحبلت بولد، وحملت الشاة بسخلة، ولا يقال حبلت، قال أبو عبيد (3): لا يقال لشيء من الحيوان حبلى إلَاّ ما جاء في هذا الحديث.

= (3843) باب: أيام الجاهلية، ومن طريق عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة: أن تنتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك إلى أن قال: فظاهر هذا السياق أن هذا التفسير من كلام ابن عمر، ونقل عن ابن عبد البر الجزم بأنه من تفسير ابن عمر. اهـ. ورواية مسلم صريحة بأن التفسير من كلام ابن عمر رضي الله عنه. انظر: الاستذكار (20/ 96).

(1)

في ن هـ ساقطة.

(2)

في هامش الأصل وقع في الفاكهي ابن الأعرابي بدلها وكأنه تصحيف.

وما أثبت يوافق ما في المفهم (2674).

(3)

انظر: لسان العرب (3/ 32) فقد ساقه عن ابن سيده.

ص: 75

الثاني: [اختلف العلماء](1) في المراد بالنهي عن بيع حبل الحبلة، فقال جماعة: هو البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة ويلد ولدها، وهذا التفسير ثابت في الصحيحين عن ابن عمر وبه قال مالك والشافعي ومن تابعهم.

وقال آخرون: هو بيع ولد ولد الناقة الحابل في الحال، وهو تفسير أبي عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه [أبي](2) عبيد القاسم بن سلَاّم (3) وآخرين من أهل اللغة، وبه قال أحمد وإسحق وهو أقرب إلى اللغة (4) لكن تفسير الراوي مقدم على تفسير غيره عند الشافعي ومحققي الأصوليين إذا لم يخالف الظاهر لأنه أعرف (5)، وفيه قول ثالث حكاه القاضي (6) ثم القرطبي (7) عن المبرد أنه قال: حبل الحبلة عندي حمل الكرمَةِ قبل أن تبلغ، والحبلة: الكرمة (8) بسكون

(1) في ن هـ ساقطة. انظر هذا المبحث في الاستذكار (20/ 96)، ولسان العرب (3/ 32).

(2)

في ن هـ ساقطة.

(3)

انظر: غريب الحديث (1/ 208)، لسان العرب (3/ 32).

(4)

الاستذكار (20/ 97).

(5)

الاستذكار (2/ 96).

(6)

مشارق الأنوار (1/ 175).

(7)

المفهم (2674).

(8)

وقد ورد في الحديث تسمية العنب حبلة. انظر: النهاية (1/ 334)، قال في اتفاق المباني وافتراق المعاني ص 226. الحبلة: الأصل من أصول الكرم، وفي الحديث:"لما خرج نوح من السفينة غرس الحبلة". اهـ. لسان العرب (3/ 31).

ص: 76

الباء وفتحها ولم يذكر القرطبي التفسير الذي قبله بل اقتصر على هذا وعلى الأول وما قاله المبرد هو عين نهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع الثمار حتى يبدوا صلاحها وسيأتي.

واعلم أن في الصحيح في تفسير ابن عمر بحبل الحبلة "ثم تنتج الذي في بطنها" كما ذكره المصنف ورأيت في نسخة صحيحة من البخاري "التي"(1) بدل "الذي" وفيه عنه أيضاً "ثم تحمل الذي نتجت".

الثالث: هذا البيع كانت الجاهلية تبتاعه -كما ذكره في الحديث- فأبطله الشارع للمفسدة المتعلقة به لأنه بيع إلى أجل مجهول على التفسير الأول (2) ولانتفاء الملك وغيره من شروط البيع على التفسير الثاني (3)، وكذا على التفسير الذي ذكره المصنف، وكان السر فيه أنه يفضي إلى أكل المال بالباطل، والتشاجر والتنازع المنافي للمصلحة الكلية.

(1) وهي لفظ الموطأ (1319).

(2)

قال ابن الأثير -رحمنا الله وإياه- في النهاية (1/ 334): على قوله: "نهى عن حبل الحبلة" وإنما نهى عنه لمعنيين. وقيل: أراد بحبل الحبلة أن يبيعه إلى أجل ينتج فيه الحمل الذي في بطن الناقة، فهو أجل مجهول ولا يصح ومنه حديث عمر رضي الله عنه: لما فتحت مصر أرادوا قسمتها، فكتبوا إليه فقال: لا، حتى يغزو منها حبل الحبلة". حيث منع من القسمة لتعليقه على أمر مجهول. اهـ. بتصرف.

(3)

وقال ابن الأثير أيضاً: أحدهما أنه غرر وبيع شي. لم يخلق بعدُ، وهو أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة على تقدير أن تكون أنثى، فهو بيع نتاج النتاج. اهـ. وانظر: لسان العرب (3/ 32).

ص: 77

الرابع: على التفسير الأول يصير هذا أصلاً في النهي عن البيع بثمن إلى أجل مجهول كالبيع إلى عطاء السلطان حقوق المرتزقة لأنه يتقدم أو يتأخر. نعم إن كان وقته معلوماً جاز.

قال المازري (1): واختلف في المذهب عندنا في البيع إلى العطاء فمن أجازه رآه معلوماً في العادة، ومن أباه رآه يختلف في العادة.

الخامس: الجزور: -بفتح الجيم- من الإِبل يقع على الذكر والأنثى، وهي مؤنثة، والجمع الجزر قاله الجوهري، وقد سلف الكلام عليها أيضاً في الحديث الأول من باب التمتع.

والنتاج: الولادة، يقال: نُتِجَت الناقة على ما لم يسم فاعله تُنْتَجُ نَتَاجاً، وقد نَتَجها أهلها نتجاً، وأنتجت الفرس إذا حان نتاجها، وقال يعقوب: إذا استبان حملها وكذلك الناقة فهي نَتُوجٌ، ولا يقال مُنْتِجٌ، وأتت الناقة على منتجها أي الوقت الذي تنتج فيه، وهو مفعل -بكسر العين-، ويقال: للشاتين إذا كانتا بسناً واحدة نتيجة، وغنم فلان نتائج أي في سن واحدة، قاله الجوهري (2).

(1) المعلم بفوائد مسلم (2/ 245، 246).

(2)

انظر مختار الصحاح (ن ت ج) لسان العرب مادة (ن ت ج).

ص: 78