المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثامن 280/ 8/ 53 - عن جابر بن عبد الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٧

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌الحديث الثامن 280/ 8/ 53 - عن جابر بن عبد الله

‌الحديث الثامن

280/ 8/ 53 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المخابرة والمحاقلة والمزابنة، وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وأن لا تباع إلَاّ بالدينار والدرهم إلَاّ العرايا"(1).

المحاقلة: بيع الحنطة في سنبلها بصافية.

الكلام عليه من وجوه:

وينبغي أن نعلم قبل الخوض فيها أن هذا الحديث ليس في نسخ شرح الشيخ تقي الدين رأساً (2).

(1) البخاري أطرافه (1487)، ومسلم (1536)(84)، والنسائي (7/ 263، 264، 270)، والترمذي (1290)، وأبو داود (3370، 3373)، والبغوي (2071)، والبيهقي (5/ 301، 307، 309)، وأحمد (3/ 320، 361)، وابن أبي شيبة (7/ 129)، وابن ماجه (2216)، والحميدي (1292).

(2)

قال الصنعاني في حاشيته على إحكام الأحكام (4/ 66): إعلم أن الشارح لم يتكلم على هذا الحديث، ولم يثبت في بعض نسخ العمدة. اهـ.

ص: 101

الأول: "المحاقلة" قد فسرها المصنف، وهي مأخوذة من الحقل وهي المساحات التي تزرع كما أسلفته في الحديث قبله فسميت محاقلة لتعلقها بزرع في حقل.

وقال الماوردي (1): الحقل هو السنبل وهو في لسان العرب الموضع الذي يكون فيه الشيء كالمعدن.

وذكر النسائي في "سننه" أن المحاقلة والمخابرة: بيع الكرم بكذا كذا صاعاً. قال المحب في "أحكامه": وهو تفسير غريب غير مشهور.

ووجه النهي عن هذا العقد أنه بيع [مقصود](2) مستتر بما ليس من صلاحه، وبيع حنطة وتبن بحنطة، فإن الصافية الخالصة من التبن] (3) وحينئذ فهو من باب قاعدة: مد عجوة. لعدم العلم بالمماثلة أيضاً، ولو باع شعيراً في سنبله بحنطة صافية وتقابضا في المجلس، أو باع زرعاً قبل ظهور الحب بحب من جنسه جاز لأن الحشيش غير ربوي.

(1) الحاوي الكبير (6/ 253) مع تغيير في الألفاظ. المحقل: هو المسنبل، وهو في لسان العرب الموضع الذي يكون الشيء فيه

إلخ.

(2)

في هـ (معصوب).

(3)

هكذا في المخطوط وقد تتبعت المراجع ولم أعثر على شيء في هذه العبارة والموجود من ذلك في المجموع (9/ 309) العبارة الآتية (أحدهما: أنه بيع حنطة وتبن بحنطة وذلك ربا، والثانية: أنه بيع حنطة في سنبلها).

ص: 102

الثاني: "المزابنة" تقدم الكلام عليها في الحديث قبله، الثمرة حتى يبدو صلاحها تقدم أيضاً في الحديث الرابع.

الثالث: "المخابرة" من الخَبِيرُ وهو الأكَّار -أي الفلاح- أو من الخَبارِ، وهي الأرض الرخوة، أو من الخُبْر وهو شرب [الماء](1) أو الزرع أو من الخُبْرَةُ، -بضم الخاء- وهي النصيب، أو من خَيْبر لأنه عليه الصلاة والسلام عامل أهل خيبر عليها. أقوال (2) الجمهور على الأول.

وحقيقتها: عمل الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل وهي قريبة في المعنى من المزارعة إلَاّ أن البذر فيها من المالك كذا فرق بينهما جمهور الشافعية وهي ظاهر نص الشافعي.

وقيل: هما بمعنى ونقله صاحب "البيان" عن أكثر الأصحاب ولا يوافق عليه. نعم جزم به الجوهري في"صحاحه"(3). وكذا ابن الأثير في "جامعه"(4).

وقال البندنيجي: إنه لا يعرف في اللغة فرق بينهما، وأشار الشافعي إلى أن القياس التسوية بينهما وبين المساقاة، لكن السنة فرقت [بينهما](5)، والمعنى أن تحصيل منفعة الأرض ممكنة

(1) في ن هـ ساقطة.

(2)

انظر: لسان العرب (4/ 13).

(3)

الصحاح (خ ب ر).

(4)

جامع الأصول (1/ 480).

(5)

زيادة من ن هـ.

ص: 103

بالإِجارة، فلم يجز الحمل عليها ببعض ما يخرج منها كالمواشي بخلاف الشجر.

وقال ابن سريج: بجواز المزارعة، وهو مذهب أحمد ووافق الشافعي أبو حنيفة.

[وقال مالك: لا تجوز؛ لا منفرداً ولا تبعاً إلَاّ ما كان من الأرض بين الشجر.](1).

وقال: بجواز المزارعة والمخابرة ثلاثة من كبار [](2) الشافعية ابن خزيمة وصنف فيه، وابن المنذر، والخطابي. وقال (3): ضعف الإِمام أحمد حديث النهي. وقال: إنه مضطرب، كثير الألوان. قال: ومن أبطلها لم يقف على علته. وقال النووي في "الروضة"(4): المختار جوازهما وتأويل الأحاديث على ما إذا شرط الواحد زرع قطعة ولآخر أخرى.

(1) في ن هـ ساقطة.

(2)

في ن هـ زيادة (أصحاب).

(3)

أي الخطابي في معالم السنن (5/ 54) مع وجود زيادة في المعالم لم يذكرها المؤلف، وما ساقه المؤلف ذكره النووي نقلاً عن الخطابي. انظر: الروضة (5/ 168).

(4)

الروضة للنووي (5/ 168)، قال شيخ الإِسلام -رحمنا الله وإياه- في المسائل الماردينية (103): إذ قد يحصل لأحدهما شيء، والآخر لا يحصل له شيء، وهذا هو الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المخابرة والمزارعة، فإنهم كانوا يعاملون على الأرض بزرع بقعة معينة من الأرض للمالك، فأما المزارعة فجائزة بلا ريب. اهـ.

ص: 104

قلت: أو تحمل أحاديث النهي عن المزارعة على شيء مجهول يدل عليه حديث رافع بن خديج الآتي في باب الرهن (1) وغيره إن شاء الله [أو على أن النهي على التنزيه والإِرشاد إلى عمارتها كالنهي عن بيع (2) الهر فإنه محمول على التنزيه من [حيث](3) أن الناس يتواهبون وهذا التأويل نقل معناه عن ابن عباس وأشار إليه البخاري (4) وغيره] (5).

فرع: من أجاز المزارعة والمخابرة هل يشترط فيها ما يشترط في المساقاة من اللزوم والتأقيت مقتضى مذهبنا الاشتراط وبه صرح الحنفية، وعمل الناس على خلافه.

فرع: جوز الشافعي وأبو حنيفة وكثيرون إجارة الأرض بالذهب والفضة والطعام والنبات وسائر الأشياء سواء كان بجنس ما يزرع فيها أم غيره، ويستثنى إجارتها بجزء ما يخرج منها كالثلث والربع كما سلف.

وقال ربيعة: يجوز بالنقدين فقط.

وقال مالك: يجوز بهما وبغيرهما إلَاّ الطعام.

وقال المازري (6): مشهور مذهب مالك النهي عن كرائها بما تنبته وإن لم يكن طعاماً.

(1) ص 485 من هذا الجزء المبارك إن شاء الله.

(2)

حديث النهي عن بيع الهر. أخرجه مسلم (1569)، وانظر: تمام تخريجه ص 131.

(3)

في هـ (حديث) ، وما أثبت اجتهاد.

(4)

البخاري أطرافه (2330).

(5)

زيادة من ن هـ.

(6)

المعلم بفوائد مسلم (2/ 273).

ص: 105

وقال أحمد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وجماعة من المالكية وآخرون: تجوز إجارتها بالنقدين وتجوز المزارعة بالثلث والربع وغيرها.

وقال طاووس والحسن: لا يجوز مطلقاً سواء أَكْراهَا بطعام أو نقداً وبجزء من زرعها لإِطلاق النهي عن كراء الأرض إلَاّ أن يمنحها أخاه وجوابه ما سلف.

الرابع: في الحديث دلالة أيضاً على منع بيع الثمرة بجنسها يابساً إلَاّ في العرايا وسيأتي في الباب بعده وعلى جواز بيعها بعد بدو صلاحها بالذهب والفضة مطلقاً.

وقوله: "إلَاّ العرايا" استثناء من المزابنة للرخصة في ذلك على ما سيأتي في (1) بابها وهي مستثناة أيضاً من الغرر ومن ربا التفاضل والنسآ والذي سوغها ما فيها من المعروف والرفق وإزالة الضرر. وهي جمع عرية وسيأتي في بابها سبب تسميتها (2) بذلك وقد سمت العرب عطايا خاصة بأسماء خاصة كالمنيحة: لشاة اللبن، والإِفقار: لما [يركب](3) فقارة وغيرهما.

(1) ص 140.

(2)

ص 134.

(3)

في هـ (نزلت)

ص: 106