الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْيَوْمِ لَا يُمْكِنُ، وَرَدُّوا صُمْت شَهْرَ رَمَضَانَ أَوْ شَهْرَ رَمَضَانَ إلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ صَوْمَ الشَّهْرِ يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ.
[الرَّابِعَةُ الْأَفْعَالُ الْمَاضِيَةُ تُفِيدُ بِالْوَضْعِ أَمْرًا]
: أَنَّ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيهَا الزَّمَنُ الْمَاضِي فَقَطْ لَا غَيْرُ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا نَفْسِهَا عَلَى انْقِطَاعِ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَا بَقَائِهِ، بَلْ إنْ أَفَادَ الْكَلَامُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِدَلِيلٍ آخَرَ. هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ. وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي دَلَالَةِ " كَانَ " عَلَى التَّكْرَارِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ لَمْ يَذْكُرْهَا النُّحَاةُ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى الِانْقِطَاعِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ لَمْ يَذْكُرْهَا الْأُصُولِيُّونَ. قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ فِي شَرْحِ الْجُمَلِ ": وَأَصَحُّهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ: نَعَمْ. فَإِذَا قُلْت: كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَامَ فِيمَا مَضَى وَلَيْسَ الْآنَ بِقَائِمٍ، وَقِيلَ: بَلْ لَا يُعْطِي الِانْقِطَاعَ بِدَلِيلِ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] وَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الِانْقِطَاعُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِخْبَارَ بِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - كَانَ فِيمَا مَضَى غَفُورًا رَحِيمًا كَمَا هُوَ الْآنَ كَذَلِكَ، فَيَكُونُ الْقَصْدُ الْإِخْبَارَ بِثُبُوتِ هَذَا الْوَصْفِ فِي الْمَاضِي، وَلَمْ يُتَعَرَّضْ لِخِلَافِ ذَلِكَ. وَأَجَابَ السِّيرَافِيُّ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ الِانْقِطَاعُ بِمَعْنَى أَنَّ الْمَغْفُورَ لَهُمْ وَالْمَرْحُومِينَ قَدْ زَالُوا.
وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ: أَنَّ فِي صِفَاتِ اللَّهِ - تَعَالَى - مَسْلُوبَةَ الدَّلَالَةِ عَلَى تَعْيِينِ الزَّمَانِ، وَصَارَ صَالِحًا لِلْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ بِحُدُوثِ الزَّمَانِ وَقِدَمِ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ، وَكَذَا الْفِعْلِيَّةُ عَلَى رَأْيِ الْحَنَفِيَّةِ. وَالتَّحْقِيقُ خِلَافُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا سَبَقَ، وَلِهَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110]" كَانَ " عِبَارَةٌ عَنْ وُجُودِ الشَّيْءِ فِي زَمَنِ مَاضٍ عَلَى سَبِيلِ الْإِبْهَامِ وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمٍ سَابِقٍ، وَلَا عَلَى انْقِطَاعٍ طَارِئٍ، وَمِنْهُ {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] ، وَقَالَ ابْنُ مُعْطٍ فِي أَلْفِيَّتِهِ ": وَكَانَ لِلْمَاضِي الَّذِي مَا انْقَطَعَا وَحَكَى ابْنُ الْخَبَّازِ فِي شَرْحِهَا قَوْلًا أَنَّهَا تُفِيدُ الِاسْتِمْرَارَ مُحْتَجًّا بِالْآيَةِ، وَسَمِعْت شَيْخَنَا أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ هِشَامٍ رحمه الله يُنْكِرُهُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: غَرَّهُ فِيهِ عِبَارَةُ ابْنِ مُعْطٍ، وَلَمْ يَصِرْ إلَيْهِ أَحَدٌ، بَلْ الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا تُفِيدُ الِانْقِطَاعَ أَوْ لَا تَقْتَضِي الِانْقِطَاعَ وَلَا عَدَمَهُ، وَأَمَّا إثْبَاتُ قَوْلِهِ بِالِاتِّصَالِ وَالدَّوَامِ فَلَا يُعْرَفُ.
قُلْت: وَقَالَ الْأَعْلَمُ: تَأْتِي لِلْأَمْرَيْنِ، فَالِانْقِطَاعُ نَحْوَ كُنْت غَائِبًا، وَأَمَّا الْآنَ حَاضِرٌ، وَالِاتِّصَالُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] وَهُوَ فِي كُلِّ حَالٍ مَوْصُوفٌ بِذَلِكَ. وَهَاهُنَا قَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ التَّفْسِيرِ: وَهِيَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ إخْبَارُ اللَّهِ عَنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِلَفْظِ " كَانَ " كَثِيرًا {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: 148]{وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130]{غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96]{تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 16] وَأَنَّهَا لَمْ تُفَارِقْ ذَاتَهُ، وَلِهَذَا يُقَدِّرُهَا بَعْضُهُمْ بِمَا زَالَ فِرَارًا مِمَّا يَسْبِقُ إلَى الْوَهْمِ مِنْ أَنَّ " كَانَ " تُفِيدُ انْقِطَاعَ الْمُخْبَرِ بِهِ مِنْ الْوُجُودِ، كَقَوْلِهِمْ: دَخَلَ فِي خَبَرِ كَانَ.
قَالُوا: فَكَانَ وَمَا زَالَ أُخْتَانِ فَجَازَ أَنْ تُسْتَعْمَلَ إحْدَاهُمَا فِي مَعْنَى الْأُخْرَى مَجَازًا بِالْقَرِينَةِ، وَهُوَ تَكَلُّفٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَزَلِيَّةِ الصِّفَاتِ ثُمَّ يَسْتَفِيدُ مَعْنَاهَا مِنْ الْحَالِ، وَفِيمَا لَا يَزَالُ بِالْأَدِلَّةِ