الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُوَ هُوَ، فَإِنَّهُ الْحَقِيقَةُ إذَا أُرِيدَ بِهَا شَيْءٌ بِعَيْنِهِ مَجَازًا حُمِلَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَالْكَمَالِ فِيهَا، وَالْمَقَامُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَقَالَ صَاحِبُ " الْبَسِيطِ " أَقْوَى تَعْرِيفٍ لِ " لَامِ " الْحُضُورُ ثُمَّ الْعَهْدُ ثُمَّ الْجِنْسُ. وَزَعَمَ السَّكَّاكِيُّ أَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ تَكُونُ لِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ لَا غَيْرُ، وَرَدَّ الْبَاقِيَ إلَيْهِ، وَبَنَاهُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ: إنَّ اللَّامَ مَوْضُوعَةٌ لِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ لَا غَيْرُ.
وَظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ الْفَرْقُ بَيْنَ لَامِ الْجِنْسِ وَلَامِ الْعُمُومِ. وَفَرَّقَ ابْنُ عُصْفُورٍ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا إنْ أَحْدَثَتْ فِي الِاسْمِ مَعْنَى الْجِنْسِيَّةِ كَانَتْ لِلْجِنْسِ، نَحْوُ دِينَارٍ يَنْطَلِقُ عَلَى كُلِّ دِينَارٍ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، فَإِذَا عَرَّفْته دَلَّ عَلَى الشُّمُولِ بِخِلَافِ قَوْلِك: لَبَنٌ، فَإِنَّهُ وَاقِعٌ عَلَى جِنْسِ اللَّبَنِ. فَإِذَا قُلْت: اللَّبَنُ بِ " أَلْ " عَرَفْت الْجِنْسَ وَلَمْ تُصَيِّرْهُ جِنْسًا، بَلْ دَخَلَتْ لِتُعَرِّفَ الْجِنْسَ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ " أَلْ " فِيمَا يَتَعَلَّقُ فِي الدِّينَارِ وَاللَّبَنِ عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنَّهَا إنْ دَخَلَتْ عَلَى كُلِّيٍّ فَلِلْجِنْسِ أَوْ عَلَى جُزْئِيٍّ فَلِلْعَهْدِ، أَوْ عَلَى كُلٍّ فَلِلْعُمُومِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي الِاسْمِ إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْكُلِّيِّ لِصِدْقِهِ عَلَى الْآحَادِ عَلَى الْبَدَلِ. وَذَكَرَ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ أَقْسَامِهَا تَعْرِيفَ الْحُضُورِ. وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لَيْسَ قَسِيمًا بَلْ هُوَ قِسْمٌ مِنْ الْأَوَّلِ.
[فِي لِلْوِعَاءِ]
ِ إمَّا حَقِيقَةً وَهِيَ اشْتِمَالُ الظَّرْفِ عَلَى مَا يَحْوِيهِ، كَقَوْلِك:
الْمَالُ فِي الْكِيسِ، وَإِمَّا مَجَازًا كَقَوْلِك: فُلَانٌ يَنْظُرُ فِي الْعِلْمِ، وَالدَّارُ فِي يَدِهِ، فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى:{وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] فَقَالَ: الْمُبَرِّدُ: بِمَعْنَى " عَلَى "، وَقَالَ الْحُذَّاقُ: عَلَى حَقِيقَتِهَا؛ لِأَنَّ الْجِذْعَ يَصِيرُ مُسْتَقَرًّا لِهَذَا الْفِعْلِ. وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْأُدَبَاءِ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الظَّرْفِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهَا سِوَى الزَّمَخْشَرِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَلَى بَابِهَا قَالَ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْمُحَقَّقِ وَالْمُقَدَّرِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرَكِ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ، وَإِلَّا فَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُحَقَّقِ مَجَازٌ فِي الْمُقَدَّرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَضْعُ اللَّفْظِ بِإِزَاءِ الْمُحَقَّقِ.
قَالَ: الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الظَّرْفُ فِي حُكْمِ الْمَقْرُورِ بِهِ وَلِذَلِكَ قُلْنَا فِيمَنْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ: إنَّ إقْرَارَهُ يَتَنَاوَلُ الثَّوْبَ دُونَ الْمِنْدِيلِ وَزَعَمَ الْعِرَاقِيُّ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِهِمَا. وَأَجْمَعَ الْفَرِيقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ لِي فِي دَارٍ، أَوْ فَرَسٍ فِي إصْطَبْلٍ، أَوْ سَرْجٍ عَلَى دَابَّةٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالظَّرْفِ، وَأَنْكَرَ قَوْمٌ مَجِيئَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ، وَأَثْبَتَهُ آخَرُونَ مِنْهُمْ ابْنُ مَالِكٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: