الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[النَّهْيُ]
ُ هُوَ اقْتِضَاءُ كَفٍّ عَنْ فِعْلٍ فَالِاقْتِضَاءُ جِنْسٌ، وَ " كَفٍّ " مُخْرِجٌ لِلْأَمْرِ لِاقْتِضَائِهِ غَيْرَ الْكَفِّ. وَشَرَطَ ابْنُ الْحَاجِبِ هُنَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعْلَاءِ كَمَا شَرَطَهُ فِي الْأَمْرِ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: لَمْ يَذْكُرُوا الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي الْأَمْرِ فِي اشْتِرَاطِ الْعُلُوِّ أَوْ الِاسْتِعْلَاءِ هُنَا، وَيَلْزَمُهُمْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ. قُلْت: قَدْ أَجْرَاهَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ " وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ النَّهْيِ كَرَاهَةُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْأَمْرِ إرَادَةُ الْمَأْمُورِ بِهِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ حَيْثُ اعْتَبَرُوا إرَادَةَ التَّرْكِ كَمَا فِي الْأَمْرِ وَلِلنَّهْيِ صِيغَةٌ مُبَيِّنَةٌ لَهُ تَدُلُّ بِتَجْرِيدِهَا عَلَيْهِ، وَهِيَ قَوْلُ الْقَائِلِ لَا تَفْعَلْ، وَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْأَمْرِ. وَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: وَمَنْ تَبِعَهُ: لَيْسَ لَهُ صِيغَةٌ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ وَإِذَا قُلْنَا لَهُ صِيغَةٌ فَفِيهِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهَا: وَنُسِبَ لِلْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَغَيْرَهُ إلَّا بِدَلِيلٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِلتَّنْزِيهِ حَقِيقَةً لَا لِلتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهَا يَقِينٌ فَحُمِلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّحْرِيمِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَحَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجْهًا، وَعَزَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ الْحَنْبَلِيُّ لِقَوْمٍ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ حَقِيقَةً كَمَا أَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَجَعُوا فِي التَّحْرِيمِ إلَى مُجَرَّدِ النَّهْيِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَتَظَاهَرَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ، فَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ ": فِي بَابِ الْعِلَلِ فِي الْأَحَادِيثِ: وَمَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ عَلَى التَّحْرِيمِ حَتَّى يَأْتِيَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ التَّحْرِيمِ، وَقَالَ فِي الْأُمِّ " فِي كِتَابِ صِفَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ: النَّهْيُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنْ كَانَ مَا نَهَى عَنْهُ فَهُوَ مُحَرَّمٌ حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ أَنَّهُ بِمَعْنَى غَيْرِ التَّحْرِيمِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ " أَيْضًا. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: قَطَعَ الشَّافِعِيُّ قَوْلَهُ: إنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ، فَإِنَّهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَيَّنَ الْقَوْلَ فِيهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ كَمَا سَبَقَ. فَنَقُولُ: إنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ قَوْلًا وَاحِدًا حَتَّى يَرِدَ مَا يَصْرِفُهُ، وَلَهُ فِي الْأَمْرِ قَوْلَانِ، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ أَمْ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْأَمْرِ، ثُمَّ الْمُرَادُ صِيغَةُ " لَا تَفْعَلْ " فَأَمَّا لَفْظُ " ن هـ ى " فَإِنَّهُ لِلْقَوْلِ الطَّالِبِ لِلتَّرْكِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: صِيغَتُهُ عِنْدَنَا " لَا تَفْعَلْ " وَ " انْتَهِ " وَ " اُكْفُفْ " وَنَحْوُهُ.