المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أو من أدوات المعاني] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٣

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[مَبَاحِثُ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَقِيقَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[الْمُعَرَّبُ وَاقِعٌ فِي السُّنَّةِ أَيْضًا]

- ‌[أَقْسَامُ الْفِعْلِ]

- ‌[الْمَجَازُ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمَجَازَ مَوْضُوعٌ أَمْ لَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَجَازُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَنْ إنْكَار وُقُوعِ الْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي السَّبَبِ الدَّاعِي إلَى الْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَجَازُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَجَازُ يَحْتَاجُ إلَى الْعَلَاقَةِ أَوْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[التَّجَوُّزُ بِالْمَجَازِ عَنْ الْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجِيءُ الْمَجَازُ بِمَرَاتِبَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَرْدِ أَنْوَاعِ عَلَّاقَات الْمَجَاز] [

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ السَّبَبِيَّةُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّانِيَةُ الْمُسَبَّبِيَّةُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّالِثَةُ الْمُشَابَهَةُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الرَّابِعَةُ التَّضَادُّ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الْخَامِسَةُ الْكُلِّيَّةُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ السَّادِسَةُ الْجُزْئِيَّةُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ السَّابِعَةُ إطْلَاقُ مَا بِالْفِعْلِ عَلَى مَا بِالْقُوَّةِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّامِنَةُ الْمُجَاوَرَةُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ التَّاسِعَةُ اعْتِبَارُ مَا كَانَ عَلَيْهِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الْعَاشِرَةُ اعْتِبَارُ مَا يَئُولُ إلَيْهِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الْحَادِيَةُ عَشْرَةَ الْمَجَازُ بِالزِّيَادَةِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْمَجَازُ بِالنُّقْصَانِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ التَّعْلِيقُ الْحَاصِلُ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَاسْمِ الْمَفْعُولِ أَوْ الْفَاعِلِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ إطْلَاقُ اسْمِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ تَسْمِيَةُ الْحَالِّ بِاسْمِ الْمَحَلِّ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ إطْلَاقُ الْمُنَكَّرِ وَإِرَادَةُ الْمُعَرَّفِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الْعِشْرُونَ إطْلَاقُ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ وَإِرَادَةُ الْجِنْسِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ إطْلَاقُ النَّكِرَةِ وَإِرَادَةُ الْجِنْسِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ إطْلَاقُ اسْمِ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ تَسْمِيَةُ الْبَدَلِ بِاسْمِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ عَكْسُهُ كَتَسْمِيَةِ الْأَدَاءِ بِالْقَضَاءِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ الْقَلْبُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ التَّشْبِيهُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ قَلْبُ التَّشْبِيهِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ الْكِنَايَةُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّلَاثُونَ التَّعْرِيضُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ الِانْقِطَاعُ مِنْ الْجِنْسِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ وُرُودُ الْمَدْحِ فِي صُورَةِ الذَّمِّ وَعَكْسُهُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ وُرُودُ الْأَمْرِ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ وَعَكْسُهُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ وُرُودُ الْوَاجِبِ أَوْ الْمُحَالِ فِي صُورَةِ الْمُمْكِنِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى مَا لَيْسَ لَهُ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ الْإِخْبَارُ عَنْ الشَّيْءِ وَوَصْفُهُ لِغَيْرِهِ]

- ‌[الْعَلَاقَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ تَجَاهُلُ الْعَارِفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَقَعُ الْمَجَازُ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَالتَّرْكِيبِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَجَازِ]

- ‌[وُجُودُ الْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَجَازُ قَدْ يَكُونُ بِالْأَصَالَةِ أَوْ التَّبَعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقِيقَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَجَازَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يُتَجَوَّزُ بِالْمَجَازِ عَنْ الْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَجَازُ فَرْعٌ لِلْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِبْرَةُ بِالْحَقِيقَةِ]

- ‌[تَعَدُّدُ وُجُوهِ الْمَجَازِ]

- ‌[الْوَاسِطَةُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَقِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ تَعَارُضِ مَا يُخِلُّ بِالْفَهْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّرْجِيحَاتِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمَجَازِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ]

- ‌[أَدَوَاتُ الْمَعَانِي]

- ‌[الْفَاءُ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

- ‌[الْبَاءُ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

- ‌[اللَّامُ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي إنْ]

- ‌[أَوْ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

- ‌[لَوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

- ‌[لَوْلَا مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

- ‌[مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

- ‌[الـ تَكُونُ حَرْفًا إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجَامِدِ وَتَكُونُ اسْمًا إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُشْتَقِّ]

- ‌[فِي لِلْوِعَاءِ]

- ‌[عَنْ مَعْنَاهَا الْمُجَاوَزَةُ لِلشَّيْءِ وَالِانْصِرَافُ إلَى غَيْرِهِ]

- ‌[لَنْ تَنْصِبُ الْمُضَارِعَ وَتُخَلِّصُهُ لِلِاسْتِقْبَالِ]

- ‌[لَا تَأْتِي مَزِيدَةً وَغَيْرَ مَزِيدَةٍ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي مَعَ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي بَلْ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي مِنْ وَمَا]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي بَلَى]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي لكن]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي لكن]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي عَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي عِنْد]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي إذَا]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي غَيْرُ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي كَيْفَ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي كُلٌّ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي كُلَّمَا]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي بَعْد]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي إلَى]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي حَتَّى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَتَّى الْعَاطِفَةُ هَلْ تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي إذَنْ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي مَتَى]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي إلَّا]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي ثُمَّ]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي إنَّمَا]

- ‌[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي أَنَّمَا]

- ‌[قَوَاعِدُ نَافِعَةٌ الْأُولَى حُرُوفُ الْجَرِّ]

- ‌[الثَّانِيَةُ الْمَقْصُودُ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[الثَّالِثَةُ الْأَفْعَالُ بِاعْتِبَارِ تَعْلِيقِهَا بِمَفْعُولَاتِهَا عَلَى الِاسْتِيعَابِ وَعَدَمِهِ]

- ‌[الرَّابِعَةُ الْأَفْعَالُ الْمَاضِيَةُ تُفِيدُ بِالْوَضْعِ أَمْرًا]

- ‌[الْخَامِسَةُ النِّسْبَةُ الْمَنْفِيَّةُ إذَا قُيِّدَتْ بِحَالٍ]

- ‌[الْأَمْرُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي مَدْلُولِ الْأَمْرِ]

- ‌[هَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْأَمْرِ الْعُلُوُّ أَوْ الِاسْتِعْلَاءُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اعْتِرَاضٌ عَلَى حَدِّ الْأَمْرِ]

- ‌[الثَّانِيَةُ إرَادَةُ صَرْفِ الصِّيغَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْأَمْرِ إلَى جِهَةِ الْأَمْرِ]

- ‌[الثَّالِثَةُ الْأَمْرَ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الطَّلَبِ النَّفْسِيِّ مَجَازٌ فِي الْعِبَادَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ صِيغَةُ الْأَمْرِ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ هَلْ لِلْأَمْرِ صِيغَةٌ]

- ‌[الثَّانِي الْمُرَادُ بِصِيغَةِ افْعَلْ]

- ‌[مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ هَلْ يُسَمَّى أَمْرًا]

- ‌[الثَّالِثَةُ وُرُودِ صِيغَةِ الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَمْرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا دَلَّ الْأَمْرُ عَلَى انْتِفَاءِ الْوُجُوبِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى انْتِفَاءِ الْوُجُوبِ وَحُمِلَ عَلَى النَّدْبِ فَهَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى انْتِفَاءِ الْوُجُوبِ وَحُمِلَ عَلَى الْإِبَاحَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ الْوُجُوبُ فَهَلْ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ]

- ‌[فِي وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْبَحْثِ]

- ‌[تَقْدِيم الْأَمْرِ عَلَى الْفِعْلِ بِزَمَانِ الِاعْتِقَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْدِيمُ الْأَمْرِ عَلَى وَقْتِ الْفِعْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ هَلْ يَقْتَضِي الْجَوَازَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَهَلْ يَقْتَضِيهَا شَرْعًا أَوْ لُغَةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ صِيغَةِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ هَلْ تُفِيدُ الْوُجُوبَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّهْيُ الْوَارِدُ بَعْدَ الْإِبَاحَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ عَقِيبَ الِاسْتِئْذَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْأَمْرِ مُقَيَّدًا بِمَرَّةٍ أَوْ بِتَكْرَارٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ وَقْتٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَكَرَّرَ لَفْظُ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَصْرِيحُ الْأَمْرِ بِالْفِعْلِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ الْمُعَلَّقُ بِالْفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَرَدَ الْخِطَابُ بِفِعْلِ عِبَادَةٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَخَرَجَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فَوَاتُ الِامْتِثَالِ بِالْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ احْتِيَاجُ الْإِجْزَاءِ إلَى دَلِيلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَعْلِيقُ الْأَمْرِ بِمُعَيَّنٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إيجَابُ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ شَيْئًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْآمِرُ هَلْ يَدْخُلُ تَحْتَ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ بِالصِّفَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْأَمْرِ بِإِيجَادِ الْفِعْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ هَلْ هُوَ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ]

- ‌[النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ إنْ كَانَ لَهُ أَضْدَادٌ]

- ‌[النَّهْيُ]

- ‌[مِنْ صِيَغ النَّهْي التَّحْرِيم]

- ‌[يَجِيءُ النَّفْيُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مُفَارَقَةُ الْأَمْرِ لِلنَّهْيِ فِي الدَّوَامِ وَالتَّكْرَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا قُلْنَا النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ فَتَقَدُّمُ صِيغَةِ الْأَمْرِ هَلْ يُغَيِّرُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّهْيُ يَقْتَضِي الْكَفَّ عَلَى الْفَوْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّهْيُ عَنْ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاخْتِلَافُ فِي مَعْنَى لَا تَقُمْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُكَلَّفُ بِهِ فِي النَّهْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّهْيُ عَنْ مُتَعَدِّدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اقْتِضَاءُ النَّهْيِ لِلْفَسَادِ]

- ‌[النَّهْيُ فِي الْمُعَامَلَاتِ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ]

- ‌[النَّهْيُ الَّذِي لِلتَّنْزِيهِ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ]

- ‌[خَاتِمَةٌ مَا يَمْتَازُ بِهِ الْأَمْرُ عَنْ النَّهْيِ]

الفصل: ‌[أو من أدوات المعاني]

وَنَقَلَ فِي " الْمُحَقَّقِ " نَحْوَ إنْ مَاتَ زَيْدٌ زُرْتُك، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] . وَقَوْلُهُ:

كَمْ شَامِتٍ بِي إنْ هَلَكْت

وَقَائِلٍ لِلَّهِ دَرُّهُ

إلَّا أَنَّهَا إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ فَلَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا كَانَ زَمَنَ وُقُوعِهِ مُبْهَمًا، وَلِهَذَا دَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلَئِنْ مُتُّمْ} [آل عمران: 158] فَإِنْ عُلِمَ زَمَنُ وُقُوعِهِ فَلَا تُسْتَعْمَلُ فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ: إنْ احْمَرَّ الْبُسْرُ فَأْتِنِي فَإِنَّ احْمِرَارَهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَوَقْتُهُ مَعْلُومٌ بِالتَّقْرِيبِ. وَالْمُتَلَخِّصُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ " إنْ " وَ " إذَا " يَشْتَرِكَانِ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ إلَّا لِنُكْتَةٍ، نَحْوُ {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} [الزخرف: 81] وَتَنْفَرِدُ " إنْ " بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ وَالْمَوْهُومِ، وَتَنْفَرِدُ " إذَا " بِالْمَجْزُومِ بِهِ، وَهَلْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَظْنُونِ؟ خِلَافٌ. وَتَجِيءُ لِلنَّفْيِ إنْ تَلَاهَا " إلَّا " نَحْوُ {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلا فِي غُرُورٍ} [الملك: 20] أَوْ " لَمَّا " نَحْوُ {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4] أَوْ غَيْرُهُمَا، نَحْوُ {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} [يونس: 68] وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ ادَّعَى مُلَازَمَتَهُ لِ " إلَّا " وَ " لَمَّا ".

[أَوْ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

[أَوْ] لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ شَاكًّا كَانَ أَوْ إبْهَامًا تَخْيِيرًا كَانَ أَوْ إبَاحَةً

ص: 173

فَإِنْ كَانَا مُفْرَدَيْنِ أَفَادَا ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَا جُمْلَتَيْنِ أَفَادَ حُصُولَ مَضْمُونِ أَحَدِهِمَا، وَلِذَلِكَ يُفْرَدُ ضَمِيرُهُمَا نَحْوُ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو قَامَ، وَلَا تَقُلْ: قَامَا. بِخِلَافِ الْوَاوِ فَتَقُولُ: زَيْدٌ وَعَمْرٌو قَامَا، وَلَا تَقُلْ: قَامَ. وَحَقِيقَتُهَا أَنَّهَا تُفْرِدُ شَيْئًا مِنْ شَيْءٍ، وَوُجُوهُ الْإِفْرَادِ تَخْتَلِفُ فَتَتَقَارَبُ تَارَةً، وَتَتَبَاعَدُ أُخْرَى حَتَّى تُوهِمَ أَنَّهَا قَدْ تَضَادَّتْ، وَهِيَ فِي ذَلِكَ تَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ، وَقَدْ وُضِعَتْ لِلْخَبَرِ وَالطَّلَبِ، فَأَمَّا فِي الْخَبَرِ فَمَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ قِيَامُ الشَّكِّ، فَقَوْلُك: زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو قَامَ، أَصْلُهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَامَ. ثُمَّ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ شَاكًّا لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا الْقَائِمُ، فَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنْ يَحْمِلَهُ السَّامِعُ عَلَى جَهْلِ الْمُتَكَلِّمِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ غَيْرَ شَاكٍّ، وَلَكِنَّهُ أُبْهِمَ عَلَى السَّامِعِ لِغَرَضٍ. وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ الشَّكَّ، وَالثَّانِي التَّشْكِيكَ وَالْإِبْهَامَ أَيْضًا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24] . وَكَذَلِكَ جَاءَتْ فِي خَبَرِ اللَّهِ، نَحْوُ {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74]{وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} [النحل: 77]{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَقَعُ الْإِبْهَامُ مِنْ اللَّهِ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ مِنْهُ الْبَيَانُ؟ قُلْت: إنَّمَا خُوطِبُوا عَلَى قَدْرِ مَا يَجْرِي فِي كَلَامِهِمْ، وَلَعَلَّ الْإِبْهَامَ عَلَى السَّامِعِ لِعَجْزِهِ عَنْ بُلُوغِ حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: الْقَصْدُ مِنْ الْإِبْهَامِ فِي الْخَبَرِ تَهْوِيلُ الْأَمْرِ عَلَى الْمُخَاطَبِ مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَحَمْلُهَا عَلَى ذَلِكَ

ص: 174

الْمَعْنَى هُوَ مِنْ صِنَاعَةِ الْحُذَّاقِ، وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إخْرَاجِهَا إلَى مَعْنَى الْوَاوِ.

وَبِالْجُمْلَةِ، الْإِخْبَارُ بِالْمُبْهَمِ لَا يَخْلُو، عَنْ غَرَضٍ إلَّا أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ الشَّكُّ، فَمِنْ هُنَا ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ " أَوْ " لِلشَّكِّ.

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا إلَّا تَبَادُرَ الذِّهْنِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ وَضْعَ الْكَلَامِ لِلْإِبْهَامِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ " أَوْ " لَمْ تُوضَعْ لِلتَّشْكِيكِ، وَإِلَّا فَالشَّكُّ أَيْضًا مَبْنِيٌّ يُقْصَدُ إبْهَامُهُ بِأَنْ يَقْصِدَ الْمُتَكَلِّمُ إخْبَارَ الْمُخَاطَبِ بِأَنَّهُ شَاكٌّ فِي تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الشَّكَّ وَلَا التَّشْكِيكَ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ الْكَلَامِ ابْتِدَاءً. وَقَدْ يَحْسُنُ دُخُولُ " أَوْ " بَيْنَ أَشْيَاءَ يَتَنَاوَلُهَا الْفِعْلُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيُرَادُ بِالْخَبَرِ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِي وَقْتِهِ، كَقَوْلِك: إذَا قِيلَ لَك: مَا كُنْت تَأْكُلُ مِنْ الْفَاكِهَةِ؟ قُلْت: آكُلُ التِّينَ أَوْ الْعِنَبَ أَوْ الرُّمَّانَ. أَيْ إفْرَادُ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً، وَلَمْ تُرِدْ الشَّكَّ وَلَا الْإِبْهَامَ هَذَا شَأْنُهَا فِي الْخَبَرِ. وَأَمَّا فِي الطَّلَبِ أَعْنِي الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فَتَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ كِلَاهُمَا لِلْإِفْرَادِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إذَا اخْتَارَهُ وَلَا يَتَجَاوَزُهُ، وَالْآخَرُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: يَكُونُ اخْتِيَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرَ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ الْآخَرُ، وَسَمَّوْا الْأَوَّلَ تَخْيِيرًا وَالثَّانِيَ إبَاحَةً وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ وَإِلَّا فَلِلْإِبَاحَةِ.

فَالْأَوَّلُ: نَحْوُ خُذْ مِنْ مَالِي دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا حَيْثُ يَكُونُ مَقْصُودُهُ أَنْ

ص: 175

يَأْخُذُوا وَاحِدًا فَقَطْ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، أَوْ لِمَا يَقْتَضِيهِ حَظْرُ مَالِ غَيْرِهِ عَنْهُ إلَّا بِسَبَبٍ تُصَحَّحُ بِهِ إبَاحَتُهُ لَهُ، وَالسَّبَبُ هُنَا تَخْيِيرُ الْمَأْمُورِ بِاجْتِنَابِهِ، فَقَدْ أَبَاحَهُ بِالتَّخْيِيرِ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ. فَأَيَّهُمَا اخْتَارَ كَانَ هُوَ الْمُبَاحَ، وَيَبْقَى الْآخَرُ عَلَى حَظْرِهِ، وَكَذَلِكَ كُلْ سَمَكًا أَوْ لَبَنًا لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْجَمْعِ. وَالثَّانِي: نَحْوُ جَالِسْ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ، أَيْ: جَالِسْ هَذَا الْجِنْسَ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ تَعَلَّمْ فِقْهًا أَوْ نَحْوًا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: تَقُولُ: جَالِسْ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ أَوْ زَيْدًا، كَأَنَّك قُلْت: جَالِسْ أَحَدَ هَؤُلَاءِ، وَلَمْ تُرِدْ إنْسَانًا بِعَيْنِهِ، فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّهُمْ أَهْلٌ أَنْ يُجَالَسَ، كَأَنَّك قُلْت: جَالِسْ هَذَا الضَّرْبَ مِنْ النَّاسِ. وَتَقُولُ: كُلْ خُبْزًا أَوْ لَحْمًا أَوْ تَمْرًا فَكَأَنَّك قُلْت: كُلْ أَحَدَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي قَبْلَهُ. انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ " أَوْ " مِنْ حَيْثُ هِيَ تَدُلُّ عَلَى الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ مِثْلُ " إمَّا ". وَيَنْفَصِلُ التَّخْيِيرُ عَنْ الْإِبَاحَةِ بِالْقَرِينَةِ وَسِيَاقِ الْكَلَامِ، وَهِيَ تُسَاوِي " إمَّا " فِي التَّخْيِيرِ الَّتِي يُسَمِّيهَا الْمَنْطِقِيُّونَ: مُنْفَصِلَةً مَانِعَةَ الْجَمْعِ، وَفِي الْإِبَاحَةِ: مُنْفَصِلَةً مَانِعَةَ الْخُلُوِّ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الشَّيْئَيْنِ إنْ كَانَا أَصْلُهُمَا عَلَى الْمَنْعِ فَلِلتَّخْيِيرِ، وَإِلَّا فَلِلْإِبَاحَةِ إنَّمَا أَخَذُوهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِمْ. حَتَّى مَثَّلُوا الْأَوَّلَ بِ خُذْ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا، وَالثَّانِي يُجَالِسُ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ. وَلَيْسَ هَذَا بِمُطَّرِدٍ فَقَدْ تَقُولُ لَهُ: جَالِسْ أَحَدَهُمَا وَتَقْصِدُ الْمَنْعَ مِنْ الْجَمْعِ.

وَقَدْ يَأْذَنُ لَهُ فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَيَرْضَى بِالْجَمْعِ. وَإِنَّمَا الْمُعْتَمَدُ فِي الْفَرْقِ الْقَرَائِنُ كَمَا ذَكَرْنَا وَلِذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ " أَوْ "

ص: 176

فِي آيَةِ الْكَفَّارَةِ لِلتَّخْيِيرِ، وَيُسَمُّونَهَا الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ السُّؤَالُ بِالْآيَةِ عِنْدَهُمْ، وَلَا حَاجَةَ لِلتَّكَلُّفِ عَنْ ذَلِكَ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ التَّخْيِيرَ وَالْإِبَاحَةَ قِسْمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِبَاحَةِ هِيَ التَّخْيِيرُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْجَمْعُ فِي الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ لِلْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ لَا لِمَدْلُولِ اللَّفْظِ، كَمَا أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ صُحْبَةِ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ وَصْفُ كَمَالٍ لَا نَقْصَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ فِي الطَّلَبِ التَّخْيِيرُ، وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ فَطَارِئَةٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ فِيهِ خَارِجَةً عَنْ وَضْعِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَفْرَدَ أَحَدَهُمَا بِالْمُجَالَسَةِ كَانَ مُمْتَثِلًا، وَلَمَّا كَانَتْ مُجَالَسَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مُجَالَسَةِ الْآخَرِ سَاغَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَبَحْت لَك مُجَالَسَةَ هَذَا الضَّرْبِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى بِالْوَاوِ، فَقَالَ: جَالِسْ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ لَمْ يَتَمَثَّلْ إلَّا بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. فَاعْرِفْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا.

وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ السِّيرَافِيِّ: " أَوْ " الَّتِي لِلْإِبَاحَةِ مَعْنَاهَا مَعْنَى وَاوِ الْعَطْفِ، وَالتَّسْوِيَة؟ نُسِبَتْ لِلْإِبَاحَةِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُضَارَعَةِ، وَلِهَذَا قَالُوا: سَوَاءٌ عَلَيْنَا قِيَامُك وَقُعُودُك، وَسَوَاءٌ عَلَيَّ قِيَامُك أَوْ قُعُودُك. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْجُرْجَانِيِّ فِي كِتَابِ " الْعَوَامِلِ ":" أَوْ " تُوجِبُ الشَّرِكَةَ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ، وَالْوَاوُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ. قَالَ: وَحَيْثُ أُرِيدَ بِهَا الْإِبَاحَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ جِنْسًا مَخْصُوصًا فَلَا يَصِحُّ كُلْ السَّمَكَ أَوْ اشْرَبْ اللَّبَنَ، أَوْ اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِمَا أَنَّهُمَا مَثَلَانِ فِي الشُّرْبِ وَاسْتِحْقَاقِ الضَّرْبِ.

وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ. وَكَذَلِكَ كُلْ صَيْحَانِيًّا أَوْ بَرْنِيًّا قَالَ: وَإِذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ لَمْ تَجِدْ " أَوْ " زَائِلَةً عَنْ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ كَوْنُهَا لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ. انْتَهَى.

ص: 177

وَلَا بُدَّ هَاهُنَا مِنْ اسْتِحْضَارِ أَنَّ التَّخْيِيرَ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ مُبَاحَيْنِ لَا مُبَاحٍ وَمَحْظُورٍ. إذَا عَلِمْت مَعْنَى الْإِبَاحَةِ فِي قَوْلِهِمْ: جَالِسْ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْأَمْرِ وَفِيمَا خُيِّرَ فِيهِ بَيْنَ مُبَاحَيْنِ أَحَدُهُمَا بِمَعْنَى الْآخَرِ، فَبِإِزَاءِ ذَلِكَ النَّهْيِ التَّضَمُّنِيِّ، التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْإِيقَاعِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَحْظُورَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مَعْنَى الْآخَرِ فِي الْحَظْرِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ: لَا تَأْتِ زِنًى أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَرْكُ طَاعَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُفْرَدَيْنِ وَمُجْتَمِعَيْنِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: حَظَرْت عَلَيْك طَاعَةَ هَذَا الضَّرْبِ مِنْ النَّاسِ؛ إذْ كَانَ تَرْكُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمَعْنَى تَرْكَ طَاعَةِ الْآخَرِ، كَمَا كَانَتْ الْإِبَاحَةُ فِي مُجَالَسَةِ الْحَسَنِ أَوْ ابْنِ سِيرِينَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ: لَوْ قَالَ: " أَوْ لَا تُطِعْ كَفُورًا " لَانْقَلَبَ الْمَعْنَى، فَصَحِيحٌ وَذَلِكَ. أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِبَاحَةِ أَوْ التَّخْيِيرِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا قَالَ:" أَوْ لَا تُطِعْ كَفُورًا " صَارَتْ فِي أَثْنَاءِ قَضِيَّتَيْنِ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا الَّتِي تَلِي " أَوْ " غَيْرُ الْأُولَى الَّتِي قَبْلَهَا، فَتَخْرُجُ بِذَلِكَ إلَى مَعْنَى " بَلْ " إذَا كَانَتْ " بَلْ " لَا تَرِدُ فِي أَثْنَاءِ قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَصَارَتْ " أَوْ " بِمَعْنَى الْإِضْرَابِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَضْرَبَ عَنْ النَّهْيِ عَنْ طَاعَةِ الْآثِمِ وَانْتَقَلَ إلَى النَّهْيِ عَنْ طَاعَةِ الْكَفُورِ. وَهَذَا قَلْبٌ لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ الْآيَةِ مِنْ تَرْكِ طَاعَتِهِمَا أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ النَّهْيَ إذَا دَخَلَ عَلَى " أَوْ " الَّتِي لِلْإِبَاحَةِ حُظِرَ الْكُلُّ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا كَمَا فِي: لَا تَتَعَلَّمْ الشِّعْرَ أَوْ أَحْكَامَ النُّجُومِ، فَهِيَ نَهْيٌ جَمْعًا وَإِفْرَادًا كَمَا كَانَ لَهُ فِي الْأَمْرِ فِي الْإِبَاحَةِ فِعْلُهُمَا جَمْعًا وَإِفْرَادًا، وَإِذَا دَخَلَ عَلَى " أَوْ " الَّتِي لِلتَّخْيِيرِ كَقَوْلِك: لَا تَأْخُذْ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا فَالْأَشْبَهُ فِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ أَحَدِهِمَا. قَالُوا: فَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ هَلْ يَكُونُ مُطِيعًا أَوْ عَاصِيًا؟ قَالَ: ابْنُ الْخَشَّابِ: وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ التَّخْيِيرَ الَّذِي كَانَ فِي الْأَمْرِ هَلْ هُوَ

ص: 178

بَاقٍ فِي النَّهْيِ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْأَمْرِ بِمَنْزِلَةِ النَّفْيِ مِنْ الْإِيجَابِ فِي الْخَبَرِ، وَقَدْ يَتَنَاوَلُ النَّفْيُ الْكَلَامَ الْمُوجِبَ فَيَنْفِيهِ بِمَعْنَاهُ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ تَنَازَعَهَا الْعُلَمَاءُ وَقَصَدْت فِيهَا رَأْيَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ. وَكَذَلِكَ النَّهْيُ حُكْمُهُ فِي تَنَاوُلِ الْمَأْمُورِ بِهِ حُكْمُ تَنَاوُلِ النَّفْيِ الْمُوجِبِ، فَإِنْ كَانَ التَّخْيِيرُ الَّذِي كَانَ فِي الْأَمْرِ بَاقِيًا مَعَ النَّهْيِ بِحَالِهِ لَمْ يَكُنْ الْمَنْهِيُّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا فَالْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ فِي " أُصُولِهِ ":" أَوْ " تَتَنَاوَلُ وَاحِدًا مِمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَا جَمِيعَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] فَهَذَا فِي الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا فِي النَّفْيِ فَهِيَ تَتَنَاوَلُ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِيَالِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] وَقَوْلُهُ: {أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: 146] فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِيَالِهِ لَا عَلَى تَعَيُّنِ الْجَمْعِ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمَنَّ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا: إنَّهُ يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَيِّهِمَا وَقَعَ. وَحَكَى السِّيرَافِيُّ فِي " شَرْحِ سِيبَوَيْهِ " أَنَّ الْمُزَنِيّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ: وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت أَحَدًا إلَّا كُوفِيًّا أَوْ بَصْرِيًّا. فَقَالَ: مَا أَرَاهُ إلَّا حَانِثًا.

فَذَكَرَ ذَلِكَ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَالَ: خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا} [الأنعام: 146] إلَى قَوْلِهِ {إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: 146] وَكُلُّ ذَلِكَ مَا كَانَ مُبَاحًا خَارِجًا بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ التَّحْرِيمِ. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً

ص: 179

إلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ» فَالْقُرَشِيُّ وَالثَّقَفِيُّ جَمِيعًا مُسْتَثْنَيَانِ، فَرَجَعَ الْمُزَنِيّ إلَى قَوْلِهِ. وَيَرِدُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي النَّفْيِ مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] يَعْنِي أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيمَانِ بِدُونِ الْعَمَلِ لَا يَنْفَعُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِ النَّفْيِ أَيْ: أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ الْإِيمَانُ حِينَئِذٍ النَّفْسَ الَّتِي لَمْ تُقَدِّمْ الْإِيمَانَ وَلَا كَسَبَتْ الْخَيْرَ فِي الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا نُفِيَ الْإِيمَانُ كَانَ نَفْيُ كَسْبِ الْخَيْرِ فِي الْإِيمَانِ تَكْرَارًا فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْعُمُومِ أَيْ: النَّفْسُ الَّتِي لَمْ تَجْمَعْ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. تَنْبِيهٌ " أَوْ ": لَهَا اسْتِعْمَالَانِ فِي التَّخْيِيرِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَوِيَ طَرَفَاهُ عِنْدَ الْمَأْمُورِ وَلَا يُؤْمَرُ فِيهِ بِاجْتِهَادٍ، كَآيَةِ الْكَفَّارَةِ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَخَيَّرُ فِي الْأَسِيرِ تَخَيُّرَ اجْتِهَادٍ وَمَصْلَحَةٍ لَا تَشَهٍّ.

ص: 180

وَقَدْ تَدْخُلُ " أَوْ " لِلتَّبْعِيضِ وَالتَّفْصِيلِ، وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ عَنْ جَمَاعَةٍ قَوْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ الْقَوْلَ الْآخَرَ، كَقَوْلِك: أَجْمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالُوا: حَارِبُوا أَوْ صَالِحُوا أَيْ: قَالَ بَعْضُهُمْ حَارِبُوا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ صَالِحُوا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} [البقرة: 135] وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفِرَقِ فِرْقَةٌ تُخَيِّرُ بَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ جُمْلَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ قَالُوا، ثُمَّ فَصَّلَ مَا قَالَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ. وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي عُقُوبَةِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ وَأَنْكَرَ غَيْرُهُ التَّخْيِيرَ فِي الْآيَةِ. وَاخْتَارَ السِّيرَافِيُّ أَنَّ " أَوْ " فِيهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ لِلتَّفْصِيلِ وَتَرْتِيبِ اخْتِيَارِ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ عَلَى أَصْنَافِ الْمُحَارَبِينَ كَالْآيَةِ السَّابِقَةِ عَلَى أَنَّ بَعْضًا وَهُمْ الَّذِينَ قَتَلُوا يُقَتَّلُونَ، وَبَعْضًا وَهُمْ الَّذِينَ أَخَذُوا تُقَطَّعُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَقَدْ تُسْتَعَارُ " أَوْ " إذَا وَقَعَ بَعْدَهَا مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ، نَحْوُ لَأَلْزَمَنَّكَ حَتَّى تُعْطِيَنِي، وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاةُ: إنَّهَا بِمَعْنَى " إلَى " لِأَنَّ الْفِعْلَ الْأَوَّلَ يَمْتَدُّ إلَى وُقُوعِ الثَّانِي، أَوْ يَمْتَدُّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَى وَقْتِ وُقُوعِ الثَّانِي بَعْدَهُ فَيَنْقَطِعُ امْتِدَادُهُ. وَقَدْ مَثَّلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: 128] أَيْ: حَتَّى تَقَعَ تَوْبَتُهُمْ أَوْ تَعْذِيبُهُمْ. وَذَهَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا سَبَقَ، وَ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] اعْتِرَاضٌ. وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَالِكُ أَمْرِهِمْ، فَإِمَّا أَنْ يُهْلِكَهُمْ أَوْ

ص: 181