الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي عُمُومِهَا قِيلَ: إذَا قُلْت: إذَا قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو. كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ " كُلَّمَا " وَقِيلَ: إنَّمَا يَلْزَمُ قِيَامَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا. قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ: وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ كَسَائِرِ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إذَا وَجَدْت أُوَارَ الْحُبِّ فِي كَبِدِي
…
أَقْبَلْت نَحْوَ سِقَاءِ الْقَوْمِ أَنْبَرِدُ
فَإِنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْعُمُومِ كَأَنَّهُ قَالَ: مَتَى وَجَدْت.
[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي غَيْرُ]
غَيْرُ: اسْمٌ لَازِمٌ لِلْإِضَافَةِ فِي الْمَعْنَى، وَيَجُوزُ قَطْعُهُ عَنْهَا إنْ فُهِمَ مَعْنَاهَا وَتَقَدَّمَتْ عَلَيْهَا كَلِمَةُ " لَيْسَ ". قَالَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ فِي الْمُغْنِي " وَقَوْلُهُمْ: لَا غَيْرَ لَحْنٍ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّهُ مَسْمُوحٌ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
جَوَابًا بِهِ تَنْجُو اعْتَمِدْ فَوَرَبِّنَا
…
لَعَنْ عَمَلٍ أَسْلَفْتَ لَا غَيْرَ تُسْأَلُ
وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ ابْنُ مَالِكٍ فِي بَابِ الْقَسَمِ مِنْ شَرْحِ التَّسْهِيلِ " وَكَأَنَّ الشَّيْخَ تَابَعَ السِّيرَافِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ: الْحَذْفُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ إذَا كَانَتْ " إلَّا " وَ " غَيْرُ " بَعْدَ لَيْسَ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ لَيْسَ غَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْجَحْدِ لَمْ يَجُزْ الْحَذْفُ، وَلَا يَتَجَاوَزُ بِذَلِكَ مَوْرِدَ السَّمَاعِ. انْتَهَى.
وَقَدْ سُمِعَ كَمَا ذَكَرْنَا وَهِيَ عَكْسُ " لَا " فَإِنَّ شَرْطَ " غَيْرَ " أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا صَادِقًا عَلَى مَا بَعْدَهَا. تَقُولُ: مَرَرْت بِرَجُلٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَلَا يَجُوزُ
غَيْرِ امْرَأَةٍ بِخِلَافِ " لَا " النَّافِيَةِ فَإِنَّهَا بِالْعَكْسِ. وَالْأَصْلُ فِي " غَيْرَ " أَنْ تَكُونَ صِفَةً، وَقَدْ يُسْتَثْنَى بِهَا. قَالَ الرُّمَّانِيُّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالَتَيْنِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ صِفَةً لَمْ تُوجِبْ شَيْئًا لِلِاسْمِ الَّذِي بَعْدَهَا، وَلَمْ تَنْفِ عَنْهُ، نَحْوَ جَاءَنِي رَجُلٌ رَشِيدٌ غَيْرُ زَيْدٍ، فَوَصَفْتَ بِهَا وَلَمْ تَنْفِ عَنْ زَيْدٍ الْمَجِيءَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مَجِيئُهُ وَأَنْ لَا يَقَعَ. وَإِذَا كَانَتْ اسْتِثْنَاءً فَإِذَا كَانَ مَا قَبْلَهَا إيجَابًا كَانَ مَا بَعْدَهَا نَفْيًا أَوْ نَفْيًا فَإِيجَابًا. وَإِذَا كَانَتْ صِفَةً وُصِفَ بِهَا الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، وَإِذَا كَانَتْ اسْتِثْنَاءً فَلَا تَأْتِي إلَّا بَعْدَ جَمْعٍ أَوْ مَعْنَاهُ.
وَكَذَا قَالَ الشَّلَوْبِينُ: إنَّهَا إذَا كَانَتْ صِفَةً لَمْ تُوجِبْ شَيْئًا لِلِاسْمِ الَّذِي بَعْدَهَا وَلَمْ تَنْفِ عَنْهُ. وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَرٌ، وَفِي كَلَامِ سِيبَوَيْهِ خِلَافُهُ. وَقَدْ أَجَازَ فِي قَوْلِك: مَرَرْت بِرَجُلٍ غَيْرِك ثَلَاثَةَ مَعَانٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَاحِدًا خِلَافَك. الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ صِفَتُهُ مُخَالِفَةٌ لِصِفَتِك، فَالْإِبْهَامُ فِيهِ أَقَلُّ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنْتَ مَعَ غَيْرِك، وَهَذَا الثَّالِثُ يَحْتَاجُ إلَى تَقْرِيرٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ غَيْرُ طَلْقَةٍ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ. وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا: كُلُّ امْرَأَةٍ غَيْرِك طَالِقٌ يَقَعُ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ إلَّا أَنْ يَعْزِلَهَا بِالنِّيَّةِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ " إذَا قُلْت مَا جَاءَنِي غَيْرُ زَيْدٍ احْتَمَلَ أَنْ تُرِيدَ نَفْيَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَاءَ مَعَهُ إنْسَانٌ آخَرُ، وَأَنْ تُرِيدَ نَفْيَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَاءَ