الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي عِنْد]
عِنْدَ: لِلْحَضْرَةِ وَلِلْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ فَلَهُ عِنْدِي أَلْفٌ، إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ إشْعَارٌ بِالضَّمَانِ، بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ مُشْعِرٌ بِالْأَمَانَةِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً تَلِفَتْ أَوْ رَدَدْتهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ.
[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي إذَا]
إذَا: ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ غَالِبًا نَحْوُ قُمْت إذَا قَامَ زَيْدٌ. قَالَ ابْنُ خَرُوفٍ: وَزَعَمَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهَا تَكُونُ لِلْمَاضِي كَ " إذْ " وَخَالَفَ الْجَمَاعَةُ. وَهَذَا مِنْهُ عَجِيبٌ فَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّحْوِيِّينَ إلَى ذَلِكَ وَجَعَلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92]{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] . وَقَوْلُهُ:
وَنَدْمَانَ يَزِيدُ الْكَأْسَ طِيبًا
…
سَقَيْت إذَا تَغَوَّرَتْ النُّجُومُ
بَلْ صَارَ جَمَاعَةٌ إلَى مَجِيئِهَا لِلْحَالِ بَعْدَ الْقَسَمِ نَحْوَ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] فَإِذَا هُنَا مُجَرَّدَةٌ عَنْ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ فِي الشَّرْطِ لَا بُدَّ
مِنْ ذِكْرِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ مُتَقَدِّمٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَلَوْ دَلَّ عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمُ لَصَارَ الْمَعْنَى إذَا يَغْشَى اللَّيْلُ اقْسِمْ، وَكَانَ الْقَسَمُ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ، لَكِنَّ الْأَقْوَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ اللَّيْلِ أَيْ: وَقْتَ غَشَيَانِهِ وَمَا مَنَعُوا بِهِ تَعْلِيقَ الْقَسَمِ بِغَشَيَانِ اللَّيْلِ، وَتَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ الْوَقْتِ هُوَ بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي مَنْعَ كَوْنِهِ حَالًا مِنْ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْقَسَمِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَعَلَى هَذَا بَنِي أَصْحَابُنَا مَا لَوْ قَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَى زَمَنٌ فَلَمْ يُطَلِّقْ وَقَعَ، وَبَنَوْهُ عَلَى أَنَّ " إذَا " لِلْوَقْتِ وَأَنَّهَا تَنْفَكُّ عَنْ الشَّرْطِ. وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهَا لِلْوَقْتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] قَالُوا: وَلِهَذَا دَخَلَتْ عَلَى الِاسْمِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ بَلْ هِيَ فِي الْآيَةِ لِلشَّرْطِ، وَلِهَذَا أَتَى فِيهَا بِالْجَوَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [التكوير: 14] وَالشَّمْسُ مَرْفُوعَةٌ بِالْفَاعِلِيَّةِ وَرَافِعُهَا تَفْسِيرُهُ فِعْلٌ مُضْمَرٌ يُفَسِّرُهُ " كُوِّرَتْ "؛ لِأَنَّ " إذَا " تَطْلُبُ الْفِعْلَ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ " " إذَا " عِنْدَ نُحَاةِ الْكُوفَةِ تُسْتَعْمَلُ لِلْوَقْتِ تَارَةً وَلِلشَّرْطِ أُخْرَى فَتُجَازِي إنْ أُرِيدَ بِهَا الشَّرْطُ، وَلَا يُجَازَى بِهَا إنْ أُرِيدَ بِهَا الْوَقْتُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ نُحَاةِ الْبَصْرَةِ لِلْوَقْتِ، فَإِنْ اُسْتُعْمِلَتْ لِلشَّرْطِ لَا تَخْلُو عَنْ الْوَقْتِ. وَقَالَ الْبَزْدَوِيُّ: عِنْدَ نُحَاةِ الْكُوفَةِ تُسْتَعْمَلُ لِلْوَقْتِ وَالشَّرْطِ عَلَى السَّوَاءِ فَيُجَازَى بِهَا عَلَى اعْتِبَارِ سُقُوطِ الْوَقْتِ عَنْهَا كَأَنَّهَا حَرْفُ شَرْطٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي " إذْ " مَا يُجَازَى بِهَا فَتَكُونُ حَرْفًا. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَتَصِيرُ مِثْلَ " إنْ ".
وَقَالَ ابْنُ عَمْرُونٍ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ ": إذَا دَخَلَتْهَا " مَا " يُجَازَى بِهَا فِي الْأَخْبَارِ بِدُونِ " مَا " لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تُزِيلُ إبْهَامَهَا، فَإِذَا كَفَّتْهَا " مَا " عَنْ الْإِضَافَةِ بَقِيَ إبْهَامُهَا فَجُوزِيَ بِهَا. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي اللُّبَابِ " إنَّمَا لَمْ يُجَازَ بِهَا فِي الْأَخْبَارِ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، مِثْلُ إذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ، وَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، وَوَقْتُهُ مُتَعَيِّنٌ لِمَا يُضَافُ، وَبَابُ الشَّرْطِ الْإِبْهَامُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ " إذَا " وَ " مَتَى " أَنَّ الْوَقْتَ فِي " مَتَى " لَازِمٌ لِلْمَجَازَاتِ دُونَ " إذَا " عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَالْمُبَرِّدِ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ. وَالْخِلَافُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ. فَلَوْ نَوَى بِهَا آخِرَ عُمُرِهِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ. قَالُوا: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً فِي الشَّرْطِ لَمَا صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ نَوَى بِهَا مَجَازَ كَلَامِهِ، وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي مِثْلِهِ لَا يُصَدَّقُ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي كِتَابِ الْخُلْعِ لَوْ قَالَ: إذَا أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ اُشْتُرِطَ إعْطَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الصِّيغَةِ، وَلِهَذَا أَلْحَقُوا بِهَا " إنْ " فِي ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ " كَذَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ، وَعِنْدِي أَنَّ " إذَا " حُكْمُهَا حُكْمُ " مَتَى " وَأَيّ وَقْتٍ فِي اقْتِضَاءِ التَّرَاخِي، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: مَتَى الْقِتَالُ؟ جَازَ أَنْ يَقُولَ: إذَا شِئْت، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: مَتَى شِئْت، بِخِلَافِ " إنْ " فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنْ شِئْت. انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مِنْ دَلَالَةِ " إذَا " عَلَى الزَّمَانِ صَحِيحٌ لَكِنْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ " مَتَى " فَرْقٌ؛ لِأَنَّ " مَتَى " عَامَّةً تَقْتَضِي الدَّلَالَةَ عَلَى كُلِّ زَمَانٍ بِخِلَافِ " إذَا ".