الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي الْحَقِيقَةِ]
ِ] الْحَقِيقَةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ عَنْ وَاضِعِ اللُّغَةِ كَالنُّصُوصِ فِي بَابِ الشَّرْعِ. حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " عَنْ أَبِي زَيْدٍ الدَّبُوسِيِّ وَلَمْ يُخَالِفْهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَطْرُقُهُ الْخِلَافُ فِي الْمَجَازِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَمَّا الْمَجَازُ فَيُعْرَفُ إمَّا بِالنَّصِّ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الِاسْتِدْلَالِ، وَالنَّصُّ بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا حَقِيقَةٌ وَهَذَا مَجَازٌ، وَيَنْقُلُ ذَلِكَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَارِضِ فِي " نُكَتِهِ ": وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا نَصَّ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ قَالُوهُ نَقْلًا عَنْ الْعَرَبِ فَهُوَ حُجَّةٌ، أَوْ إجْمَاعٌ بِإِجْمَاعِهِمْ كَذَلِكَ. اهـ.
وَقَدْ تَصَدَّى لِذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " بِأَسَاسِ الْبَلَاغَةِ ": وَقِيلَ: يُعْرَفُ بِالضَّرُورَةِ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ: بِأَنْ يُصَرِّحَ أَهْلُ اللُّغَةِ بِاسْمِهِ، بِأَنْ يَقُولُونَ: هَذَا اللَّفْظُ مَجَازٌ فِي الْمَعْنَى الْفُلَانِيِّ، أَوْ بِحَدِّهِ بِأَنْ يَقُولُونَ: هُوَ مَوْضُوعٌ فِيهِ بِوَضْعٍ ثَانٍ، أَوْ بِخَاصَّتِهِ كَمَا يُقَالُ: اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْعَلَاقَةِ، وَهَذَا قَالَهُ فِي " الْمَحْصُولِ ". وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الثَّالِثِ إلَى الْقِسْمِ النَّظَرِيِّ الْمَذْكُورِ آنِفًا. وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِالْعَلَامَاتِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا الْقِسْمَ الْعَبْدَرِيُّ وَابْنُ الْحَاجِّ فِي كَلَامِهِمَا عَلَى " الْمُسْتَصْفَى ": وَقَالَا: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَجَازِ إلَّا بِالنَّقْلِ وَالتَّصَفُّحِ لِلِسَانِ الْعَرَبِ. اهـ. وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ.
فَمِنْ خَوَاصِّ الْحَقِيقَةِ وَهِيَ أَقْوَاهَا: تَبَادُرُ الذِّهْنِ إلَى فَهْمِ الْمَعْنَى بِغَيْرِ قَرِينَةٍ
لِأَجْلِ الْعِلْمِ بِالْوَضْعِ. يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلِمَ الْوَضْعَ وَسَمِعَ اللَّفْظَ بَادَرَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ. وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا: لِأَجْلِ الْعِلْمِ بِالْوَضْعِ عَمَّا إذَا بَدَرَ الْفَهْمُ إلَى الْمَعْنَى لِأَجْلِ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ الْوَضْعِ كَقَرَائِنَ احْتَفَتْ بِهِ أَوْ غَلَبَةِ اسْتِعْمَالٍ لَا تَنْتَهِي إلَى كَوْنِ اللَّفْظِ مَنْقُولًا إلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَرُبَّمَا يَتَبَادَرُ الْفَهْمُ إلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُخْتَصَّةً بِهِ، وَيَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْنًى آخَرَ لَمْ يَتَبَادَرْ الْفَهْمُ إلَيْهِ، وَلَمْ يَحْضُرْ السَّامِعَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَا تَكُونُ الْمُبَادَرَةُ إلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ دَلِيلًا عَلَى اخْتِصَاصِ الْحَقِيقَةِ بِهِ. قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ حَسَنٌ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ إيرَادُ مَنْ أَوْرَدَ عَلَى طَرْدِ هَذِهِ الْعَلَامَةِ، الْمَجَازَ الْمَنْقُولَ وَالْمَجَازَ الرَّاجِحَ، وَعَلَى عَكْسِهَا الْمُشْتَرَكُ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي مَدْلُولَاتِهِ مَعَ عَدَمِ التَّبَادُرِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ إنَّمَا يَتَبَادَرُ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَجَازًا، وَأَمَّا الْمَجَازُ الرَّاجِحُ فَنَادِرٌ، وَالتَّبَادُرُ فِي الْأَغْلَبِ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي الْحَقِيقَةِ، وَتَخَلُّفُ الْمَدْلُولِ عَلَى الدَّلِيلِ الظَّنِّيِّ لَا يَقْدَحُ فِيهِ حَقِيقَةً، وَأَمَّا الْمُشْتَرَكُ فَالتَّعْرِيفُ بِالْعَلَامَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِانْعِكَاسُ. وَمِنْهَا. عَدَمُ احْتِيَاجِهِ إلَى الْقَرِينَةِ، وَلَا يَرُدُّ الْمُشْتَرَكُ حَقِيقَتَيْنِ، فَإِنَّهُ لِعَارِضِ الِاشْتِرَاكِ لَا لِذَاتِهِ. وَمِنْ خَوَاصِّ الْمَجَازِ إطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَى مَا يَسْتَحِيلُ تَعَلُّقُهُ بِهِ؛ إذْ الِاسْتِحَالَةُ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَوْضُوعٍ لَهُ، فَيَكُونَ مَجَازًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] أَيْ: أَهْلَهَا كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَأَتْبَاعُهُ. وَاسْتَشْكَلَهُ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ بِالْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ نَحْوُ {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة: 2] فَإِنَّهُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَجَازًا لُغَوِيًّا، فَإِنْ
أَرَادَ بِاسْتِحَالَةِ التَّعَلُّقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ فَبَاطِلٌ. قُلْت: قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمَجَازَ الْعَقْلِيَّ لُغَوِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللَّفْظُ فِي الْمَعْنَى الْمَنْسِيِّ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِمَعْنًى لَهُ أَفْرَادٌ فَيَتْرُكُ أَهْلُ الْعُرْفِ اسْتِعْمَالَهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَفْرَادِ بِحَيْثُ يَصِيرُ ذَلِكَ الْبَعْضُ مَنْسِيًّا، ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ اللَّفْظُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمَنْسِيِّ، فَيَكُونُ مَجَازًا عُرْفِيًّا كَالدَّابَّةِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ فَتَرَكَ بَعْضُ أَهْلِ الْبُلْدَانِ اسْتِعْمَالَهَا فِي الْحِمَارِ بِحَيْثُ نُسِيَ، فَإِطْلَاقُهَا عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ.
وَمِنْهَا: صِحَّةُ نَفْيِ اللَّفْظِ عَنْ الْمَعْنَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، كَتَسْمِيَةِ الْجَدِّ أَبًا. حَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ فِي أُصُولِهِ " عَنْ الْكَرْخِيِّ، وَكَقَوْلِك: لِلْبَلِيدِ لَيْسَ بِحِمَارٍ. وَقُلْنَا: فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لِلْبَلِيدِ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ، فَقَدْ نَفَيْت الْحَقِيقَةَ لَكِنْ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهَذَا بِعَكْسِ الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ عَلَامَتَهَا عَدَمُ صِحَّةِ النَّفْيِ؛ إذْ لَا يُقَالُ لِلْبَلِيدِ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَالَغَةِ وَتَشْبِيهِهِ بِالْحِمَارِ، وَقَدْ اجْتَمَعَ نَفْيُ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي قَوْله تَعَالَى:{ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا} [الأعلى: 13] .
وَمِنْهَا: أَنَّ الْحَقِيقَةَ يَجِبُ اطِّرَادُهَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي ثَبَتَ فِيهَا مَعْنَاهَا إلَّا لِمَانِعٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّا إذَا سَمَّيْنَا إنْسَانًا بِضَارِبٍ لِوُقُوعِ الضَّرْبِ مِنْهُ أَوْ مَحَلًّا بِأَنَّهُ أَسْوَدُ لِحُلُولِ السَّوَادِ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يُسَمَّى كُلُّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الضَّرْبُ بِأَنَّهُ ضَارِبٌ، وَكُلُّ مَنْ مَاحَلَهُ السَّوَادُ وَاتَّصَفَ بِهِ بِأَنَّهُ أَسْوَدُ، وَإِلَّا لَانْتَقَضَ قَوْلُنَا: إنَّهُ سُمِّيَ ضَارِبًا لِوُقُوعِ الضَّرْبِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَجَازِ. فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ اطِّرَادُهُ، بَلْ يُقَرُّ حَيْثُ وَرَدَ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا اسْتَعْمَلَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ فِيهِ أَوْ فِي نَظِيرِهِ، فَكَمَا يُسْتَدَلُّ بِالِاطِّرَادِ عَلَى الْحَقِيقَةِ يُسْتَدَلُّ بِعَدَمِ الِاطِّرَادِ عَلَى
الْمَجَازِ كَالنَّخْلَةِ لِلْإِنْسَانِ الطَّوِيلِ، فَلَا يُقَالُ لِكُلِّ طَوِيلٍ: نَخْلَةٌ كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ بَرْهَانٍ. وَقَيَّدَهُ الْهِنْدِيُّ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْوُجُوبُ أَيْ يَجِبُ كَوْنُ الْحَقِيقَةِ جَارِيَةً عَلَى الِاطِّرَادِ لِئَلَّا يَرِدَ الْمَجَازُ الْمُطَّرِدُ نَقْضًا عَلَى طَرْدِهِ، فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُطَّرِدًا، لَكِنَّهُ لَا يَجِبُ طَرْدُهُ بِدَلِيلِ عَدَمِ اطِّرَادِ مِثْلِهِ فِي الْمَجَازِ. وَثَانِيهِمَا: بِشَرْطِ عَدَمِ الْمَانِعِ أَيْ: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً إنْ لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَوْ عَقْلِيٌّ أَوْ لُغَوِيٌّ، لِئَلَّا يَرِدَ مِثْلُ السَّخِيِّ وَالْفَاضِلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - نَقْضًا عَلَى عَكْسِهِ، اهـ.
وَمِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّ عَلَامَةَ الْحَقِيقَةِ الِاطِّرَادُ دُونَ الْمَجَازِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِيمَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْهُ فِي " التَّلْخِيصِ "، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ سَدِيدٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي كَبِيرَ مَعْنًى، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَقَائِقِ نَتْبَعُ أَصْلَ الْوَضْعِ، وَفِي الْمَجَازُ نَتْبَعُ اسْتِعْمَالَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ كُلُّ مَنْ صَدَرَ عَنْهُ الضَّرْبُ ضَارِبًا بِالِاتِّبَاعِ لَا بِالْقِيَاسِ. وَحَكَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " عَنْ بَعْضِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ نَفْسَ الِاطِّرَادِ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ وُجُوبُ اطِّرَادِ الِاسْمِ فِي حَقِيقَتِهِ، وَاطِّرَادُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ اطِّرَادُهُ فَلَا يَمْنَعُ مَانِعٌ مِنْ اطِّرَادِهِ. وَقِيلَ: لَيْسَ الِاطِّرَادُ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ مِنْ الْمَجَازِ مَا قَدْ يَطَّرِدُ كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَنَحْوِهِ.
وَقَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيِّ: الْخِلَافُ فِي هَذِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَقَائِقَ تُقَاسُ عَلَيْهَا قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنْ لَا قِيَاسَ فِي اللُّغَةِ أَصْلًا، فَلَا يُسَمَّى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الضَّرْبُ ضَارِبًا قِيَاسًا، وَلَكِنْ تَوْقِيفًا، وَلَوْ ثَبَتَ الِاطِّرَادُ فِي الْمَجَازِ نَقْلًا طَرَدْنَاهُ.
وَمِنْهَا: أَنَّا إذَا وَجَدْنَا لَفْظَةً صَالِحَةً لِمَعْنَيَيْنِ وَجَمْعُهَا بِحَسَبِهِمَا مُخْتَلِفٌ عَلِمْنَا أَنَّهَا مَجَازٌ فِي أَحَدِهِمَا، سَوَاءٌ عَلِمْنَا أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْآخَرِ أَمْ لَا. ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ. فَقَالَ: إنْ تَخْتَلِفْ صِيغَةُ الْجَمْعِ عَلَى الِاسْمِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مَجَازٌ فِي أَحَدِهِمَا وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَمِثْلُهُ بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ، وَجَمْعُهُ بِهَذَا الْمَعْنَى " أَوَامِرُ "، وَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى الْفِعْلِ جُمِعَ عَلَى " أُمُورٍ " وَخَالَفَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ بَرْهَانٍ وَصَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجَمْعِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي كَوْنِ اللَّفْظِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا إلَّا أَنْ يَدَّعِي فِيهِ اسْتِقْرَاءً، فَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِهِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يَتَّحِدُ الْجَمْعُ مَعَ اخْتِلَافِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ كَالْحُمُرِ جَمْعُ حِمَارٍ، وَالْأُسُدُ جَمْعٌ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ مَعَ كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِيهِمَا كَالْيَدِ، فَإِنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي النِّعْمَةِ وَالْجَارِحَةُ عَلَى قَوْلٍ، وَجَمْعُ النِّعْمَةِ عَلَى أَيَادٍ، وَجَمْعُ الْجَارِحَةِ عَلَى أَيْدٍ.
قِيلَ: وَعَلَى مَنْ اعْتَبَرَ هَذِهِ الْعَلَامَةَ سُؤَالٌ، فَإِنَّهُ إذَا اعْتَبَرْنَا اخْتِلَافَ الْجَمْعِ وَجَعْلَهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمُفْرَدِ دَلِيلًا عَلَى اخْتِلَافِ الْمَعْنَى، فَهَلَّا فُعِلَ ذَلِكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَصْدَرِ مَعَ اتِّحَادِ الْفِعْلِ مِثْلُ شَعَرَ، فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالنَّظْمِ، وَمَصْدَرُهُ، فِي النَّظْمِ شِعْرٌ وَفِي الْعِلْمِ شُعُورٌ، وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْفِعْلِ فِي الْحَرَكَاتِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَصْدَرِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ اخْتِلَافُ أَحَدِهِمَا دَلِيلًا عَلَى
أَنَّ الْآخَرَ مَجَازٌ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ وَالْفِعْلَ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَحَدَهُمَا فَرْعُ الْآخَرِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ فَرْعَ الْفِعْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ. بِخِلَافِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فَرْعَ الْمُفْرَدِ بَلْ بِمَثَابَةِ تَكْرَارِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: شَعَرَ مَجَازٌ فِي أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ لِاخْتِلَافِ الْمَصْدَرِ كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ مَجَازٌ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْجَمْعِ. وَقَالَ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى " الْمُنْتَخَبِ ": وَالْحَقُّ أَنَّ اخْتِلَافَ الْجَمْعِ لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا إلَّا بِزِيَادَةِ قَيْدٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ مَثَلًا: أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ إذَا أُطْلِقَ عَلَى الصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى طَلَبِ الْفِعْلِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعْلَاءِ حَقِيقَةٌ، وَأَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى أَوَامِرَ، فَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى الْفِعْلِ جُمِعَ عَلَى أُمُورٍ فَخُولِفَ بِهِ جَمْعَ الْحَقِيقَةِ، فَقَدْ عُدِلَ بِهِ عَنْ الْحَقِيقَةِ، وَمَا عُدِلَ بِهِ عَنْ الْحَقِيقَةِ يَكُونُ مَجَازًا، وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرْنَاهُ لِلتَّمْثِيلِ، وَإِلَّا فَالْأَمْرُ لَا يُجْمَعُ عَلَى أَوَامِرَ قِيَاسًا، وَإِنَّمَا هُوَ جَمْعُ آمِرَةٍ كَفَاطِمَةَ وَفَوَاطِمَ، وَتَسْمِيَةُ الصِّيغَةِ أَمْرًا مَجَازٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْحَقِيقَةَ يُشْتَقُّ مِنْهَا الصِّفَةُ، وَالْمَجَازُ لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِمَعْنَى الطَّلَبِ حِينَئِذٍ يُشْتَقُّ مِنْهُ فَيُقَال: أَمَرَ يَأْمُرُ أَمْرًا فَهُوَ آمِرٌ، وَبِمَعْنَى الْبَيَانِ وَالصِّفَةِ مَجَازٌ لَا يَتَصَرَّفُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَخَالَفَهُمْ ابْنُ بَرْهَانٍ بِأَنَّهُ رُبَّ مَجَازٍ يُشْتَقُّ مِنْهُ إذَا وَقَعَ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ كَالْغَائِطِ فَإِنَّهُ يُقَالُ: تَغَوَّطَ الرَّجُلُ يَتَغَوَّطُ تَغَوُّطًا، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فِي الْفَضْلَةِ. وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: الْفِعْلُ " شَأَنَ " حَقِيقَةٌ ثُمَّ لَا يُقَالُ: شَأَنَ يَشْأَنُ فَهُوَ شَائِنٌ، وَرُبَّ مَجَازٍ يَتَصَرَّفُ. وَكَذَلِكَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ "، رُبَّ حَقِيقَةٍ لَا يَصْدُرُ عَنْهَا الِاشْتِقَاقُ، وَهُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَصْدَرًا، وَرُبَّ مَجَازٍ وَرَدَ التَّجَوُّزُ بِنُعُوتٍ صَادِرَةٍ
عَنْهُ، فَكُلُّ مَا حَلَّ مَحَلَّ الْمَصَادِرِ وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا فَالْأَغْلَبُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ النُّعُوتُ، وَهَذَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ أَهْلِ الْبَيَانِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الِاسْتِعَارَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَفْعَالِ إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِلْمَصَادِرِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُتَجَوَّزَ فِي الْمَصْدَرِ أَوَّلًا ثُمَّ يُشْتَقَّ مِنْهُ الْفِعْلُ. اهـ.
وَأَوْرَدَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ": الرَّائِحَةَ فَإِنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي مُسَمَّاهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَقُّ مِنْهَا اسْمُ الْفَاعِلِ لِمَحَلِّهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ يُقَالُ لِلْجِسْمِ الَّذِي فِيهِ مُتَرَوَّحٌ. وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّ " ظَنَّ ": بِمَعْنَى أَيْقَنَ مَجَازٌ، وَيَصِحُّ أَنْ يُشْتَقَّ مِنْهُ اسْمُ فَاعِلٍ فَيُقَالُ: ظَانٌّ.
وَمِنْهَا: الْتِزَامُ تَقْيِيدٍ فِي مَعْنَى مَعَ اسْتِعْمَالِهِ مُطْلَقًا فِي الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ كَجَنَاحِ الذُّلِّ وَنَارِ الْحَرْبِ وَرَحَى الْحَرْبِ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّتِهِ وَالْتِهَابِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْتِزَامُ التَّقْيِيدِ دَالًّا عَلَى التَّجَوُّزِ؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الْأَصْلُ فِيهَا الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ كُلَّ لَفْظٍ لَهُ مَعْنًى يَخُصُّهُ مَعْلُومٌ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْقَرِينَةِ، فَجُعِلَ الْتِزَامُ التَّقَيُّدِ دَلِيلَ الْمَجَازِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِالِالْتِزَامِ الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِقْرَاءُ كَلَامِهِمْ. قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ ": وَفِيهِ نَظَرُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا نِسْبِيٌّ وَالْآخَرُ غَيْرُ نِسْبِيٍّ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ إطْلَاقُهُ عَلَى أَحَدِ الْمُسَمَّيَيْنِ مُتَوَقِّفًا عَلَى إطْلَاقِهِ عَلَى الْمُسَمَّى الْآخَرِ، فَالتَّوَقُّفُ مَجَازٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مَلْفُوظًا بِهِ كَقَوْلِهِ:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]، أَوْ مُقَدَّرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا} [يونس: 21] إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِمَكْرِهِمْ ذِكْرٌ فِي اللَّفْظِ لَكِنَّهُ مَذْكُورٌ مَعْنًى، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَعْلَمُ هَذَا التَّقْرِيرَ، فَيَظُنُّ بُطْلَانَ الْقَاعِدَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْغَيْرِ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنًى وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهُ تَعَلُّقٌ فَيَكُونُ مَجَازًا فِيهِ، كَالْقُدْرَةِ إذَا أُرِيدَ بِهَا الصِّفَةُ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ الْمَقْدُورُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْمَقْدُورُ كَإِطْلَاقِهَا عَلَى النَّبَاتِ الْحَسَنِ الْعَجِيبِ كَمَا تَقُولُ لِمَنْ تُنَبِّهُهُ عَلَى حُسْنِ النَّبَاتِ: اُنْظُرْ إلَى قُدْرَةِ اللَّهِ أَيْ: إلَى مَقْدُورِهِ وَهُوَ النَّبَاتُ هُنَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَعَلِّقٌ؛ إذْ النَّبَاتُ لَا مَقْدُورَ لَهُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ، وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ حَقِيقَةً فِيهَا وَيَكُونَ لَهُ بِحَسَبِ إحْدَى حَقِيقَتَيْهِ مُتَعَلِّقٌ دُونَ الْأُخْرَى. وَرَدَّهُ الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ عَدَمَ التَّعَلُّقِ فِي الْمَجَازِ هُنَا لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْمَجَازِ، بَلْ لِأَنَّهُ نُقِلَ إلَى النَّبَاتِ وَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُ، فَلَوْ نُقِلَ إلَى شَيْءٍ لَهُ مُتَعَلِّقٌ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ عَلَى الْإِرَادَةِ قُدْرَةً مَجَازًا لَكَانَ لَهُ تَعَلُّقٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْحَقِيقَةَ تُؤَكَّدُ بِالْمَصْدَرِ وَبِأَسْمَاءِ التَّوْكِيدِ بِخِلَافِ الْمَجَازِ، فَإِنَّهُ لَا يُوَكَّدُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَتَمَدَّحَ بِذِكْرِهِ، وَقَالَ: هُوَ مِنْ الْفُرُوقِ الْمَغْفُولِ عَنْهَا. قُلْت: قَدْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " قَالَ، فَلَا يَقُولُونَ: أَرَادَ الْجِدَارَ إرَادَةً وَلَا قَالَتْ الشَّمْسُ وَطَلَعَتْ قَوْلًا، وَكَذَلِكَ وُرُودُ الْكَلَامِ فِي الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَالَ: وَلِهَذَا كَانَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] حَقِيقَةً لَا عَلَى مَعْنَى التَّكْوِينِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ مِنْ حَيْثُ أَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] يُفِيدُ الْحَقِيقَةَ، وَأَنَّهُ أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ وَكَلَّمَهُ بِنَفْسِهِ لَا كَلَامًا قَامَ بِغَيْرِهِ. اهـ.
وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ التَّأْكِيدَ بِالْمَصْدَرِ إنَّمَا يَرْفَعُ التَّجَوُّزَ عَنْ الْحَدِيثِ لَا عَنْ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ، فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةُ تَكْلِيمِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَك أَنْ تُورِدَ مِثْلَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
بَكَى الْحُرُّ مِنْ رُوحٍ وَأَنْكَرَ جِلْدَهُ
…
وَعَجَّتْ عَجِيجًا مِنْ جُذَامِ الْمَطَارِقِ
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَصَدَ فِيهِ الْمُبَالَغَةَ بِإِجْرَائِهِ مَجْرَى الْحَقِيقَةِ فَأَكَّدَهُ. وَذَكَرَ بَعْضُ أَئِمَّةِ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ تَأْكِيدُ الْمَجَازِ إلَّا فِي هَذَا الْبَيْتِ الْوَاحِدِ، وَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى عَجَّتْ لَوْ كَانَتْ غَافِلَةً. قُلْت: وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرْهَانٍ:
قَرَعْت طَنَابِيبَ الْهَوَى يَوْمَ عَالِجٍ
…
وَيَوْمَ اللِّوَى حَتَّى قَسَرْت الْهَوَى قَسْرَا
وَقَالَ: فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ التَّأْكِيدَ بِالْمَصْدَرِ لَا يَرْفَعُ الْمَجَازَ.