الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إيقَاعَهَا مِنْ جِهَتِهِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ تَصْحِيحًا لِهَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَابِعَةً، وَلِهَذَا كَانَ جَعْلُهُ إنْشَاءً لِلضَّرُورَةِ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِكَوْنِهِ إخْبَارًا لَمْ يُجْعَلْ إنْشَاءً بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُطَلَّقَةِ وَالْمَنْكُوحَةِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: قَصَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ.
تَنْبِيهٌ كَذَا فَرَضُوا الْخِلَافَ فِي الْعُقُودِ، وَيُلْتَحَقُ بِهِ الْحُلُولُ كَفَسَخْتُ وَطَلَّقْت، فَالطَّلَاقُ إنْشَاءٌ لَا يَقُومُ الْإِقْرَارُ مَقَامَهُ، وَلَكِنْ يُؤَاخَذُ ظَاهِرًا بِمَا أَقَرَّ بِهِ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْإِقْرَارَ بِالطَّلَاقِ عَلَى صِيغَتِهِ حَتَّى يَنْفُذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَصِيرُ إنْشَاءً حَتَّى يَنْفُذَ بَاطِنًا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْشَاءَ يَتَنَافَيَانِ، فَذَلِكَ إخْبَارٌ عَنْ مَاضٍ، وَهَذَا إحْدَاثٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَذَلِكَ يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ، وَهَذَا بِخِلَافِهِ.
[الْمَجَازُ]
ُ الْمَجَازُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَوَازِ، وَالْجَوَازُ فِي الْأَمَاكِنِ حَقِيقَةٌ وَهُوَ الْعُبُورُ، يُقَالُ: جُزْت الدَّارَ أَيْ عَبَرْتهَا، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْمَعَانِي، وَمِنْهُ الْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَصْدَرِ، وَنُقِلَ مِنْهُ إلَى الْفَاعِلِ، وَهُوَ الْجَائِزُ
لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَلَاقَةِ. ثُمَّ نُقِلَ مِنْهُ إلَى الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ، وَهُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى غَيْرِ مَوْضُوعٍ لَهُ أَوَّلًا يُنَاسِبُ الْمُصْطَلَحَ، وَهَذَا التَّعْرِيفُ إنْ قُلْنَا: الْمَجَازُ لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ، فَإِنْ قُلْنَا: مَوْضُوعٌ، فَلْنَقُلْ بِوَضْعٍ ثَانٍ. وَخَرَجَ الْحَقِيقَةُ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ، وَأَشَارَ بِالْقَيْدِ الْآخَرِ إلَى شُمُولِ الْحَدِّ كُلَّ مَجَازٍ مِنْ شَرْعِيٍّ وَعُرْفِيٍّ عَامٍّ وَخَاصٍّ وَلُغَوِيٍّ، وَأَنَّ الْعَلَاقَةَ شَرْطٌ، وَيَجِيءُ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي أَنَّ انْتِقَالَهُ بِهَذَا الْمَعْنَى حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ. وَكَلَامُ ابْنِ سِيدَهْ السَّابِقُ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ اسْتِعْمَالًا فِي اللُّغَةِ. وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيدِيُّ فِي " الْبَصَائِرِ ": الْمَجَازُ طَرِيقُ الْمَعْنَى بِالْقَوْلِ، تَقُولُ: جَازَ يَجُوزُ جَوَازًا وَمَجَازًا، وَإِنْ جَعَلْته مَصْدَرًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْجَوَازُ كَالسُّلُوكِ فَكَأَنَّهُ سُلُوكُ الْمَعْنَى بِاللَّفْظِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُسَمَّى مَجَازًا، لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يُجَاوِزُونَ بِهِ عَنْ أَصْلِ الْوَضْعِ تَوَسُّعًا مِنْهُمْ، كَتَسْمِيَةِ الرَّجُلِ الشُّجَاعِ أَسَدًا وَالْبَلِيدِ حِمَارًا.