الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي التَّعَلُّقِ بِمُنَاقَضَاتِ الْخُصُومِ]
لَخَّصْتُهُ مِنْ كَلَامِ إلْكِيَا: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْمَذَاهِبِ إلَّا بِدَلِيلٍ إجْمَاعِيٍّ أَوْ مُسْتَقِلٍّ مِنْ أَوْضَاعِ الشَّرْعِ وِفَاقًا. وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي التَّعَلُّقِ بِمُنَاقَضَاتِ الْخُصُومِ فِي الْمُنَاظَرَةِ: - فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى جَوَازِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَدَلِ تَضْيِيقُ الْأَمْرِ عَلَى الْخَصْمِ وَإِبَانَةُ اسْتِقَامَةِ أَصْلِهِ. - وَفَصَّلَ الْقَاضِي تَفْصِيلًا حَسَنًا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ الْمُنَاقَضَةُ عَائِدَةً إلَى تَفَاصِيلِ أَصْلٍ لَا يَرْتَبِطُ فَسَادُهَا وَصِحَّتُهَا بِفَسَادِ الْأَصْلِ بِحَالٍ، بَلْ الْأَصْلُ إذَا ثَبَتَ اُسْتُصْحِبَ حُكْمُهُ عَلَى الْفَرْعِ فَلَا يَجُوزُ التَّعَلُّقُ بِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَلَئِنْ قِيلَ: فِيهَا مَقْصُودٌ صَحِيحٌ وَهُوَ اضْطِرَارُ الْخَصْمِ إلَى إبَانَةِ الْحُجَّةِ الَّتِي يُعَوِّلُ الْخَصْمُ عَلَيْهَا فَبِهِ يَتِمُّ النَّظَرُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَأْخَذِ عَلَى هَذَا التَّدْرِيجِ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ التَّعَلُّقُ بِهِ، وَلَكِنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْفَرْعَ فَاسِدٌ لِفَسَادِ نَظَرِ الْخَصْمِ فِيهِ عَلَى الْخُصُوصِ لَا فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَ التَّعَلُّقُ بِالْفَرْعِ مِنْ قَبْلِ امْتِحَانِ الْأَصْلِ بِسِيَاقِهِ وَعَلِمَ أَنَّ الْفَرْعَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْأَصْلِ، فَيَجُوزُ التَّعَلُّقُ بِهِ وِفَاقًا. وَسَبَبُ هَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَيُفْتَى فِيهَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَصْبِ دَلِيلٍ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ، وَلَنْ يَتَحَقَّقَ نَصْبُ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهَيْنِ:(أَحَدُهُمَا) الْهُجُومُ عَلَى ذِكْرِ الدَّلِيلِ وَالْبَحْثُ عَنْ الْمَعْنَى، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ. وَ (الثَّانِي) أَنْ يَنْقَدِحَ بِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْخَصْمِ إلَى إثْبَاتِ مَذْهَبِهِ
إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا مَذْهَبَانِ، أَوْ اعْتِرَافًا بِأَنَّ مَا عَدَا الْمَذْهَبَيْنِ بَاطِلٌ. وَإِقْرَارُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا حُجَّةٌ.
مَسْأَلَةٌ
قَالَ: إذَا ذَكَرَ الْمُعَلِّلُ وَصْفًا وَقَاسَ عَلَى أَصْلٍ فَهَلْ عَلَيْهِ إثْبَاتُ عِلَّةِ الْأَصْلِ بِطَرِيقٍ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ أَمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِلسَّائِلِ: إنْ أَنْتَ أَثْبَتَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَالِحٍ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ بَطَلَ تَعْلِيلُهُ؟ قَالَ إلْكِيَا: فِيهِ خِلَافٌ: فَصَارَ صَائِرُونَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى السَّائِلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُعَلِّلَ ذَكَرَ وَصْفًا أَصْلًا، فَقَدْ وُجِدَ فِيهِ حَدُّ الْقِيَاسِ وَرُكْنُهُ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ، وَأَنَّ كُلَّ وَصْفٍ يَرْبِطُ الْفَرْعَ بِالْأَصْلِ فَهُوَ حُجَّةٌ، وَإِنَّمَا يَفْسُدُ لِاخْتِلَالِ الشَّرَائِطِ، وَهَذَا لَيْسَ بِالْعَرِيِّ عَنْ التَّحْصِيلِ. وَلَوْ فُرِضَ التَّوَاطُؤُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا. وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ مَعَ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُعَلِّلِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ مَقْصُودِهِ، لِيَخْرُجَ الْكَلَامُ عَنْ حَدِّ الدَّعْوَى بِظُهُورِ مُخَيَّلٍ. ثُمَّ الْقَوَادِحُ عَلَى الْمُعْتَرِضِ. وَإِذَا عَرَفَ هَذَا فَلَوْ ذَكَرَ مَعْنًى مُنَاسِبًا كَفَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَعَانِي مُنْقَسِمَةً إلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الْمَعَانِي الَّتِي لَهَا أُصُولٌ، وَالْبُطْلَانُ مُعَارِضٌ فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ لِلْأَصْلِ اعْتِبَارَ أَوْصَافٍ لَهَا أُصُولٌ فَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُنَاسَبَةُ فَالْأَمْرُ فِي الْوَصْفِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الطَّرْدِ حُجَّةً وَرَاءَ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ: إنَّ الْحُكْمَ يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ، وَالْأَوْصَافَ تَدُلُّ عَلَى الِاجْتِمَاعِ فِي الطَّرْدِ، وَالْوَصْفَ عِنْدَ مُثْبِتِهِ يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَالْوَصْفُ الْمُطْلَقُ كَالْمُخَيَّلِ. وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ إبْرَازِ الْإِخَالَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْأُصُولِ، تَحْقِيقًا لِشَرْطِهِ.