الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الرَّابِع
عَن أم عَطِيَّة رضي الله عنها قَالَت: «كُنَّا ننهى أَن نحد عَلَى ميت فَوق ثَلَاث إِلَّا عَلَى زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَأَن نكتحل وَأَن نلبس ثوبا معصفرًا» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا: بدل «ثوبا معصفرًا» «ثوبا مصبوغًا إِلَّا ثوب عصب» كَمَا سلف أول الْبَاب.
الحَدِيث الْخَامِس
هَذَا الحَدِيث ذكره الشَّافِعِي فِي «الْأُم» فَقَالَ: أبنا مَالك أَنه بلغه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل عَلَى أم سَلمَة وَهِي حادة عَلَى أبي سَلمَة وَقد جعلت عَلَى عينهَا صبرا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أم سَلمَة؟ فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا هُوَ صَبر. فَقَالَ عليه السلام: اجعليه بِاللَّيْلِ وامسحيه بِالنَّهَارِ» .
وَرَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» (بلاغًا) أَيْضا كَذَلِك، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ مُسْندًا من حَدِيث ابْن وهب، عَن مخرمَة بن بكير،
عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت الْمُغيرَة بن الضَّحَّاك يَقُول: أَخْبَرتنِي أم حَكِيم بنت أسيد، عَن أمهَا «أَن زَوجهَا توفّي، وَكَانَت تَشْتَكِي عينهَا فتكتحل بكحل الْجلاء» . قَالَ أَحْمد - يَعْنِي ابْن صَالح أحد رُوَاته -: الصَّوَاب كحل الجلا يَعْنِي مَقْصُور - فَأرْسلت (مولَى) لَهَا إِلَى أم سَلمَة فَسَأَلَهَا عَن كحل الْجلاء فَقَالَت: لَا (تكتحل) بِهِ إِلَّا من أَمر لَا بُد مِنْهُ يشْتَد عَلَيْك فتكتحليه بِاللَّيْلِ وتمسحيه بِالنَّهَارِ، ثمَّ قَالَت عِنْد ذَلِكَ أم سَلمَة: دخل عَليَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين توفّي أَبُو سَلمَة، وَقد جعلت عَلَى (عَيْني) صبرا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أم سَلمَة؟ فَقَالَت: إِنَّمَا هُوَ صَبر يَا رَسُول الله لَيْسَ فِيهِ طيب (قَالَ) : إِنَّه ليشب الْوَجْه فَلَا تجعليه إِلَّا بِاللَّيْلِ وتنزعيه بِالنَّهَارِ، وَلَا تمتشطي بالطيب وَلَا بِالْحِنَّاءِ، فَإِنَّهُ خضاب. قلت: بِأَيّ شَيْء أمتشط يَا رَسُول الله؟ قَالَ: بالسدر تغلفين بِهِ رَأسك» .
هَذَا لفظ أبي دَاوُد، وَلَفظ النَّسَائِيّ مثله إِلَّا أَنه لم يذكر قَول أَحْمد، وَلَا قَوْله:« (وتنزعه) بِالنَّهَارِ» .
وَلما أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث مَالك بلاغًا قَالَ: هَذَا مُنْقَطع. قَالَ: وَقد روينَا بِإِسْنَاد مَوْصُول
…
فَذكره من طَرِيق أبي دَاوُد، وَلَعَلَّه يرَى بِسَمَاع مخرمَة من أَبِيه، وَفِيه خلاف. وَأعله الْمُنْذِرِيّ بِجَهَالَة أم حَكِيم، فَقَالَ: أمهَا مَجْهُولَة. وَقَالَ عبد الْحق: لَيْسَ لهَذَا الحَدِيث إِسْنَاد يعرف؛ لِأَنَّهُ عَن أم حَكِيم، عَن أمهَا، عَن مولاة لَهَا، عَن أم سَلمَة.
فَائِدَة: الصَّبْر - بِكَسْر الْبَاء، وَيجوز إسكانها - مَعْرُوف، قَالَ الْأَزْهَرِي: والجلاء، والجلي، والجلا: الإثمد، وَقيل: كحل وَقد جَاءَ فِي بعض نسخ «الْمُوَطَّأ» بِالْكَسْرِ وَالْمدّ، وَقد سلف مَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد. وَقَالَ الْخطابِيّ: سمي بذلك لِأَنَّهُ يجلو الْعين. وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي «جَامعه» : هُوَ بِالْفَتْح وَالْقصر: كحل الإثمد، وبالكسر وَالْمدّ: كحل، وَمَعْنى يشب الْوَجْه: يوقده وينوره، من شب النَّار إِذا أوقدها، وَقَوله:«تغلفين رَأسك» يُقَال: غلفت الْمَرْأَة وَجههَا بالحمرة، إِذا جَعلتهَا (عَلَيْهِ) ، وَكَذَلِكَ غلفت شعرهَا إِذا لطخت بهَا وَأَكْثَرت مِنْهَا.