الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْخمر من هَاتين الشجرتين: النَّخْلَة وَالْعِنَب» وَفِي «سنَن أبي دَاوُد» و «مُسْتَدْرك الْحَاكِم» و «صَحِيح ابْن حبَان» بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيح عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: سَمِعت رَسُول (يَقُول: «إِن الْخمر من الْعصير، وَالزَّبِيب، وَالتَّمْر، وَالْحِنْطَة، وَالشعِير، والذرة، وَإِنِّي أنهاكم عَن كل مُسكر» قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد.
تَنْبِيه: إِنَّمَا ذكرت حَدِيث [عمر] هَذَا فِي الْأَحَادِيث دون الْآثَار؛ لِأَن الظَّاهِر أَن عمر رضي الله عنه لَا يَقُوله إِلَّا عَن تَوْقِيف، وَقد صرح بِرَفْعِهِ فِي «مُسْند أَحْمد» كَمَا أسلفناه عَنهُ.
الحَدِيث السَّادِس
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَمَا لَا يسكر من الأنبذة لَا يحرم، لَكِن يكره شرب المنَصَّف والخليطين لوُرُود النَّهْي عَنْهُمَا فِي الحَدِيث.
كَمَا قَالَ فَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» من حَدِيث جَابر رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهَى أَن ينْبذ التَّمْر وَالزَّبِيب جَمِيعًا، وَنَهَى أَن ينْبذ الرطب والبسر جَمِيعًا» وَفِي لفظ «أَن يخلط الزَّبِيب وَالتَّمْر، والبسر، وَالتَّمْر» وَفِي مُسلم
من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَابْن عمر، وَأبي سعيد، وَابْن عَبَّاس مثله، وَفِي «سنَن النَّسَائِيّ» من حَدِيث أنس رضي الله عنه قَالَ:«نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يجمع شَيْئَيْنِ فينبذا [يَبْغِي] أَحدهمَا عَلَى صَاحبه، قَالَ: وَسَأَلته عَن الفضيخ فنهاني عَنهُ. قَالَ: وَكَانَ يكره المذنب من الْبُسْر مَخَافَة أَن يَكُونَا شيئيين (فَكُنَّا) نقطعه» وَرَوَى الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: «نهَى عَن المُزَّاء - قَالَ: يَعْنِي: خلط الْبُسْر وَالتَّمْر» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ «نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عبد الْقَيْس عَن المُزَّاء» رَوَاهُ بِإِسْنَاد صَحِيح وَفِيه زِيَادَة، قَالَ صَاحب «الاقتراح» : عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ من حَدِيث يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة «أَنه عليه السلام نهَى عَن الخليطين» .
قَالَ ابْن حزم فِي «محلاه» : [لم يسمعهُ يَحْيَى بن أبي كثير من
أبي سَلمَة عَن عَائِشَة إِنَّمَا سَمعه من أبي سَلمَة عَن] أبي قَتَادَة - أَي: كَمَا هُوَ فِي «صَحِيح مُسلم» وَغَيره - وَقد رَوَاهُ أَحْمد بن شُعَيْب - يَعْنِي: النَّسَائِيّ - من بَينهمَا كلاب بن عَلّي، وَمرَّة ثُمَامَة بن كلاب، وَلَا يُدْرَى من مِنْهُمَا فَسقط. قَالَ ابْن حزم: وَلَو صَحَّ لما كَانَ فِيهِ حجَّة؛ لِأَن الخليطين هَكَذَا مُطلقًا لَا نَدْرِي مَا هما، أَهما الخليطان فِي الزَّكَاة أم فِي مَاذَا، وَأَيْضًا فَإِن ثريد اللَّحْم وَالْخبْز خليطان، وَاللَّبن وَالْمَاء خليطان، فلابد من بَيَان مُرَاده عليه السلام بذلك، وَلَا يُؤْخَذ بَيَان مُرَاده إِلَّا من لَفظه، فَبَطل تعلقهم بِهَذَا الْأَثر.
قلت: قد رُوِيَ هَذَا أَولا من حَدِيث جَابر «أَنه عليه السلام نهَى عَن الخليطين أَن يشربا، قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا (الخليطين) ؟ قَالَ: التَّمْر وَالزَّبِيب» .
فَائِدَة: الفضيخ شراب يتَّخذ من التَّمْر وَحده من غير أَن تمسه النَّار، فَإِن كَانَ مَعَه زبيب فَهُوَ الخليط.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَالْمنصف مَا عمل من تمر وَرطب، وشراب الخليطين مَا عمل من (نَبِيذ) وَرطب، وَقيل: مَا عمل من التَّمْر وَالزَّبِيب، وَسبب النَّهْي أَن الشدَّة والإسكار تتسارع إِلَيْهِ بِسَبَب الْخَلْط قبل أَن يتَغَيَّر الطّعْم، فيظن الشَّارِب أَنه لَيْسَ بمسكر [وَهُوَ مُسكر] (قَالَ: وَهَذَا كالنهي) عَن الظروف الَّتِي كَانُوا ينتبذون فِيهَا كالدَّباء: وَهُوَ
القرع، والحنتم: وَهُوَ الجرار الْخضر، والنقير: وَهُوَ أصل الْجذع ينقر ويتخذ مِنْهُ الْإِنَاء، والمزفت: وَهُوَ المطلي بالزفت وَهُوَ القار، وَيُقَال لَهُ: المُقَيّْر أَيْضا. قَالَ: هَذِه الظروف أَيْضا لَا تَعَلُّق وَلَا يضْربهَا [الْهَوَاء، فقد يشْتَد مَا فِيهَا وَلَا يطلع عَلَيْهِ، بِخِلَاف الأسقية الَّتِي يضْربهَا] الْهَوَاء، وَتعلق. هَذَا آخر كَلَام الرَّافِعِيّ، وَالنَّهْي الْمَذْكُور ثَابت، أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث أنس رضي الله عنه «نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الدُبَّاء والمزفَّت أَن ينْبذ فِيهِ» وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَفعه:«لَا تنتبذوا فِيهَا» وَعنهُ عليه السلام «نهَى عَن المزفت والحنتم والنقير» . (وَأخرجه البُخَارِيّ مُنْفَردا بِهِ من حَدِيث ابْن أبي أَوْفَى «نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم) عَن الْجَرّ الْأَخْضَر» قلت: أخرجه مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة «أَنه عليه السلام قَالَ لوفد عبد الْقَيْس: أنهاكم عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمقيرَّ» وَأخرجه البُخَارِيّ بِمثلِهِ من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَله غير ذَلِك من الطّرق، فَادَّعَى ابْن حزم فِي «محلاه» فِي هَذَا الحَدِيث دَعْوَى فِيهَا وَقْفَة فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِن قَالُوا: قد صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نسخ النَّهْي عَن نَبِيذ الْجَرّ قُلْنَا: النَّهْي وَالله عَن خليط