الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الْخَامِس
(قَالَ (: «أَلا لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع» .
هَذَا الحَدِيث سلف بَيَانه فِي الْحيض وَغَيره كَمَا مر.
الحَدِيث السَّادِس)
قَالَ الرَّافِعِيّ بعد (أَن) قرر أَنه إِذا سلم النَّفَقَة عَلَى ظن الْحمل فَبَان خِلَافه أَن لَهُ الرُّجُوع، مَا نَصه: وَعَن القَاضِي الْحُسَيْن أَنه احْتج لذَلِك بِمَا رُوِي « (أَن) أبي بن كَعْب رضى الله عَنهُ علم رجلا الْقُرْآن أَو شَيْئا مِنْهُ، فأهدى لَهُ قوسًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن أَخَذتهَا أخذت قوسًا من النَّار» . وَقَالَ: إِن ذَلِك (الرجل) ظن وجوب الْأُجْرَة عَلَيْهِ من غير شَرط وَكَانَ يُعْطي الْقوس عَلَى ظن أَنه عَن الْوَاجِب عَلَيْهِ، فَمنع النَّبِي صلى الله عليه وسلم من أَخذه.
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن سهل بن أبي سهل، ثَنَا يَحْيَى بن سعيد، عَن ثَوْر بن يزِيد، قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن سلم، عَن عَطِيَّة الكلَاعِي، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: «علمت رجلا من الْقُرْآن
فأهدى لي قوسًا، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن أَخَذتهَا أخذت قوسًا من نارٍ. فرددتها» . عبد الرَّحْمَن هَذَا لَيْسَ بالمشهور، رَوَى لَهُ ابْن مَاجَه هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : إِنَّه ضَعِيف، وَإِن هَذَا الحَدِيث لَا يَصح لأَجله. وَكَذَا جزم بضعفه فِي كِتَابه «الضُّعَفَاء والمتروكين» ، من غير نِسْبَة ذَلِك لأحدٍ، لَكِن خَالف ذَلِك فاستدل بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور فِي «تَحْقِيقه» لمذهبه. وَذكر الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي فِي «أَطْرَافه» بَين عبد الرَّحْمَن وثورٍ «خَالِد بن معدان» وَلم أره فِي نُسْخَة من نسخ ابْن مَاجَه، وَقد وهم فِي ذَلِك ثمَّ ذكر اضطرابًا فِي إِسْنَاده، فَقَالَ: رَوَاهُ مُوسَى بن عَلّي بن رَبَاح، عَن أَبِيه، عَن أبي بن كَعْب، وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن جحادة، عَن رجل يُقَال لَهُ: أبان، عَن أُبي، وَرَوَاهُ بنْدَار، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن مُسلم، عَن عطيَّة
بِهِ، وَرَوَى هِشَام بن عمار، عَن عَمْرو بن وَاقد، عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد الله، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء «أَن أُبي بن كَعْب أَقرَأ رجلا من أهل الْيمن سُورَة، فَرَأَى عِنْده قوسًا، فَقَالَ: تبيعها؟ [فَقَالَ] : لَا، بل هِيَ لَك. فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن كنت تُرِيدُ أَن تقلَّد قوسًا من نَار فَخذهَا» . وَرَوَى إِسْمَاعِيل بن عيَّاش، عَن عبد ربه بن سُلَيْمَان بن عُمير بن زيتون، عَن الطُّفَيْل بن عَمْرو الدوسي: «أَقْرَأَنِي أبي بن كَعْب الْقُرْآن، فأهديتُ لَهُ قوسًا، فغدا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ (متقلدها)
» فَذكر الحَدِيث.
انْتَهَى مَا ذكره الْحَافِظ جمال الدَّين، وَقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن هَارُون الرَّوْيَانِيّ، عَن بنْدَار بِخِلَاف مَا ذكره عَنهُ حَيْثُ قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يَحْيَى بن سعيد، ثَنَا ثَوْر بن يزِيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي مُسلم، عَن عَطِيَّة بن قيس الكلَاعِي، عَن أُبيّ بن كَعْب «أَنه علَّم رجلا من الْقُرْآن، فأهدى إِلَيْهِ قوسًا، فَوَقع فِي نَفسِي شَيْء، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن أَخَذتهَا فَخذهَا قوسًا من نَار» . وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي أثْنَاء «الْإِجَارَة» من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي بكر، ثَنَا يَحْيَى
بن سعيد، عَن ثَوْر، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن
…
فَذكره، وَقَالَ: إِنَّه مُنْقَطع. وَلم يبين سَبَب انْقِطَاعه، ورماه بالانقطاع أَيْضا ابْن عبد الْبر، وَبَينه الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي، فَقَالَ: عَطِيَّة بن قيس الرَّاوِي عَن أبي، أرسل عَنهُ وَهُوَ ثِقَة أخرج لَهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» .
قلت: وعطيَّة هَذَا تَابِعِيّ، وَذكر صَاحب «الْكَمَال» عَن أبي مسْهر أَنه ولد فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فعلَى هَذَا رِوَايَته عَن أبي مَحْمُولَة عَلَى الِاتِّصَال.
قلت: وَله طَرِيق آخر عِنْد عبد الْحق، رَوَاهُ قَاسم بن أصبغ بِإِسْنَاد ضَعِيف ومنقطع، وبيَّن ذَلِك ابْن الْقطَّان فِي «علله» بِأَن قَالَ: فِيهِ عبد الله بن روح، وَلَا يُعرف حَاله، وَرَوَاهُ عَن أُبي بن كَعْب أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، وَلم يُشَاهد أَبُو إِدْرِيس ذَلِك (فَإِنَّهُ لَا صُحْبَة لَهُ، إِلَّا أَن يكونُ أبيِّ أخبرهُ بِمَا اتّفق لَهُ وَلَيْسَ ذَلِك) فِيهِ. قَالَ: وَرُوِيَ من طرقٍ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء يثبت الْبَتَّةَ، ذكرهَا بقيّ بن مخلد.
قلت: وَمِنْهَا حَدِيث عُبادة بن الصَّامِت وَأبي الدَّرْدَاء: أما حَدِيث عُبادة؛ فَأخْرجهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه من حَدِيث مُغيرَة بن زِيَاد، عَن عُبادة بن نُسَي، عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة، عَن عُبادة بن الصَّامِت، قَالَ:«علَّمت نَاسا من أهل الصّفة الْكِتَابَة وَالْقُرْآن، فأهدى إليَّ رجل مِنْهُم قوسًا، فَقلت: أرمي (عَنْهَا) فِي سَبِيل الله، فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن سرك أَن تُطوق طوقًا من نَار فاقبلها» أُعلَّ بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: الْمُغيرَة بن زِيَاد، جزم بضعفه ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» وَقَالَ فِي «علله» : إِنَّه حَدِيث لَا يَصح، وَيَنْبَغِي أَن يعلم أَنه مِمَّن اخْتلف فِي حَاله. وَقد وَثَّقَهُ وَكِيع وَابْن معِين وَالْعجلِي وَغَيرهم، وَتكلم فِيهِ البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم وَغَيرهمَا، قَالَ أَحْمد: كل حديثٍ رَفعه فَهُوَ مُنكر. وَقَالَ أَبُو عمر: هُوَ مَعْرُوف بِحمْل الْعلم، وَله مَنَاكِير،
مِنْهَا هَذَا. وَأما الْحَاكِم، فصحح حَدِيثه هَذَا، وَخَالف مرّة، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الْمُغيرَة بن زِيَاد، صَاحب مَنَاكِير، لم (يخْتَلف أحد) فِي تَركه، وَيُقَال: إِنَّه حدث عَن عُبادة بن نُسَي بِحَدِيث مَوْضُوع. الْوَجْه الثَّانِي: أَن الْأسود بن ثَعْلَبَة، مَجْهُول لَا يعرف. قَالَه ابْن الْمَدِينِيّ وَابْن الْقطَّان، وَزَاد: أَنه لَا يعرف رَوَى عَنهُ غير عُبادة بن نُسي. وَتبع ابْن حزم فِي نَقله ذَلِك عَن ابْن الْمَدِينِيّ وَالَّذِي نَقله غير ابْن حزم عَنهُ: لَا أعرف لَهُ إِلَّا هَذَا الحَدِيث. وَأسْندَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» عَنهُ - أَعنِي عَلّي بن الْمَدِينِيّ - أَنه قَالَ: إِسْنَاده كُله مَعْرُوف، إِلَّا الْأسود بن ثَعْلَبَة، فَإِنَّهُ لَا يحفظ عَنهُ إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
قلت: لَهُ حديثان آخرَانِ: «أَنْتُم الْيَوْم عَلَى بَيِّنَة من ربكُم» . رَوَاهُ أَبُو
الشَّيْخ فِي «ثَوَاب الْأَعْمَال» . وَالثَّانِي: فِيهِ ذكر الشُّهَدَاء. رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ. وَذكر الأسودَ ابنُ حبّان فِي «ثقاته» وَتَابعه (جُنادة) بن أبي أُميَّة؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث بَقِيَّة، ثَنَا بشر بن عبد الله بن يسَار، عَن عُبادة بن نُسي، عَن (جُنادة) بن أبي أُميَّة، عَن عُبادة، وتابع بَقِيَّة أَبُو الْمُغيرَة عبد القدوس بن الْحجَّاج، عَن بشر بن عبد الله؛ أخرجه أَحْمد وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء؛ فقد تقدم. وَله طَرِيق آخر صَحِيح الْإِسْنَاد رَوَاهُ الدَّارمِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن يَحْيَى
بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد الله، عَن أم الدَّرْدَاء (عَن أبي الدَّرْدَاء)، أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«من أَخذ قوسًا عَلَى (تَعْلِيمه) الْقُرْآن قلَّده الله قوسًا من نَار» . وَهَذَا إِسْنَاد كُله عَلَى شَرط مُسلم إِلَّا عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَدُوق. وَقد أخرج مُسلم بالسَّند الْمَذْكُور حَدِيثا عَن دَاوُد بن رُشيد، عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِهِ فِي الصَّوْم فِي السّفر. وَأما الْبَيْهَقِيّ، فَقَالَ قبل أَن أخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيق الدَّارمِيّ: رُوِيَ من وجهٍ ضَعِيف عَن أبي الدَّرْدَاء. ثمَّ سَاقه (من طَرِيقه) ، ثمَّ نقل عَن الدَّارمِيّ، عَن دُحَيْم، أَنه قَالَ: حَدِيث أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم:«من تقلَّد قوسًا عَلَى تَعْلِيم الْقُرْآن» . لَيْسَ لَهُ أصل. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ عقب حَدِيث عُبادة بن الصَّامِت: هَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِيهِ عَلَى عُبادة بن نُسي كَمَا ترَى، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس وَأبي سعيد أصح إِسْنَادًا (مِنْهُ) . وَمرَاده بِحَدِيث ابْن عَبَّاس وَأبي سعيد فِي قصَّة اللديغ، وَالْأول فِي خَ،