الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ، وَهُوَ مَجْهُول. وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ فَالَّذِي فِي إِسْنَاده إِنَّمَا هُوَ سُلَيْمَان [بن أبي سُلَيْمَان] ، وَهُوَ أحد الثِّقَات التَّابِعين الْمجمع عَلَيْهِ عَلَى توثيقهم، أَكثر عَنهُ الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» وَأخرجه البُخَارِيّ مَوْقُوفا عَلَى ابْن مَسْعُود، أخرجه الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب فِي كتاب «الملتمس فِي إِيضَاح الملتبس» من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه:«إِن الله أنزل الدَّاء، وَأنزل الشِّفَاء فَمن تداوى بحلال الله كَانَ لَهُ شِفَاء، وَمن تداوى بِحرَام الله لم يكن لَهُ فِيهِ شِفَاء» وَقد أوضحت هَذَا الْكَلَام عَلَى هَذَا الحَدِيث فِي تخريجي لأحاديث الْمُهَذّب فَرَاجعه مِنْهُ.
الحَدِيث التَّاسِع
ورد فِي الْخَبَر «العينان تزنيان، وَالْيَدَانِ تزنيان» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح كَمَا سلف بَيَانه فِي كتاب اللّعان.
الحَدِيث الْعَاشِر
رَوَى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر رضي الله عنه قَالَ: «أُتِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بشارب فَقَالَ: اضْرِبُوهُ. فضربوه بِالْأَيْدِي وَالنعال وأطراف الثِّيَاب، وحثوا عَلَيْهِ التُّرَاب، ثمَّ قَالَ: بكّتُوه. فبكتوه، ثمَّ أرْسلهُ، فَلَمَّا كَانَ أَبُو بكر رضي الله عنه سَأَلَ من حضر ذَلِك الضَّرْب فقومه أَرْبَعِينَ - وَيروَى فقدره
- فَضرب أَبُو بكر رضي الله عنه أَرْبَعِينَ فِي الْخمر (حقّا لله) ثمَّ عمر رضي الله عنه ثمَّ تتايع النَّاس فِي الْخمر فَاسْتَشَارَ فَضَربهُ ثَمَانِينَ» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الشَّافِعِي كَمَا ترَى، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَنهُ فِي «سنَنه» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» بِنَحْوِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر أَيْضا من طَرِيقين أَحدهمَا:«أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أُتِي بشارب خمر وَهُوَ بحنين فَحَثَا فِي وَجهه التُّرَاب، ثمَّ أَمر أَصْحَابه فضربوه بنعالهم وَمَا كَانَ فِي أَيْديهم، حَتَّى قَالَ لَهُم: ارْفَعُوا [فَرفعُوا، فَتوفي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم] ثمَّ جلد أَبُو بكر فِي الْخمر أَرْبَعِينَ، ثمَّ جلد عمر صَدرا من إمارته أَرْبَعِينَ، ثمَّ جلد ثَمَانِينَ فِي آخر خِلَافَته، وَجلد عُثْمَان الحدين كليهمَا ثَمَانِينَ وَأَرْبَعين، ثمَّ أثبت مُعَاوِيَة الْحَد ثَمَانِينَ» .
الثَّانِي: «قَالَ ابْن أَزْهَر: كَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْآن وَهُوَ فِي الرّحال يلْتَمس رَحل خَالِد بن الْوَلِيد، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ أُتِي بِرَجُل قد شرب الْخمر، فَقَالَ للنَّاس:[أَلا] اضْرِبُوهُ. فَمنهمْ من ضربه بالنعال، وَمِنْهُم من ضربه بالعصى، وَمِنْهُم من ضربه بالمَيْتَخَة - قَالَ ابْن وهب: الجريدة الرّطبَة - ثمَّ أَخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تُرَابا من الأَرْض
(فَرَمَى بِهِ وَجهه) » وَأخرجه الْحَاكِم بِنَحْوِ من هَذَا اللَّفْظ، وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد. قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَنهُ، وَأَبا زرْعَة عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لم يسمع الزُّهْرِيّ هَذَا الحَدِيث من عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر، إِنَّمَا هُوَ عَن عقيل بن خَالِد عَنهُ. وَأخرج الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من حَدِيث أنس رضي الله عنه «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ضرب فِي الْخمر بِالْجَرِيدِ وَالنعال، وَجلد أَبُو بكر أَرْبَعِينَ» وَفِي رِوَايَة لَهما «أَنه عليه السلام أُتي بِرَجُل قد شرب الْخمر فجلده بجريد نَحْو أَرْبَعِينَ، قَالَ: وَفعله أَبُو بكر، فَلَمَّا كَانَ عمر اسْتَشَارَ النَّاس فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: أخف الْحُدُود ثَمَانُون. فَأمر بِهِ عمر» وَأخرجه ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» بِلَفْظ آخر عَن أنس قَالَ: «أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد شرب الْخمر، (فَأمر بِهِ فَضرب بنعلين أَرْبَعِينَ، ثمَّ أُتِي أَبُو بكر بِرَجُل قد شرب الْخمر فَصنعَ بِهِ مثل ذَلِك،
ثمَّ أُتِي عمر بِرَجُل قد شرب الْخمر) فَاسْتَشَارَ النَّاس، فَقَالَ ابْن عَوْف: أخف الْحَد ثَمَانِينَ. فَضرب عمر ثَمَانِينَ» .
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَرُوِيَ «أَن عمر اسْتَشَارَ فَقَالَ عَلّي رضي الله عنه: أرَى أَن يجلد ثَمَانِينَ؛ لِأَنَّهُ إِذا شرب سكر، وَإِذا سكر هذى، وَإِذا هذى افتَرَى - أَو كَمَا قَالَ - فجلده عمر ثَمَانِينَ» .
قلت: رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» من رِوَايَة ثَوْر بن [زيد] الديلِي «أَن عمر اسْتَشَارَ
…
» فَذكر الحَدِيث، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مَالك بِهِ، وَهُوَ مُرْسل ثَوْر بن [زيد] لم يدْرك عمر. قَالَه عبد الْعَزِيز النحشبي، وَقَالَ ابْن دحْيَة فِي كِتَابه «وهج الْجَمْر فِي تَحْرِيم الْخمر» : لم يلْحق عمر، فروايته عَنهُ مُنْقَطِعَة. وَكَذَا جزم بِهِ الْمُنْذِرِيّ فِي «حَوَاشِيه» وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا من طَرِيقين ثمَّ قَالَ فِي كل مِنْهُمَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد.
فَائِدَة: قَوْله «بكتوه» وَهُوَ بباء مُوَحدَة ثمَّ كَاف مُشَدّدَة ثمَّ مثناة فَوق، قَالَ ابْن الْأَثِير: التبكيت: التقريع والتوبيخ، بِأَن يُقَال لَهُ: يَا فَاسق أما