الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ واهٍ، قَالَ ابْن عدي: هُوَ بَاطِل عَن الثَّوْريّ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث (عليّ بن عَلّي الْهِلَالِي)، عَن أَبِيه [و] من حَدِيث أبي الْيُسْر: أَنه عليه السلام قَالَ: «رَأَيْت جعفرًا ذَا جناحين مضرجًا بالدماء، وَزيد مُقَابِله، وَابْن رَوَاحَة مَعَهم كَأَنَّهُ معرض عَنْهُم، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَن ذَلِك: (إِن) جعفرًا حِين تقدم، فَرَأَى الْقَتْلَى لم يصرف وَجهه، وَزيد كَذَلِك، وَابْن رَوَاحَة صرف وَجهه» .
الحَدِيث السَّادِس بعد الْعشْرين
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْد شروطهم» .
هَذَا الحَدِيث سلف الْكَلَام عَلَيْهِ وَاضحا فى: الْبيُوع، وَكَذَا حَدِيث:«صُومُوا لرُؤْيَته» .
سلف فِي: الصَّوْم.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب - بِحَمْد الله ومنِّه -.
وَأما آثاره: فستة عشر:
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن مَالك، وَهُوَ فِي «الْمُوَطَّأ» : أَنه بلغه «أَنه كُتِبَ إِلَى عمر بن الْخطاب من الْعرَاق: أَن رجلا قَالَ لامْرَأَته: حَبْلُك عَلَى غاربك، فَكتب عَمرُ إِلَى عَامله: أَن مُرْهُ فليوافيني فِي الْمَوْسِم، فَبَيْنَمَا عمرُ بن الْخطاب يطوف بِالْبَيْتِ إذْ لقِيه الرجلُ فسلَّم عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْت.؟ ، قَالَ: أَنا الذى أَمَرْتَ أَن يجلب عَلَيْك. (قَالَ) : أُنْشِدُكَ بربِّ هَذِه البِنْيَة؛ هَل (أردْت بِقَوْلِك) حبلك عَلَى غاربك الطلاقَ؟ ، فَقَالَ (الرجل) : لَو اسْتَحْلَفْتِنَي فِي غير هَذَا الْمَكَان مَا صَدَقْتُكَ؛ أردتُ الفراقَ، فَقَالَ عمر رضي الله عنه: هُوَ مَا أردتَ» .
وَفِي رِوَايَة للبيهقي قَالَ: «جَاءَ رجل إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ: إِنَّه قَالَ لامْرَأَته: حبْلك عَلَى غاربك، فَقَالَ عمر رضي الله عنه: وافِ مَعنا الْمَوْسِم، فَأَتَاهُ الرجلُ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّة، فَقَالَ: أَتَرَى ذَلِك الأصلع يطوف بِالْبَيْتِ، اذهبْ إِلَيْهِ، فَسَلْهُ ثمَّ ارجعْ فَأَخْبرنِي بِمَا رَجَعَ
إِلَيْك، قَالَ: فذهبتُ إِلَيْهِ، فَإِذا هُوَ عليّ رضي الله عنه، فَقَالَ: مَنْ بَعثك إليَّ؟ ، فَقَالَ: أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: إِنَّه قَالَ لامْرَأَته: حبْلُك عَلَى غاربك، فَقَالَ: اسْتَقْبِلِِ الْبَيْت واحلف بِاللَّه مَا أردتَ طَلَاقا، فَقَالَ الرجل: وَأَنا أَحْلف باللَّه مَا أردتُ إِلَّا الطَّلَاق؟ فَقَالَ: بَانَتْ مِنْك امْرَأَتك» .
وَفَى رِوَايَة لَهُ أَيْضا: من حَدِيث سعيد بن [مَنْصُور، نَا هشيم، أَنا] مَنْصُور، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح:«أَن رجلا قَالَ لامْرَأَته: حبلك عَلَى غاربك - قَالَ ذَلِك مرَارًا - فَأَتَى عُمرَ بْنَ الْخطاب رضي الله عنه، فاستحلفه بَين [الرُّكْن] وَالْمقَام مَا الذى أردتَ بِقَوْلِك؟ ، قَالَ: أردتُ الطلاقَ؛ ففرَّق بَينهمَا» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا استحلفه عَلَى إِرَادَة التَّأْكِيد بالتكرير دون الِاسْتِئْنَاف، وَكَأَنَّهُ أقرَّ فَقَالَ: أردتُ بِكُل مَرَّةٍ إِحْدَاث طلاقٍ ففرَّق بَينهمَا.
قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم: وَذكر ابْن جريج، عَن عَطاء:«أَن عمر بن الْخطاب رُفِعَ إِلَيْهِ رجلٌ قَالَ لامْرَأَته: حَبْلُك عَلَى غاربك، فَقَالَ لعليّ رضي الله عنه: انْظُرْ بَينهمَا» فَذكر مَعْنَى مَا روينَا، إِلَّا أَنه قَالَ:«فأمضاه عليٌّ ثَلَاثًا» .
قَالَ: وذُكِرَ عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن عَن عليّ رضي الله عنه، مِثْلَهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا لَا يُخَالف رِوَايَة مَالك، وَكَأن عمر رضي الله عنه جعلهَا وَاحِدَة كَمَا قَالَ فِي الْبَتَّةَ، وعليّ رضي الله عنه جعلهَا ثَلَاثًا، وَيحْتَمل أَنَّهُمَا جعلاه ثَلَاثًا لتكريره اللَّفْظ - فِي الْمَدْخُول بهَا - ثَلَاثًا، وإرادته بِكُل مرّة إِحْدَاث طلاقٍ، كَمَا قُلْنَا فِي رِوَايَة [مَنْصُور] عَن عَطاء.
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي «سنَنه» بِهَذَا اللَّفْظ، وَزَاد فِي آخِره:«عَلَيْك أَغْلَظُ الْكَفَّارَة: عِتْقُ رَقَبَة» .
الْأَثر الثَّالِث إِلَى الْعَاشِر: قَالَ الرَّافِعِيّ: اخْتلفت الصَّحَابَة فِي لفظ «الْحَرَام» ، فَذهب أَبُو بكر، وَعَائِشَة إِلَى: أَنه يَمِين، وكفارته كَفَّارَة يَمِين.
وَذهب عمر إِلَى أَنه صَرِيح فِي (طَلْقَة رَجْعِيَّة وَعُثْمَان إِلَى أَنه ظِهَار وَعلي إِلَى أَنه صَرِيح فِي) الطلقات [الثَّلَاث] وَبِه قَالَ زيدٌ وَأَبُو هُرَيْرَة، وَذهب ابْن مَسْعُود إِلَى: أَنه لَيْسَ بِيَمِين، وَفِيه كَفَّارَة يَمِين.
وَهَذِه الْآثَار ذكرهَا البيهقيُّ فِي «سنَنه» .
مِنْهَا: أثر عَائِشَة رضي الله عنها. ورُوي عَن ابْن مَسْعُود: أَنه قَالَ فِيهِ: «إِن نَوى يَمِينا فيمينٌ، وَإِن نَوى طَلَاقا فطلاقٌ، وَهُوَ مَا نَوى من ذَلِك» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ عَنهُ: «نِيَّته فِي الْحَرَام مَا نَوى، إِن لم يكن نَوى طَلَاقا فَهِيَ يمينٌ» .
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ عَنهُ: «إِن نَوى طَلَاقا فَهِيَ تَطْلِيقَة وَاحِدَة،
وَهُوَ أملك بالرجعة، وَإِن لم يَنْوِ طَلَاقا فيمينٌ يُكَفِّرُهَا» .
وَهَذِه الرِّوَايَات الثَّلَاث مُخَالفَة لما نَقله الرَّافِعِيّ عَنهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: واختلفتِ الروايةُ عَن عُمر رضي الله عنه فِي ذَلِك، فَرُوي عَنهُ أَنه قَالَ فِيهِ «هُوَ يَمِين يكفرهَا» .
ورُوي عَنهُ: «أَنه أَتَاهُ رجل قد [طلق] امْرَأَته [تَطْلِيقَتَيْنِ] فَقَالَ: أنْتِ عليَّ حرَام، فَقَالَ عمر رضي الله عنه: لَا أَرُدُّهَا إِلَيْك» .
قَالَ: وروينا عَن عليّ وزيدٍ بن ثَابت: «أَن فِي البَرِيَّة والبتة وَالْحرَام أَنَّهَا ثلاثٌ ثلاثٌ» .
قَالَ: وَرَوَى مطرف عَن عَامر - هُوَ: الشّعبِيّ -: «فى الرجل يَجْعَل امْرَأَته عَلَيْهِ حَرَامًا، قَالَ: يَقُولُونَ: إِن عليًّا رضي الله عنه (جعلهَا ثَلَاثًا قَالَ عَامر: مَا قَالَ عَلّي رضي الله عنه هَذَا إِنَّمَا قَالَ: لَا أُحِلُّهَا وَلَا أُحرِّمُهَا» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَالرِّوَايَة الْمَاضِيَة عَن عَلّي: «أَنَّهَا ثَلَاث إِذا نَوى» . إِلَّا أَنَّهَا رِوَايَة ضَعِيفَة.
الْأَثر الْحَادِي عشر: عَن (قدامَة) بن إِبْرَاهِيم: «أَن رجلا عَلَى عَهْدِ عمر بن الْخطاب تدلىَّ (بِحَبْلٍ) ليشتار عسلًا، فأقبلتْ امرأتُه فجلستْ عَلَى الحَبْلِ وَقَالَت: تُطَلِّقنِي ثَلَاثًا وَإِلَّا قطعتُ الْحَبل، فذكَّرَها (الله) وَالْإِسْلَام، فأبتْ، فَطلقهَا ثَلَاثًا، ثمَّ خرج إِلَى عمر، فَذكر ذَلِك
لَهُ، فَقَالَ: ارجعْ إِلَى أهلك؛ فَلَيْسَ بطلاقٍ» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث عبد الْملك بن قدامَة [بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد] بن حَاطِب الجُمَحِي، عَن أَبِيه:«أَن رجلا تدلىَّ» فَذكره. ثمَّ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور عَن عُمر. قَالَ: ورُوي: «أَن عمر أَبَانهَا مِنْهُ» . وَالرِّوَايَة الأولَى أشبه.
قلت: مَعَ انقطاعها، فَإِن قدامَة لم يدْرك عُمَرَ، إِنَّمَا يروي، عَن ابْنه عبد الله بن عمر، وَسَهل بن سعد، وَغَيرهمَا من الْمُتَأَخِّرين. لَا جرم قَالَ الْبَيْهَقِيّ مَرَّةً: إِن رِوَايَة: «أَبَانَهَا مِنْهُ» خطأ، والْحَدِيث مُنْقَطع.
قلت: وَأما حَدِيث صَفْوَان بن (عمرَان) : «أَن رجلا كَانَ نَائِما مَعَ امْرَأَته، فقامتْ وَأخذت سكينًا وجلستْ عَلَى صَدره، ووضعتْ السكين عَلَى حَلْقِهِ وَقَالَت: طلقْنِي ثَلَاثًا، وَإِلَّا ذبَحْتُك، فطلَّقَهَا، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا قيلولة فِي الطَّلَاق» .
فضعيفٌ، ذكره ابْن أَبَى حَاتِم فِي «علله» عَن أبي زُرْعة: أَنه رُوي من حَدِيث صَفْوَان هَذَا، ثمَّ قَالَ أَبُو زرْعَة: هَذَا حَدِيث واهٍ جدا. وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع عَلَيْهِ صَفْوَان، ومداره عَلَيْهِ.
فَائِدَة: قَوْله: (يشتار) : هُوَ بالشين الْمُعْجَمَة وبالراء الْمُهْملَة، يُقَال: شِرْتُ الْعَسَل أشور، عَلَى وزن: قلت أَقُول، واشْتَرْتُ عَلَى وزن: اخْتَرْت، إِذا جَنَيْتَه من مَكَان النَّحْل فِي الْجبَال أَو غَيرهَا، وأشرت لُغَة فِيهِ، ذكره الْجَوْهَرِي فِي الْكَلَام عَلَى:«شور» .
الْأَثر الثَّانِي عشر: «أَن عمر (بن الْخطاب) رضي الله عنه سُئِلَ عَمَّنْ طلَّق طَلْقَتَيْنِ، فانقضتْ عدتهَا، فتزوَّجَها غيرُه وفارقها، ثمَّ تزوَّجها الأَوَّلُ، فَقَالَ: (هِيَ) عِنْده عَلَى مَا بَقِي من الطَّلَاق» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث: الْحميدِي، ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن حميدِ بْنِ عبد الرَّحْمَن، وعبيدِ الله - هُوَ ابْن عبد الله بن عتبَة -، وسليمانَ بْنِ يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:«سَأَلت عُمرَ عَن رجلٍ من أهل الْبَحْرين طلق امْرَأَته تَطْلِيقَة [أَو اثْنَتَيْنِ] ، فنكحتْ زوجا، ثمَّ مَاتَ عَنْهَا أَو طلَّقَهَا، فرجعتْ إِلَى الزوْج الأول، عَلَى كم هِيَ عِنْده؟ ، قَالَ: هِيَ عِنْده عَلَى مَا بَقِي» .
قَالَ الْحميدِي: وَكَانَ سُفْيَان قيل لَهُ: فيهم سعيد بن المسيَّب؟ ، فَقَالَ: ثَنَا الزُّهْرِيّ. هَكَذَا، لم [يزدنا] عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة، فلمَّا فرغ مِنْهُ قَالَ: لَا أحفظ فِيهِ عَن الزُّهْرِيّ سعيدًا، وَلَكِن يَحْيَى بن سعيد حدَّثْنَاه،
عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة نَحْو ذَلِك، (وَكَانَ) حَسبك بِهِ.
الْأَثر الثَّالِث عشر: «أَن نفيعًا - وَكَانَ عَبْدًا سَأَلَ عُثْمَان وزيدًا، وَقَالَ: طلقتُ (امْرَأَة لي) حرَّة طَلْقَتَيْنِ؟ ، فَقَالَا: حَرُمَتْ عَلَيْك» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مَالك عَنْهُمَا، وَهُوَ فِي «الْمُوَطَّأ» أَيْضا كَذَلِك.
الْأَثر الرَّابِع عشر: «أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف طلَّق امْرَأَته الكلبيةَ فِي مرض مَوته، فورَّثها عثمانُ رضي الله عنه» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق (فِي «مُصَنفه» ) عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة «أَنه سَأَلَ عَبْدَ الله بْنَ الزبير [عَن الرجل يُطلق الْمَرْأَة فيبتها ثمَّ يَمُوت وَهِي فِي عدتهَا] ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزبير: «طلَّق عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِنْتَ الْأَصْبَغ الْكَلْبِيَّة، فَبَتَّهَا، ثمَّ مَاتَ، فورَّثها عثمانُ فِي عدتهَا» .
ورَوَى حَمَّاد بن سَلمَة، ومِنْ طَرِيقه رَوَاهُ ابْنُ حزم، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه:«أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف طلَّق امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مَرضه، فَقَالَ عُثْمَان: لَئِنْ مِتَّ لأُوَرِّثُهَا مِنْكَ» .
وَرَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» عَن ابْن شهَاب، عَن طَلْحَة بن عبد
الله بن عَوْف - قَالَ: وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ بذلك -، وَعَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف:«أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف طلَّق امْرَأَته الْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيض، فورَّثها عُثْمَان بن (عَفَّان) مِنْهُ بعد انْقِضَاء عدتهَا» .
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَكَانَ الطَّلَاق فِي هَذِه الْقِصَّة بسؤالها.
قلت: هُوَ كَمَا قَالَ، فقد (قَالَ) مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» : أَنه سمع (ربيعَة) ابْن أبي عبد الرَّحْمَن يَقُول: بَلغنِي «أَن (امْرَأَة) عبد الرَّحْمَن بن عَوْف سَأَلته أَن يطلِّقَهَا، فَقَالَ: إِذا حِضْتِ ثمَّ طهرتِ فآذنيني، فَلم تَحضْ حَتَّى مرض عبدُ الرَّحْمَن بن عَوْف، فلمَّا طهرتْ آذنَتْهُ، فطلَّقَهَا الْبَتَّةَ، أَو تَطْلِيقَة لم يكن بَقِي لَهُ عَلَيْهَا من الطَّلَاق غَيْرَها. (وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف يَوْمئِذٍ مَرِيض. فَورثَهَا عُثْمَان بن عَفَّان مِنْهُ بعد انْقِضَاء عدتهَا» ) .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي بِدُونِهِ، فروَى عَن ابْن أبي روَّاد وَمُسلم بن خَالِد، عَن ابْن جريج، قَالَ: أَخْبرنِي ابْن أَبَى مليكَة «أَنه سَأَلَ ابْنَ الزبير عَن الرجل يُطلق الْمَرْأَة فيبتها، ثمَّ يَمُوت وهى فِي عدتهَا؟ ، فَقَالَ عبد الله بن الزبير: طلَّق عبدُ الرَّحْمَن بْنُ عَوْف تُمَاضِرَ بِنْتَ الْأَصْبَغ الْكَلْبِيَّة، فَبَتَّهَا، ثمَّ مَاتَ، وَهِي فِي عدتهَا، فورَّثها عثمانُ. قَالَ ابْن الزبير: وَأما أَنا: فَلَا أرَى أَن (تَرث) مبتوتة» .
قَالَ الشَّافِعِي فِيمَا نَقله الْبَيْهَقِيّ عَن الرّبيع عَنهُ حَدِيث ابْنِ الزبير: مُتَّصِل، وَهُوَ يَقُول:«ورَّثها عثمانُ فِي الْعدة» .
وَحَدِيث ابْن شهَاب: مَقْطُوع.
قلت: لم يظْهر فِي وَجهه انقطاعُهُ، وَقد نقل عَنهُ البيهقيُّ إِثْر هَذَا، أَنه قَالَ فِي «الْإِمْلَاء» :«ورَّثَ عثمانُ بن عَفَّان امْرَأَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - وَقد طَلقهَا ثَلَاثًا - بَعْدَ انْقِضَاء الْعدة» .
قَالَ: وَهُوَ فِيمَا [يخيل] إليَّ أثْبَتُ الْحَدِيثين، وَذكر الْبَيْهَقِيّ مَا يُؤَكد رِوَايَة مَالك بِإِسْنَادِهِ، ثمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل، وَقَالَ ابْن عبد الْبر فِي «استذكاره» : اخْتلف عَن عُثْمَان: هَل ورَّث زوجةَ عَبْدِ الرَّحْمَن فِي الْعدة؟ أَو بعْدهَا؟ ، وَأَصَح الرِّوَايَات عَنهُ: أَنه ورَّثها بعد انْقِضَاء الْعدة.
تَنْبِيَهات:
أَحدهَا: وَقع فِي رِوَايَة مَالك السالفة: «أَن عبد الرَّحْمَن طَلقهَا الْبَتَّةَ» .
وَوَقع فِي رِوَايَته الْأُخْرَى: «أَنه طَلقهَا الْبَتَّةَ، أَو تَطْلِيقَة لم يكن بَقِي لَهُ عَلَيْهَا من الطَّلَاق غَيرهَا» .
وَفِي رِوَايَة الشَّافِعِي: «أَنه بَتَّ طلاقَهَا» .
وَذكر الْبَيْهَقِيّ من هَذِه الطّرق، وَنقل عَن الشَّافِعِي:«أَنه طَلقهَا ثَلَاثًا» .
وَفَى «تَارِيخ ابْن عَسَاكِر» : « (أَنَّهَا كَانَت آخر طلقاتها الثَّلَاث وَذكر) أَنه كَانَ لَهَا سوء خلق، فَطلب الطَّلَاق» .
وَقَالَ ابْن حزم: صَحَّ (أَنه - يَعْنِي: عُثْمَان - ورَّثَ امرأةَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْكَلْبِيَّة، وَقد طَلقهَا وَهُوَ مَرِيض آخِرٍ ثلاثَ تَطْلِيقَات) .
التَّنْبِيه الثَّانِي: زَوْجَة عبد الرَّحْمَن اسْمهَا: تُماضِر، كَمَا سلف فِي رِوَايَة الشَّافِعِي، وَهِي بِضَم التَّاء ثمَّ ألف ثمَّ ضاد مُعْجمَة مَكْسُورَة ثمَّ رَاء مُهْملَة، ووالدها الأصْبغ، بِفَتْح الْهمزَة ثمَّ صَاد مُهْملَة سَاكِنة، ثمَّ بَاء مُوَحدَة، ثمَّ غين مُعْجمَة، ابْن عَمرو بن ثَعْلَبَة بن حصن بن كلب، وَأمّهَا: جوَيْرِية بنت وبرة بن رُومَان.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: وَهِي أوَّل كلبيَّة نَكَحَهَا قريشيٌّ.
التَّنْبِيه الثَّالِث: قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَابْن دَاوُد - مِنَ الشَّافِعِيَّة -: صُولِحَتْ زَوْجَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْمَذْكُورَة من ربع الثُّمُن عَلَى ثَمَانِينَ ألْف دَنَانِير، وَقيل: دراهمٍ.
التَّنْبِيه الرَّابِع: هَذَا الْأَثر اسْتدلَّ بِهِ الرَّافِعِيّ تبعا للأصحاب لِلْقَوْلِ الْقَدِيم، عَلَى: أَن المبتوتة فِي مرض (الْمَوْت) تَرِثُ.
وَلَا حُجَّة فِيهِ؛ لِأَن ابْن الزبير خَالف عُثْمَان فِي ذَلِك، كَمَا سلف، وَإِذا اختلفَتِ الصحابةُ لم يكن قَول بَعضهم حُجَّة. وَهَذَا هُوَ جَوَاب القَوْل الصَّحِيح الْجَدِيد عَن فِعْل عُثْمَان.
الْأَثر الْخَامِس عشر: « (عَن) ابْن عَبَّاس رضي الله عنه: أَنه سُئِلَ عَن رجلٍ
قَالَ لامْرَأَته: أَنْت طَالِق إِلَى سَنَةٍ، فَقَالَ: هِيَ امْرَأَته يسْتَمْتع بهَا إِلَى سَنَةٍ» .
وَهَذَا الْأَثر، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ، عَن حَمَّاد، عَن إِبْرَاهِيم «فِي رجل قَالَ لامْرَأَته: هِيَ طَالِق إِلَى سنة، قَالَ: هِيَ امْرَأَته يسْتَمْتع مِنْهَا إِلَى سنة» . قَالَ: ورُوي مِثْلُهُ عَن ابْن عَبَّاس.
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ: «أَنه كَانَ يرَى الِاسْتِثْنَاء وَلَو بَعْدَ سَنَةٍ» . وَرَوَاهُ هُوَ أَيْضا والبيهقيُّ عَنهُ: أَنه قَالَ: «إِذا حلف الرجل عَلَى يمينٍ، فَلهُ أَن يَسْتَثْنِي وَلَو (إِلَى) سَنَةٍ، وَإِنَّمَا نزلتْ هَذِه الْآيَة فِي هَذَا: (وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت) ، قَالَ: إِذا ذَكَرَ اسْتثْنى» .
قَالَ عَلّي بن مسْهر: وَكَانَ الْأَعْمَش يَأْخُذ بِهَذَا. قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: بقول ابْنِ عُمر نَأْخُذ للأمان، حَيْثُ قَالَ: كل اسْتثِْنَاء مَوْصُول، فَلَا حنث عَلَى صَاحبه، وإنْ كَانَ غير مَوْصُول فَهُوَ حانثٌ.
قَالَ: وَيحْتَمل قَول ابْن عَبَّاس أَن يكون المُرَاد بِهِ أَنه كَانَ مُسْتَعْملا لِلْآيَةِ، وَإِن ذكر الِاسْتِثْنَاء بعد حِين، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:(وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله) لَا فِيمَا يكون يَمِينا.
قلت: وَهَذَا مَا قَرَّرَهُ القرافيُّ (فى)«الْأُصُول» فِي تَعْلِيقه عَلَى الْحِنْث، حَيْثُ قَالَ: الْمَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس إِنَّمَا هُوَ فِي اسْتثِْنَاء الْمَشِيئَة، لقَوْله تَعَالَى:(وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت)(فَإِنَّهُ قَالَ: إِن سَبَب نُزُولهَا ترك النَّبِي صلى الله عليه وسلم الِاسْتِثْنَاء بِالْمَشِيئَةِ وتقديرها كَمَا قَالَ ابْن العصري فِي التَّفْسِير (وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت) أَي إِذا شِئْت الِاسْتِثْنَاء) : أَي إِذا تذكرت وَلَو بَعْدَ سَنَةٍ فَقُلْ: إِن شَاءَ الله؛ فَإِنَّهُ يُسقط عَنْك الْمُؤَاخَذَة فِي ترك الِاسْتِثْنَاء، وَقدره الْعِرَاقِيّ بِأَن: الذكْر فِي زمن النسْيَان مُحَال، فدلَّ عَلَى أَنه أَرَادَ طرف بِمَنْع النسْيَان فِي جُزْء مِنْهُ، والذكْر فِي جُزْء آخر، وَلم يحدده الشَّرْع، فَجَاز عَلَى التَّرَاخِي.
الْأَثر السَّادِس عشر: عَن زيد بن ثَابت أَنه لَا يَقع الطَّلَاق فِي الْمَسْأَلَة السريجية.
وَهَذَا الْأَثر لَا يحضرني مَنْ خَرَّجه.