الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكره خَ فِي (النِّكَاح) ، وم فِي (الْفَضَائِل) .
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَلم يُنْقَل: «أنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا عَاد يَقْضي» . وَلَو كَانَ يقْضِي لأشبه أَن ينْقل مَعَ ذكر سَفَره لمَنْ خرج سهمها.
وَهُوَ كَمَا قَالَ، (قَالَ) : وَحَكَى بَعضهم وَمِنْهُم أَبُو الْفرج الزاز: أَنه رُوي عَن عَائِشَة رضي الله عنها: «أَنه عليه السلام مَا كَانَ يقْضِي» .
قلت: هَذِه غَرِيبَة، لَا يَحْضُرُني مَنْ خَرَّجَهَا بعد الْبَحْث عَنْهَا، وَكَلَام الرافعى (مُؤذن بضعفها) حَيْثُ عزاها إِلَى بَعضهم.
الحَدِيث الثَّانِي عشر
ورد فِي الْخَبَر: النهْي عَن ضرب الزَّوْجَات.
هَذَا الْخَبَر صَحِيح، رَوَاهُ: أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمْ» ، وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من رِوَايَة إِيَاس بن عبد الله بن أبي ذُبَاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تضربوا إِمَاء الله، فجَاء عمرُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ذئرن النساءُ عَلَى
أَزوَاجهنَّ، فَرخص فِي ضربهن، (فأطاف بآل) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نسَاء كثيرا يَشكونَ أزواجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بخياركم» .
قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: بلغنَا عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: لَا يُعْرف لإياسٍ صُحْبة.
قلت: ذكر ابْن أبي حَاتِم فِي كِتَابه عَن أَبِيه وَأبي زُرْعة أَنَّهُمَا قَالَا: لَهُ صُحْبَة، وَكَذَا قَالَ أَبُو عمر فِي «استيعابه» ، وَذكره ابْن حبَان فِي الصَّحَابَة.
نَعَمْ قَالَ ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم: اخْتلف فِي صحبته، قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَا أعلمهُ رَوَى غير هَذَا الحَدِيث.
تَنْبِيه: مَعْنَى: (ذئرن) النِّسَاء: اجْتَرَأن ونشزن، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: لَهُ تَأْوِيلَانِ: أَحدهمَا: البطر والأشرة، وَالثَّانِي: الْبذاء والاستطالة. وَفِي «حواشى السّنَن» عَن بَعضهم: الذاير: الغياظ عَلَى خَصمه المستعد للشر، وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة ثمَّ مثناة تَحت ثمَّ رَاء مُهْملَة.
وَرُوِيَ: (ذئرن) بالنُّون وبحذفها، وَهُوَ باللغة الْغَالِبَة، وَالْأول لُغَة وَردت فِي الْكتاب والسُّنة وأشعار الْعَرَب.
تَنْبِيه آخر: قَالَ الرَّافِعِيّ: أَشَارَ الإِمَام (الشَّافِعِي فِي) هَذَا الْخَبَر وَشبهه إِلَى احْتِمَالَيْنِ:
أَحدهمَا: أَنه مَنْسُوخ، إِمَّا بِالْآيَةِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: (فاضربوهن (، وَإِمَّا بالْخبر. أَي: كآخر هَذَا الْخَبَر، وَبِحَدِيث جَابر الطَّوِيل الثَّابِت فِي «مُسلم» الَّذِي أسلفناه فِي الْحَج بِكَمَالِهِ:«فاضربوهن ضربا غير مبرِّح» .
وَفِي حَدِيث مَكْحُول عَن أم أَيمن: «أَنه عليه السلام أَوْصَى بعض أهل بَيته
…
» . فَذكر حَدِيثا طَويلا، فِيهِ:«وَلَا ترفع عصاك عَنْهُم» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: فِي هَذَا إرْسَال، مَكْحُول لم يدْرك أُمَّ أَيمن، قَالَ أَبُو عبيد: فِي هَذَا الحَدِيث: قَالَ (الْكسَائي) وَغَيره: يُقَال: إِنَّه لم (يرد) الْعَصَا (الَّتِي) يضْرب بهَا، وَلَا أَمر أحدا قَط بذلك، وَلكنه أَرَادَ الأدبَ. قَالَ أَبُو عبيد: وأصل العصى: الِاجْتِمَاع والائتلاف.
وَالثَّانِي: حمل النَّهْي عَلَى الْكَرَاهَة، أَو عَلَى أَن الأَوْلى التَّحَرُّز عَنهُ مَا أمكن، وَقَالَ ابْن دَاوُد - من أَصْحَابنَا - فِي «شرح الْمُخْتَصر» : اخْتلف أَصْحَابنَا فِي أَن إِذْنه عليه السلام فِي الضَّرْب بعد أَن نهَى عَنهُ، ووَرَدَتْ الآيةُ مُوَافقَة لإذنه، فَيكون إِذْنه نَاسِخا لنَهْيه، ثمَّ اسْتحبَّ تركَ الضَّرْب أَو منع مِنْهُ، فَجَاءَت الآيةُ بِالْإِبَاحَةِ، وأمْره موافقٌ لَهَا. وَهَذَا الِاخْتِلَاف مَبْنِيّ عَلَى جَوَاز نسخ الْكتاب بالسُّنَّة.
هَذَا آخِرُ مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِيهِ من الْأَحَادِيث. وَذكر فِيهِ أثرا عَن عليّ، وَقد سلف، وأثرًا آخَرَ عَنهُ:«أَنه بعث حكمين، وَقَالَ: تدريان مَا عَلَيْكُمَا؟ إِن رأيتُما أَن تجمعَا فجمعا، وَإِن رأيتُما أَن تفرِّقا ففرِّقا، فَقَالَت الزَّوْجَة: رضيتُ بِمَا فِي كتاب الله تَعَالَى - عليَّ ولي. فَقَالَ الرجل: أما الْفرْقَة فَلَا، قَالَ عليٌّ: كذبتَ، لَا واللَّهِ حَتَّى تقر بمثْل الَّذِي أقرَّت بِهِ» .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح، رَوَاهُ الشَّافِعِي فَقَالَ: أبنا الثَّقَفِيّ، عَن أَيُّوب، عَن ابْن سِيرِين، عَن عُبَيْدَة «أَنه قَالَ فِي هَذِه الْآيَة:(وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله) قَالَ: جَاءَ رجل وَامْرَأَة إِلَى عَلّي، وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام من النَّاس، فَأَمرهمْ عليٌّ رضي الله عنه فبعثوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا، ثمَّ قَالَ لِلْحكمَيْنِ: تدريان مَا عَلَيْكُمَا، عَلَيْكُمَا (إِن رَأَيْتُمَا) أَن تجمِّعا أَن تُجَمِّعَا، وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا أَن تفَرقا. فَقَالَت الْمَرْأَة: رضيتُ بِكِتَاب الله بِمَا (فِيهِ عليَّ) ولي، فَقَالَ الرجل: أما الْفرْقَة: فَلَا. فَقَالَ عليٌّ: كذبتَ واللَّهِ حَتَّى تقر بِمثل الَّذِي أقرتْ بِهِ» .
وَرَوَاهُ أَيْضا الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي «سنَنه الْكُبْرَى» قبيل: إحْيَاء الْموَات، مَعَ تخالفٍ فِي لفظٍ يسيرٍ.