الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجعل فِي الْيَمين الْكَفَّارَة» .
ثمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ: ومرسلًا أشبه.
الحَدِيث الثَّانِي
رُوي: أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطَّلَاق لِمَنْ أَخذ بالساق» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من (طَرِيقين) .
أَحدهمَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: «أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله: [إِن] سَيِّدي زَوجنِي (أمة) ، وَهُوَ يُرِيد أَن يفرق بيني وَبَينهَا، قَالَ: فَصَعدَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس مَا بَال أحدكُم يزوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ ثمَّ يُرِيد أَن يفرق بَينهمَا، إِنَّمَا الطَّلَاق لمَنْ أَخذ بالساق» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» ، وعِلَّتُه: ابْن لَهِيعَة.
الطَّرِيق الثَّانِي: (من) حَدِيث عصمَة بن مَالك قَالَ: «جَاءَ مَمْلُوك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن مولَايَ زوَّجني
…
» الحديثَ.
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» ، وعلَّتُه الْفضل بن الْمُخْتَار، قَالَ
ابْن عدي: أَحَادِيثه مُنكرَة، وَعَامة أَحَادِيثه لَا يُتابع عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: مَجْهُول، وَأَحَادِيثه مُنكرَة، يحدث بالأباطيل. وَقَالَ الْأَزْدِيّ: مُنكر الحَدِيث جدًّا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا حَدِيث ضَعِيف، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : إِنَّه حَدِيث لَا يَصح.
قلت: وَلِحَدِيث ابْن عَبَّاس السالف طَرِيق آخر، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث: يَحْيَى بن عبد الحميد الْحمانِي، عَن يَحْيَى بن يعْلى، عَن مُوسَى بن أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن العَبْد يزوِّجه سَيِّدُهُ، بِيَدِ مَنْ الطَّلَاق؟ قَالَ: بِيَدِ مَنْ أَخذ بالساق» .
الْحمانِي مَعَ حفظه وتأليفه للمسند: مِمَّن اخْتُلِفَ فِيهِ، وَثَّقَهُ ابْن معِين وغيرُه، وكذَّبه أَحْمد وَغَيره، والراوي عَنهُ إِن كَانَ التَّيْمِيّ فَثِقَة، وَإِن كَانَ ابْن الْمُعَلَّى (الْقَطوَانِي) فَلَيْسَ بِشَيْء.
وَأما الْأَثر: فَقَالَ: (الرَّافِعِيّ) رووا: «أَن عُمر رضي الله عنه كَانَ يطوف لَيْلًا، فَسمع امْرَأَة تَقول فِي طرف بَيتهَا:
أَلا طَال هَذَا الليلُ وازور جَانِبه
وأَرَّقْنِي ألَاّ حليل أُلاعبه
فواللَّهِ لَوْلَا الله لَا شَيْء (فَوْقه)
لزعزع من هَذَا السرير جوانبه
مَخَافَة رَبِّي وَالْحيَاء يلمني
وَأكْرم بَعْلِي أَن تنَال مراكبه
فبحث عمرُ رضي الله عنه عَن حَالهَا، فأخبِرَ أَن زَوجهَا غَابَ فِيمَن غزا، فَسَأَلَ عمرُ رضي الله عنه النساءَ: كم تصبر الْمَرْأَة عَن زَوجهَا؟ تصبرُ شهرا؟ فَقُلْنَ: نعم، [فَقَالَ: تصبر شَهْرَيْن؟ ، فَقُلْنَ: نعم] ، فَقَالَ: فَثَلَاثَة أشهر؟ فَقُلْنَ: نعم، ويَقِلُّ صبرُها، قَالَ: أَرْبَعَة أشهر؟ ، فَقُلْنَ: نعم، (وَينفذ) صَبْرُها فَكتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد: فِي رجالٍ غَابُوا عَن نِسَائِهِم أَرْبَعَة أشهر أَن يردهم» .
ويُرْوى: «أَنه سَأَلَ حفصةَ عَن ذَلِك، فأجابت بذلك» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بِنَحْوِهِ فِي أَوَائِل كتاب: السِّيَر، من رِوَايَة عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: «خرج عمرُ من اللَّيْل فَسمع امْرَأَة تَقول:
تطاول هَذَا اللَّيْل (واسودَّ) جَانِبه
وأَرَّقْنِى أَلا حبيب أُلَاعِبُه
فوَاللَّه لَوْلَا الله أَنِّي أراقبه
لتحرك من هَذَا السرير (جوانبه)
فَقَالَ عُمرُ بن الْخطاب لحفصة رضي الله عنها: كم أَكثر مَا تصبر المرأةُ عَن زَوجهَا؟ فَقَالَت حَفْصَة: سِتَّة أَو أَرْبَعَة أشهر، فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَحْبِسُ (الْجَيْش) أكْثَرَ مِنْ هَذَا» .
وَرَوَاهُ ابْن وهب، عَن مَالك، عَن ابْن دينارٍ بِإِسْقَاط ابْن عمر، وَقَالَ فِي آخِرِه: الشَّك (فِي) أَرْبَعَة أَو سِتَّة، لَا أَدْرِي. وَحَكَى ابْنُ الرّفْعَة فِي «مطلبه» : أَن الَّذِي سَأَلَهَا عمر: مَيْمُونَة.
فَائِدَة: الازورار: التحرك، وَكَذَا قَوْلهَا: لزعزع، وَقد صُرح بِهَذَا فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ.
وَقَالَ صَاحب «المُسْتَعْذَب عَلَى المهذَّب» : ازور جَانِبه بعد (صباحه)(يُقَال) بِئْر (زوراء) أَي: (بعيدَة) الْغَوْر والزورة الْبَعِيدَة، وَهُوَ من الازورار.
والأرق: السَّهر، وَالْمرَاد بالسرير: نَفْسها، شبهت نَفسهَا بالسرير من حَيْثُ إِنَّهَا فِرَاشٌ للرجل، ومركوب كسرير الْخشب الذى يجلس عَلَيْهِ، و (الحَليل) فِي رِوَايَة الرَّافِعِيّ تَبَعًا لصَاحب «المهذَّب» اشتقاقه إِمَّا من: الْحل ضد الْحَرَام، وَإِمَّا من: حُلولهما عَلَى الْفراش. قَالَه صَاحب «المستعذب عَلَى المهذَّب» ، وكنتُ أحفظه بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، إِلَى أَن عثرتُ عَلَى هَذَا الْكتاب.