الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الرّجْعَة
ذكر فِيهِ رحمه الله أَحَادِيث وآثارًا. أما الْأَحَادِيث فَثَلَاثَة:
أَحدهَا
قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي قصَّة طَلَاق ابْن عمر: «مُرْهُ فليراجِعْهَا» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَقد سلف بَيَانه فِي كتاب الطَّلَاق بطولِهِ.
ثَانِيهَا
«أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لرُكَانَةَ: ارْدُدْها» .
هَذَا الحَدِيث سلف بَيَانه أَيْضا فى: الطَّلَاق، لَكِن (لَفظه)«ارْتَجِعْهَا» .
قَالَ الشَّافِعِي فِي «الْأُم» : وَذَلِكَ عندنَا فِي الْعدة، وَالله أعلم.
الحَدِيث الثَّالِث
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُجْمع أحدكُم فِي بطن أمه أَرْبَعُونَ يَوْمًا نُطْفَة، وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا علقَة، وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا مُضْغَة، ثمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرّوح» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح مُتَّفق عَلَى صِحَّته وثبوته وَعظم موقعه، وَأَنه أحد أَرْكَان الْإِسْلَام.
أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِق المصدوق: «إِن أحدكُم يُجْمَعُ خلقه فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثمَّ يكون علقَة مِثْلَ ذَلِك، ثمَّ يكون مُضْغَة مِثْل ذَلِك، ثمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ، فينفخ فِيهِ الرّوح، وَيُؤمر بِأَرْبَع كَلِمَات، بكتب أَجله، وَعَمله، ورزقه، وشقي أم سعيد، فوالذي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة، حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع، فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب، فَيعْمل بِعَمَل أهل النَّار فيدخلها، وَإِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل النَّار، حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع، فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب، فَيعْمل بِعَمَل أهل الْجنَّة فيدخلها» .
وَذكر الرافعيُّ فِي أَوَائِل الْبَاب أَن: «رجعتك» و «أرجعتك» و «ارتجعتك» سَوَاء صَرِيح، لوُرُود الْأَخْبَار والْآثَار بهَا، وَقد سلف لَك حَدِيث ابْن عمر:(مُرْهُ فليراجِعْها) .
وحديثُ ركَانَة: (ارْتَجِعْهَا) .
هَذَا آخر مَا ذكر فِيهِ من الْأَحَادِيث.
وَأما الْآثَار فاثنان:
وَهَذَا الْأَثر حسن، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه، وَالْبَيْهَقِيّ،
ولَفْظُ الْبَيْهَقِيّ قريبٌ من لفظ الرافعيِّ، فَإِن لَفظه: عَن ابْن سِيرِين: «أَن عمرَان بن حُصَيْن سُئِلَ عَن رجلٍ طلق امْرَأَته وَلم يُشْهِدْ، وراجع وَلم يُشْهِدْ، قَالَ عمرَان: طَلَّقَ فِي غير عدَّة، ورَاجَعَ فِي غير سُنَّة، فلِيُشْهِد الْآن» .
وَلَفظ أبي دَاوُد: «أَن عمرَان سُئِلَ عَن الرجل يُطلق امْرَأَته، ثمَّ يَقع بهَا، وَلم يُشْهِدْ عَلَى طَلاقهَا وَلَا عَلَى رَجعتهَا، (فَقَالَ) : طَلَّقْتَ لغير سُنَّةٍ، وراجعت لغير سنة، أشهد عَلَى طَلاقهَا وَعَلَى رَجعتهَا، وَلَا تَعُدْ» . وَلَفظ ابْن مَاجَه كَلَفْظِ أبي دَاوُد، إِلَّا أَنه لم يَقُلْ «وَلَا تَعُدْ» .
وَفِي رِوَايَة للطبراني فِي «أكبر معاجمه» : « (وليْستَغْفر) اللَّه» . وَفِي رِوَايَة لَهُ: «اتَّقِ (اللَّهَ وَأشْهد) » .
الْأَثر الثانى: عَن عُثْمَان رضي الله عنه: «أَنه أُتي بِامْرَأَة وَلَدَتْ لسِتَّة أشهر، فَشَاور الْقَوْم فِي رَجمهَا، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أنزل الله: (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا) ، (وَأنزل (وفصاله فِي عَاميْنِ) وَإِذا كَانَ الْحمل والفصال ثَلَاثُونَ شهرا) والفصال فِي عَاميْنِ، كَانَ أقل الْحمل سِتَّة أشهر» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» (مفصلا)، أَنه بلغه:
هَكَذَا فِي «الْمُوَطَّأ» أَن المناظِرَ فِي ذَلِك عليٌّ لَا ابْنُ عَبَّاس، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: فَرجع عُثْمَان ومَنْ حضر إِلَى قَوْله: فَصَارَ إِجْمَاعًا، وَرَوَاهُ ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو عبيد مولَى عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر: (أَن عُثْمَان بن عَفَّان خَرَجَ يَوْمًا فصلىَّ الصَّلَاة، ثمَّ جلس عَلَى الْمِنْبَر، فَأَثْنَى عَلَى الله بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثمَّ قَالَ: أما بعد: فَإِن هَاهُنَا امْرَأَة إخالها قد جَاءَت بشيءٍ، ولدتْ فِي سِتَّة أشهر، فَمَا ترَوْنَ فِيهَا؟ ، فناداه ابْنُ عَبَّاس فَقَالَ: إِن الله قَالَ: (وَوَصينَا الإنسانَ (إِلَى قَوْله: (ثَلَاثُونَ شهرا)، وَقَالَ:(والوالدات يُرْضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين» ) الآيةَ، فَأَقل الْحمل سِتَّة أشهر، فَتَركهَا عُثْمَان، وَلم يرجمها» .
وَهَذَا مُطَابق لرِوَايَة الرَّافِعِيّ، إسنادها صَحِيح، وَفِي «الاستذكار» لِابْنِ عبد الْبر:«أَن ابْن عَبَّاس أنكر عَلَى عمر» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم عَلَى نمط آخر، عَن الْأَصَم، حَدثنَا يَحْيَى بن أبي
طَالب، نَا أَبُو بدر (شُجَاع) بن الْوَلِيد، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن دَاوُد بن [أبي] القصاب، عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود الديلِي:«أَن عمر رضي الله عنه أُتي بِامْرَأَة [قد ولدتْ] لسِتَّة أشهر، فَهَمَّ برجمها، فَبلغ ذَلِك عليًَّا، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهَا رجم، فَبلغ ذَلِك عُمَرَ، فَأرْسل إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: (والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين لمَنْ أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة) ، وَقَالَ: (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا) ، فستة أشهر: حمله، وحولين: تمامٌ، لَا حدَّ عَلَيْهَا - أَو قَالَ: لَا رجم عَلَيْهَا - قَالَ: فخلى عَنْهَا: (ثمَّ ولدتْ» .
وَكَذَا رَوَاهُ الحسنُ عَن عُمَرَ موصلًا.
كَمَا رَوَاهُ أَبُو الْأسود (و) فِي «مُسْتَدْرك الْحَاكِم» من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: «إِذا حملتْهُ تسعةَ أشهر أرضعَتْهُ وَاحِدًا وَعشْرين شهرا، وَإِذا حملَتْه سِتَّة أشهر: أرضعتْه أَرْبَعَة وَعشْرين شهرا، ثمَّ تلى: (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا) » .
ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد.