الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَزاهُ إِلَى يَحْيَى بن سعيد، فاجْتَنِبْهُ، وَقَالَ فِيهِ الرزاي: مُنكر الحَدِيث. فَأَما ابْن حبَان: فَذكره فِي «الثِّقَات» من أَتبَاع التَّابِعين، رَوَى عَنهُ: ابْنُ جريج والثوريُّ وعاصمُ النَّبِيل.
الحَدِيث الثَّانِي و [الْعشْرُونَ]
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الشَّافِعِي، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمْ» .
رَوَاهُ الشَّافِعِي من رِوَايَة عبد الله بن عليّ بن السَّائِب، عَن نَافِع بن عجير بن عَبْد يزِيد (أَن ركَانَة بن عَبْد يزِيد طلَّق امْرَأَته سهيمة الْبَتَّةَ، ثمَّ أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي طلقتُ امْرَأَتي سهمية الْبَتَّةَ؛ [و] واللَّهِ مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة [فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لركانة: وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة؟ فَقَالَ ركَانَة: وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة] ، فردَّها إِلَيْهِ، وَطَلقهَا
الثانيةَ فِي زمن عمر، وَالثَّالِثَة فِي زمن عُثْمَان) .
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة عبد الله بن يزِيد بن ركَانَة، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ:«أتيتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يَا رَسُول الله إِنِّي طلقت امْرَأَتي الْبَتَّةَ، فَقَالَ: مَا أردتَ [بهَا] ؟ قلت: وَاحِدَة، قَالَ: واللَّهِ؟ ، قلت: واللًَّهِ، قَالَ: فَهُوَ مَا أردتَ» .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة نَافِع بن عجير بن عَبْد يزِيد بن ركَانَة «أَن ركَانَة بن عَبْد يزِيد طلق امْرَأَته سهيمة الْبَتَّةَ فَأخْبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بذلك وَقَالَ: واللَّهِ مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة [فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة؟] فَقَالَ ركَانَة: واللَّهِ مَا أردتُ إِلَّا وَاحِدَة، فردَّها إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَطلقهَا الثَّانِيَة فِي زمَان عمر، وَالثَّالِثَة فِي زمَان عُثْمَان» .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا من رِوَايَة عبد الله بن عَلّي بن يزِيد بن ركَانَة، عَن أَبِيه، عَن جده:«أَنه طلق امْرَأَته الْبَتَّةَ، فَأَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا أردتَ؟ قَالَ: وَاحِدَة. قَالَ: اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. قَالَ: هُوَ عَلَى مَا أردتَ» .
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا أصح من حَدِيث ابْن جريج: «أَن ركَانَة طلق امْرَأَته ثَلَاثًا» ؛ لأَنهم أهل بَيته وهُمْ أعلم بِهِ، وَحَدِيث ابْن جريج [رَوَاهُ] عَن بعض بني [أبي] رَافع، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة عبد الله بن عَلّي بن يزِيد بن ركَانَة،
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
وَقَالَ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» : سمعتُ أَبَا الْحسن عَلّي بن مُحَمَّد الطنافسي يَقُول: مَا أشرف هَذَا الحَدِيث! .
وَأخرجه ابْن [حبَان] فِي «صَحِيحه» من رِوَايَة عبد الله [بن عَلّي] بن يزِيد بن ركَانَة، كَمَا سَاقه أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَته الثَّانِيَة.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» كَمَا سَاقه ابْنُ حبَان سندًا ومتنًا، ثمَّ قَالَ: قد انحرف الشَّيْخَانِ - يَعْنِي: البخاريَّ وَمُسلمًا - عنِ الزبير بن سعيد الْهَاشِمِي - يَعْنِي: الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده -، غير أَن لهَذَا الحَدِيث مُتَابَعًا من بنت رُكانة بن [عبد] يزِيد المطلبي، فَيصح بِهِ الحَدِيث، ثمَّ رَوَاهُ عَن الْأَصَم، عَن الرّبيع، عَن الشَّافِعِي، عَن عَمه مُحَمَّد بن عَلّي بن شَافِع، عَن نَافِع بن عجير بن عَبْد يزِيد «أَن ركَانَة بن عَبْد يزِيد طلَّق امْرَأَته سهيمة الْبَتَّةَ» .
ثمَّ سَاقه بِلَفْظ أبي دَاوُد فِي الرِّوَايَة الأولَى، ثمَّ قَالَ الْحَاكِم: قد صَحَّ الحَدِيث بِهَذِهِ الرِّوَايَة، فَإِن الإِمَام الشَّافِعِي قد أتقنه وَحفظه عَن أهل بَيته، والسائب بن عَبْد [يزِيد أَب الشافع بن السَّائِب وَهُوَ أَخ ركَانَة
بن عبد يزِيد] وَمُحَمّد بن عَلّي بن شَافِع عَم الشَّافِعِي: شيخُ قُرَيْش فِي عصره.
وَأخرجه الْحَاكِم أَيْضا فِي كتاب «عُلُوم الحَدِيث» بِلَفْظ أبي دَاوُد الثَّانِي، ثمَّ قَالَ: رُوَاة هَذَا الحَدِيث عَن آخِرهم قرشيون، وَأما التِّرْمِذِيّ فَقَالَ: هَذَا حَدِيث لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَسَأَلت مُحَمَّدًا - يَعْنِي: البخاريَّ - عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: إِنَّه مُضْطَرب؛ (حَيْثُ رُوي تَارَة أَنه طَلقهَا ثَلَاثًا، وَتارَة وَاحِدَة، وَتارَة الْبَتَّةَ وَهُوَ أصحُّها، والثلاثُ ذكرت فِيهِ عَلَى الْمَعْنى) ، وَقَالَ الإِمَام أَحْمد كَمَا نَقله ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» ، وَعلله:[حَدِيث] ركَانَة لَيْسَ بِشَيْء، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: طرقه ضَعِيفَة، وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي «حَوَاشِيه» : فِي تَصْحِيح أبي دَاوُد لهَذَا الحَدِيث نَظَرٌ؛ فقد ضعفه الإِمَام أَحْمد، وَهُوَ مُضْطَرب إِسْنَادًا ومتنًا؛ لِأَن فِي إِسْنَاده الزبير بن سعيد الْهَاشِمِي الْمدنِي: وَقد ضعفه غيرُ واحدٍ. قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيف. وَكَذَلِكَ قَالَ عَلّي
بن الْمَدِينِيّ وزَكَرِيا [السَّاجِي] وَالنَّسَائِيّ. وَقَالَ يَحْيَى مَرَّةً: ثِقَة. وَقَالَ الْعقيلِيّ الْحَافِظ: هَذَا حَدِيث لَا يُتابع عَلَيْهِ وَلَا يُعرف إِلَّا بِهِ، وَقَالَ فِي تَرْجَمَة عبد الله بن عَلّي بن يزِيد بن ركَانَة: إِسْنَاده مُضْطَرب وَلَا يُتابع عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ: إِسْنَاده مُخْتَلف فِيهِ. وَقَالَ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» : فِي إِسْنَاده عبد الله بن عَلّي بن السَّائِب، عَن نَافِع بن عجير، عَن ركَانَة، وَالزبير بن سعيد، عَن عبد الله بن عَلّي بن عَبْد يزِيد بن ركَانَة، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: وَكلهمْ ضَعِيف، الزبير أَضْعَفُهُمْ.
قَالَ البُخَارِيّ: عَلّي بن يزِيد بن ركَانَة، عَن أَبِيه: لم يَصح حَدِيثه، وَقَالَ ابْن عبد الْبر فِي «تمهيده» : هَذَا الحَدِيث ضعَّفوه.
قلت: وَلِهَذَا الحَدِيث طَرِيق آخر، رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي أَوَاخِر كتاب التَّفْسِير مِنْهُ، من حَدِيث ابْن عَبَّاس:[قَالَ: طلق عبد يزِيد أَبُو ركَانَة أم ركَانَة ثمَّ نكح امْرَأَة من مزينة فَجَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم] فَقَالَت: يَا رَسُول الله: مَا تغني عني هَذِه الشعرة، لشعرةٍ أَخَذتهَا من رَأسهَا، فَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَمِيَّةٌ عِنْد ذَلِك، فَدَعَا ركَانَة وإخوتَه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعَبْدِ يزِيد: طلِّقْها، فَفعل، فَقَالَ لأبي ركَانَة:
ارتجِعْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُول الله: إِنِّي طَلقتهَا، قَالَ: قد علمتُ ذَلِك، فارتجِعْهَا، فَنزلت (يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن) .
ثمَّ قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
قلت: فِيهِ نظر، لأجْل مُحَمَّد بن [عبيد الله] بن أبي رَافع الواهي، قَالَ الذَّهَبِيّ: فَالْخَبَر خطأ، عَبْدُ يزِيد لم يدْرك الْإِسْلَام.
قلت: وَرُوِيَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا عَلَى نمطٍ آخر، رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» من حَدِيث: ابْن إِسْحَاق، ثَنَا دَاوُد بن الْحصين، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«طلق ركانةُ بْنُ [عبد] يزِيد امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مجْلِس وَاحِد، فَحزن عَلَيْهَا حزنا شَدِيدا، فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَيفَ طلقْتَها؟ قَالَ: طلقتُهَا ثَلَاثًا. قَالَ: فِي مجلسٍ واحدٍ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: [فَإِنَّمَا تِلْكَ] وَاحِدَة؛ فارتجِعْهَا إِن شئتَ، فرجعها» .
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : هَذَا حَدِيث لَا يَصح، ابْن إِسْحَاق مَجْرُوح، وَدَاوُد أشدُّ مِنْهُ ضعفا، قَالَ: والْحَدِيث الأوَّل أقرب، وَكَأن هَذَا من غلط الروَاة.
فَائِدَة: رُكَانة بِضَم الرَّاء الْمُهْملَة، وبالنون بعد الإلِف، وَهُوَ مَأْخُوذ من الْوَقار بِمَعْنى السَّكِيْنَة، يُقَال مِنْهُ رُكن - بِالضَّمِّ - ركَانَة فَهُوَ ركينٌ، و