الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَضَى بِالدِّيَةِ اثْنَا عشر ألفا وَكَانَت الدَّرَاهِم يَوْمئِذٍ (وزن) سِتَّة» . قَالَ الشَّافِعِي: رَوَى عَطاء وَمَكْحُول وَعَمْرو بن شُعَيْب وعدة من أهل الْحجاز «أَن عمر فرض الدِّيَة (اثْنَي) عشر ألف دِرْهَم» (وَلم أعلم) أحدا بالحجاز خَالفه فِيهِ بالحجاز وَلَا عَن عُثْمَان، وَمِمَّنْ قَالَ الدِّيَة اثْنَا عشر ألف دِرْهَم: ابْن عَبَّاس، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَعَائِشَة رضي الله عنهم. وَلَقَد رَوَاهُ عِكْرِمَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم:«أَنه قَضَى فِي الدِّيَة اثْنَي عشر ألف دِرْهَم» . قَالَ الشَّافِعِي: فَقلت لمُحَمد بن الْحسن: أفتقول إِن الدِّيَة اثْنَا عشر ألف دِرْهَم (وزن) سِتَّة؟ فَقَالَ: لَا. فَقلت: فَمن أَيْن زعمت أَنَّك عَن عمر (قلتهَا) وَأَن عمر قَضَى بهَا بِشَيْء لَا تقضي بِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: الرِّوَايَة عَن عمر هَذِه مُنْقَطِعَة، وَكَذَلِكَ عَن عُثْمَان، وَحَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب - يَعْنِي فِي ذَلِك - قد رُوِيَ مَوْصُولا وَمَعَهُ حَدِيث ابْن عَبَّاس.
الحَدِيث الثَّالِث وَالرَّابِع عشر
«أنَّه صلى الله عليه وسلم قضي فِي الدِّيَة بِأَلف دِينَار، أَو (اثْنَي) عشر (ألف دِرْهَم) » . وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: «أَن رجلا قتل عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجعل دِيَته (اثْنَي) عشر ألف دِرْهَم» .
أما الحَدِيث الأول، فقد سلف فِي حَدِيث عَمْرو بن حزم الطَّوِيل أَنه عليه السلام قَالَ:«وَعَلَى أهل الذَّهَب ألف دِينَار) وَأما قَضَاؤُهُ بِاثْنَيْ عشر ألف دِرْهَم فَهُوَ (غير) حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور بعده. وَأما الحَدِيث الثَّانِي؛ فَأخْرجهُ «أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة» من حَدِيث عِكْرِمَة، عَنهُ، قَالَ:«قتل رجل عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم دِيَته (اثْنَي) عشر ألفا» زَاد التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فِي إِحْدَى روايتيه: (وَذَلِكَ قَوْله: (وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله) فِي أَخذ الدِّيَة» . وَفِي أبي دَاوُد: «أَن ذَلِك الرجل من بني عدي» . قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة، عَن (عَمْرو) عَن عِكْرِمَة لم يذكر ابْن عَبَّاس. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ - بعد أَن رَوَاهُ (من حَدِيث) مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة، وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بِدُونِ ابْن عَبَّاس -: لَا نعلم أحدا يذكر فِي هَذَا الحَدِيث، عَن ابْن عَبَّاس غير مُحَمَّد بن مُسلم. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» :
سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: الْمُرْسل أصح.
قلت: وَمُحَمّد هَذَا هُوَ الطَّائِفِي فِيهِ لين، وَقد وثق. قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي «مُخْتَصر السّنَن» : أخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي الْمُتَابَعَة وَمُسلم فِي الاستشهاد. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: لَهُ فِي مُسلم فَرد حَدِيث وَاحِد. وَقَالَ شَيخنَا قطب الدَّين عبد الْكَرِيم: احْتج بِهِ مُسلم. وَقَالَ يَحْيَى بن معِين: ثِقَة. وَقَالَ مرّة: إِذا حدث من حفظه يُخطئ، وَإِذا حدث من كِتَابه فَلَيْسَ بِهِ بَأْس. وضعَّفه أَحْمد (جدًّا) . وَقَالَ النَّسَائِيّ: إِنَّه لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي (هَذَا الحَدِيث وَهَذَا) الحَدِيث خطأ، وَالصَّوَاب عَن عِكْرِمَة مُرْسل. وَكَذَا قَالَ عبد الْحق: إِن الْمُرْسل أصح. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن مَيْمُون، عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، عَن عِكْرِمَة. قَالَ:(سمعناه مرّة) يَقُول، عَن ابْن عَبَّاس «أَنه عليه السلام قَضَى بِاثْنَيْ عشر ألفا فِي الدِّيَة» ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد بن مَيْمُون لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَالصَّوَاب عَن عِكْرِمَة مُرْسل. وَقَالَ ابْن معِين: ابْن عُيَيْنَة أثبت من الطَّائِفِي فِي عَمْرو بن دِينَار وأوثق مِنْهُ. وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» عَن أبي مُحَمَّد بن صاعد، عَن مُحَمَّد بن مَيْمُون، وَقَالَ فِيهِ: عَن ابْن عَبَّاس. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قَالَ مُحَمَّد
بن مَيْمُون، وَإِنَّمَا قَالَ لنا فِيهِ: عَن ابْن عَبَّاس مرّة وَاحِدَة، وَأكْثر ذَلِك كَانَ يَقُول: عَن عِكْرِمَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَذكره الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث الطَّائِفِي مَوْصُولا وَقَالَ: وَرَوَاهُ أَيْضا عَن سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار مَوْصُولا.
قلت: وَمُحَمّد بن مَيْمُون هَذَا هُوَ أَبُو عبد الله الْمَكِّيّ الْخياط الْبَزَّاز رَوَى عَنهُ سُفْيَان الثَّوْريّ، وَخرج لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ: صَالح. وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَقَالَ: رُبمَا وهم. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: كَانَ أميًّا مغفلاً، رَوَى عَن شُعْبَة حَدِيثا بَاطِلا، وَمَا أبعد أَن يكون وضع لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ أميًّا. وَأما ابْن الْجَوْزِيّ فَذكر حَدِيث ابْن (مُسلم) هَذَا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، ثمَّ قَالَ: إِن قيل رَوَاهُ سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن عِكْرِمَة مُرْسلا، وَلم يذكر ابْن عَبَّاس غير (مُحَمَّد) بن مُسلم، وَقد ضعَّفه أَحْمد. قُلْنَا: قد قَالَ يَحْيَى: هُوَ ثِقَة. وَالرَّفْع زِيَادَة. قَالَ: ثمَّ قد رُوِيَ من غير طَرِيقه. ثمَّ سَاقه من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ السالفة الَّتِي فِي إسنادها مُحَمَّد بن مَيْمُون وَهَذَا عَجِيب مِنْهُ؛ فقد ذكر هُوَ فِي كِتَابه مُحَمَّد بن مُسلم وَمُحَمّد بن مَيْمُون وَقد قررهم فِي خطْبَة «ضُعَفَائِهِ» بِغَيْر تَقْدِيم الْجرْح عَلَى
التَّعْدِيل. وَأما ابْن حزم فَذكره فِي «محلاه» من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن مُحَمَّد بن مُسلم، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:«أَنه قَضَى بِالدِّيَةِ اثْنَي عشر ألف دِرْهَم» . (ثمَّ) قَالَ: مُحَمَّد هَذَا سَاقِط لَا يحْتَج بحَديثه. ثمَّ ذكره من طَرِيق ابْن عُيينة السالفة، عَن النَّسَائِيّ، ثمَّ قَالَ: وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ؛ لِأَن قَوْله فِي الْخَبَر الْمَذْكُور «يَعْنِي فِي الدِّيَة» لَيْسَ من كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَا فِي الْخَبَر بَيَان أَنه من قَول ابْن عَبَّاس، فالقطع أَنه قَوْله حكم بِالظَّنِّ، فَإِن كَانَ من قَول من دون ابْن عَبَّاس فَلَا حجَّة فِيهِ، وَقد يقْضِي عليه السلام بِاثْنَيْ عشر (ألفا) فِي دين أَو فِي دِيَته بتراضي الْغَارِم والمقضي لَهُ (فَإِذا) لَيْسَ فِي الْخَبَر بَيَان أَنه قَضَى فِيهِ عليه السلام بِأَن الدِّيَة اثْنَا عشر ألف دِرْهَم، وَالَّذِي رَوَاهُ مشاهير أَصْحَاب ابْن عُيَيْنَة عَنهُ فِي هَذَا الْخَبَر فَإِنَّمَا هُوَ عَن عِكْرِمَة لم يذكر فِيهِ ابْن عَبَّاس، كَمَا روينَا من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة قَالَ:«قتل مولَى لبني عدي بن كَعْب رجلا من الْأَنْصَار، فَقَضَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي دِيَته بِاثْنَيْ عشر (ألفا) » والمرسل لَا تقوم بِهِ حجَّة. هَذَا آخر كَلَامه.
وَقَوله فِي الطَّائِفِي: «إِنَّه سَاقِط وَإنَّهُ لَا يحْتَج بحَديثه» لَيْسَ بجيد