الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فَقَالَ جَعْفَر: أَنا أَحَق بهَا وَإِن خَالَتهَا عِنْدِي. فَقَالَ عليه السلام: أما الْجَارِيَة فأقضي بهَا لجَعْفَر وَإِن خَالَتهَا عِنْده، وَإِنَّمَا الْخَالَة أم» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن نَافِع بن عجير، عَن أَبِيه، عَن عَلّي. فاضطرب إِسْنَاده كَمَا ترَى.
الحَدِيث الْخَامِس
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خيَّرَ غُلامًا بَين أَبِيه وَأمه» . وَعنهُ: «أَنه اخْتصم رجل وَامْرَأَة فِي (وَلَده مِنْهَا) إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَت الْمَرْأَة: يَا رَسُول الله، إِن ابْني هَذَا قد نَفَعَنِي وسقاني من بِئْر أبي عنبة، وَإِن أَبَاهُ يُرِيد أَن يَأْخُذهُ مني. فَقَالَ الْأَب: لَا أحد يحاقني فِي ابْني. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا غُلَام، هَذِه أمك وَهَذَا أَبوك، فَاتبع أَيهمَا شِئْت. فَاتبع أمه» . وَيروَى «أَن رجلا وَامْرَأَة أَتَيَا أَبَا هُرَيْرَة يختصمان فِي ابْن لَهما، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: لأقضين بَيْنكُمَا بِمَا شهِدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْضِي بِهِ، يَا غُلَام، هَذَا أَبوك وَهَذِه أمك، فاختر أَيهمَا شِئْت» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الأول أَحْمد وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، عَن أَبِيه، عَن
أبي هُرَيْرَة وَقَالَ: حسن. وَنقل ابْن عَسَاكِر فِي «أَطْرَافه» عَنهُ تَصْحِيحه وَتَبعهُ صَاحب (الْمُنْتَقَى) نعم صَححهُ ابْن حبَان فَإِنَّهُ أخرجه فِي «صَحِيحه» من حَدِيث هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، وَأَيْضًا عَن أبي مَيْمُونَة «أَنه شهد أَبَا هُرَيْرَة خير غُلَاما بَين أَبِيه وَأمه، وَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خير غُلَاما بَين أَبَوَيْهِ» . وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ الثَّانِي من حَدِيث هِلَال بن أبي مَيْمُونَة - وَقيل: أُسَامَة - أَن أَبَا مَيْمُونَة سليما - من أهل الْمَدِينَة رجل صدق - قَالَ: «بَيْنَمَا أَنا جَالس مَعَ أبي هُرَيْرَة جَاءَتْهُ امْرَأَة فارسية مَعهَا ابْن لَهَا وَقد طَلقهَا زَوجهَا فادعياه، فَقَالَت: يَا أَبَا هُرَيْرَة - رطنت بِالْفَارِسِيَّةِ - زَوجي يُرِيد أَن يذهب بِابْني. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: اسْتهمَا عَلَيْهِ - رطن لَهَا بذلك - فجَاء زَوجهَا فَقَالَ: من يحاقني فِي وَلَدي؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: اللَّهُمَّ إِنِّي (لأقول هَذَا لِأَنِّي) سَمِعت امْرَأَة جَاءَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا قَاعد عِنْده فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن زَوجي يُرِيد أَن يذهب بِابْني، وَقد سقاني من بِئْر أبي عنبة وَقد نَفَعَنِي. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اسْتهمَا عَلَيْهِ. فجَاء زَوجهَا فَقَالَ: من يحاقني فِي وَلَدي؟ فَقَالَ عليه السلام: هَذَا أَبوك وَهَذِه أمك. (فَأخذ بيد) أمه فَانْطَلَقت بِهِ» . وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ بِنَحْوِهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي كتاب الْأَحْكَام فِي «مُسْتَدْركه» بِلَفْظ أبي دَاوُد، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح
الْإِسْنَاد. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» أَيْضا بِلَفْظ أبي دَاوُد (رَوَاهُ) مُخْتَصرا أَيْضا. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي «مُسْنده» أَيْضا، عَن وَكِيع، عَن ابْن الْمُبَارك، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي مَيْمُونَة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ:«جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عليه السلام: اسْتهمَا (فِيهِ) (وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تخير أَيهمَا شِئْت. قَالَ: فَاخْتَارَ أمه فَذَهَبت بِهِ» ) .
وَلما أخرجه ابْن حزم فِي «محلاه» عَنهُ أعله بِأبي مَيْمُونَة هَذَا، فَقَالَ: أَبُو مَيْمُونَة هَذَا مَجْهُول لَيْسَ هُوَ وَالِد هِلَال الَّذِي رَوَى عَنهُ.
قلت: هُوَ سليم كَمَا سلف فِي رِوَايَة أبي دَاوُد، وَكَذَا سَمَّاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا بعد إِيرَاده الحَدِيث، وَكَذَا سَمَّاهُ البُخَارِيّ، قَالَ ابْن عَسَاكِر: وَيُقَال: «سلمَان» رَوَى عَن جمَاعَة، وَعنهُ جمَاعَة، وَوَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَالنَّسَائِيّ، وَالصَّحِيح أَنه لَيْسَ بوالد هِلَال. وَقَالَ عبد الْحق: يرويهِ هِلَال بن أُسَامَة، عَن أبي مَيْمُونَة سلْمَى - من أهل الْمَدِينَة رجل صدق - عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ ابْن الْقطَّان: لَا يفهم من هَذَا الْكَلَام تَصْحِيح
الحَدِيث وَلَا (توهِينه) وَذَلِكَ أَن أَبَا مَيْمُونَة هَذَا إِن لم يكن رَوَى عَنهُ غير هِلَال بن أُسَامَة (فَيَنْبَغِي أَن يكون عَلَى مذْهبه مَجْهُولا، وَلَا يَنْفَعهُ قَول هِلَال بن أُسَامَة فِيهِ: رجل صدق. وَإِن كَانَ لَا يعرف، وَأَيْضًا إِنَّه لم يثن عَلَيْهِ إِلَّا بالصلاح وَذَلِكَ لَا يقْضِي لَهُ بالثقة وَلَا بِالصّدقِ الَّذِي نبتغيه فِي الرِّوَايَة، قيل: لم نر الصَّالِحين فِي شَيْء أكذب مِنْهُم فِي الحَدِيث. فَأَما هِلَال بن أُسَامَة) فقد كنى من حَدثهُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور أَبَا مَيْمُونَة وَسَماهُ «سلْمَى» ، وَذكر أَنه مولَى من أهل الْمَدِينَة وَوَصفه بِأَنَّهُ رجل صدق، وَهَذَا الْقدر كَاف فِي الرَّاوِي مَا لم يتَبَيَّن خِلَافه، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قد رَوَى عَن أبي مَيْمُونَة الْمَذْكُور أَبُو النَّضر، قَالَه أَبُو حَاتِم، (ثمَّ) رَوَى عَنهُ يَحْيَى بن أبي كثير هَذَا الحَدِيث نَفسه، ثمَّ سَاق الحَدِيث من «مُسْند ابْن أبي شيبَة» ثمَّ قَالَ: فجَاء من هَذَا جودة هَذَا الحَدِيث وَصِحَّته، وَلَعَلَّه مَقْصُود (عبد الْحق) .
فَائِدَة: قَوْلهَا: «نَفَعَنِي وسقاني» مَعْنَاهُ بلغ حدًّا (لينْتَفع بِهِ بِحمْل) مَاء أَو مَتَاع. كَمَا نبه عَلَيْهِ الرَّافِعِيّ، والبئر الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث عَلَى ميلين من الْمَدِينَة كَذَا ذكره أَبُو عبيد الْبكْرِيّ. قَالَ: وَهِي مَعْرُوفَة ولفظها عَلَى لفظ الْمَأْكُول.
والرطانة - بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا -: الْكَلَام بالأعجمية.
والاستهام: المقارعة.
ويحاقني: أَي يُنَازعنِي فِي حَقي مِنْهُ.
تَنْبِيه: قيل هَذَا فِي الْغُلَام الَّذِي عقل وَاسْتَغْنَى عَن الْحَضَانَة، فَإِذا كَانَ كَذَلِك خير بَين وَالِديهِ، وللعلماء خلاف فِي ذَلِك. (قَالَ) الْخطابِيّ: وَإِن صَحَّ الحَدِيث فَلَا مَذْهَب عَنهُ. قلت: قد صُحح كَمَا سلف. هَذَا آخر مَا ذكر (فِيهِ) من الْأَحَادِيث.
وَأما الأثران، (أَحدهمَا) :«أَن عمر رضي الله عنه خيَّر غُلَاما بَين أَبَوَيْهِ» وَهَذَا الْأَثر ذكره الشَّافِعِي فِي «الْمُخْتَصر» (بِغَيْر) إِسْنَاد فَقَالَ: جَاءَ عَن عمر رضي الله عنه «أَنه خيرَّ غُلَاما بَين أَبَوَيْهِ» . وأسنده فِي الْقَدِيم عَلَى مَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» عَنهُ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن يزِيد بن يزِيد بن جَابر، عَن إِسْمَاعِيل بن (عبيد الله) بن أبي المُهَاجر، عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم «أَن عمر بن الْخطاب خير غُلَاما بَين أَبِيه وَأمه» .
الْأَثر الثَّانِي: عَن عمَارَة الْجرْمِي قَالَ: «خيرَّني عَليّ رضي الله عنه بَين أُمِّي وَعمي وَأَنا ابْن سبع سِنِين أَو ثَمَان» .
هَذَا الْأَثر ذكره الشَّافِعِي فِي «الْمُخْتَصر» بِغَيْر إِسْنَاد فَقَالَ: وَعَن عمَارَة قَالَ: «خيرَّني عَليّ بَين أُمِّي وَعمي، ثمَّ قَالَ لأخ أَصْغَر مني: وَهَذَا أَيْضا لَو قد بلغ خيرته» وَقَالَ فِي الحَدِيث: «وَكنت ابْن سبع سِنِين أَو ثَمَان
سِنِين» وَذكره فِي «الْأُم» مُسْندًا من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن يُونُس بن عبد الله الْجرْمِي، عَن عمَارَة الْجرْمِي قَالَ:«خيرَّني عَلّي بَين أُمِّي وَعمي، وَقَالَ لأخ لي أَصْغَر مني: وَهَذَا لَو بلغ مبلغ هَذَا خيرته» . وَذكره الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من هَذَا الْوَجْه، ثمَّ قَالَ الشَّافِعِي: قَالَ إِبْرَاهِيم، عَن يُونُس، عَن عمَارَة، عَن عَلّي، مثله وَقَالَ فِي الحَدِيث:«وَكنت ابْن سبع سِنِين أَو ثَمَان» .
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، عَن يُونُس بن عبد الله، عَن عمَارَة، وَذكر نَحوه، وَفِيه:«وَقَالَ لأخ لي أَصْغَر مني: وَهَذَا لَو بلغ لخيرته» . قَالَ إِبْرَاهِيم: وَفِي الحَدِيث: «وَكنت ابْن سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين» . وَفِي «علل ابْن أبي حَاتِم» : سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث حَيْثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن شُعْبَة، عَن يُونُس الْجرْمِي، عَن عَلّي بن ربيعَة، قَالَ: «شهِدت عليًّا
…
» فَذكر الحَدِيث، فَقَالَ: هَذَا خطأ إِنَّمَا هُوَ (عَن) يُونُس الْجرْمِي، عَن عمَارَة، عَن عَليَّ. قلت لأبي: الْخَطَأ من أبي دَاوُد أَو من شُعْبَة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. وَكَانَ أَكثر خطأ شُعْبَة فِي أَسمَاء الرِّجَال.