الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: قد رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث عبد الله بن بكر السَّهْمِي: ثَنَا سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أبي الْمليح عَن أَبِيه:«أَن رجلا من قومه أعتق شِقْصا لَهُ [من] مَمْلُوك، فَرفع ذَلِك [إِلَى] النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَجعل عَلَيْهِ خُلَاصَة فِي مَاله [و] قَالَ: لَيْسَ لله شريك» .
فَهَذَا عبد الله بن بكر رَوَاهُ عَن سعيد، وَقَالَ فِيهِ عَن أَبِيه:«أَن رجلا من هُذَيْل أعتق سقصًا لَهُ من مَمْلُوك، فَقَالَ عليه السلام: هُوَ حر كُله، لَيْسَ لله شريك» .
الحَدِيث الثَّامِن عشر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا طَلَاق إِلَّا بعد نِكَاح، وَلَا عِتْق إِلَّا بعد مِلْك» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من عدَّة طرق:
مِنْهَا: طَرِيق جَابر رضي الله عنه: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا طَلَاق لمَنْ لَا يملك، وَلَا عتاق لمَنْ لَا يملك» .
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من هَذَا الْوَجْه، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، قَالَ: وَشَاهده الْمَشْهُور فِي الْبَاب: عَن عَمرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا طَلَاق قَبْل نِكَاح» .
وَفِي حَدِيث هشيم: «لَا نَذْرَ لابْنِ آدم فِيمَا لَا يملك، وَلَا طَلَاق فِيمَا لَا يملك، وَلَا عتاق فِيمَا لَا يملك» .
ثمَّ أسْند الحاكمُ من طَرِيق ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: «مَا قَالَهَا ابْن مَسْعُود، وَإِن يكن قَالَهَا [فَزَلّةٌٌ] من عالمٍ، فِي الرجل يَقُول: إِن تزوجتُ فُلَانَة فَهِيَ طالقٌ، فَقَالَ تَعَالَى: (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن) وَلم يقل: إِذا طلّقْتُم الْمُؤْمِنَات ثمَّ نكحتموهن» .
ثمَّ قَالَ - أَعنِي: الْحَاكِم -: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، هَذَا آخر مَا ذكره هِشَام، ثمَّ أعَاد قَول ابْن عَبَّاس فِي أثْنَاء كتاب التَّفْسِير، فِي سُورَة الْأَحْزَاب لَكِن بِلَفْظ آخر وَهُوَ:«أَن ابْن عَبَّاس تلى قَوْله تَعَالَى: (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ) : فَلَا يكون طَلَاق حَتَّى يكون نِكَاح» .
ثمَّ قَالَ: حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، قَالَ الْحَاكِم: أَنا متعجبٌ من الشَّيْخَيْنِ والإمامين - يعْنى: البُخَارِيّ وَمُسلمًا -، كَيفَ أهملا هَذَا الحَدِيث وَلم يخرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ؟ ! ، فقد صَحَّ عَلَى شَرطهمَا: حديثُ ابْنِ عُمر، وعائشةَ، وعَبْدِ الله بن عَبَّاس، ومعاذِ بن جبل، وجابرِ بْنِ عبد الله.
أما حَدِيث ابْن عمر: فَرَوَاهُ نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا:«لَا [طَلَاق إِلَّا] بعد نِكَاح» .
قلت: وَنقل الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» عَن صاعد أَنه قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا أعرف لَهُ عِلّة.
وَأما حَدِيث عَائِشَة: فَرَوَاهُ عُرْوَة عَنْهَا مَرْفُوعا بِهِ وَزِيَادَة: «وَلَا عتق إِلَّا بَعْدَ مِلْك» .
قلت: قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَنهُ، فَقَالَ: حَدِيث مُنكر، وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ:«لَا طَلَاق قبل نِكَاح، وَلَا عتق قَبْل مِلْك» .
ثمَّ قَالَ: إِنَّه لَا يَصح، فِيهِ بشر بن السّري. قَالَ الحميدى: لَا يحل أَن يكْتب عَنهُ.
وَأما حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس: فَرَوَاهُ عَطاء بن أبي رَبَاح عَنهُ مَرْفُوعا: «لَا طَلَاق لمَنْ لَا يملك» .
وَأما حَدِيث معَاذ: فَرَوَاهُ طَاوس عَنهُ مَرْفُوعا: «لَا طَلَاق إِلَّا بعد نِكَاح، وَلَا عتق إِلَّا بعد مِلْك» .
وَأما حَدِيث جَابر بن عبد الله فَرَوَاهُ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَنهُ مَرْفُوعا «لَا طَلَاق لما لَا يملك، وَلَا عتق لما لَا يملك» .
وَفَى رِوَايَة عَنهُ: «لَا طَلَاق وَلَا نِكَاح» .
قلت: وَرَوَاهُ أَبُو الزبير عَنهُ، كَذَا أخرجه أَبُو يَعْلى الْموصِلِي فِي «مُسْنده» عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سهم الْأَنْطَاكِي، ثَنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد، ثَنَا مُبشر بن عبيد، عَن أبي الزبير عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله
وَعَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا طَلَاق قَبْلَ نِكَاح، وَلَا عتق قَبْلَ ملك، وَلَا نِكَاح إِلَّا بوليٍّ» .
قَالَ الْحَافِظ مُحَمَّد الْمَقْدِسِي: رجال إِسْنَاده ثِقَات، كَذَا نَقله عَنهُ الْحَافِظ شرف الدِّين الدمياطي وَأقرهُ، وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ، ف [مُبشر] بن عبيد: وضَّاع، هَالك.
وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي (علله) من حَدِيث جَابر مَرْفُوعا «لَا طَلَاق قَبْلَ نِكَاح، وَلَا عتق لمن لَا يملك، وَلَا صمت يَوْم إِلَى اللَّيْل، وَلَا وصال فِي صِيَام، وَلَا رضَاع بعد فِطَام، وَلَا يُتْمَ بعد حُلُم، وَلَا رَهْبَانِيَّة [فِينَا] » .
ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث لَا يَصح، لأجْلِ سعيد بن المزبان الْبَقَّال: مَتْرُوك.
قَالَ الْحَاكِم: مدَار سَنَد هَذَا الحَدِيث، يَعْنِي: أصل حَدِيث: «لَا طَلَاق قبل نِكَاح، وَلَا عتق قبل ملك» : عَلَى إسنادين ذاهبَيْن؛ جُوَيْبِر، عَن الضَّحَّاك، عَن النزال بن سُبْرَة، عَن عَلّي، وَعَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، فَلذَلِك لم يَقع الِاسْتِقْصَاء من الشَّيْخَيْنِ فِي [طلب] هَذِه
الْأَسَانِيد الصَّحِيحَة.
قلت: وَطَرِيق جُوَيْبِر: أخرجهَا ابْن مَاجَه بِلَفْظ: «لَا طَلَاق قبل النِّكَاح» .
وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» من وَجه آخر عَن عليِّ مَرْفُوعا بِلَفْظ: «لَا طَلَاق إِلَّا بعد ملك، وَلَا عتاق إِلَّا بعد ملك» .
ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث لَا يَصح، لأجْل عبد الله بن زِيَاد بن [سمْعَان] الكذَّاب، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث، وَإِنَّمَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْكَدر مُرْسلا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّوَاب.
قَالَ: وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، وَلَا يَصح، عَن جَابر، وَنقل بَعْد عَن الدَّارَقُطْنِيّ: أَن الْمَحْفُوظ فِيهِ وَقفه عَلَى جُوَيْبِر، بعد أَن أردفه بِلَفْظ:«لَا يُتْمَ بعد حُلُم، وَلَا طَلَاق إِلَّا بعد نِكَاح، وَلَا عتق إِلَّا بعد ملك، وَلَا وصال فِي صِيَام، وَلَا صَمْت يَوْم إِلَى اللَّيْل» .
ثمَّ ذكر الْحَاكِم حَدِيث عَمرو بن شُعَيْب فِي كتاب: الْأَيْمَان وَالنُّذُور، فَرَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، عَن عَمرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمرو: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ طلق مَا لَا يملك فَلَا طَلَاق لَهُ، ومَنْ أعتق مَنْ لَا يملك فَلَا عتاق لَهُ، ومَنْ نذر فِيمَا لَا يملك فَلَا نذر لَهُ، ومَنْ حلف عَلَى معصيةٍ فَلَا يَمِين لَهُ،
ومَنْ حلف عَلَى قطيعة رحم: فَلَا يَمِين لَهُ» .
ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَلم يخرجَاهُ.
قلت: وَعبد الرَّحْمَن هَذَا قَالَ فِيهِ أَحْمد: مَتْرُوك. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: شيخ.
قَالَ الْحَاكِم: و [عِنْد] عَمْرو بن شُعَيْب فِيهِ إسنادٌ آخر، فَذكره بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ، عَن سعيد بن الْمسيب:« [أَن أَخَوَيْنِ] من الْأَنْصَار كَانَ بَينهمَا مِيرَاث، فَسَأَلَ أحدُهُما صَاحبه الْقِسْمَة، فَقَالَ: لَئِن عُدَّتَ سَأَلتنِي الْقِسْمَة: لم أكلِّمك أبدا، وكل ماليِ فِي رتاج الْكَعْبَة، فَقَالَ عمر بن الْخطاب: إِن الْكَعْبَة لغَنِيَّة عَن مَالك، كفر [عَن يَمِينك] وكلِّمْ أَخَاك، فَإِنِّي سمعتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا يَمِين عَلَيْك، وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة الرب، وَلَا فِي قطيعة الرَّحِم، وَلَا فِيمَا لَا يملكهُ ابْن آدم» .
قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَلم يخرجَاهُ.
قلت: وَحَدِيث عَمرو بن شُعَيْب هَذَا أخرجه أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث مطر الْوراق عَنهُ بِلَفْظ «د» : «لَا
طَلَاق إِلَّا فِيمَا تملك، وَلَا عتق إِلَّا فِيمَا تملك، وَلَا بيع إِلَّا فِيمَا تملك، وَلَا وَفَاء نذر فِيمَا لَا تملك» .
وَلَفظ النَّسَائِيّ: «لَيْسَ عَلَى رجلٍ بيعٌ فِيمَا لَا يملك» .
وَلَفظ أَحْمد: «لَيْسَ عَلَى رجلٍ طَلَاق فِيمَا لَا يملك وَلَا عتاق فِيمَا لَا يملك، وَلَا بيع فِيمَا لَا يملك» .
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْأَحول عَنهُ مَرْفُوعا: «لَا نذر لِابْنِ آدم فِيمَا لَا يملك، وَلَا عتق لَهُ فِيمَا لَا يملك، وَلَا طَلَاق لَهُ فِيمَا لَا يملك» .
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، قَالَ: وَهُوَ أحسن شَيْء رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ [البُخَارِيّ أَنه] : أصح شَيْء فِي الطَّلَاق قَبْل النِّكَاح. وَقَالَ الْخطابِيّ: أسعد النَّاس بِهَذَا الحَدِيث مَنْ قَالَ بِظَاهِرِهِ وأجْرَاه عَلَى عُمُومه، إذْ لَا حُجَّة مَعَ مَنْ فرق بَين حالٍ وحالٍِ، والْحَدِيث حسن.
قلت: وَفَى الْبَاب أَيْضا عَن الْمسور [بن] مخرمَة، رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيثه مَرْفُوعا:«لَا طَلَاق قبل نِكَاح، وَلَا عتق قبل ملك» .
وَفَى إِسْنَاده عليّ بن حُسَيْن بن وَاقد: ضعَّفه أَبُو حَاتِم، وقوَّاه (عُرْوَة)، وَهِشَام بن سعد المَخْزُومِي: وَهُوَ من رجال مُسلم فِي الشواهد، وَقد ضَعَّفُوهُ، وَاقْتصر عَلَى هَذِه الطَّرِيقَة صَاحب «الْإِلْمَام» ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو بكر الصدِّيق، وعليُّ بن أَبَى طَالب، وَابْن عَبَّاس، ومعاذ، وَزيد، وَأَبُو سعيد، وَعمْرَان، وَأَبُو مُوسَى، وَأَبُو هُرَيْرَة، والمسور، وَعَائِشَة رضي الله عنها، قَالَ: وَأَصَح حَدِيث فِيهِ وأشْهَرُه: حديثُ عَمرو بن شُعَيْب المتقدِّم، وحديثُ الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة
…
. قَالَه البُخَارِيّ.
قَالَ: وروُي مِثْلُ ذَلِك عَن جماعات من التَّابِعين فَذكرهمْ، وَفَى «علل ابْن أَبَى حَاتِم» : سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت مُحَمَّد بن خلف الْعَسْقَلَانِي يَقُول قَالَ ليِ يَحْيَى بْنُ معِين: لَا يَصح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «لَا طَلَاق قبل نِكَاح» ، وَأَصَح شَيْء فِيهِ: حديثُ [الثَّوْريّ] عَن ابْن الْمُنْكَدر عَمَّنْ سمع طاوسًا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا طَلَاق قبل نِكَاح» .
وَقَالَ ابْن عبد الْبر فِي « [استذكاره] » : إِن هَذَا الحَدِيث قد رُوي من وُجُوه، إِلَّا أَنَّهَا عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، معلولة.
قلت: وَقد عرفتَ صِحَة بَعْضهَا من كَلَام التِّرْمِذِيّ، وَالْحَاكِم