الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُسَامَة إِن كَانَت الْقِصَّة وَاحِدَة، وَأما الْمِقْدَاد، فَفِي «صَحِيح مُسلم» ، أَنه قَالَ: «يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن لقِيت رجلا من الكفَّار يقاتلني
…
» الحَدِيث. و (قد) قيل إِن قَوْله (وَلَا تَقولُوا لمن ألْقَى إِلَيْكُم السَّلم) نزلت فِي هَذَا الْمَقْتُول، أَعنِي: مرداس بن نهيك.
الحَدِيث التَّاسِع
«رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم استتاب رجلا أَربع مَرَّات» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله بن وهب، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن رجل، عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر:«أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم استتاب نَبهَان أَربع مَرَّات، وَكَانَ نَبهَان ارْتَدَّ» . قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَإِسْنَاده مُرْسل، قَالَ: وَظَاهر الْأَخْبَار الصَّحِيحَة فِيمَا يحقن بِهِ الدَّم يشْهد لهَذَا. قلت: (و) قد وصل هَذَا الْمُرْسل بإسْنادٍ واهٍ، أخرجه إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا، عَن (الْمُعَلَّى) ، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر:«أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم استتاب رجلا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام أَربع مَرَّات» . والمعلى هَذَا هُوَ ابْن هِلَال بن [سُوَيْد] الطَّحَّان، وَهُوَ هَالك هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب.
وَأما آثاره فَأَرْبَعَة:
أَحدهَا: «أَن أَبَا بكر رضي الله عنه استتاب امْرَأَة من بني فَزَارَة ارْتَدَّت» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث اللَّيْث بن سعد، عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز التنوخي:«أَن امْرَأَة يُقَال لَهَا: أم قرفة كفرت بعد إسْلَامهَا، فاستتابها أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه فَلم تتب فَقَتلهَا» . قَالَ اللَّيْث: وَذَلِكَ الَّذِي سمعنَا وَهُوَ رَأْي. قَالَ عبد الله بن وهب: وَقَالَ لي مَالك مثل ذَلِك. قَالَ الشَّافِعِي: وَرَوَى بَعضهم عَن أبي بكر رضي الله عنه «أَنه قتل نسْوَة ارتددن عَن الْإِسْلَام» وَمَا كَانَ لنا أَن نحتج بِهِ (إِذا) كَانَ ضَعِيفا عِنْد أهل الحَدِيث. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: ضعفه فِي انْقِطَاعه. قَالَ: وَقد رَوَيْنَاهُ من وَجْهَيْن مرسلين.
تَنْبِيه: وَقع فِيمَا تقدم أَن الَّذِي قَتلهَا الصّديق هِيَ أم قرفة، وَكَذَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا وَلَفظه:«أَن أَبَا بكر قتل أم قرفة الفزارية فِي ردتها (قتلة) مثلَة، شدّ رِجْلَيْهَا (بَين فرسين) ثمَّ صَاح بهما (فضرباها) فشقاها» . وَذكر الْوَاقِدِيّ أَنَّهَا قتلت يَوْم (بزاخة)(وَذكر) أَبُو عمر فِي «الاستذكار» : «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قتل يَوْم قُرَيْظَة وَالْخَنْدَق أم قرفة» فلعلها أُخْرَى. وَفِي «الْإِكْمَال» لِابْنِ مَاكُولَا، فِي حرف الْمِيم فِي تَرْجَمَة «مُجَشِّر ومُحَسَّر» : قيس بن المحسر كَانَ خرج
مَعَ زيد بن حَارِثَة فِي السّريَّة إِلَى أم قرفة (فَأَخذهَا) ، وَهُوَ الَّذِي تولى قَتلهَا» وَالله أعلم.
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي «الْأُم» عَن مَالك، عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبدٍ الْقَارِي، عَن أَبِيه، أَنه قَالَ: «قدم عَلَى عمر بن الْخطاب
…
» الحَدِيث بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور. قَالَ الشَّافِعِي: (من) قَالَ لَا يتأنى بالمرتد (زَعَمُوا) أَن هَذَا الْأَثر الْمَرْوِيّ عَن عمر: «لَو حبستموه ثَلَاثًا» لَيْسَ بِثَابِت؛ لِأَنَّهُ لَا (يُعلمهُ) مُتَّصِلا، وَإِن كَانَ ثَابتا كَانَ لم يَجْعَل عَلَى من قَتله قبل ثَلَاث شَيْئا. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: قد رُوِيَ فِي التأني بالمرتد حَدِيث آخر عَن عمر بإسنادٍ متصلٍ، فَذكره عَن أنس بن مَالك قَالَ: «لما نزلنَا عَلَى تستر
…
» فَذكر الحَدِيث فِي (الصَّحِيح) وَفِي قدومه عَلَى عمر بن الْخطاب «قَالَ عمر: يَا أنس، مَا فعل بالرهط السِّتَّة من بكر بن وَائِل الَّذين ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَلَحقُوا بالمشركين
(قَالَ: فَأخذت بِهِ فِي حَدِيث آخر يشْغلهُ عَنْهُم، قَالَ: مَا فعل الرَّهْط الَّذين ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَلَحقُوا بالمشركين) من بكر بن وَائِل؟ قَالَ: (يَا) أَمِير الْمُؤمنِينَ، قتلوا فِي المعركة. قَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون. قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَهل كَانَ سبيلهم إِلَّا الْقَتْل؟ قَالَ: نعم، كنت (أعرض) عَلَيْهِم أَن يدخلُوا (فِي) الْإِسْلَام؛ فَإِن أَبَوا استودعتهم السجْن» .
فَائِدَة: قَوْله: «هَل من مُغَرِّبة حبر» يُقَال بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا (مَعَ) الْإِضَافَة فيهمَا، وَأَصله من الغرب وَهُوَ الْبعد، يُقَال: دَار غربَة أَي: بعيدَة، الْمَعْنى: هَل من خبر جَدِيد جَاءَ من بلادٍ بعيدَة. قَالَه ابْن الْأَثِير فِي «شرح الْمسند» . وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي «شرح الْمسند» : شُيُوخ «الْمُوَطَّأ» فتحُوا الْغَيْن وكسروا الرَّاء وشددوها (وأضافوها) . قَالَ: وَقد تفتح الرَّاء وَقد تسكَّن الْغَيْن. قَالَ: ويجوّز بَعضهم نصب الْخَبَر عَلَى الْمَفْعُول من مَعْنَى الْفِعْل فِي مغربة. قَالَ: وَهَذَا مثل يُقَال: هَل من مغربة خبر؟ أَي: هَل عنْدكُمْ خبر عَن حَادِثَة تستغرب؟ وَقيل: هَل من خبر جَدِيد جَاءَ من بلدٍ بعيد؟ يُقَال: غرب الرجل (إِذا بعد) وَغرب أَيْضا بِالتَّخْفِيفِ وَسَار مغرب، ومغرب أَيْضا أَي: بعيد.
الْأَثر الثَّالِث: «أَن أم مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة كَانَت مرتدة فاسترقها عليّ رضي الله عنه (واستولدها) » .
وَهَذَا ذكره الْوَاقِدِيّ فِي «كتاب الرِّدَّة» من حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد «أَنه قسم سهم بني حنيفَة خَمْسَة أَجزَاء؛ فقسم عَلَى النَّاس أَرْبَعَة، وعزل الْخمس حَتَّى قدم بِهِ عَلَى أبي بكر» ثمَّ ذكر من عدّة طرق أَن أم مُحَمَّد بن عَلّي الْمَعْرُوف بِابْن الْحَنَفِيَّة كَانَت من ذَلِك السَّبي. قَالَ الرَّافِعِيّ: وقاس الْأَصْحَاب الْمَرْأَة عَلَى الرجل وَرووا أَن الْحَنَفِيَّة كَانَت أمة لبَعْضهِم، فَلَمَّا قُتِلَ علَى الرِّدَّة كَانَت من الْفَيْء.
فَائِدَة: اسْم أم مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة: خَوْلَة بنت جَعْفَر بن قيس بن سَارِيَة بن مسلمة بن عبيد بن ثَعْلَبَة بن يَرْبُوع. كَذَا حَكَاهُ ابْن مَاكُولَا فِي «إكماله» فِي «بَاب سَارِيَة من حرف السِّين» عَن ابْن الْكَلْبِيّ.
قَالَ ابْن خلكان: (وَيُقَال) كَانَت من سبي الْيَمَامَة، وَصَارَت إِلَى عليّ. وَقيل: بل كَانَت سندية سَوْدَاء، وَكَانَت أمة لبني حنيفَة وَلم تكن مِنْهُم، وَإِنَّمَا صَالحهمْ خَالِد بن الْوَلِيد عَلَى الرَّقِيق وَلم يصالحهم عَلَى أنفسهم.
الْأَثر الرَّابِع: عَن أبي بكر رضي الله عنه «أَنه قَالَ لقوم من أهل الرِّدَّة جَاءُوا تَائِبين: تدون قَتْلَانَا، وَلَا ندي قَتْلَاكُمْ. فَقَالَ عمر رضي الله عنه: لَا نَأْخُذ لقتلانا دِيَة» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ بِنَحْوِهِ الْبَيْهَقِيّ، وَقد سلف فِي الْبَاب قبله بِطُولِهِ.
قَالَ الرَّافِعِيّ - نقلا عَن الْأَئِمَّة -: (قَول) عمر ذَهَابًا إِلَى أَنهم لَا يضمنُون. (قلت) : وَيجوز أَن يكون الْغَرَض استمالتهم، أَي: لَا نَأْخُذ شَيْئا، وَإِن وَجب.
كتاب حد الزِّنَا