الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الحَدِيث) اخْتِلَاف، وَقد رَأينَا مُعَاوِيَة نَفسه (حِين) لم يقدر عَلَى إِنْكَاره قَالَ:«إِنَّمَا قَتله من أخرجه» . وَلَو كَانَ حَدِيثا فِيهِ شكّ لرده مُعَاوِيَة وَأنْكرهُ، وَقد أجَاب (عَلّي) عَن قَول مُعَاوِيَة بِأَن قَالَ:«رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا قتل حَمْزَة حِين أخرجه» وَهُوَ من عليّ إِلْزَام لَا جَوَاب عَنهُ. قلت: وَجَمَاعَة من الْحفاظ طعنوا فِي الحَدِيث. قَالَ الْخلال فِيمَا حَكَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» عَنهُ أَن أَحْمد بن حَنْبَل، وَيَحْيَى بن معِين، وَأَبا خَيْثَمَة، وَغَيرهم ذكرُوا هَذَا الحَدِيث:«تقتل عمار الفئة الباغية» ، فَقَالُوا: مَا فِيهِ حَدِيث صَحِيح. وَأَن الإِمَام أَحْمد قَالَ: قد رُوِيَ فِي «عمار تقتله الفئة الباغية» ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ حَدِيثا، لَيْسَ فِيهَا حَدِيث صَحِيح. وَقَالَ ابْن دحْيَة فِي كِتَابه «التَّنْوِير» : هُوَ حَدِيث لَا مطْعن فِي صِحَّته، وَقد رَوَاهُ جمَاعَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد اسْتَوْفَى طرقه الطَّبَرَانِيّ فِي «مُعْجَمه الْكَبِير» فَرَوَاهُ عَن مُعَاوِيَة نَفسه، وَعَن (عمر وَابْنه) وَغَيرهمَا، وَلَو كَانَ حَدِيثا غير صَحِيح لرده مُعَاوِيَة وَأنْكرهُ.
الحَدِيث الثَّالِث عشر
رُوِيَ «أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لِابْنِ مَسْعُود: يَا بن أم عبدٍ مَا حكم من بغى من
أمتِي؟ قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يتبع مدبرهم، وَلَا (يجاز) عَلَى جريحهم، وَلَا يقتل أسيرهم» .
هَذَا الحَدِيث ضَعِيف، رَوَاهُ ابْن عدي وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابْن مَسْعُود: «يَا ابْن مَسْعُود، أَتَدْرِي مَا حكم الله - تعالي - فِيمَن بغى من هَذِه الْأمة؟ قَالَ ابْن مَسْعُود: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِن حكم الله فيهم أَن لَا يتبع مدبرهم، وَلَا يقتل أسيرهم وَلَا يذفف عَلَى جريحهم» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَفِي رِوَايَة: «وَلَا يجاز عَلَى جريحهم، وَلَا يقسم فيؤهم» .
سكت عَنهُ الْحَاكِم، وَأعله ابْن عدي فَقَالَ: هَذَا الحَدِيث غير مَحْفُوظ. وَأعله أَيْضا الْبَيْهَقِيّ فَقَالَ فِي «خلافياته» : إِسْنَاده ضَعِيف، وَقَالَ فِي «سنَنه» : تفرد بِهِ كوثر بن حَكِيم وَهُوَ ضَعِيف. وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فقد قَالَ أَحْمد: أَحَادِيثه بَوَاطِيلُ، لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ مرّة: مَتْرُوك الحَدِيث. وَكَذَا قَالَ السَّعْدِيّ وَالنَّسَائِيّ، وَقَالَ الرازيان: ضَعِيف الحَدِيث. وَقَالَ البُخَارِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ ابْن حبَان: يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير، وَيَأْتِي عَن الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من حَدِيث الْأَثْبَات. وَضَعفه أَيْضا الْمَقْدِسِي فِي «أَحْكَامه» وَكَذَا عبد الْحق.
فَائِدَة: «يُتّبع» : بِضَم الْيَاء وَتَشْديد التَّاء يطْلب. و «التذفيف»
بِالْمُعْجَمَةِ، (وَيروَى) (بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ تتميم) الْقَتْل. وَقَوله فِي رِوَايَة الرَّافِعِيّ:«يَا ابْن أم عبد» قيل: أَرَادَ بِهِ عبد الله، أَي: يَا ابْن أمك. وَقيل: (اسْمه الَّذِي) سَمَّاهُ بِهِ أَبَوَاهُ عبد. وَقَوله: «لَا يجاز عَلَى جريحهم» ، أَي: لَا يتمم قَتله، يُقَال: أجزت عَلَيْهِ، أَي: أسرعت قَتله. هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْد الله وَمِنْه.
وَأما آثاره فَأَرْبَعَة عشر أثرا:
الأول: «أَن أَبَا بكر رضي الله عنه قَاتل مانعي الزَّكَاة» . وَهَذَا أثر صَحِيح، وَقد سلف بِطُولِهِ فِي «الزَّكَاة» . قَالَ الرَّافِعِيّ: وَسَببه أَن بعض مانعي الزَّكَاة قَالُوا لأبي بكر: أمرنَا بِدفع الزَّكَاة إِلَى من صلَاته سكن لنا وَهُوَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: (خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم (إِلَى قَوْله (سكن لَهُم) ، وصلوات غَيره لَيست سكنًا لنا.
الْأَثر الثَّانِي: «أَن عليًّا رضي الله عنه قَاتل أَصْحَاب الْجمل، وَأهل الشَّام بالنهروان، وَقَاتل أهل الْبَصْرَة، وَلم يتبع بعد الِاسْتِيلَاء مَا (أَخَذُوهُ) من الْحُقُوق» . وَهَذَا مَعْرُوف عَنهُ وَلَا حَاجَة إِلَى الْخَوْض فِيهِ، وَلَا فِيمَا قَالَه الرَّافِعِيّ بعدُ من (أَن) أهل الْجمل والنهروان ثَبت أَنهم بغاة وَلَا (مَا) ذكره (فِي) مُعَاوِيَة - رَضِي الله (عَنْهُم)، وَعَن سَائِر الصَّحَابَة أَجْمَعِينَ. و «النهروان» : مَكَان بِقرب بَغْدَاد، وَهُوَ بِفَتْح النُّون
(وَالرَّاء) وَإِسْكَان الْهَاء، كَذَا ضَبطه ثَعْلَب وَابْن قُتَيْبَة فِي «أدب الْكَاتِب» والجوهري فِي «صحاحه» وَآخَرُونَ، وَهُوَ الْمَشْهُور فِي ضَبطه كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي «تهذيبه» . وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: هُوَ بِضَم النُّون (وَالرَّاء) وَذكره الجواليقي فِي كِتَابه «المعرب» بِالْوَجْهَيْنِ فَقَالَ: النهروان - بِفَتْح النُّون، وَالرَّاء - فَارسي مُعرب. قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَمِعت من يَقُول: نهروان بضمهما. وَذكره السَّمْعَانِيّ فِي «أنسابه» بِالضَّمِّ (فَقَط) قَالَ: وَهِي بَلْدَة قديمَة لَهَا عدَّة نواحي خرب أَكْثَرهَا، وَهِي بِقرب بَغْدَاد. (ووهمه الذَّهَبِيّ فِي كِتَابه «سير النبلاء» . وَقَالَ الْبكْرِيّ فِي «مُعْجم مَا استعجم» النهروان، بالعراق مَعْلُوم بِفَتْح أَوله، وَإِسْكَان ثَانِيه، وَفتح الرَّاء الْمُهْملَة وبكسرها أَيْضا نهروان (و) بضَمهَا أَيْضا نهروان (وَيُقَال) أَيْضا: بِضَم النُّون وَالرَّاء مَعًا، أَربع لُغَات وَالْهَاء فِي جَمِيعهَا سَاكِنة. وَسُئِلَ الْأَصْمَعِي: هَل هُوَ بِضَم النُّون (أَو)
كسرهَا؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي.
وَأنْشد ابْن الطرماح:
قل فِي شط نهروان (اغتماضي)
وَدَعَانِي حب الْعُيُون المراض
(فَأمْسك)
الْأَثر الثَّالِث: «أَن الصَّحَابَة بَايعُوا أَبَا بكر فَأول من بَايعه عمر، ثمَّ وَافقه الصَّحَابَة رضي الله عنهم» . وَهَذَا الْأَثر صَحِيح، وَقد أسلفناه بِطُولِهِ فِي أثْنَاء الحَدِيث السَّادِس.
الْأَثر الرَّابِع: «أَن أَبَا بكر عهد إِلَى عمر رضي الله عنهما» . وَهَذَا الْأَثر صَحِيح مستفيض وَفِي الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن (مُحَمَّد بن يُوسُف) قَالَ: «بَلغنِي أَن أَبَا بكر أَوْصَى فِي مَرضه فَقَالَ لعُثْمَان اكْتُبْ:
بِسْمِ الَلّهِ الرّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ أَبُو بكر بن أبي قُحَافَة عِنْد آخر عَهده بالدنيا خَارِجا مِنْهَا، وَأول عَهده بِالآخِرَة (دَاخِلا فِيهَا) حِين يصدق الْكَاذِب. وَيُؤَدِّي الخائن، ويؤمن الْكَافِر، إِنِّي (اسْتخْلف) بعدِي عمر بن الْخطاب، فَإِن عدل فَذَاك ظَنِّي بِهِ ورجائي فِيهِ، وَإِن بدل وجار فَلَا أعلم الْغَيْب، وَلكُل امْرِئ مَا اكْتسب (من الْإِثْم) (وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أيَّ مُنْقَلب يَنْقَلِبُون (. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرُوِيَ مُتَّصِلا عَن هِشَام
بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة.
الْأَثر الْخَامِس: «أَن عمر رضي الله عنه جعل الْأَمر شُورَى بَين سِتَّة، فاتفقوا عَلَى عُثْمَان رضي الله عنه» . وَهَذَا الْأَثر صَحِيح، رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» ، وَقد سلف بِطُولِهِ فِي «بَاب مَا يجب بِهِ الْقصاص» .
الْأَثر السَّادس: عَن أبي بكر رضي الله عنه أَنه قَالَ: «أقيلوني من الْخلَافَة» . وَهَذَا غَرِيب، لَا يحضرني من خرجه عَنهُ.
الْأَثر السَّابع: «أَن عليًّا رضي الله عنه سمع رجلا من الْخَوَارِج يَقُول لَا حكم إِلَّا لله وَلِرَسُولِهِ، وَتعرض بتخطئته فِي التَّحْكِيم. فَقَالَ عَلّي رضي الله عنه: كلمة حق أُرِيد بهَا بَاطِل، لكم علينا ثَلَاث: لَا نمنعكم مَسَاجِد الله أَن تَذكرُوا فِيهَا اسْم الله وَلَا نمنعكم الْفَيْء مَا دَامَت أَيْدِيكُم مَعنا، وَلَا نبدأ بقتالكم» وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي بلاغًا، وَالْبَيْهَقِيّ مَوْصُولا «أَن عليًّا بَيْنَمَا هُوَ يخْطب إِذْ سمع من نَاحيَة الْمَسْجِد قَائِلا يَقُول: لَا حكم
…
» إِلَى آخِره. وَرَوَى مُسلم فِي «صَحِيحه» صَدره من حَدِيث عبيد الله بن أبي رَافع «أَن الحرورية لما خرجت عَلَى عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ مَعَه فَقَالُوا: لَا حكم إِلَّا لله. فَقَالَ عليّ بن أبي طَالب: كلمة حق أُرِيد بهَا بَاطِل، إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وصف نَاسا إِنِّي لأعرف صفتهمْ فِي هَؤُلَاءِ
…
» الحَدِيث، وَهُوَ حَدِيث
طَوِيل. قَالَ الرَّافِعِيّ: والخوارج فرقة من المبتدعة خَرجُوا عَلَى عَليّ (حَيْثُ) اعتقدوا أَنه يعرف قتلة عُثْمَان وَيقدر عَلَيْهِم وَلَا يقْتَصّ مِنْهُم لرضاه بقتْله ومواطأته إيَّاهُم، ويعتقدون أَن من أَتَى كَبِيرَة فقد كفر، وَاسْتحق الخلود فِي النَّار، ويطعنون (لذَلِك) فِي الْأَئِمَّة، وَلَا يَجْتَمعُونَ مَعَهم فِي الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات. أعاذنا الله من رُؤْيَتهمْ. قَالَ الشَّافِعِي: وَابْن ملجم الْمرَادِي قتل عليًّا رضي الله عنه متأولاً. قَالَ الرَّافِعِيّ: أَرَادَ الشَّافِعِي أَنه قَتله وَزعم أَن لَهُ شُبْهَة وتأويلاً بَاطِلا وَحكي أَن تَأْوِيله أَن امْرَأَة من الْخَوَارِج تسمى قطام، خطبهَا ابْن ملجم، وَكَانَ عَليّ قتل أَبَاهَا فِي جملَة الْخَوَارِج، فَوَكَّلَتْهُ فِي الْقصاص (وهما يزعمان أَن عَلَيْهِ قصاصا وَأَن الْوَاحِد من الْوَرَثَة ينْفَرد بِالْقصاصِ) ، وشرطت لَهُ مَعَ ذَلِك ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وعبدًا وقينة لتحببه (فِي ذَلِك)، (وَفِي ذَلِك) قيل:
كَمَهَرِ قَطَامٍ من فَصَيحٍ وأعجَم
وَقتل عليٍّ بالحُسامِ المُصَمْصَم
فَلَم أرَ مَهْرًا ساقَهُ ذُو سَمَاحَةٍ
ثَلاثَةُ آلافٍ وَعبدٍ وقَيْنَةٍ
هَذَا آخر مَا ذكره.
(أما مَا ذكره) من كَونه قَتله متأولا فقد قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» ، بَاب الرجل يقتل وَاحِدًا من الْمُسلمين عَلَى التَّأْوِيل، ثمَّ ذكر عَن الشَّافِعِي مَا سَيَأْتِي. وَقَالَ ابْن حزم: لَا خلاف بَين أحد من الْأَئِمَّة فِي أَن ابْن ملجم
قتل عليًّا متأولا (مُجْتَهدا) مُقَدرا عَلَى أَنه صَواب وَفِي ذَلِك يَقُول عمرَان بن (حطَّان) :
ليبلغ من ذِي الْعَرْش رضوانا
أَوْفَى الْبَريَّة عِنْد الله ميزانًا
يَا ضَرْبَة من تَقِيّ مَا أَرَادَ بهَا إِلَّا
إِنِّي [لأذكره حينا] فأحسبه
وَقد أَجَابَهُ من الْمُتَقَدِّمين بكر بن حَمَّاد بِأَبْيَات ذكرهَا ابْن عبد الْبر فِي «استيعابه» ، وَمن الْمُتَأَخِّرين القَاضِي (أَبُو) الطّيب الطَّبَرِيّ ببيتين فَقَالَ:
إِلَّا ليهْدم الْإِسْلَام أركانا)
كَذَاك ألعن [عمرَان بن حطانا]
يَا ضَرْبَة من شقي مَا أَرَادَ بهَا
إِنِّي لأذكره يَوْمًا (فألعنه)
وَفِي «الِاسْتِيعَاب» أَن ابْن ملجم قَالَ لشبيب الْأَشْجَعِيّ: هَل لَك أَن تساعدني عَلَى قتل عَلّي. (فَقَالَ) : وَيلك إِنَّه ذُو سابقةٍ فِي الْإِسْلَام، فَقَالَ ابْن ملجم: إِنَّه حكم الرِّجَال فِي دين الله، وَقتل إِخْوَاننَا الصَّالِحين. وَأَنه ضربه عَلَى رَأسه، وَقَالَ: الحكم لله يَا عَلّي (لَا) لَك، وَلَا
(لأصحابكم) . وَظَاهر هَذَا أَنه كَانَ مُسلما (متأولاً) وَذكر ابْن قُتَيْبَة فِي «كتاب السياسة» : أَن ابْن ملجم دخل الْمَسْجِد فِي (بزوغ) الْفجْر الأولَى، فَدخل فِي الصَّلَاة تَطَوّعا ثمَّ افْتتح الْقِرَاءَة فَجعل يُكَرر هَذِه الْآيَة (وَمن النَّاس من يشري نَفسه) فَأقبل عَلّي وَبِيَدِهِ مخفقة يوقظ النَّاس للصَّلَاة، فَمر بِابْن ملجم وَهُوَ يردد هَذِه الْآيَة، فَظن أَنه تعيى فِيهَا فَفتح لَهُ (وَالله رؤوف بالعباد) ثمَّ انْصَرف عَلّي فَتَبِعَهُ (فَضَربهُ) عَلَى قرنه، فَقَالَ عليّ: احْبِسُوهُ ثَلَاثًا وأطعموه واسقوه، فَإِن أعش أرَى فِيهِ رَأْيِي، وَإِن (أمت) فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تمثلوا بِهِ. فَمَاتَ فَأَخذه عبد الله بن جَعْفَر فَقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ، فَلم يجزع، وَأَرَادُوا قطع لِسَانه فجزع، فَقيل لَهُ مَا هَذَا الْجزع عَلَى لسَانك وَحده؟ فَقَالَ: إِنِّي أكره أَن تمر بِي سَاعَة من نَهَار لَا أذكر الله فِيهَا. ثمَّ قطعُوا لِسَانه، وضربوا عُنُقه» . وَقَالَ مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ فِي «تهذيبه» : أهل السّير لَا تدافع (عَنْهُم)«أَن عليًّا أَمر بقتل قَاتله قصاصا، وَنَهَى أَن يمثل بِهِ» . وَفِي كتاب «التَّجْرِيد» للقدوري الْحَنَفِيّ: أَنه لَو كَانَ مُرْتَدا لجازت الْمثلَة بِهِ، وَقد قَالَ (عَلّي) : لَا تمثلوا بِهِ، وَأَيْضًا مَا كَانَ عَلّي يقف قَتله عَلَى شَرط
[الْمَوْت]، وَلَو قتل لسعيه فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ لم يجز الْعَفو عَنهُ (أَي) وَقد قَالَ عَلّي:«إِن شِئْت (أَن) أعفو عَنهُ» . كَمَا سَيَأْتِي. وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي (تذنيبه) : عبد الرَّحْمَن بن ملجم الْمرَادِي، كَانَ من الْخَوَارِج المارقين، وَذكر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شهد (عَلَيْهِ) بالشقاوة.
قلت: وَهَذَا الحَدِيث سَيَأْتِي فِي أثْنَاء الْأَثر الْحَادِي عشر، وَقَالَ ابْن دحْيَة فِي كتاب «التَّنْوِير» : لَا أعلم أحدا توقف فِي لعن ابْن ملجم، إِلَّا مَا كَانَ من عمرَان بن حِطّان أصلاه الله النيرَان. وَأما الْقِصَّة الَّتِي ذكرهَا الرَّافِعِيّ فرواها بِنَحْوِ ذَلِك الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي تَرْجَمَة عَليّ رضي الله عنه بِإِسْنَادِهِ إِلَى إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن قَالَ:«كَانَ عبد الرَّحْمَن بن ملجم الْمرَادِي عشق امْرَأَة من الْخَوَارِج من تيم الربَاب يُقَال لَهَا: قطام فنكحها وَأصْدقهَا ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم، وَقتل عَلّي رضي الله عنه» وَفِي ذَلِك قَالَ الفرزدق؛ فَلم أر مهْرا
…
الْبَيْت. كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ إِلَّا أَنه قَالَ: «بيّن غير مُعْجم» بدل: «من فصيح وأعجم» وَالْبَيْت الثَّانِي: كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ سَوَاء وَزَاد بَيْتا. ثَالِثا:
وَلَا فتك إِلَّا دون فتك ابْن ملجم
فَلَا مهر أغلا من عَلّي وَإِن غلا
الْأَثر الثَّامِن: «أَن أَبَا بكر رضي الله عنه قَالَ للَّذين قَاتلهم بعد مَا تَابُوا: تدون قَتْلَانَا وَلَا ندي قَتْلَاكُمْ» . وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي
إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن [ضَمرَة]، قَالَ:«ارْتَدَّ عَلْقَمَة بن علاثة عَن دينه بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَبَى أَن يجنح للسَّلم، فَقَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه: لَا نقبل مِنْك إِلَّا بسلم مخزية أَو حَرْب مجلية، فَقَالَ: مَا سلم مخزية؟ قَالَ: تَشْهَدُون عَلَى قَتْلَانَا أَنهم فِي الْجنَّة وَأَن قَتْلَاكُمْ فِي النَّار وَلَا ندي قَتْلَاكُمْ. فَاخْتَارُوا سلما مخزية» . قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وروينا فِي هَذِه الْقِصَّة: «أَن عمر بن الْخطاب رَأَى أَن لَا يدوا قَتْلَانَا، وَقَالَ: قَتْلَانَا قتلوا عَلَى أَمر الله فَلَا ديات لَهُم» . وَفِي رِوَايَة لَهُ فِي بَاب قتال أهل الرِّدَّة وَمَا أُصِيب فِي أَيْديهم من مَتَاع الْمُسلمين، عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: «جَاءَ (وَفد) بزاخة - أَسد وغَطَفَان - إِلَى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه الصُّلْح، فَخَيرهمْ أَبُو بكر رضي الله عنه بَين الْحَرْب المجلية، أَو السّلم المخزية، (قَالَ: فَقَالُوا) : هَذَا الْحَرْب المجلية وَقد عَرفْنَاهُ، فَمَا السّلم المخزية؟ قَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه: تؤدون الْحلقَة والكراع، وتتركون أَقْوَامًا يتبعُون أَذْنَاب الْإِبِل حَتَّى يرَى خَليفَة نبيه وَالْمُسْلِمين أمرا يعذرونكم بِهِ، وتدون قَتْلَانَا وَلَا ندي قَتْلَاكُمْ، وقتلانا فِي الْجنَّة وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار، وتردون مَا أصبْتُم منا ونغنم مَا أصبْنَا مِنْكُم. فَقَالَ عمر رضي الله عنه: قد رَأَيْت أمرا وسنشير عَلَيْك، أما أَن [يؤدوا] الحلقةوالكراع (فَنعما) رَأَيْت، وَأما أَن تتركوا أَقْوَامًا يتبعُون أَذْنَاب الْإِبِل حَتَّى يري الله خَليفَة نبيه وَالْمُسْلِمين [أمرا] يعذرونهم بِهِ (فَنعما)
رَأَيْت (وَأما) أَن قتلاهم فِي النَّار وقتلانا فِي الْجنَّة (فَنعما) رَأَيْت وَأما أَن يدوا قَتْلَانَا فَلَا، (قَتْلَانَا) قتلوا عَلَى أَمر الله فَلَا ديات لَهُم. فَبَايع النَّاس عَلَى ذَلِك» . قَالَ الْبَيْهَقِيّ:(و) قَول عمر رضي الله عنه فِي الْأَمْوَال لَا يُخَالف قَوْله فِي الدِّمَاء، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَالله أعلم مَا أُصِيب فِي أَيْديهم من أَعْيَان (أَمْوَال) الْمُسلمين لَا تضمن مَا أتلفوه.
فَائِدَة: «بُزَاخة» : الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْأَثر هِيَ - بِضَم الْبَاء، وَفتح الزَّاي وَالْخَاء الْمُعْجَمَة - مَوضِع، قَالَ صَاحب «الْمطَالع» : بِالْبَحْرَيْنِ قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ مَاء (لِطَيِّئٍ) وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَاء لبني أَسد.
الْأَثر التَّاسِع: «أَن عليًّا رضي الله عنه نَادَى من وجد (مَاله) فليأخذه. قَالَ الرَّاوِي: فَمر بِنَا رجل فَعرف قدرا نطبخ فِيهَا فَسَأَلْنَاهُ أَن يصبر حَتَّى نطبخ فَلم يفعل» . وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بِنَحْوِهِ من رِوَايَة عرْفجَة، عَن أَبِيه: (أَن عليًّا رضي الله عنه لما قتل أهل النهروان جال فِي عَسْكَرهمْ فَمن كَانَ يعرف شَيْئا أَخذه، حَتَّى بقيت قدر، ثمَّ رَأَيْتهَا أخذت بعد» وَفِي رِوَايَة لَهُ:«أَن عليًّا رضي الله عنه أُتِي برثة أهل النَّهر فعرفها، فَكَانَ من عرف شَيْئا أَخذه، حَتَّى بقيت قدر لم تعرف» .
الْأَثر الْعَاشِر: «أُتِي عليا رضي الله عنه قَاتل أهل الْبَصْرَة، وَلم يتتبع بعد
الِاسْتِيلَاء مَا أَخَذُوهُ من الْحُقُوق» . وَهَذَا لَا يحضرني. وَفِي الْبَيْهَقِيّ: «بَاب أهل الْبَغي إِذا غلبوا عَلَى بلد وَأخذُوا صدقَات أَهلهَا، وَأَقَامُوا عَلَيْهِم الْحُدُود لم تعد عَلَيْهِم» اسْتِدْلَالا بِحَدِيث أبي ذَر: «أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن أسمع (وأطع) وَلَو لعبد حبشِي مجدع الْأَطْرَاف» . أخرجه مُسلم.
الْأَثر الْحَادِي عشر: عَن الشَّافِعِي رضي الله عنه: «أَن عليًّا أَمر بِحَبْس ابْن ملجم وَقَالَ: إِن قَتَلْتُمُوهُ فَلَا تمثلوا بِهِ، وَرَأَى عَلَيْهِ الْقَتْل، فَقتله الْحسن رضي الله عنه» . وَهَذَا الْأَثر (صَحِيح) رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي «الْأُم» ، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد (عَن) جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه «أَن عليًّا رضي الله عنه قَالَ فِي (أَمر) ابْن ملجم بعد مَا ضربه: أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره، فَإِن عِشْت فَأَنا ولي دمي أعفو إِن شِئْت، وَإِن شِئْت استقدت، وَإِن قَتَلْتُمُوهُ فَلَا تمثلوا بِهِ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» عَنهُ، وَرَوَى فِي «مَنَاقِب الشَّافِعِي» تأليفه فِي بَاب مَا جَاءَ فِي حسن مناظرة الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي ثَوْر قَالَ: سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول: ناظرت، بشر بن غياث المريسي فِي الْمَقْتُول لَهُ (وَرَثَة) صغَار [وكبار] يقتل الْقَاتِل دون بُلُوغ
الصغار؟ قَالَ: لَا. فَقلت لَهُ: فَإِن الْحسن بن عَلّي قتل ابْن ملجم، وَفِي الْوَرَثَة صغَار لم يبلغُوا. فَقَالَ: أَخطَأ الْحسن. فَقلت: مَا كَانَ عنْدك جَوَاب أحسن من هَذَا وهجرته يَوْمئِذٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَكَانَ الشَّافِعِي يذهب أَيْضا إِلَى أَنه لَا يقتل قصاصا قبل بُلُوغ الصغار، وَيُشبه أَن يكون حمل قتل الْحسن بن عَلّي ابنَ ملجم عَلَى أَنه من الساعين فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ، فَرَأَى قَتله بِالْولَايَةِ الْعَامَّة دون ولَايَة الْقصاص. وَقَالَ فِي «سنَنه» نقلا عَن بعض أَصْحَابنَا إِنَّمَا استبد بقتْله قبل بُلُوغ الصغار من (ولد) عَلّي؛ لِأَنَّهُ فعله حدًّا لكفره لَا قصاصا. وَقَالَ فِي «الْمعرفَة» يشبه أَن يكون الْحسن وقف عَلَى استحلال عبد الرَّحْمَن بن ملجم قتل أَبِيه فَقتله لأجل ذَلِك. وَاسْتدلَّ بعض من قَالَ ذَلِك. من أَصْحَابنَا بِمَا روينَا عَن أبي سِنَان الدؤَلِي «أَنه عَاد عليًّا فِي شكوى لَهُ قَالَ: فَقلت (لَهُ: لقد) تخوفنا عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: لكني وَالله مَا تخوفت؛ لِأَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الصَّادِق (المصدوق) يَقُول: «إِنَّك ستضرب ضَرْبَة هَاهُنَا، وضربة هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى صدغيه - فيسيل دَمهَا حَتَّى تختضب لحيتك، وَيكون صَاحبهَا أشقاها كَمَا كَانَ عَاقِر النَّاقة أَشْقَى ثَمُود» وَفِي «مُسْتَدْرك الْحَاكِم» بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي يَحْيَى، قَالَ:«لما جَاءُوا بِابْن ملجم إِلَى عَليّ، قَالَ: اصنعوا بِهِ مَا صنع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِرَجُل جُعِلَ لَهُ عَلَى أَن يقْتله، فَأمر أَن يُقتل ويُحرق بالنَّار» وَفِيه أَيْضا عَن أبي إِسْحَاق
الْهَمدَانِي قَالَ: «رَأَيْت قَاتل عَلّي بن أبي طَالب يحرق بالنَّار فِي أَصْحَاب الرماح» وَفِيه أَيْضا عَن الشّعبِيّ قَالَ: «لما ضرب ابْن ملجم عليًّا تِلْكَ الضَّرْبَة أَوْصَى فَقَالَ: قد ضَرَبَنِي، فَأحْسنُوا إِلَيْهِ وألينوا (لَهُ) فرَاشه، فَإِن أعش فعفو أَو قصاص، وَإِن أمت فعاجلوه فَإِنِّي مخاصمه عِنْد رَبِّي عز وجل» .
الْأَثر الثَّانِي عشر: «أَن عليًّا رضي الله عنه بعث ابْن عَبَّاس إِلَى أهل النهروان للْحَاجة والنصيحة فَرجع بَعضهم إِلَى الطَّاعَة بذلك» وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» فِي حَدِيث طَوِيل، فِيهِ ذكر قصَّة الخارجين عَلَى عَلّي:«فَإِنَّهُ بعث إِلَيْهِم عبد الله بن عَبَّاس فناظرهم فَرجع مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف، وَكَانُوا ثَمَانِيَة آلَاف» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا كَذَلِك. «وَأَنه بَعثه (إِلَيْهِم وَأَنه رَجَعَ) مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» «أَنه بَعثه إِلَى الحروراء فَرجع مِنْهُم عشرُون ألفا، وَبَقِي مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف قتلوا» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي زُميل الْحَنَفِيّ عَنهُ «أَن ابْن عَبَّاس (خرج) إِلَى الحرورية وَأَنَّهُمْ سِتَّة آلَاف (فحاجهم) فَرجع مِنْهُم أَلفَانِ، وَقتل الْبَاقِي» ، وَلَيْسَ فِيهَا أَنه بَعثه. وَفِي
الْبَيْهَقِيّ أَيْضا: «أَن عليًّا بعث الْبَراء بن عَازِب إِلَى أهل النَّهر إِلَى الْخَوَارِج فَدَعَاهُمْ ثَلَاثًا قبل أَن يقاتلهم» .
الْأَثر الثَّالِث عشر: «أَنه نَادَى مُنَادِي عليّ رضي الله عنه يَوْم الْجمل أَلا لَا يتبع مدبرهم، وَلَا يذفف عَلَى جريحهم» وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة، وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم، وَالْبَيْهَقِيّ. قَالَ الْحَاكِم: هُوَ صَحِيح، قَالَ: وَصَحَّ مثله فِي وقْعَة صفّين.
فَائِدَة: قَالَ ابْن دحْيَة فِي كِتَابه «مرج الْبَحْرين» : كَانَت وقْعَة الْجمل فِي نصف جُمَادَى الْآخِرَة، وَقيل: كَانَت فِي يَوْم الْخَمِيس لعشر ليالٍ خلت مِنْهُ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، أفرجت عَن ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ ألفا. قَالَه ابْن شبة، وَقيل: سَبْعَة عشر ألفا من أَصْحَاب عَائِشَة، وَمن أَصْحَاب عَلّي نَحْو من ألف رجل، وَقيل: أقل من ذَلِك، وَكَانَت إِقَامَة عليّ، وَمُعَاوِيَة بصفين تِسْعَة أشهر، وَقيل: سَبْعَة. وَقيل: ثَلَاثًا. وَكَانَ بَينهمَا قبل (الْقِتَال) نَحْو من سبعين زحفًا. وَقيل: فِي ثَلَاثَة أَيَّام من أَيَّام الْبيض سَبْعُونَ ألفا من الْفَرِيقَيْنِ. وَفِي «المعجم الْكَبِير» للطبراني من حَدِيث ابْن شهَاب «أَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن العَاصِي شهد الْقِتَال يَوْم صفّين، وَكَانَ أهل الشَّام يَوْم صفّين خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وَمِائَة ألف، وَكَانَ (أهل) الْعرَاق عشْرين أَو ثَلَاثِينَ وَمِائَة ألف، وَقطع عَلَى خطام (جمل) عَائِشَة
(واسْمه عَسْكَر) سَبْعُونَ يدا من بني ضبة، كلما قطعت يَد رجل أَخذ الزِّمَام آخر، وهم ينشدون:
تبَارك الْمَوْت إِذْ الْمَوْت نزل
بني ضبة أَصْحَاب الْجمل
وَالْمَوْت أشهى عندنَا من الْعَسَل
الْأَثر الرَّابِع عشر
«أَن عليًّا رضي الله عنه قتل لَيْلَة الهرير ألفا وَخَمْسمِائة» . وَهَذَا قد سلف فِي صَلَاة الْخَوْف.