الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَنَفَقَة الْقَرِيب فِي مَال الْمُفلس مُقَدّمَة عَلَى الدُّيُون) وَخرج لذَلِك احْتِمَالَانِ فِي الْمَسْأَلَة وأيده بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور، ثمَّ قَالَ:(قدم) نَفَقَة الْوَلَد عَلَى نَفَقَة الْأَهْل كَمَا قدم نَفَقَة النَّفس عَلَى نَفَقَة الْوَلَد. وَهَذَا ماش عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ المتقدمتين دون الْأُخْرَى الْمُقدمَة للزَّوْجَة عَلَى الْوَلَد، فَتنبه لذَلِك.
الحَدِيث الْحَادِي عشر
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قَالَ:«جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، من أَحَق النَّاس بِحسن صَحَابَتِي؟ قَالَ: أمك. (قَالَ) ثمَّ من؟ قَالَ: أمك. قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ: أمك. قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ: ثمَّ أَبوك» . وَفِي رِوَايَة لَهما: «أمك، ثمَّ أمك، ثمَّ أَبَاك، ثمَّ أدناك أدناك» . زَاد ابْن حبَان: قَالَ: «فيرون أَن للْأُم ثُلثي الْبر» . وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ الَّذِي
ذكره الرَّافِعِيّ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث بهز بن حَكِيم، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ:«قلت: يَا رَسُول الله، من أبر؟ قَالَ: أمك. قلت: ثمَّ من؟ قَالَ: أمك. قلت: ثمَّ من؟ قَالَ: أمك. قلت ثمَّ من؟ قَالَ: ثمَّ أَبَاك، ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب» . هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ، وَلَفظ أبي دَاوُد «قلت: يَا رَسُول الله، من أبر؟ قَالَ: أمك، ثمَّ أمك، ثمَّ أمك، ثمَّ أَبَاك، ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب» . قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن. (و) رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ، ثمَّ قَالَ:(هَذَا) حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَلم يخرجَاهُ عَلَى شَرطهمَا فِي حَكِيم بن مُعَاوِيَة أَنه لَيْسَ لَهُ راو غير بهز، وَقد رَوَى عَنهُ غير بهز، وَقد رَوَى عَنهُ (أَبُو) قزعة الْبَاهِلِيّ. قَالَ: ثمَّ وجدنَا لهَذَا الحَدِيث شَوَاهِد (فَذكرهَا) بأسانيده. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث كُلَيْب بن مَنْفَعَة الْحَنَفِيّ، عَن جده «أَنه أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، من أبر؟ قَالَ: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الَّذِي يَلِي ذَلِك، حقًّا وَاجِبا ورحمًا مَوْصُولَة» . قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَن هَذِه الرِّوَايَة فَقَالَ: هِيَ أشبه من رِوَايَة من
رَوَى عَن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن جدِّه. هَذَا آخر مَا ذكره الرَّافِعِيّ من الْأَحَادِيث.
وَذكر فِيهِ: أَن نَفَقَة الْوَلَد عَلَى الْأَب منصُوصٌ عَلَيْهَا فِي قصَّة هِنْد وَغَيرهَا، فَأَما حَدِيث هِنْد فسلف أول الْبَاب، وَأما غَيره، فَلَعَلَّهُ إِشَارَة إِلَى حَدِيث أبي هُرَيْرَة السالف:«خير الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى» إِلَى أَن قَالَ «ولدك يَقُول: إِلَى من تتركني» .
وَذكر فِيهِ، من الأثار أثرا وَاحِدًا: وَهُوَ «أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد فِي رجال غَابُوا عَن نِسَائِهِم فَأَمرهمْ أَن يأمروهم إِمَّا بِأَن ينفقوا وَإِمَّا أَن يطلقوا، فَإِن طلقوا (بعثوا بِنَفَقَة) مَا حبسوا» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن مُسلم بن خَالِد، عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر رضي الله عنهما بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور. قَالَ الشَّافِعِي: وأحسب أَنه لم يكن يحضرهُ عمر. قَالَ: وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي «مُصَنفه» بِإِسْنَاد جيد. وَمن جِهَته أخرجه ابْن الْمُنْذر فِي كِتَابه «الْأَوْسَط» قَالَ فِيهِ: ثَنَا إِسْحَاق، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: «كتب عمر إِلَى أُمَرَاء الأجناد: أَن ادعُ فلَانا وَفُلَانًا - نَاسا قد انْقَطَعُوا من الْمَدِينَة وخلو مِنْهَا - إِمَّا أَن يرجِعوا إِلَى نِسَائِهِم وَإِمَّا أَن يبعثوا إليهنَّ نَفَقَة، وَإِمَّا أَن يطلِّقوا ويبعثوا نَفَقَة
مَا مَضَى» . وَقَالَ: قيل: هَذَا ثَابت عَن عمر أَنه كتب يَأْمُرهُم أَن ينفقوا أَو يطلقوا.
وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» فَقَالَ: سَمِعت أبي وَذكر حَدِيث حَمَّاد، عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع «أَن عمر كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد: أَن مُروا أهل الْمَدِينَة أَن يقدموا عَلَى نِسَائِهِم أَو يطلقوهنَّ فيبعثوا إليهنَّ بِنَفَقَة (مَا) مَضَى» قَالَ (أبي) : نَحن نَأْخُذ بِهَذَا فِي نَفَقَة مَا مَضَى. قَالَ الشَّافِعِي - فِيمَا نَقله الْبَيْهَقِيّ (عَنهُ) -: وَلم يُخَالِفهُ أحد من الصَّحَابَة. وَقَالَ ابْن حزم: لَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ لم يُخَاطب بذلك إِلَّا أَغْنِيَاء قَادِرين عَلَى النَّفَقَة وَلَيْسَ فِيهِ (ذكر حكم [الْمُعسر] بل قد صَحَّ عَن عمر إِسْقَاط طلب الْمَرْأَة للنَّفَقَة إِذا أعْسر بهَا الزَّوْج)(و) ذكر فِيهِ عَن زيد بن أسلم «أَنه فسَّر قَوْله تَعَالَى (ذَلِك أدنَى أَن لَا تعولُوا) : أَن لَا تكْثر عيالكم» وَهَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ و (الدَّارَقُطْنِيّ) فِي «سُنَنهمَا» بِلَفْظ: «أَن لَا يكثر من تعولُوا» .