الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّانِي
عَن أبي بردة بن ينار رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يجلد فَوق عشرَة أسواط إِلَّا فِي حد من حُدُود الله عز وجل» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» وَأَصْحَاب «السّنَن الْأَرْبَعَة» ، وَغلط صَاحب «الْمُنْتَقَى» حَيْثُ قَالَ: رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا النَّسَائِيّ. وَهُوَ فِيهِ فِي بَاب الرَّجْم من طرق، وَقد عزاهُ إِلَيْهِ ابْن عَسَاكِر فِي «أَطْرَافه» ، وَقد تكلم فِي إِسْنَاده ابْن الْمُنْذر والأصيلي، وَقد أوضحت ذَلِك مَعَ جَوَابه فِي «شرح الْعُمْدَة» فَرَاجعه مِنْهُ، وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ أورد الحَدِيث بِلَفْظ:«لَا يجلد فَوق الْعشْرَة إِلَّا فِي حد» بِإِطْلَاق النَّهْي عَن الزِّيَادَة مُطلقًا، والْحَدِيث إِنَّمَا ورد بتقييد النَّهْي عَن الزِّيَادَة بالأسواط لَا مُطلقًا، وَقد صرح الْإِصْطَخْرِي بذلك فِي تصنيفه فِي «أدب الْقَضَاء» فِي الْكَلَام عَلَى تَعْزِير من أَسَاءَ أدبه فَقَالَ: أحب أَن يضْرب بِالدرةِ، فَإِن ضرب بِالسَّوْطِ فَأحب أَن لَا يُزَاد عَلَى الْعشْرَة، فَإِن ضرب بِالدرةِ فَلَا يُزَاد عَلَى سَبْعَة وَثَلَاثِينَ. قَالَ
الْبَيْهَقِيّ: وَرُوِيَ عَن الصَّحَابَة فِي مِقْدَار التَّعْزِير آثَار مُخْتَلفَة، وَأحسن مَا يُصَار إِلَيْهِ فِي هَذَا مَا ثَبت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. ثمَّ ذكر الحَدِيث من طرق.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَصحح صَاحب التَّقْرِيب هَذَا الحَدِيث.
قلت: قد وثق، وَقد اعْترض الرَّافِعِيّ فِي «تذنيبه» عَلَى الْغَزالِيّ فِي قَوْله: إِن بعض الْأَئِمَّة (صَححهُ. فَقَالَ: رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم، (وَزَاد) بقوله: بعض الْأَئِمَّة) صَاحب التَّقْرِيب. قَالَ: والْحَدِيث أظهر من أَن يُضَاف تَصْحِيحه إِلَى فَرد من الْأَئِمَّة. قَالَ: وَقد اشْتهر عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: مذهبي مَا صَحَّ بِهِ الحَدِيث. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَالْأَظْهَر أَنه يجوز الزِّيَادَة عَلَى الْعشْر، وَإِنَّمَا المراعى النُّقْصَان عَن الْحَد، والْحَدِيث الْمَذْكُور مَنْسُوخ عَلَى مَا ذكره بَعضهم، وَاحْتج بِعَمَل الصَّحَابَة رضي الله عنهم بِخِلَافِهِ من غير إِنْكَار، وَعَن عمر رضي الله عنه أَنه كتب إِلَى أبي مُوسَى الأشعرى رضي الله عنه:«أَنه لَا يبلغ بنكال أَكثر من عشْرين سَوْطًا» وَيروَى «ثَلَاثِينَ إِلَى أَرْبَعِينَ» . وَهَذَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ حَيْثُ قَالَ: بعد [أَن] رَوَى بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُغيرَة: «كتب عمر بن عبد الْعَزِيز أَن لَا يبلغ فِي التَّعْزِير أدنَى الْحُدُود أَرْبَعِينَ سَوْطًا» : قد رُوِيَ عَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم فِي مِقْدَار التَّعْزِير آثَار مُخْتَلفَة
…
إِلَى آخر مَا أسلفناه عَنهُ.