الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» ، عَن عَفَّان، عَن همام بِهِ.
الحَدِيث الرَّابِع
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن سُفْيَان، عَن هَارُون بن رِئَاب، عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر، قَالَ:«أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن امْرَأَتي لَا ترد يَد لامس. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: طَلقهَا. فَقَالَ: إِنِّي أحبها قَالَ: أمْسكهَا إِذا» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» فِي بَاب تَزْوِيج الْأَبْكَار فَقَالَ: كتب إليَّ حُسَيْن بن حُرَيْث الْمروزِي: ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عمَارَة بن أبي حَفْصَة، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن امْرَأَتي لَا تمنع يَد لامس. قَالَ: غربها. قَالَ: أَخَاف أَن تتبعها نَفسِي. قَالَ: فاستمتع بهَا» .
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي بَاب تَزْوِيج الزَّانِيَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يزِيد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة وَغَيره، عَن هَارُون بن رِئَاب، عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر. وَعبد الْكَرِيم، عَن عبد الله بن عبيد، عَن ابْن عَبَّاس - رَفعه إِلَى ابْن عَبَّاس، وَهَارُون لم يرفعهُ - قَالَ: «جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن عِنْدِي امْرَأَة من أحب النَّاس إِلَيّ، وَهِي لَا
تمنع يَد لامس. قَالَ: طَلقهَا. قَالَ: لَا أَصْبِر عَنْهَا. قَالَ: استمتع بهَا» .
وَهَذِه الْأَسَانِيد كل رجالها ثِقَات: سُفْيَان لَا يسْأَل عَن مثله، وَهَارُون من رجال م، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره. وَعبد الله بن عبيد الله من رِجَاله أَيْضا، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ. وَإسْنَاد رِوَايَة الشَّافِعِي هَذِه غير مُتَّصِلَة، وحسين بن حُرَيْث من رجال الصَّحِيحَيْنِ، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره. وَالْفضل بن مُوسَى هُوَ السينَانِي - بسين مُهْملَة مَكْسُورَة، ثمَّ مثناة تَحت، ثمَّ نون، ثمَّ ألف، ثمَّ نون، ثمَّ مثناة تَحت - نِسْبَة إِلَى سينان - قَرْيَة من قرَى مرو - من رجال الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَالنَّاس. وَالْحُسَيْن بن وَاقد، أخرجَا لَهُ أَيْضا ووثق. وَعمارَة من رجال البُخَارِيّ، ووثق. وَعِكْرِمَة أحد رِجَاله وَهُوَ أحد الْأَعْلَام. وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل شيخ النَّسَائِيّ (قَالَ) هُوَ فِي حَقه: حَافظ ثِقَة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَا بَأْس بِهِ. وَيزِيد هُوَ ابْن هَارُون أحد الْأَعْلَام أخرجَا لَهُ أَيْضا. وَكَذَا حَمَّاد بن سَلمَة إِلَّا أَن البُخَارِيّ أخرج لَهُ تَعْلِيقا. وَعبد الْكَرِيم، قَالَ (النَّسَائِيّ) فِي حَقه: لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
قَالَ: وَهَارُون بن رِئَاب أثبت مِنْهُ، وَقد أرسل الحَدِيث، وَهَارُون ثِقَة وَحَدِيثه أولَى بِالصَّوَابِ من حَدِيث عبد الْكَرِيم. وَقَالَ فِي «سنَنه» قبل ذَلِكَ: هَذَا حَدِيث لَيْسَ بِثَابِت. يَعْنِي الرِّوَايَة المرفوعة.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي الْخلْع، عَن الْحُسَيْن بن حُرَيْث، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، ثَنَا الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عمَارَة بن أبي حَفْصَة، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن امْرَأَتي لَا تمنع يَد لامس. فَقَالَ: غربها إِن شِئْت. قَالَ: إِنِّي أَخَاف أَن تتبعها نَفسِي. قَالَ: استمتع بهَا» .
ثمَّ أخرجه عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَن النَّضر بن شُمَيْل، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، أبنا هَارُون بن رِئَاب، عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر، عَن ابْن عَبَّاس «أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن تحتي امْرَأَة لَا ترد يَد لامس. قَالَ: طَلقهَا. قَالَ: إِنِّي لَا أَصْبِر عَنْهَا. قَالَ: (أمْسكهَا)) ثمَّ قَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا خطأ وَالصَّوَاب مُرْسل.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي «مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد» : رجال هَذَا الحَدِيث مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَى الِاتِّفَاق والانفراد.
وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن الْحُسَيْن بن وَاقد تفرد بِهِ عَن عمَارَة بن أبي حَفْصَة، وَأَن (الْفضل بن مُوسَى) تفرد بِهِ عَن الْحُسَيْن بن وَاقد. وَقَالَ
النَّوَوِيّ فِي «تهذيبه» : هَذَا حَدِيث مَشْهُور صَحِيح، وَإسْنَاد أبي دَاوُد صَحِيح.
وَأما ابْن الْجَوْزِيّ فَذكره فِي «مَوْضُوعَاته» من حَدِيث عبيد الله بن عُمَيْر، عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي، عَن أبي الزبير، قَالَ:«أَتَى رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن امْرَأَتي لَا ترد (يَد) لامس. قَالَ: طَلقهَا. قَالَ: إِنِّي أحبها. قَالَ: فاستمتع بهَا» .
ثمَّ قَالَ: وَقد رَوَاهُ عبيد بن عُمَيْر، وَحسان بن عَطِيَّة كِلَاهُمَا عَن (رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ نقل عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ: هَذَا الحَدِيث لَا يثبت) عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ لَهُ أصل. قلت: وَهَذَا لَا يقْدَح فِيمَا أسلفناه من الطّرق.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت (أبي عَن) حَدِيث معقل، عَن أبي الزبير، عَن جَابر
…
فَذكره، فَقَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، عَن سُفْيَان (ثَنَا) عبد الْكَرِيم: حَدَّثَني أَبُو الزبير، عَن مولَى [لبني] هَاشم، قَالَ: «جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم
…
» فَذكره. وَرَوَاهُ غَيره، عَن الثَّوْريّ هَكَذَا فَسَمَّى هَذَا الرجل هشامًا مولَى لبني (هَاشم) قيل لأبي:
أَيهمَا أشبه؟ قَالَ: الثَّوْريّ أحفظ. ثمَّ تنبه بعد ذَلِكَ لأمر غَرِيب وَقع لصَاحب «التنقيب» فَإِنَّهُ عزا هَذَا الحَدِيث إِلَى البُخَارِيّ، وَهُوَ من الْعجب العجاب.
فَائِدَة: اخْتلف فِي مَعْنَى قَوْله: « (لَا) ترد يَد لامس» عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: أَن المُرَاد بِهِ الْفُجُور. مِنْهُم النَّسائي، وَقد بوب عَلَيْهِ كَمَا سلف تَزْوِيج الزَّانِيَة. وَمِنْهُم ابْن الْأَعرَابِي، فَإِنَّهُ لما سُئِلَ عَنهُ قَالَ: إِنَّه من الْفُجُور. وَمِنْهُم الْخطابِيّ فَإِنَّهُ قَالَ: فِي (معالمه) مَعْنَاهُ الرِّيبَة، وَأَنَّهَا مطاوعة لمن أرادها لَا ترد يَده. قَالَ: وَقَوله: «غربها» أَي أبعدها بِالطَّلَاق، وأصل الغرب الْبعد. قَالَ: وَفِيه دلَالَة جَوَاز نِكَاح الْفَاجِرَة. قَالَ: وَقَوله «فاستمتع بهَا» أَي: لَا تمسكها إِلَّا بِقدر مَا تقضي مُتْعَة النَّفس مِنْهَا وَمن وطرها، والاستمتاع بالشَّيْء الِانْتِفَاع بِهِ مُدَّة، وَمِنْه نِكَاح الْمُتْعَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:(إِنَّمَا هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا مَتَاع) . وَمِنْهُم ابْن الْأَثِير فَإِنَّهُ قَالَ فِي «جَامعه» : مَعْنَى «لَا ترد يَد لامس» أَي أَنَّهَا مطاوعة لمن طلب مِنْهَا الرِّيبَة والفاحشة. وَمِنْهُم الْغَزالِيّ فَإِنَّهُ اسْتدلَّ بِهِ عَلَى الْمَرْأَة إِذا لم تصن فرجهَا. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «تهذيبه» بعد مَا أسلفناه عَن الْخطابِيّ: احْتج بالْخبر الْمَذْكُور جماعات من الْعلمَاء عَلَى
أَن الْمَرْأَة إِذا لم تكن عفيفة يُستحب للزَّوْج طَلاقهَا، وَاحْتج بِهِ بَعضهم عَلَى [صِحَة] نِكَاح الزَّانِيَة، وَعَلَى أَن الزَّوْجَة إِذا زنت لَا يَنْفَسِخ نِكَاحهَا. قَالَ: وَهَذَا كُله مصير مِنْهُم (عَلَى) أَن المُرَاد باللمس: الزِّنَا.
قَالَ [النَّوَوِيّ] : فَكَأَنَّهُ عليه السلام أَشَارَ عَلَيْهِ أَولا بفراقها نصيحة لَهُ وشفقة عَلَيْهِ فِي تنزهه من معاشرة من هَذَا حَالهَا، فَأعْلم الرجل شدَّة محبته لَهَا وخوفه فتْنَة بِسَبَب فراقها، فَرَأَى عليه السلام الْمصلحَة لَهُ فِي هَذَا الْحَال بإمساكها خوفًا من مفْسدَة عَظِيمَة تترتب عَلَى فراقها، وَدفع أعظم الضررين بأخفهما مُتَعَيّن، و [لَعَلَّه] يُرْجَى الصّلاح بعد، ثمَّ شرع النَّوَوِيّ بعد (فِي) تَضْعِيف مَا سُوَى هَذَا القَوْل.
وَالْقَوْل الثَّانِي: إِن المُرَاد أَنَّهَا لَا ترد يَد من يلمس مِنْهَا مَالا. يَقُول: هِيَ سخية تضع مَا كَانَ عِنْدهَا.
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «مَوْضُوعَاته» : هَذَا الحَدِيث حمله أَبُو بكر الْخلال عَلَى الْفُجُور وَلَا يجوز هَذَا، إِنَّمَا يحمل عَلَى تفريطها فِي المَال لَو صَحَّ الحَدِيث. ثمَّ نقل كَلَام (الإِمَام) أَحْمد السالف فِيهِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي - عَلَى مَا نَقله ابْن صَخْر فِي فَوَائده -:(إِنَّمَا كنى) عَن
بذلها الطَّعَام، وَمَا يدْخلهُ عَلَيْهَا لَا غير. وأوضح ابْن نَاصِر الْحَافِظ ذَلِكَ فِي جُزْء لَهُ مُفْرد وصوبَ هَذَا القَوْل وَخطأ الأول. وَنقل الْمُنْذِرِيّ عَن الإِمَام أَحْمد أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ تُعطي من مَاله. فَقيل لَهُ: إِن أَبَا عبيد يَقُول: من الْفُجُور. فَقَالَ: لَيْسَ عندنَا إِلَّا أَنَّهَا تُعْطِي من مَاله، وَلم يكن عليه السلام يَأْمر أَن يمْسِكهَا وَهِي تفجر. وَمَا حَكَاهُ عَن أبي عبيد خَالفه فِيهِ الْحَافِظ ابْن نَاصِر فَإِنَّهُ حَكَى عَنهُ أَنه قَالَ: إِنَّه من التبذير.
قَالَ: وَكَذَا ذكر غَيره من عُلَمَاء الْإِسْلَام، وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين: مَعْنَاهُ: أمْسكهَا عَن الزِّنَا إِمَّا بمراقبتها وَإِمَّا بِكَثْرَة جِمَاعهَا. وَهُوَ حسن بَالغ.
تَنْبِيه: هَذَا الحَدِيث احْتج بِهِ الرَّافِعِيّ عَلَى أَن الزَّوْج إِذا تَيَقّن زنا زَوجته أَو ظَنّه ظنًّا مؤكدًا وَلم يكن ثمَّ ولد أَنه لَا يجب عَلَيْهِ الْقَذْف، بل يجوز أَن يستر عَلَيْهَا ويفارقها بِغَيْر طَرِيق اللّعان، وَلَو أمْسكهَا لم يحرم. وَفِيه مُوَافقَة القَوْل الأول أَن المُرَاد بِهِ الْفُجُور، وَلَكِن فِيهِ مُخَالفَة لما ذكر الْحَافِظ ابْن نَاصِر فَإِنَّهُ ذكر لروايته لهَذَا الحَدِيث أَن لَهُ مِنْهَا ولد فَإِنَّهُ قَالَ:«شكى هَذَا الرجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَنَّهَا) (تعري) طَعَامه، وتمره، ولبنه، وَأَنَّهَا تعطيه للسؤال، وَأَنَّهَا لَا تبقي فِي بَيت زَوجهَا شَيْئا من الطَّعَام، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: طَلقهَا. قَالَ: إِنِّي أحبها ولي مِنْهَا ولد. فَقَالَ عليه السلام: فاستمتع بهَا» . ثمَّ (نَفَى) (بعد ذَلِكَ أَن يُعْطين من أبيتهن